منذ تَولِّي جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحُكم في سلطنة عُمان وتَولِّي سُموِّ الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة العربيَّة السعوديَّة في أبريل 2017، أصبحا المُحرِّكَيْنِ الأساسيَّيْنِ للكثير من الملفَّات الخليجيَّة والعربيَّة والدوليَّة، وأصبحت المملكة العربيَّة السعوديَّة تتعاطى مع العديد من الملفَّات بحكمة وقيادة وثقة تختلف كلِّيًّا عن الوضع السَّابق للمملكة.


واليوم، نرى التغييرات التي تحدُث داخل المملكة في مختلف المجالات، وتعاطيها مع الملفَّات الخارجيَّة بحكمة وحنكة قادت لتحقيق ما يصبو إليه الشَّعب السعودي من أحلام، جعلت مِنْها بوَّابة للأمن والخير والسَّلام.
فالمستحيلات ليست في فكر ولي العهد الأمين، لكنَّ القرارات الصائبة تتوالى يوميًّا داخليًّا وخارجيًّا، فهناك تنمية في الداخل لا تتوقف وحراك سياسي ودبلوماسي في الخارج يُحقِّق الرؤية السعوديَّة الجديدة، ويتماشى معها بكُلِّ ثقة وقيادة، وفي سنوات بسيطة تحقَّق الكثير من الإنجازات الخارجيَّة للمملكة ولدوَل مجلس التعاون لدوَل الخليج العربيَّة من خلال التعاون والتعامل مع التكتلات والدوَل الكبرى كفريق واحد.
واليوم تؤدِّي المملكة العربيَّة السعوديَّة دَوْرًا بارزًا ومؤثِّرًا على المسرح العالَمي من خلال استضافتها لعددٍ من القِمَم، سواء الخليجيَّة الآسيويَّة، أو القِمَم العربيَّة، وهناك قِمم خليجيَّة إفريقيَّة وقِمَم عالَميَّة ستُعقد في المملكة في الأشهر القادمة، وهو ما يدلُّ على أهمِّية المملكة ومكانتها وسياساتها الناجحة في المنطقة والعالَم.
هذه المؤشِّرات والمعطيات والدَّور الكبير للسعوديَّة في العلاقات مع مختلف دوَل العالَم وبمنهجيَّة جديدة يمنحها لواء القيادة ولواء السَّلام في المنطقة والعالَم، وسعيها حاليًّا في جهود الاستقرار والتنمية إقليميًّا ودوليًّا من خلال جهود حثيثة تقوم بها في أوكرانيا والسودان وأهمُّها حاليًّا مع سلطنة عُمان في حلِّ المشكلة اليمنيَّة، وإنقاذ اليمن من ويلات الحرب والدَّمار، بالإضافة إلى إنهاء الأزمات في كُلِّ بقعة من بقاع العالَم.
وسعي المملكة العربيَّة السعوديَّة لاستقبال الوفد الحوثي ليمثِّل حلقة جديدة ومحوريَّة نَحْوَ توفير أرضيَّة صلبة لاستئناف الحوار اليمني ـ اليمني، وصولًا إلى تحقيق السَّلام المنشود لأبناء اليمن واستعادة اليمن السعيد لمكانته ووضعه الطبيعي، استكمالًا للجهود التي تبذلها سلطنة عُمان مع المملكة لرأب الصَّدع وجمع كُلِّ أطراف القضيَّة اليمنيَّة في طاولة واحدة لتحقيق الاستقرار والرَّخاء لليمن الواحد السعيد.
وهذا اللقاء يذكِّرنا بالجهود الكويتيَّة التي بدأت في عام 2016 عِنْدما استضافت محادثات شاملة لحلِّ الأزمة اليمنيَّة بمشاركة كُلِّ الأطراف ولمدَّة ثلاثة أشهر في ذلك العام، ورغم ما حدَث إلَّا أنَّه أكَّد التزام الكويت آنذاك بردم الفجوة بَيْنَ مختلف المُكوِّنات اليمنيَّة وهي البداية التي نأمل أن تنتهيَ بخبرٍ سارٍّ في القريب العاجل بعد كُلِّ هذه السنوات.
لذا نتطلع أن يتمخضَ اللقاء في الرياض عن سلام دائم وشامل، وأمام الأطراف اليمنيَّة مسؤوليَّة وفرصة تاريخيَّة لكتابة التاريخ وإنقاذ وتوحيد بلادهم وعودة اللحمة الوطنيَّة والتحرُّك نَحْوَ البناء والإعمار والاستقرار، وتحقيق التسوية الشاملة لكُلِّ اليمنيِّين وطيِّ صفحة الحرب والدَّمار نهائيًّا. فالحكمة اليمنيَّة مطلوبة اليوم، رغم ما حدَث في الماضي، فاليوم هناك فرصة ذهبيَّة للمصالحة والإصلاح قدَّمتها سلطنة عُمان والمملكة العربيَّة السعوديَّة لغلقِ هذا الملف نهائيًّا ولِيستفيدَ الجميع دُونَ ضررٍ ولا ضرار.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا
batamira@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المملکة العربی ة السعودی ی المملکة ة الیمنی

إقرأ أيضاً:

استراتيجية غذائية شاملة ترسخ مكانة سلطنة عمان في توفير بيئة غذائية آمنة

حصلت سلطنة عُمان على شهادة الاعتراف من منظمة الصحة العالمية بخلو منتجاتها الغذائية من الدهون المتحولة الصناعية، لتكون بذلك من بين تسع دول فقط على مستوى العالم، والثانية عربيًّا، تحقق هذا الإنجاز، ما يعكس التزامها بتعزيز الوقاية الصحية وتحسين جودة الحياة.

ويأتي هذا الإنجاز تتويجا لجهود مستمرة بذلتها الجهات المعنية في مقدمتها وزارة الصحة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه التي عملت على منع استخدام الدهون المتحولة الصناعية في الصناعات الغذائية المحلية وشملت مجموعة من الإجراءات أبرزها قرار حظر إنتاج واستيراد وتسويق الزيوت المهدرجة جزئيا والتي تستخدم في تصنيع العديد من المنتجات الغذائية، كما تسعى الاستراتيجية الوطنية للتغذية إلى تقليل الاستهلاك المرتفع من الدهون المتحولة والمشبعة، وتطبيق أفضل الممارسات في هذا المجال، كما سعت سلطنة عمان إلى إبراز تجربتها الرائدة في المحافل الدولية وترسيخ مكانتها كمثال يحتذى به في القضاء على الدهون الضارة بصحة الإنسان، وتطبيق سياسات تدريجية للحد من الدهون المتحولة بالتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس لدول مجلس التعاون الخليجي لتحديد نسب الدهون المتحولة المسموح بها في الزيوت النباتية والسمن والأطعمة المصنّعة وصولا إلى الحظر الكامل.

وأظهرت دراسات صحية أن الاستهلاك العالي للدهون المشبعة والمتحولة في سلطنة عمان يرتبط بانتشار اضطرابات الدهون في الدم وارتفاع معدلات الكوليسترول والدهون الثلاثية مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تعد من أبرز التحديات الصحية التي تواجه المجتمع العماني.

وتشير الدراسات إلى أن الدهون غير الصحية تشمل الدهون المشبعة الموجودة في المنتجات الحيوانية والزيوت الاستوائية والدهون المتحولة الموجودة في الزيوت المهدرجة والأغذية المصنّعة التي تضر بصحة الجسم في حين أن الدهــون الصحية لها تأثير إيجابي على مستويات الدهـون والسكر فــي الدم، فــإن الدهون غير الصحية قد تزيد مــن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية

سلوكيات العمانيين

وبينت دراسة "المعارف والسلوكيات المتعلقة باستهلاك الدهون لدى العمانيين في الفئة العمرية من 14 إلى 60 سنة في سلطنة عمان" ضعف الوعي الغذائي مما يستدعي تدخلات مجتمعية فعالة لخفض استهلاك الدهون وتحسين النمط الغذائي حيث اعتبرت الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إحدى المشاكل الصحية العامة الرئيسية في سلطنة عمان نتيجة ارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع الدهون الثلاثية لذا لا بد من إجراء تدخلات تناسب المجتمع العماني والتي من شأنها تساعد المجتمع على خفض وتقليل تناول الدهون.

ودعت الدراسة إلى اعتماد نهج متعدد الجوانب لخفض استهلاك العمانيين للدهون من خلال استكمال برامج الصحة العامة الحالية وتكثيف حملات التوعية الموجهة للمجتمع عن مخاطر الاستهلاك الزائد للدهون وتمكين المستهلكين من تحديد بدائل للأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمتحولة والوصول إليها.

ومن ضمن التوصيات الحد من إضافة الدهون المشبعة إلى الأطعمة، ويمكن أن تستند الجهود المبذولة للحد من كمية الدهون المشبعة في الأطعمة إلى الجهود السابقة؛ فقبل الحظر الكامل للأحماض الدهنية المتحولة عام 2022 عملت السلطنة مع هيئة المواصفات والمقاييس لدول مجلس التعاون الخليجي للحد من كمية الدهون المتحولة المضافة إلى الزيوت والسمن النباتي والأطعمة التي تُباع في المطاعم، وبما أن التخلص الكامل من الدهون المشبعة من الإمدادات الغذائية غير ممكن فيمكن اتخاذ إجراءات تشريعية لتقليل كمية الدهون المشبعة المضافة إلى الأطعمة المصنّعة ووقف تسويق الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة.

وأوصت الدراسة بإطلاق حملات توعية لزيادة الوعي حول استهلاك الدهون نتيجة تدني معرفة العمانيين فيما يتعلق بالدهون. ولتحسين فهم المجتمع لهذا الموضوع يمكن القيام بحملات توعوية عبر قنوات متعددة في سلطنة عمان، بما في ذلك وسائل الإعلام مثل الإذاعة والتلفزيون والإنترنت وبرامج التعليم المدرسي ويتعين تكثيف هذه الحملات الإعلامية لتحسين المعرفة المتعلقة باستهلاك الدهون والأطعمة الغنية بالدهون، كما يجب مساعدة المستهلكين في سلطنة عمان على التعرف بسهولة على الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون للمساعدة في تغيير سلوكيات الشراء والاستهلاك.

برامج وطنية

وشددت الدراسة على أهمية استمرار برنامج الفحص الوطني للأمراض المزمنة غير المعدية في سلطنة عمان والذي يستهدف المواطنين العمانيين فوق 35 عاما في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية للكشف المبكر عن حالات ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم والسكري وأمراض الكلى المزمنة.

كما أوصت الدراسة بتوفير أخصائيي تغذية مؤهلين في كافة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية لتقديم استشارات غذائية موجهة خاصة للحالات التي تُظهر نتائجها مؤشرات خطرة في تحاليل الدهون، وكجزء من فحص الأمراض المزمنة غير المعدية والزيارات الطبية لتشخيص الأمراض المزمنة غير المعدية ينبغي على العاملين في مجال الرعاية الصحية وأخصائيي التغذية بمؤسسات الرعاية الصحية تقديم الاستشارات التغذوية والمعلومات اللازمة حول أهمية تقليل كمية الدهون في النظام الغذائي، خاصة للأفراد الذين تم فحصهم والذين تبين ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم لديهم. وفي الحالات التي يشخّص فيها الفحص إصابة المريض بأحد الأمراض المزمنة غير المعدية، يحب الإحالة المبكرة إلى أخصائي التغذية، وعلى هذا النحو ينبغي أن يتوفر في جميع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية عدد كاف من أخصائيي التغذية لضمان تقديم الاستشارات التغذوية في الوقت المناسب ولا تقتصر النصائح والاستشارات التي يقدمها أخصائيو التغذية على زيادة وعي الأفراد فحسب، بل تساعدهم أيضا على تغيير ممارساتهم من خلال معالجة العوائق والتغلب عليها.

وأحد المحاور المهمة في جهود السلطنة هو تشجيع الصناعات الغذائية على إعادة تركيب الأغذية المصنّعة ومعالجتها حيث ينبغي تشجيع شركات الأغذية لتقليل كمية الدهون في الأطعمة المصنّعة والمعالجة. ويمكن أن يتم ذلك من خلال سن تشريعات تحد من استخدام بعض الأطعمة أو حظرها أو من خلال دعم صناعة الأغذية لتقليل محتوى الدهون والسكر والملح في الأطعمة المصنّعة بما ينسجم مع تجارب ناجحة طبقتها دول أخرى.

إلى جانب الجهود التغذوية تواصل سلطنة عمان دعم برامج النشاط البدني مثل "اليوم العماني للنشاط البدني" الذي يقام في شهر أكتوبر من كل عام، والحملات الترويجية التي تشجع على ممارسة النشاط البدني بالإضافة إلى مبادرات وزارة الثقافة والرياضة والشباب لإنشاء المجمعات الرياضية، وعلى الرغم من أن هذه المجمعات تستهدف الشباب من الفئة العمرية من 15 إلى 25 سنة في الوقت الحالي، فإن التواصل مع الفئات المجتمعية الأخرى مثل المراهقات والنساء والرجال الذين تزيد أعمارهم على 25 سنة سيكون مفيدا لزيادة مستوى النشاط البدني لدى جميع فئات المجتمع.

مقالات مشابهة

  • استراتيجية غذائية شاملة ترسخ مكانة سلطنة عمان في توفير بيئة غذائية آمنة
  • المنتخب الوطني يلتقي نظيره السعودي غدا
  • بيان مشترك بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية
  • منفذ الربع الخالي.. تسهيلات وخدمات متكاملة لراحة حجاج سلطنة عمان
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟.. عاجل
  • سلطنة عمان والعراق توقعان اتفاقا لتوسيع التعاون في النقل الجوي
  • عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
  • تأسيس شركة وطنية لتنظيم وتسويق صادرات المعادن في سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تشارك في اجتماع الاتحاد الآسيوي للطائرة