قال جبريل العبيدي، الكاتب والمحلل السياسي الليبي، إن لأي دولةٍ الحقُ السياديُّ في اتخاذ الإجراءاتِ التي تراها تخدم مصالحَ بلدها، سواء كانَ عبرَ التطبيع أو المقاطعة، فلكل بلدٍ خصوصيةٌ في الواقع السياسي، خصوصاً بلدانَ المواجهة الحدودية مع إسرائيل، وحتى تلك التي تربطها مصالحُ اقتصادية، ولكنَّ الأمرَ مع حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية كانَ مختلفاً، فالتطبيع كانَ منفرداً، ومن دون علم أو إذنٍ من البرلمان، أو حتى المجلس الرئاسي، شريكي القرارِ مع الحكومة، بل ومنح وسحب شرعيته، وبالتالي كانَ ما قامت به الحكومة تطبيعاً مجانياً ولصالح بقاء الحكومة منتهية الولاية، بعد أن سحب الثقة منها البرلمان الليبي المنتخب، و محاولة التطبيع من قبل حكومة الدبيبة كانت من أجل استخدامِها ورقةً لتكريس بقائِها وليست لصالح ليبيا بأي شكلٍ من الأشكال.

أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن التخبط الحكومي في إسرائيل وراءَ تسريب خبر اللقاء بين وزيري الخارجية الليبية والإسرائيلية بوساطة إيطالية تسبَّب في أزمةٍ للحكومة في البلدين؛ فالأولى السيدة المنقوش وزيرة خارجية ليبيا تسبب في سقوطها وتخلي رئيس حكومتِها عنها، رغم أنَّ اللقاءَ بعلمه وبتعليمات مباشرةٍ منه، إلا أنَّه فضَّل أن تكونَ السيدة المنقوش كبشَ الفداء أمام غضب أنصاره، خصوصاً من الإسلام السياسي، إذ خرجَ المفتي المعزول معلناً تكفيرَ من قام باللقاء، ووصفه بعمل الشيطان، وهو المفتي نفسُه الذي ساند الجماعاتِ التكفيرية بجانب عراب «الربيع العربي» الفرنسي اليهودي برنارد ليفي، زمن انطلاق حراك فبراير عام 2011 لإسقاط نظام القذافي.

ولفت إلى أن براغماتية حكومة الدبيبة للبقاء في السلطة، حتى عبر تطبيع علاقات ليست فيها أي مصلحة للشعب الليبي، بل هي مقدمة لابتزاز ليبيا في ملف التعويضات لليهود «الليبيين» الذين غادروا ليبيا طواعية عام 1948 في أكبر هجرة ليهود ليبيا، ثم تبعهم الباقون عام 1967، وفي العامين كانت الهجرة طواعية وليست عبر الإكراه أو الترحيل، كما يزعم بعضهم اليوم، حتى الأملاك التي زعم بعضهم تركها في أغلبها كانت بيع وشراء قبل مغادرتهم، وإن كان هناك بعض الضحايا، فهم رهطٌ قليل جداً، وليس كما يزعم البعض بأنَّها ممتلكات تقدر بمئات المليارات.

واختتم قائلًا إن ما قامت به وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بالتأكيد لم يكن عملاً فردياً أو لقاءً بالصدفة، كما زعمت، فاللقاء كانَ بترتيب إيطالي ووساطة من اليهود «الليبيين» في روما وتل أبيب، وباعتراف الجانب الإسرائيلي، الذي كشفَ عن اللقاء بالقول إنَّه تم التنسيق على أعلى المستويات، مما يعني علم رؤساء الحكومات الليبية والإسرائيلية والإيطالية ودعماً لوجستياً أميركياً كراعٍ اللقاءات بين الطرفين، وبالتالي تصبح جميعُ محاولات الحكومة الليبية القول بأنَّ اللقاء كان تصرفاً فردياً من وزيرة الخارجية، واتخاذها كبش فداء تمسح به سوءتها، استخفافاً بالعقول وعذراً أقبح من الذنب.

المصدر: صحيفة الساعة 24

إقرأ أيضاً:

العبدلي: بيان الاجتماع الثلاثي حول ليبيا “فضفاض” لا يلامس جوهر الأزمة

قال المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي، إن “الاجتماع الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر في القاهرة، لم يخرج عن الإطار التقليدي المعتاد، إذ تكررت ذات التصريحات والمفردات الفضفاضة، التي لا تلامس جوهر الأزمة الليبية، رغم التأكيد المتكرر على ضرورة أن يكون الحل “ليبي – ليبي” ودعم لجنة “5 + 5″، والتي يرى أنها “لا تملك فعليا أي صلاحيات على الأرض، بل تعد مجرد واجهة شكلية، في حين أن القوات الفعلية المنتشرة على الأراضي الليبية لا تخضع لإمرتها أو توجيهاتها”.

وأضاف العبدلي، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أن “البيان الثلاثي تحدث عن أهمية تحقيق الاستقرار الأمني في ليبيا، مستدلين على ذلك بما تشهده العاصمة طرابلس من هدوء نسبي، إلا أن هذا الاستقرار لا يعكس واقعًا مستدامًا، في ظل تعدد الفواعل الأمنية وغياب سلطة موحدة فاعلة”.

وتابع: “الحديث نفسه يتكرر في كل الاجتماعات، بغض النظر عن الأطراف المشاركة، فيما تبقى الأزمة الليبية أكثر تعقيدا وتشابكا مما يُطرح في هذه البيانات”.

وشدد حسام الدين العبدلي على أن “إنهاء التدخلات الأجنبية لن يتحقق إلا عبر سلطة موحدة قادرة على فرض نفوذها في عموم البلاد، من خلال حكومة قوية وبرلمان فاعل”.

ومضى مؤكدًا أن “ما تمخّض عن الاجتماع من التأكيد على الحل الليبي لا ينسجم مع واقع الانقسام السياسي الحالي، إذ ترفض الأطراف المسيطرة على المشهد التخلي عن مكاسبها، ولن تجتمع على طاولة واحدة دون تدخل ورعاية مباشرة من الأمم المتحدة، التي تظل الجهة الوحيدة القادرة على إضفاء الشرعية على أي اتفاق”.

كما أكد أن “هذه الاجتماعات مفيدة على صعيد تقريب وجهات النظر بين مصر والجزائر، وتعزيز الدور التونسي كوسيط محايد، إلا أن هذه الجهود لم تُقرب بعد من الوصول إلى تسوية واقعية وشاملة للأزمة الليبية”.

مقالات مشابهة

  • السريري: الحكومة المقبلة يجب أن تكون مصغّرة وتشرف فقط على الانتخابات
  • العبدلي: بيان الاجتماع الثلاثي حول ليبيا “فضفاض” لا يلامس جوهر الأزمة
  • جمرك “عفار” يحبط تهريب أكثر من 2600 شيشة إلكترونية كانت مخفية داخل مقطورة قادمة من عدن
  • “عبد العاطي” لمستشار ترامب: يجب الحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا
  • لقاء اتحاد خنشلة واتحاد العاصمة “ويكلو”
  • اللافي يبحث مع سفيري تونس والجزائر مخرجات اجتماع القاهرة ويؤكد دعم المسار السياسي الليبي
  • وزير الخارجية السوري يجري مباحثات مع وفد من “العفو الدولية”
  • “الليبي للدراسات”: اللجنة الاستشارية لا تملك أي صلاحيات لفرض الحل في ليبيا
  • بيان مشترك من القاهرة: مصر والجزائر وتونس يدعون لوقف التصعيد ودعم الحل السياسي (الليبي-الليبي)
  • أوزاني: “ضيعنا الفوز أمام “السياسي” ولكننا اقتربنا من تحقيق هدفنا”