السلطعون الأزرق ثروة أم نقمة ؟ (فيديو)
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
غزت بحيرة بنزرت في الأسابيع القليلة الماضية جحافل من السلطعون الازرق الذي يطلق عليه البحارة تسمية ''داعش البحر'' باعتباره كائن فتاك غازي يلتهم كل ما يعترضه حتى القوقعيات الصلبة كما يقوم بتمزيق الشباك مستعينا في ذلك بقواطعه القوية وله قدرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة.
السلطعون الأزرق هو من فصيلة سرطان البحر بدأ في الظهور بالسواحل الجنوبية خاصة في خليج قابس وصفاقس ابتداء من سنة 2014 قادما من البحر الأحمر قبل أن ينتقل إلى السواحل الشمالية.
ويتكاثر بسرعة حيث تضع الأنثى 30.000 بيضة. وقد تغيّر الإسم الأصلي لهذا الكائن الحي مؤخرا من Portunus pelagicus إلى Portunus segnis.
ويوجد نوعان من السرطان الأزرق بكميات في البحر الأبيض المتوسط، ويعدّ المحيط الأطلسي ومضيق جبل طارق منشأ Callinectus sapidus، أمّا Portunus segnis ويسمّى سرطان سابح أزرق Blue Swimming crab فموطنه الأصلي غرب المحيط الهندي من باكستان إلى الخليج العربي وشاطئ شرق أفريقيا ومدغشقر وجزر موريشوس.
ويعتبر هذا السرطان أول الكائنات التي دخلت من البحر الأحمر إلى الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، وقد تم تسجيل وجوده للمرة الأولى في قناة السويس في الأعوام بين 1889 و1893 وفي ميناء بور سعيد سنة 1898، وخلال 4 أعوام أصبح تواجده شائعا.
أما في المشرق العربي فسجل وجوده في فلسطين سنة 1924 ثم انتقل إلى سوريا ولبنان سنة 1929 وتركيا في 1928، وامتد انتشاره غربا وصولا إلى إيطاليا سنة 2006 قبل أن يحط الرحال عالقا بالسفن بخليج قابس في العام 2014.
وأقلق الانتشار الرهيب لهذا المخلوق البحري راحة البحارة خاصة أنه يعلق بشباكهم بصفة متواصلة ويقضي على الكائنات البحرية من صوبيا وجراد البحر وأسماك وحتى قوقعيات.
ولئن كان هذا السرطان مصدر قلق كبير للبحارة فانه صار مصدر عملة صعبة ومداخيل هامة للمصدرين بعد أن تم تثمينه من قبل المختصين في تصدير الأسماك وإيجاد أسواق في جنوب آسيا وكندا وأمريكا.
وفي فترة وجيزة تصدّر سرطان البحر الازرق قائمة المنتوجات البحرية المصدرة والأكثر مردودية من حيث المداخيل لكنه يبقى العدوّ اللدود للبحارة.
مراد الدلاجي
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
من لعنة الفراعنة إلى أمل طبي.. فطر سام ارتبط بأساطير غامضة
في تحول غير متوقع، كشف علماء من جامعة بنسلفانيا الأميركية عن مركب واعد في علاج سرطان الدم، مستخلص من أحد أكثر الفطريات سمّية في الطبيعة، والمعروف باسم Aspergillus flavus، وهو الفطر ذاته الذي ارتبط طويلاً بأساطير غامضة مثل "لعنة الفراعنة".
هذا الفطر، الذي حامت حوله الشبهات عقب سلسلة من الوفيات الغامضة المرتبطة بفتح مقابر فرعونية، وعلى رأسها مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، عاد إلى الواجهة، ولكن هذه المرة من باب العلم والأمل.
فقد تمكن فريق بحثي بقيادة البروفيسورة شيري غاو من استخلاص مركب نادر منه يُعرف باسم "أسبيريجيميسين" (Aspergillicin)، ينتمي إلى فئة جزيئية معقدة تُدعى RiPPs، وهي ببتيدات تخضع لتعديلات خلوية دقيقة تمنحها خصائص دوائية مميزة.
فعالية واعدة ضد سرطان الدمخضع المركب لتجارب مخبرية على خلايا سرطان الدم، حيث جرى اختبار أربعة متغيرات منه، أظهر اثنان منها فعالية قوية في القضاء على الخلايا السرطانية، خصوصًا بعد إدخال تعديل كيميائي بسيط يتمثل في إضافة جزيء دهني، هذا التعديل عزز فعالية المركب إلى مستويات قريبة من عقاقير السرطان المعروفة مثل "سيتارابين" و"داونوروبيسين".
آلية دقيقة وانتقائية علاجيةالتحليل الجيني كشف أن فعالية المركب تعتمد على بروتين ناقل يدعى SLC46A3، يمكنه من التسلل إلى داخل خلايا سرطان الدم واستهداف الأنابيب الدقيقة المسؤولة عن انقسام الخلية.
هذه الآلية الدقيقة تؤدي إلى تعطيل عملية الانقسام الخلوي، مما يوقف تطور المرض.
ويُعد الأثر الانتقائي للمركب من أبرز مميزاته، إذ لم يظهر التأثير ذاته على خلايا سرطانية من أنواع أخرى، مما يعزز فرص استخدامه بأمان وفعالية.
من الأسطورة إلى المختبرتاريخيا، أثير الكثير من الجدل حول هذا الفطر، إذ ارتبط بحوادث شهيرة مثل وفاة عشرة علماء بولنديين بعد دخولهم مقبرة كازيمير الرابع في سبعينيات القرن الماضي، حيث تم العثور لاحقا على آثار للفطر السام، لكن الدراسة الجديدة تُعيد تعريف هذا الكائن الغامض، ليس كمصدر خطر، بل كمفتاح علاجي قد يُحدث نقلة نوعية في طب الأورام.
البروفيسورة شيري غاو علقت على النتائج قائلة: "إن ما نكتشفه اليوم هو وجه جديد للطبيعة، تحول بسيط في بنية الجزيئات يمكن أن يغير قواعد اللعبة الطبية، وهذا المركب قد يكون مجرد بداية".
خطوات مقبلة نحو التجارب السريريةيتجه الفريق البحثي حاليًا إلى المرحلة التالية من الدراسات، عبر تجارب على نماذج حيوانية، تمهيدا لإجراء التجارب السريرية على البشر.
ويأمل العلماء أن يفتح هذا المركب الباب أمام جيل جديد من العلاجات السرطانية الأكثر دقة وأمانا، مستفيدين من موارد الطبيعة التي لا تزال تخبئ الكثير من الأسرار.