كان على حفنة المرتزقة ألا يستغربوا من توالي المستجدات على صعيد حلحلة الملف الإنساني اليمني الذي أرادوا تعقيده، القاعدة الكونية لدى كل البشرية أن الظلم لا يسود إلى ما لا نهاية وأن ما أخذ، حتما سيعود يوما لأصحابه بالقوة أو بالسلم.
مع ذلك، اعتدنا ألا نفرط في التفاؤل مع هذا الدفع الإقليمي والدولي نحو إحلال السلام في اليمن، إذ مرت بنا سابقا جولات وتحركات نشطة وحيوية تصورنا فيها أننا قاب قوسين أو أدنى من طيّ صفحة التدخل السعودي الإماراتي الأمريكي في اليمن، وهذا لم يحدث.
مستجدات اليوم التي تسارعت خلال الأيام الماضية، بعد بلوغ تحذيرات صنعاء ذروتها، قد – وليس أكيداً- تنتهي إلى عملية سلام، إلا أن الأكيد فيها أنها تفرض واقعا وحقائق مستفزة للأحرار والمرتزقة معا، فالأحرار كان من الصعب أن يتقبلوا فكرة بلوغ الكره والحقد في قلوب إخوانهم ممن قبلوا تمكين الآخرين من احتلال البلد ونهب ثرواته، حدا ينزع عنهم الصفة الإنسانية، حين ثارت ثائرة هؤلاء الأدوات وتصاعد نقدهم وبدأوا بترتيبات إسعافية لما بعد أي تسوية محتملة بين صنعاء والرياض.
أما المرتزقة فصدمتهم كانت أكبر حين تعززت لديهم حقيقة أنهم لا يشكلون أي رقم لدى التحالف، وربما يشعر هؤلاء النفر بالإهانة لأن ما تجري من تحركات، لا يد لهم فيها، فحجمهم لدى السعودية أو الإمارات أو أمريكا منذ البداية أقل بكثير من أن يتم حتى استشارتهم بأي أمر يخص البلد والسلام، وهو نتيجة طبيعية لإدراك دول التحالف بعدم قدرتهم على التأثير أو إحداث أي تغيير في ساحة الفعل السياسي والعسكري.
وغدا سيلقون أنفسهم تائهين في فراغ الصحاري، وسيتذكرون يد صنعاء التي ظلت ممدودة لإنقاذهم من وحل العمالة والوقوف صفا واحدا لتحرير الوطن، لكنهم أبوا واستكبروا، وذهبوا إلى توهماتهم بأنهم النخبة النقية التي ستبني دولة مدنية حداثية لا يصلها التراب.
من الاستنتاجات التي لا أرى حكمة في إهمالها، هو أن هذا التسارع لجولة مفاوضات جديدة تعيد الأمل لحل مشكلة المرتبات والمطارات والموانئ، جاء بعد تلاحق في التحركات الأمريكية والبريطانية في السواحل الشرقية لليمن، وهي تحركات عسكرة و”توطين” للقوات الأجنبية ومحاولة لفرض أمر واقع، ربما تشير إلى أننا سنقف طويلا عند تنفيذ مطلب خروج هذه القوات نهائيا من كل اليمن، أو ربما أن الغزاة يريدون أن يخوضوا بنا جولة من المقايضة لضمان بقاء قواتهم في القواعد التي انشأوها جنوب اليمن، الأمر الذي يبدو مستحيلاً بالمطلق.
وخلال الاحتفالات النوعية التي يجري التحضير لها حاليا احتفاء بثورة ٢١ سبتمبر، ستكون هناك الكثير من الرسائل للقريب والبعيد، اختزلت الزمن وتجاوزت تعقيدات العدوان وطوعت الصعوبات وحولتها إلى فرص، وربما ستمثّل بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع الآخرين، سواء الدول المحيطة أو دول العالم، وعلى قاعدة فرض الاحترام وبالمفهوم الأمريكي «إذا أردت السلام فاحمل السلاح»، والبقاء في حالة الثورة هو الضامن لتحقيق كل ذلك.
في المجمل، سواء انتهت الجولة هذه المرة إلى طريق يقبل به اليمنيون أو كانت بمثابة عملية تحديث للزمن ليعود التحالف من بعدها إلى مسار جديد من المراوغات، فإن الفعل الثوري سيستمر لدحر وضمان منع أي تدخلات أجنبية في شؤون البلد تحت أي عنوان أو مبرر، بما يعنيه ذلك من فوضى قد يتأذى منها كل العالم، فاليمنيون لن يقبلوا بأنصاف الحلول، وفترة خفض التصعيد التي فرضت عليهم كخيار ضرورة بلغت رمقها الأخير.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سلسلة غارات إسرائيلية على اليمن بعد التهديد باستهداف 3 موانئ
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما موانئ في اليمن بحجة أن جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثي" تستخدمها وتصير عليها، وذلك بعد أيام من استهداف مطار صنعاء وإخراجه عن الخدمة.
ويأتي بدء القصف الإسرائيلي بعد أقل من نصف ساعة من إصدار الجيش أصدر "تحذيرا بالإخلاء لكل المتواجدين في الموانئ البحرية".
وقال جيش الاحتلال إن الموانئ هي ميناء رأس عيسى، وميناء الحديدة، وميناء الصليف، مضيفا أن هذا التحذير يأتي "نظرًا لقيام النظام الحوثي الإرهابي باستخدام الموانئ البحرية لصالح أنشطته الإرهابية".
وأضاف "نحث جميع المتواجدين في هذه الموانئ إلى ضرورة إخلائها والابتعاد عنها حتى إشعار آخر".
والأسبوع الماضي، قال جيش الاحتلال إنه قصف مطار صنعاء ومحطات مركزية للطاقة بحجة أن جماعة الحوثي تستخدمها، مؤكدا أنه قد تم تعطيل المطار "بشكل كامل".
وقال في بيان: "هاجم سلاح الجو ودمر بنى تحتية تابعة لنظام الحوثي الإرهابي في المطار المركزي في صنعاء ... كما تمت مهاجمة عدة محطات طاقة مركزية في منطقة صنعاء". وبحسب البيان استهدفت غارات الجيش أيضا مصنعا للإسمنت.
يأتي ذلك بعد أن حذر جيش الاحتلال المتواجدين في منطقة مطار صنعاء الدولي بضرورة إخلائها فورا، غداة استهداف طائراته ميناء الحديدة ردا على إطلاق الحوثيين صاروخا على مطار تل أبيب.
وعلقت العديد من شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى تل أبيب الأسبوع الماضي لمدد متفاوتة، بعد سقوط صاروخ أطلق من اليمن بمحيط مطار بن غوريون.
والأحد الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، بعد وساطة قادتها سلطنة عمان، وهو ما وصف في إسرائيل بالـ"مفاجئ".
غير أن الحوثيين أكدوا أن الاتفاق مع واشنطن لا يشمل "إسرائيل".
وجاء إعلان ترامب بعد ساعات من تنفيذ "إسرائيل" هجوم واسع على العاصمة اليمنية صنعاء، بما يشمل مطارها الدولي.
وتؤكد جماعة أنصار الله إنها تطلق الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة نصرة للفلسطينيين في قطاع غزة، وإنهم مستمرون في ذلك طالما استمرت حرب الإبادة.