"بغض النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع الحالي، فإن الجنود الأطفال لن يختفوا ببساطة، وهذه المشكلة ستؤثر على اليمن وجيرانه لعقود قادمة، فهؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن المستقبلية".

هذا التحذير أطلقه جريجوري جونسون، وهو عضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وزميل غير مقيم في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW)، وذلك عبر مقال ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ أشهر، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

جونسون تابع أنه "يتم استهداف الأطفال وتجنيدهم وتدريبهم، ثم تحويلهم إلى جنود، ويتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العملية في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الجنود الأطفال".

وأضاف أن تقريرا حديثا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وجد أن "جميع الأطراف في اليمن، السعودية والإمارات والحوثيين والحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة ومليشيات أخرى، مذنبون بتسليح الأطفال ووإرسالهم إلى القتال، لكن الحوثيين هم أكبر منتجي الجنود الأطفال في اليمن".

اقرأ أيضاً

الصحة العالمية: تفشي الحصبة وشلل الأطفال في اليمن

الخطوط الأمامية

و"تشير معظم التقارير، وبينها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح" وتقارير فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن وتقارير فريق الأمم المتحدة المنحل من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين، إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الأطفال الجنود في اليمن"، كما تابع جونسون.

وأضاف أن "الحوثيين دأبوا على دفع الأطفال إلى الخطوط الأمامية، لا سيما في (محافظة) الحديدة (غرب) وما حولها عامي 2018 و2019 وفي مأرب (وسط) عامي 2020 و2021، كوسيلة لتعويض نقص القوات، كما جندوا واستخداموا الفتيات الصغيرات لزرع الألغام الأرضية وكطاهيات وجواسيس".

واستطرد: "بنهج تجنيد الأطفال، يعيد الحوثيون تشكيل المجتمع اليمني، فأولا، تستغل الجماعة الفقر، الذي يعد الدافع الأكبر لتجنيد الأطفال في اليمن، والاقتصاد السيئ في البلاد".

و"عندما بدأت الحرب في 2014، كان يتم تداول الريال اليمني بسعر 250 إلى 1 مقابل الدولار الأمريكي، أما اليوم، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يبلغ سعر الريال حوالي 650 مقابل 1 مقابل الدولار. ولم تتغير الرواتب بالنسبة للقلة التي ما زالت تتقاضاها، لكن ما يشتريه الريال انخفض بشكل كبير"، بحسب جونسون.

وأضاف أن "ذلك أدى إلى معاناة العديد من الأسر من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يستغله الحوثيون من خلال الوعد بتقديم سلال غذائية للعائلات التي تساهم بجنود، بما في ذلك الأطفال، فالحوثيين يستخدمون المساعدات الإنسانية كسلاح".

اقرأ أيضاً

29 مليون دولار منحة أمريكية لحماية أطفال اليمن من سوء التغذية

ضربية تعليمية

وفي الوقت نفسه، وفقا لجونسون، "تبخرت الفرص التعليمية في اليمن. والعديد من المعلمين  لا يحصلون على رواتبهم، ويتم تحويلهم في وقت ما للانضمام إلى الميليشيات".

وتابع أنه "في حالات أخرى، لم يتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف، كما بدأ الحوثيون في فرض ما يرقى إلى ضريبة على الأطفال الملتحقين بالمدارس الحكومية، وهو مبلغ إضافي حوالي 1000 ريال يمني شهريا، ما يكفي لإثناء بعض الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدرسة".

وزاد بأنه "إذا لم ينجح ذلك، فإن مجندي الحوثيين يهمسون في آذان الآباء أنه بدلا من دفع الرسوم المدرسية، يمكن أن تحصل العائلات على المال والدفاع عن اليمن إذا انضم أطفالهم للقتال فقط".

و"في أبريل/ نيسان 2022، وبالتزامن مع الهدنة، وقَّع الحوثيون اتفاقا مع الأمم المتحدة بالتوقف عن تجنيد الأطفال، لكن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وجد أن الحوثيين واصلوا التجنيد وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية"، كما أردف جونسون.

وقال إن "الكتب المدرسية الحوثية تحتوي الآن على أقسام عن "الشهداء" الأطفال الذين قاتلوا وماتوا في الحرب الحالية، وغالبا ما تحمل جدران المتاجر في شوارع صنعاء ومدن أخرى في الشمال ملصقات لجنود أطفال".

"هذا هو مستقبل اليمن: الأولاد والبنات الذين تم تلقينهم والكذب عليهم والتلاعب بهم لحمل السلاح.. هؤلاء هم الشباب والشابات الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة"، كما ختم جونسون.

وحتى الآن، لم يرق الحراك في ملف اليمن إلى مستوى إحلال السلام الذي تصاعدات آمال اليمنيين في حدوثه منذ أن استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

منظمة: أكثر من 30 ألف انتهاك بحق أطفال اليمن خلال الحرب

المصدر | جريجوري جونسون / معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اليمن أطفال تجنيد تسليح حروب الفقر الأمم المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

النمو الاقتصادي ارتبط بارتفاع الانبعاثات لعقود الآن يحدث العكس

بعد مرور عقد على اتفاق باريس للمناخ، بدأ الارتباط بين الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الانبعاثات يتفكك.

يزداد عدد الدول التي تقلّص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فيما تواصل اقتصاداتها النمو، مفنّدًا الاعتقاد السائد منذ عقود بأن خفض الانبعاثات يعرقل النمو.

حلّل تقرير جديد صادر عن ال وحدة الطاقة والذكاء المناخي (ECIU) 113 دولة، تمثل أكثر من 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و93 في المئة من الانبعاثات العالمية.

باستخدام أحدث بيانات ميزانية الكربون العالمية لعام 2025، ومنهج تصنيف أكثر تفصيلاً من الدراسات السابقة، وجد الباحثون أن "تحولاً لافتاً" يحدث تحت السطح، إذ بات فك الارتباط "هو القاعدة لا الاستثناء".

ما هو فك الارتباط؟

يشير فك الارتباط بين الانبعاثات والنمو إلى مدى قدرة الاقتصاد على النمو من دون زيادة انبعاثاته الكربونية. ويمكن تقسيمه إلى ثلاث فئات.

يُعد فك الارتباط المطلق، الذي يراه الباحثون النتيجة المثلى، الحالة التي تتراجع فيها الانبعاثات بالتزامن مع نمو اقتصادي إيجابي. أما فك الارتباط النسبي فيحدث عندما ترتفع الانبعاثات ولكن بوتيرة أبطأ من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الطرف الآخر من الطيف تأتي إعادة الارتباط المطلقة، حيث ترتفع الانبعاثات فيما يتراجع الناتج المحلي الإجمالي. ويرى التقرير أن هذه الحالة نادرة لكنها قد تظهر خلال "فترات توتر اقتصادي حاد" كما حدث أثناء جائحة كوفيد-19.

Related كواليس عرض بقيمة مليون يورو لإطلاق أول جائزة نوبل للمناخ.. تعرف عليهاالأمم المتحدة تدعو إلى استثمار مناخي عالمي لتحقيق مكاسب بقيمة 17 تريليون يورو بحلول 2070

وبينما تقول "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC) إن إمكان تحقيق فك الارتباط المطلق على نطاق عالمي أمر "محل جدل"، فإن كسر الصلة بين الناتج المحلي الإجمالي وثاني أكسيد الكربون يظل ضرورياً لتحقيق الأهداف المناخية كما نص عليها الاتفاق باريس.

ويقرّ التقرير بأن استخدام فك الارتباط كمؤشر للتقدم في العمل المناخي ينطوي على محدوديات.

وقد رصدت تحليلات سابقة حالات فك ارتباط كانت مؤقتة أو متأثرة بما إذا كانت الانبعاثات تُقاس على أساس إقليمي (الانبعاثات داخل الحدود الجغرافية للدولة) أم على أساس الاستهلاك، الذي يحسب أيضاً الانبعاثات الناجمة عن السلع المستوردة.

كيف تؤثر الانبعاثات المخفضة في النمو الاقتصادي؟

وجد التقرير أن فك الارتباط منتشر "على نطاق واسع" في أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، مع تحقيق العديد من الاقتصادات الناشئة "تحولات كبيرة" بالانتقال من حالة ارتفاع الانبعاثات بوتيرة أسرع من نمو ناتجها المحلي إلى فك الارتباط المطلق.

اليوم، 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و89 في المئة من الانبعاثات العالمية تقع داخل اقتصادات حققت فك ارتباط نسبياً أو مطلقاً. وهذا ارتفاع من 77 في المئة لكليهما في العقد السابق لاتفاق باريس (2006 إلى 2015).

بين 2015 و2023، حققت دول تمثل قرابة النصف (46 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فك ارتباط مطلقاً، إذ نمت اقتصاداتها مع خفض الانبعاثات. ويمثل ذلك زيادة بنسبة 38 في المئة مقارنة بالفترة السابقة لاتفاق باريس.

صنّف الباحثون كل دولة ضمن واحدة من ثلاث فئات: "مستمرون في فك الارتباط"، وهم من حققوا فك ارتباط مطلقاً في كل من 2006 إلى 2015 و2015 إلى 2023؛ و"محسّنون"، وهم من لم يحققوا فك الارتباط المطلق قبل اتفاق باريس لكنهم فعلوا ذلك في 2015-2023.

أما "المرتدّون" فهُم الدول التي حققت فك ارتباط مطلقاً بين 2006 و2015 لكنها لم تفعل ذلك خلال فترة 2015 إلى 2023.

أين تقف أوروبا؟

صُنّفت غالبية الدول الأوروبية ضمن فئة المستمرين في فك الارتباط، بما في ذلك النمسا وبلجيكا وبلغاريا والتشيك وألمانيا والدنمارك وإسبانيا وإستونيا وفنلندا وفرنسا والمملكة المتحدة والمجر وإيرلندا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا والسويد.

استخدمت هذه النتائج الانبعاثات القائمة على الاستهلاك لمعالجة المخاوف من أن الاقتصادات المتقدمة تقوم بـ"off-shoring" لانبعاثاتها عبر إسناد الإنتاج كثيف الكربون إلى دول نامية.

وصُنفت بيلاروس وسويسرا واليونان وإيطاليا والبرتغال ضمن فئة المحسّنين، في حين أُدرجت ليتوانيا ولاتفيا وسلوفينيا ضمن المرتدّين.

وسُجلت بعض أكبر التخفيضات النسبية في الانبعاثات في أوروبا الغربية، بما في ذلك النرويج وسويسرا والمملكة المتحدة.

"فك الارتباط بات القاعدة الآن"

"يُقال لنا أحياناً إن العالم لا يستطيع خفض الانبعاثات من دون خفض النمو"، يقول جون لانغ، أحد مؤلفي التقرير والمسؤول عن برنامج تتبع الصافي الصفري في ECIU.

"لكن ما يحدث هو العكس. فك الارتباط بات القاعدة لا الاستثناء، والنسبة من الاقتصاد العالمي التي تفك ارتباط الانبعاثات على نحو مطلق تتزايد بثبات."

لانغ يقرّ بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ما زالت ترتفع، وإن بمعدل أبطأ بكثير مما كان عليه قبل عشرة أعوام. لكنه يؤكد أن "التحول البنيوي لا يمكن إنكاره".

ورحّب غاريث ريدمون-كينغ من ECIU أيضاً بهذه النتائج، واصفاً الزخم الذي بناه "اتفاق باريس" بأنه لا يمكن وقفه.

ويضيف: "هناك اليوم عدد أكبر من العاملين عالمياً في الطاقة النظيفة مقارنة بالوقود الأحفوري، وفي بلداننا تنمو صناعات الصافي الصفري بسرعة تعادل ثلاثة أضعاف نمو الاقتصاد ككل".

ومع تفاقم تهديد تغير المناخ، يحذر ريدمون-كينغ من أن الصافي الصفري يظل "الحل الوحيد لوقف تأثيرات تزداد كلفة وخطورة".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • يمتد عبر 11 دولة وأكثر من 6 آلاف كيلومتر.. إليك مشاهد مذهلة من الأخدود الإفريقي العظيم
  • بناه السلطان لخياطه الموثوق.. مبنى فريد في إسطنبول يعود إلى الحياة بعد إهماله لعقود
  • اليمن يطرح تحدياته البيئية أمام الأمم المتحدة ويطالب بتمويل مناخي عادل
  • اليمن يشارك في الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي
  • النمو الاقتصادي ارتبط بارتفاع الانبعاثات لعقود الآن يحدث العكس
  • اليمن على حافة الكارثة: صندوق الأمم المتحدة للسكان يطلب 70 مليون دولار
  • الجزائر وتونس يختتمان المنتدى الاقتصادي الجزائري التونسي ويدعمان الشراكات المستقبلية
  • شحنات لا تصل...كيف استغل الحوثيون المهرة لتهريب السلاح والخبراء
  • واشنطن: الحوثيون يلجؤون إلى الترهيب لإخفاء فشلهم في إدارة المناطق الخاضعة لهم
  • أعضاء في الكنيست والكونغرس يطالبان بمنح ترامب نوبل لعام 2026