على الرغم من قول الخبراء إن سد درنة معرض لخطر الانهيار، إلا أن السلطات كانت بطيئة في الاستجابة لدعوات فرض حظر التجوال، ليحول الإعصار إلى كارثة.

هكذا يتحدث تقرير لموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، عن كيف تجاهلت السلطات في ليبيا التحذيرات، وعلمهم بوجود خطر وشيك على الحياة، مما تسبب في فيضانات كارثية، أوقعت آلاف القتلى والمفقودين.

وبعد أربعة أيام من اجتياح العاصفة دانيال مدينة درنة شرق ليبيا، وجرفها عائلات بأكملها ومنازلها، يكافح الليبيون لفهم كيف يمكن أن تحدث مثل هذه الكارثة، وسط توقعات أن نحو 20 ألف شخص ربما لقوا حتفهم جراء الكارثة.

وتكشف المصادر الميدانية والتصريحات العامة للسلطات الليبية عن استجابة مرتبكة وباهتة للمخاطر، سواء في الساعات التي سبقت الكارثة أو في الليلة المشؤومة التي هطلت فيها الأمطار على شرق ليبيا.

وقال رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الخميس، إنه كان من الممكن تجنب "معظم الخسائر البشرية" لو أصدرت السلطات التحذيرات المناسبة وتم تنفيذ عمليات الإجلاء.

وكانت العاصفة دانيال قد أحدثت دماراً في تركيا واليونان وبلغاريا عندما وصلت إلى الشواطئ الليبية الأحد، وسط تحذيرات من المراصد الدولية للسلطات الليبية المنقسمة بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب من خطورة العاصفة.

اقرأ أيضاً

جثث تحت الوحل وأخرى تتقاذفها الأمواج.. رائحة الموت تتصاعد في درنة الليبية

ورد المسؤولون في منطقة برقة بشرق ليبيا، بإعلان حظر التجول السبت في عدة مدن، مع التركيز بشكل خاص على بنغازي، أكبر مدينة في المنطقة، والتي من المتوقع أن تكون الأكثر تضررا.

وطلب أسامة حمد رئيس وزراء حكومة الشرق، من وزير الحكم المحلي سامي الضاوي، تشكيل فريق أزمة "للاستعداد واتخاذ الإجراءات الاحترازية للتعامل مع أي تداعيات طارئة".

وفي النهاية، نجت بنغازي إلى حد كبير من أضرار جسيمة، على الرغم من تعرض الطرق الرئيسية بين المدن الساحلية لأضرار بالغة.

وبدلاً من ذلك، تجمعت الأمطار في منطقة الجبل الأخضر الجبلية، والتي استغرقت 17 ساعة من الأمطار الغزيرة حتى انحسرت الأمطار أخيراً حوالي منتصف ليل الأحد.

وفي تلك الليلة، بدأت نداءات المساعدة تتدفق من البلدات والقرى في الجبل الأخضر وما حوله، مثل شحات وسوسة، حيث كانت المياه ترتفع بسرعة وتحاصر السكان في منازلهم.

وعلى الرغم من أنه من المعروف أن المناطق المنخفضة أسفل الجبل الأخضر هي الأكثر عرضة لأضرار الفيضانات أثناء هطول الأمطار السنوية، إلا أن السلطات المحلية وخدمات الطوارئ فشلت في إجلاء الناس من تلك المناطق.

اقرأ أيضاً

كارثة ليبيا.. الهلال الأحمر يعلن: 11 ألف قتيل في درنة والأمم المتحدة تنتقد الفوضى

وبدلاً من ذلك، قالت مصادر في المنطقة، إن السلطات قررت أن تكون رد فعل، وأعلنت في نهاية المطاف البلدات والمدن المتضررة منطقة كوارث. بحلول ذلك الوقت كان قد فات.

وتفاقمت الأمور بسبب انقسام ليبيا بين حكومتين متنافستين، إدارة معترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، وأخرى في الشرق تدعمها أغلبية النواب والجنرال العسكري خليفة حفتر.

وأصدرت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس بيانا أقرت فيه بالسيول المتوقعة في الجبل الأخضر، وأكدت أن فرق الطوارئ مستعدة للاستجابة، لكن ليس لها أي سلطة أو وجود في شرق ليبيا.

وفي وقت متأخر من ليلة الأحد، قال رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، إنه طلب من جميع المكاتب ذات الصلة تقديم الدعم عند الحاجة، بل وأكد أن حكومته ستتحمل مسؤولية تعويض الناس عن الأضرار المتوقع حدوثها.

فيما أعلن محافظ درنة عبدالمنعم الغيثي، حظر التجول في مدينته في السابعة مساء، واصفا إياه بالاستعداد للعاصفة التي تجتاح بالفعل مناطق الجبل الأخضر، بما في ذلك مدينة البيضاء، على بعد 100 كيلومتر.

حتى أن البلدية نشرت صورًا للغيثي وهو يوجه العمليات ويدعم حظر التجول ليلة الأحد، حيث كانت المياه ترتفع بسرعة، وتم تداول مقاطع فيديو عبر الإنترنت تظهر المواطنين المحاصرين في منازلهم.

اقرأ أيضاً

تضمنت آلاف الأطنان من المساعدات.. الخليج يغيث متضرري إعصار ليبيا

وفي الوقت نفسه، أصدر الخبراء، الذين وجد بعضهم العام الماضي أن السدود في وادي درنة معرضة للانهيار، تحذيرات وقالوا إنه يجب تنبيه السكان في المنطقة إلى هذا الخطر.

ومع ذلك، استمرت السلطات المحلية والحكومات المنقسمة في التأكيد على أن الوضع تحت السيطرة، حيث نفت السلطات في درنة التقارير عن الانهيار الوشيك للسد، على الرغم من العديد من التقارير التي تتكهن بشأن ذلك.

واعتبارًا من الساعة 11 مساء الأحد، تلقت غرف الطوارئ في درنة مكالمات متواصلة من السكان المنكوبين، خاصة أولئك الذين يعيشون في الريف عند المنبع، حيث بدأت المنازل تغمرها المياه.

وفي درنة، شهد الليبيون الذين يعيشون في المباني الممتدة على طول الوادي كمية غير مسبوقة من المياه تتدفق عبر القناة الجارية بين السد والبحر، بينما واصلت السلطات المحلية حث الناس على البقاء في منازلهم.

ونمت المياه في القناة بقوة متزايدة، وخرجت من ضفتيها ووصلت إلى الطرق والمباني المحيطة.

وفي حوالي الساعة 1:30 صباح الإثنين، تم إرسال فرق الاستجابة إلى عدة أحياء، مع ورود تقارير تفيد بأن الناس محاصرون ويغرقون.

اقرأ أيضاً

رغم الكارثة.. ليبيا تعلن إمكانية توجه السفن إلى درنة

وقال أحد سكان البيضاء، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إنه كان يتعامل مع فيضانات شديدة في منزله عندما بدأ في تلقي مقاطع فيديو من درنة، تظهر السيول تتدفق أسفل القناة.

وقال: "اتصلت على الفور بأقاربي الذين يعيشون بالقرب من القناة، ودعوتهم على وجه السرعة بالإخلاء إلى مكان أكثر أمانًا وتنبيه الآخرين بخطورة الوضع".

ولفت إلى أنهم واتبعوا تعليماته وانتقلوا من شارع الوادي المحاذي للقناة، إلى منطقة أكثر أماناً في المدينة.

وقال الناجون من درنة الذين يحتمون حاليًا في البيضاء إنهم سمعوا صوت انفجار عند الساعة 2:30 صباحا، حينما انهار السد.

وأضافوا أن سيولاً اجتاحت عدة مناطق بالمدينة، بما في ذلك المدينة القديمة التاريخية.

وجرف البحر سكان شارع الوادي، وجرفت المباني السكنية الشاهقة المكونة من 8 طوابق، وتدفقت المياه إلى درنة بمعدل يقدر بنحو 3500 متر مكعب في الساعة.

وتزامن ذلك مع انقطاع كامل للكهرباء والاتصالات، وحينها فقط بدأت السلطات في التقدم، واعترفت بحجم الكارثة ودعت إلى التدخل الفوري.

اقرأ أيضاً

الأمم المتحدة تناشد تقديم 71.4 مليون دولار لناجين من سيول ليبيا

ووصف أحد الناجين، اللحظة التي غمرته فيها المياه: "كنا على سطح منزلنا المكون من 4 طوابق، نحاول الهروب من الفيضان.. لكن كل ما تبقى من عائلتي هو أنا".

وأضاف: "لقد اختفى الباقون بعد أن جرفتنا المياه، وتركوني وحدي في أحد شوارع المدينة.. ومازلت أبحث عن جثث عائلتي، ولكن دون جدوى".

واليوم، تبحث درنة عن موتاها وتدفنهم عندما تستطيع ذلك، حيث نفدت أكياس الجثث من المدينة بسرعة.

ويتم نقل الجثث في شاحنات من وسط المدينة إلى مناطق مثل الظهر الحمر ومرتوبا جنوب المدينة، حيث تم دفن الآلاف من سكان المدينة، بينما تعاني فرق الإنقاذ والإنعاش والتقييم والمساعدات من موارد محدودة.

بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من القتلى يرقدون في الشوارع في انتظار التعرف على هوياتهم.

وقال ضياء أبوزريبة مدرب الغوص الحر، إن "التحدي الرئيسي الذي يواجه الغواصين هو تغير لون مياه البحر إلى الطين المحمر، مما يعيق الرؤية بشدة.. إن ظروف البحر غادرة للغاية، وتتميز بتيارات سفلية قوية وارتفاع في الأمواج وأمواج يصل ارتفاعها إلى مترين".

وأضاف: "قاع البحر في تلك المنطقة مليء بالصخور الحادة وحطام البناء، مما يشكل مخاطر كبيرة على الغواصين وربما يؤدي إلى مزيد من الخسائر في الأرواح، بدلاً من انتشال جثث الضحايا".

اقرأ أيضاً

كارثة ليبيا.. مسؤول يتوقع 20 ألف قتيل و10 آلاف مفقودين وصور جوية صادمة لدرنة

المصدر | ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإعصار إعصار دانيال ليبيا فيضانات كارثة الجبل الأخضر على الرغم من اقرأ أیضا فی درنة

إقرأ أيضاً:

115 قتيلاً وعشرات الجرحى جراء قصف على غزة

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة مستوطنون يهاجمون مركبات في الضفة «الأونروا»: استخدام إسرائيل الغذاء سلاحاً في غزة «جريمة حرب»

أعلنت السلطات الصحية في قطاع غزة، مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة 152 آخرين من جراء عمليات قصف جوي ومدفعي للجيش الإسرائيلي على مناطق مختلفة من القطاع منذ فجر أمس.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل: «حصيلة الشهداء نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الخميس وصل إلى 115 شهيداً»، مضيفاً «ما زالت مجازر الاحتلال متواصلة وعدد الشهداء في ازدياد».
وأوضحت السلطات الصحية في بيان صحفي، أنه «وصل إلى مستشفيات القطاع خلال الساعات الماضية 82 شهيداً فيما أصيب 152 شخصاً بجراح مختلفة تم التعامل معهم وفق خطورة الحالات بأقسام الاستقبال والطوارئ».
وأضافت، أن حصيلة عدوان الاحتلال المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفعت بذلك إلى 53010 قتلى و119998 مصاباً.
وفي السياق، أعلنت السلطات الصحية في غزة أمس، خروج مستشفى غزة الأوروبي جنوبي القطاع عن الخدمة إثر تعرضه لهجمات متكررة من الجيش الإسرائيلي على أمد ثلاثة أيام متواصلة ما أدى إلى تضرر العديد من مرافقه الداخلية.
وقالت السلطات الصحية في بيان، إن «المرافق الحساسة والمهمة في المستشفى تعرضت لأضرار جسيمة وبالغة شملت البنية التحتية مثل خطوط الصرف الصحي كما تضررت الأقسام الداخلية والطرق المؤدية إليها». 
وفي سياق متصل، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أمس، بأن نحو 90% من سكان غزة أجبروا على الفرار من منازلهم منذ بدء الحرب.

مقالات مشابهة

  • دفاع ضحية نجل محمد رمضان: تجاهل مشاعر الطفل المعتدى عليه دفعنا للتصعيد القانوني
  • أكسيوس: ترامب تجاهل طلبات نتنياهو ورفع العقوبات عن سوريا
  • 115 قتيلاً وعشرات الجرحى جراء قصف على غزة
  • لماذا تم تجاهل اليمن من أجندات زيارة ترامب وقمته في السعودية ؟
  • ضبط مقيم مخالف لنظام البيئة لاستغلاله الرواسب في المدينة المنورة
  • محافظ مطروح يتفقد شوراع المدينة
  • الأسنان تهدد بعقد عمومية طارئة حال تجاهل تكليف دفعة 2023
  • هدم كاريان الوردة أقدم الأحياء الصفيحية بالدارالبيضاء
  • أفضل الفنادق للإقامة في مدينة البتراء المدينة الوردية
  • إسرائيل مستاءة من تجاهل ترامب لزيارتها.. بداية جفاف تاريخي؟