القدس المحتلة - خاص صفا

تناقش "لجنة التخطيط والبناء المحلية" الإسرائيلية في القدس المحتلة الاثنين المقبل خطتين استيطانيتين رئيسيتين تشملان بناء 3884 وحدة استيطانية جديدة، في خطوة تستهدف اختراق الأحياء المقدسية، والتوسع الاستيطاني والعمراني باتجاه جنوبي المدينة وشرقها.

وتضمن الخطة الأولى بناء مستوطنة جديدة في قلب حي رأس العامود في بلدة سلوان، تضم 384 وحدة استيطانية جديدة، من المتوقع أن تصبح نقطة محورية جديدة للتوتر بين الفلسطينيين والمستوطنين، كونها منطقة مكتظة بالسكان.

ورأس العامود يقع على طريق (القدس- أريحا) مرورًا بقريتي العيزرية وأبو ديس والخان الأحمر، ويحده شمالًا جبل الزيتون، وجنوبًا جبل المكبر، وغربًا المسجد الاقصى والبلدة القديمة، وشرقًا أبوديس والعيزرية.

وأما الخطة الثانية، تقع في الجزء الجنوبي من القدس بجوار مستوطنة "جفعات هاماتوس"، وتشمل مجمعات سكنية تضم 3500 وحدة استيطانية، وفنادق 1300 غرفة، ومناطق تجارية وعمالية. وفق حركة "السلام الآن" الإسرائيلية

وقالت "السلام الآن": "من المنتظر أن تناقش لجنة التخطيط والبناء في القدس خطة لإنشاء مستوطنة (كيدمات تسيون) الجديدة المكونة من 384 وحدة سكنية، ستقام في قلب شرقي القدس، داخل الأراضي الفلسطينية بالكامل".

وأوضحت أن منظمة "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية تقوم على تنفيذ الخطة، والتي تقع على واحدة من الأراضي المفتوحة القليلة المتبقية على الطرف الشرقي لحي رأس العامود قرب طريق أريحا.

ويُتاخم الحي جدار الفصل العنصري بين القدس وأبو ديس، وتقترح الخطة بناء 384 وحدة استيطانية، منها 7 وحدات مبنية بالفعل على الموقع ويشغلها المستوطنون.

أما الخطة الثانية التي تسمى "القطاع" فتغطي مساحة قدرها حوالى 140 دونمًا، وتشمل إقامة 3500 وحدة استيطانية، بالإضافة إلى فندق ومنطقة تجارية.

وأضافت "السلام الآن" أن "المشروع عبارة عن مبادرة مشتركة بين الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ومالك الأرض وشركة دياني القابضة، ويقع نحو ثلثي مساحة المخطط خارج الخط الأخضر، على حدود مستوطنة (جفعات هاماتوس)، ومن المخطط أن يمتد بمحاذاة خط السكك الحديدية الخفيفة المخطط له على طريق الخليل".

ولفتت إلى أن خطط البناء على طول طريق السكك الحديدية الخفيفة تتمتع بنسب بناء أعلى مقارنة بأجزاء أخرى من المدينة، ولذلك يتضمن مقترح المطورين أبراجًا سكنية يصل ارتفاعها إلى 30 طابقًا.

وتنقسم مخططات البناء الحالية في "جفعات هاماتوس" إلى ثلاثة مخططات مختلفة، تضم معًا 3972 وحدة على مساحة 411 دونمًا.

تكريس الاحتلال

المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول: إن "اللجنة المحلية التابعة لبلدية الاحتلال ستوصي خلال اجتماعها الاثنين المقبل اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية بالمصادقة على الخطتين الاستيطانيتين في رأس العامود وجنوبي القدس".

ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا" أن الاحتلال يريد تكريس الوجود اليهودي في قلب القدس، عبر زيادة عدد المستوطنين والمستوطنات في رأس العامود وصولًا إلى "معاليه أدوميم"، وخاصة أن المنطقة المستهدفة تقع ما بين أبو ديس والقدس قرب الجدار الفاصل.

ويضيف أن الهدف أيضًا بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في "جفعات هاماتوس" لأجل التوسع عمرانيًا واستيطانيًا باتجاه مدينة بيت لحم جنوبًا، وأبو ديس والعيزرية شرقًا، ضمن ما يسمى بـ"القدس الكبرى"، وبالتالي منع أي استمرارية إقليمية مستقبلية بين القدس وبيت لحم.

والخطتان الاستيطانيتان التي سيتم مناقشتهما، يقعان ضمن تجمعات مقدسية، ما يعني اختراقها ومحاصرتها، وتهجير قاطنيها وسهولة السيطرة عليها، فضلًا عن إيجاد خلل في التركيبة السكانية لتلك المنطقة، منعًا لتمددها وتوسعها باتجاه غربي المدينة. وفق الباحث المقدسي

حسم القضية

ويشير إلى أن الاحتلال في مقابل زيادة وتيرة منح تراخيص لبناء المستوطنات وتوسيعها في القدس، رفض مخططات بناء هيكلية لأحياء مقدسية، مثل عين اللوزة والبستان في بلدة سلوان.

وقبل عدة سنوات، حولت بلدية الاحتلال مخطط بناء وحدات سكنية للمقدسيين في بلدة جبل المكبر، بعدما جرى الموافقة عليه، إلى وحدات استيطانية، فهي تعمل لصالح الاستيطان والمستوطنين، وليس لخدمة أهل القدس.

ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال يُحارب الهوية والتعليم والوجود المقدسي، وكل شيء في المدينة المحتلة، تمهيدًا لحسم قضيتها، مع وجود الحكومة اليمينية الأكثر تطرفًا في "إسرائيل".

ويلفت إلى أن بلدية الاحتلال تدعي أن هناك 22 ألف وحدة سكنية في القدس "غير قانونية وبُنيت دون ترخيص"، في حين تنص "الخطة الخمسية" التي أقرتها الحكومة المتطرفة مؤخرًا، على أنه سيتم الموافقة على بناء 2000 وحدة سكنية للمقدسيين، وهذا لن يكون إلا في صالح الاستيطان.

ويبين أن أهالي القدس طالبوا البلدية بإلغاء أوامر هدم لـ2000 منزل مقدسي، بدلًا من بناء وحدات سكنية لهم في أماكن بعيدة خارج حدود المدينة، لكنها رفضت.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: استيطان القدس بيت لحم مستوطنات الضفة الغربية وحدة استیطانیة فی القدس

إقرأ أيضاً:

هدنة غزة.. وخلل المعادلة

 

 

 

 

أحمد الفقيه العجيلي

 

من يُتابع تاريخ الصراعات والاتفاقات في المنطقة، يلحظ أنَّ معظم الهدن السابقة- حتى حين لم يكن هناك اعتراف مُتبادل- كانت تُوقّع أو تُعلن باسم الطرفين المتحاربين، أو تُنسب إليهما بوضوح.

فإما توقيع مباشر للطرفين كما في اتفاقات أوسلو وكامب ديفيد، وإما تفاهمات غير موقعة لكنها منسوبة صراحة للطرفين، كما في تهدئات 2014 و2018 و2021 بين المقاومة والاحتلال برعاية مصر وقطر.

لكن ما جرى في التوقيع على "وثيقة السلام" في شرم الشيخ المصرية، خرج عن هذا المألوف تمامًا: وقف إطلاق نار يُعلن، وتُوقّع بنوده، بينما يغيب عن مشهد التوقيع طرفا الصراع الحقيقيان! لا حماس على الطاولة، ولا الاحتلال الإسرائيلي يوقّع رسميًا… فقط الوسطاء هم من وقّعوا، وإن كان قد سبق ذلك الإعلان عن توقيع حماس وإسرائيل على الاتفاق في مرحلته الأولى التي تتضمن تبادل الأسرى أحياءً وأمواتًا.

هي سابقة في تاريخ الحروب الحديثة أن يتولى الرعاة توقيع "وثيقة سلام" نيابة عن طرفي الصراع، وكأن الكبار يتفاهمون بينما يُقصى أصحاب الأرض من المشهد. لكن هذا الغياب ليس تفصيلًا بروتوكوليًا بسيطًا؛ بل إشارة سياسية عميقة تحمل أكثر من معنى.

فمن جهة، يعكس هذا الموقف رفض الاحتلال الاعتراف بحماس كطرف سياسي شرعي رغم فشله في كسرها عسكريًا. ومن جهة أخرى، يظهر ثقة المقاومة بنفسها، إذ لم تعد بحاجة إلى توقيع رمزي بعدما فرضت شروطها على الأرض بدماء وصمود لا يُنكرهما أحد.

غير أنَّ أخطر ما في "وثيقة السلام" بشرم الشيخ ليس فقط غياب طرفي الصراع؛ بل ما يترتب على ذلك من هشاشة الالتزام؛ ففي غياب توقيع رسمي للطرفين، يظل الاتفاق أقرب إلى تفاهم ميداني مُؤقت منه إلى هدنة مُلزمة.

وهذا يمنح الاحتلال مساحة واسعة للمناورة أو التنصل متى شاء، مُتذرِّعًا بأنه لم يلتزم رسميًا بشيء من بنود هذه الوثيقة.

أما الوسطاء، رغم ثقلهم السياسي، فلا يملكون سوى أدوات الضغط الدبلوماسي والضمانات اللفظية، وهي أدوات محدودة أمام حكومةٍ يرأسها مجرم حرب مثل نتنياهو، يعيش تحت ضغط الملفات القضائية، ويستمد بقاءه من استمرار الحرب أكثر من إنهائها.

وحين يُعلن صراحةً أن "الحرب لم تنتهِ بعد"، فهو لا يرسل تصريحًا عابرًا؛ بل يمهّد لاحتمال العودة إلى الميدان متى احتاج إلى إنعاش صورته أو ترميم ائتلافه.

وعند النظر في تفاصيل الخطة التي رعتها واشنطن، يتضح أن مضمونها لا يقل خطورة عن طريقة توقيعها.

نصّ الخطة ومخرجاتها، يبدو واضحًا أن العديد من بنودها- بحسب ما ورد من البيت الأبيض- تُركّز على مطالب تُشير إلى تفكيك قدرات المقاومة وإجراءات داخلية في غزة، أكثر من بنودٍ تضع آليات رادعة ملزمة للجانب الإسرائيلي.

وهذا يُعيد إلى الواجهة اختلالًا جوهريًا وهو: كيف نتصوّر سلامًا دائمًا إذا كانت المعالجات العملية والالتزامات المكتوبة موجّهة في جانب واحد؟

الخطر هنا أن يظلّ الالتزام الإسرائيلي ذا طابعٍ ظرفيّ أو تفاوضيّ ما لم تُرفَق الخطة بضمانات قابلة للتنفيذ كتوقيع إسرائيلي ملزم، أو آليات عقابية أوتوماتيكية عند الخرق، أو إشراف دولي فعلي على المنافذ والحدود، وربط المساعدات الأمريكية والدولية بشرطية واضحة.

وعليه، فإنَّ أي مسعى حقيقي لمنع «عودة الحرب» يتطلب إعادة توازن بنود الخطة: لا تكفي آليات تقييد المقاومة وحدها؛ بل يجب إدراج فصول خاصة بالمساءلة والردع تجاه من يخرق الاتفاق بغضّ النظر عن هويته.

يزيد المشهد تعقيدًا أنَّ الولايات المتحدة، رغم كونها الراعي الأبرز للاتفاق، لم تُبدِ أي رغبة حقيقية في إعادة إحياء مسار حلّ الدولتين أو ممارسة ضغط فعليّ على الاحتلال لوقف عدوانه، الأمر الذي يجعلها أقرب إلى الوسيط غير النزيه الذي يُحقق رغبات العدو ويغضّ الطرف عن تجاوزاته، ما يضعف فرص أي سلامٍ عادلٍ أو هدنةٍ مستدامة.

هدنة بلا توقيع، وبلا ضمانات حقيقية، لكنها في جوهرها تكشف من جديد أن الاحتلال لا يملك إرادة سلام، وأن المقاومة وحدها من فرضت الهدوء بشروط الصمود لا بشروط الورق.

إنها هدنة تُكتب بالحبر، لكنها تُحفظ بالدم والصمود.

مقالات مشابهة

  • ركيزة أساسية لبناء المجتمعات.. جامعة أسيوط تحتفل باليوم العالمي للمُعلم
  • هدنة غزة.. وخلل المعادلة
  • طهران: اتفاقية جديدة مع روسيا لبناء 8 مفاعلات نووية إضافية في إيران
  • طريقة الحصول على وحدة سكنية من منصة مصر العقارية 2025.. رابط مباشر
  • استشهاد فلسطيني واعتقال 9 آخرين جراء الاعتداءات الإسرائيلية بالقدس والخليل
  • استشهاد مواطن باعتداء الاحتلال عليه في الرام بالقدس
  • انطلاق مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان ومجتمعنا أمانة» بجامعة القناة
  • اتفاقية هداساه.. توقيع جرد جبل المشارف بالقدس من السلاح
  • «كفيفة» تنتظر وحدة سكنية منذ 10 سنوات
  • إصابة شابين برصاص الاحتلال في العيسوية