حذر من تمدد الصراع إلى خارج السودان.. ما الذي يريده البرهان من العالم؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
يقول خبراء إن حديث رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن عدم امتلاكه القوات الكافية لإنهاء الصراع في غرب دارفور، وتحذيره من تمدد الصراع لدول مجاورة، يعكسان رغبته في الحصول على دعم سياسي وعسكري من قوى دولية وإقليمية.
فقد أكد البرهان -خلال مقابلة مع الجزيرة- عدم امتلاك الجيش قوات كافية لإنهاء الصراع غربي دارفور، محذرا من انتقال الصراع إلى دول مجاورة -لم يسمها- لكنه قال إن مجموعات متمردة تنطلق منها.
ووفقا لخبراء، فإن الصراع الدائر في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، لا يبدو أنه سينتهي في المدى القريب، وربما يتمدد جغرافيا أيضا؛ بسبب السيولة الأمنية والسياسية التي تعيشهما البلاد.
حديث قائد الجيش السوداني الذي جاء خلال وجوده في الولايات المتحدة لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعكس رغبته في الحصول على دعم سياسي وعسكري لمشروعه السياسي، كما قال الباحث والمحلل السياسي محمد تورشين.
وخلال مشاركته في حلقة ما وراء الخبر (2023/9/23)، قال تورشين إن هذا المشروع السياسي الطموح للبرهان، تجلى في جولته الخارجية التي شملت دولا تم اختيارها بعناية لأنها تتماشى مع ما يحدث في السودان حاليا.
إلى جانب ذلك، فإن لقاء البرهان الرئيسَ الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيويورك -برأي توشين- هو محاولة لكسب دعم واشنطن وعدد من دول العالم والإقليم من خلال إبداء التأييد لكييف، خصوصا بعدما امتنعت موسكو عن تقديم حلول للمشكلات الفنية التي واجهتها طائرات الجيش السوداني خلال معاركها ضد قوات الدعم السريع.
ورغم عمق العلاقات السودانية الروسية فإن توشين يعتقد أن البرهان بدأ إعادة النظر في هذه العلاقة بسبب الموقف الروسي من الحرب وأيضا بسبب الدعم الذي تقدمه قوات فاغنر لخصمه محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يقود قوات الدعم السريع.
كما أن الطائرات المسيرة الأوكرانية التي ثبت مؤخرا قيامها بعمليات ضد الدعم السريع، تؤكد مساعي البرهان في هذا الصدد، وفق توشين، الذي أكد الحصول على هذه التكنولوجيا الأوكرانية التي يسهل التدرب عليها من جهة، والحصول على دعم لمشروع البرهان السياسي الطموح الذي يتجلى في خطاباته.
ووفقا لتوشين، فإن حصول البرهان على المسيرات الأوكرانية من جهة، وعلى التأييد الدولي لقيادة الفترة الانتقالية التي تحدث عنها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيوفران له فرصة إعادة تقديم نفسه من جديد والتخلص من تبعات انقلابه على المدنيين في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
في المقابل، يعتقد الباحث في الشؤون الأفريقية إبراهيم إدريس أن حديث البرهان يؤكد حالة السيولة السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد، وغيرها من دول الجوار التي مرت بظروف مماثلة مثل ليبيا وتشاد، مؤكدا أن السودان ليس جزيرة معزولة، وأن له أهمية جيوسياسية كبيرة.
وتتمثل هذه الأهمية -من وجهة نظر إدريس- في عمق العلاقات السودانية الخليجية من جهة، ومن وقوعه على البحر الأحمر الذي أصبح ساحة للتنافس الدولي، وبالتالي فإن على الجميع وقف الحرب ودعم التنمية في هذا البلد المهم.
وانطلاقا من هذه الأهمية، فإن البرهان يريد دفع المجتمع الدولي للتدخل من أجل إنهاء الصراع حرصا على مصالحه، وهي محاولات ربما بدأت تؤتي ثمارها، حيث أرسلت الأمم المتحدة مبعوثا للعمل على حل الأزمة، فضلا عن العمل الكبير الذي تقوم به الولايات المتحدة.
لكن المشكلة -كما يقول المتحدث- هي أن المجتمع الدولي ستكون له مخالب في السودان الذي عول كثيرا على الخارج وبدأ يدفع ثمن هذا التعويل حاليا.
مع ذلك، يعتقد إدريس أن رسالة السودان قد وصلت إلى الأطراف، بدليل أن وزير الخارجية المصري سامح شكري يقود تحركا في نيويورك من أجل إيجاد حل فعلي للإخفاق العسكري الذي يعانيه الجيش السوداني.
هذا الإخفاق العسكري للجيش السوداني في حسم المعركة، حمل في طياته نجاحا -برأي إدريس- لأنه دفع دول الجوار وخصوصا مصر وإريتريا للبحث عن حل جاد للأزمة، لأن هذه الدول تحديدا يمكنها لعب دور فاعل أكثر من غيرها.
كما أن القوى السياسية السودانية هي الأخرى بدأت العمل على إيجاد حل بعدما أدركت أن الجيش لن يحسم المعركة ضد الدعم السريع، وفق إدريس.
وعلى العكس، فإن توشين لا يتوقع حلا سياسيا قريبا بسبب تمسك القوى السياسية السودانية بأسلوبها القديم ولا تمتلك موقفا موحدا ولا رؤية قومية واحدة يمكنها من خلالها الضغط على طرفي القتال من أجل وقف الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
هجمات بمُسيرات تهز مدينة بورتسودان وتهدد وصول المساعدات
(رويترز) – قال شاهد إن انفجارات وحرائق هزت مدينة بورتسودان يوم الثلاثاء، ضمن هجوم بطائرات مسيرة مستمر منذ أيام أدى إلى إحراق أكبر مستودعات الوقود في السودان وإلحاق أضرار بأهم بوابة لإدخال المساعدات الأجنبية، وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري إن الضربات شملت هجوما بطائرات مسيرة شنته قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية على مرافق الميناء في بورتسودان، حيث تم استهداف محطة الحاويات.
وهذه الضربات هي الأكثر كثافة منذ بدء الهجوم على بورتسودان يوم الأحد، في صراع تلعب فيه الطائرات المسيرة دورا متزايدا.
وقال شاهد في مدينة الخرطوم إن أعمدة ضخمة من الدخان الأسود تصاعدت من مخازن الوقود الاستراتيجية الرئيسية في السودان بالقرب من الميناء والمطار يوم الثلاثاء، في حين أصابت الضربات أيضا محطة كهرباء فرعية وفندقا بالقرب من المقر الرئاسي.
ويهدد تدمير منشآت الوقود والأضرار التي لحقت بالمطار والميناء بتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، والتي تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم، من خلال وضع المزيد من الضغوط على عمليات تسليم المساعدات عن طريق البر والتأثير على إنتاج الكهرباء وإمدادات غاز الطهي.
وكانت مدينة بورتسودان تتمتع بهدوء نسبي منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل نيسان 2023 حينما أصبحت قاعدة للحكومة المتحالفة مع الجيش بعد أن فقدت القوات المسلحة السودانية السيطرة على جزء كبير من العاصمة الخرطوم في بداية الصراع مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
ولجأ مئات الآلاف من النازحين إلى المدينة التي انتقل لها مسؤولو ودبلوماسيو ووكالات الأمم المتحدة، مما جعلها القاعدة الرئيسية لعمليات الإغاثة.
وقال الشاهد إن الهجوم على محطة الكهرباء الفرعية في بورتسودان أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في أنحاء المدينة، بينما انتشرت وحدات الجيش حول المباني الحكومية.
وشهد الصراع مرارا فترات احتدام وهدوء، لكن من غير المرجح أن يحقق أي من الطرفين انتصارا حاسما. وتفتح الهجمات بالطائرات المسيرة جبهة جديدة في الصراع، مستهدفة المعقل الرئيسي للجيش في شرق السودان. وكان الجيش قد طرد في مارس آذار قوات الدعم السريع من معظم مناطق وسط البلاد حيث تقع العاصمة الخرطوم ودفعها غربا.
واتهمت مصادر عسكرية قوات الدعم السريع بشن هجمات على بورتسودان منذ يوم الأحد رغم أن القوات لم تعلن مسؤوليتها عن ذلك حتى الآن.
وجاءت الهجمات بعدما قال مصدر عسكري إن الجيش دمر طائرة ومستودعات أسلحة في مطار نيالا الخاضع لسيطرة قوات الدعم السريع في دارفور المعقل الرئيسي لها.
* جوع ونزوح
اجتذب الصراع في السودان قوى إقليمية تسعى إلى بناء نفوذ في دولة تتمتع بموقع استراتيجي بمحاذاة جزء كبير من ساحل البحر الأحمر، مع حدود مفتوحة على دول في شمال أفريقيا وأفريقيا الوسطى والقرن الأفريقي.
ونددت مصر والسعودية بالهجمات، وعبرت الأمم المتحدة أيضا عن قلقها.
واتهمت الحكومة السودانية، المتحالفة مع الجيش، الإمارات بدعم قوات الدعم السريع وهي اتهامات وجدها خبراء في الأمم المتحدة ذات مصداقية ويواصلون التحقيق بشأنها.
ونفت الإمارات مساندتها لقوات الدعم السريع. وقالت محكمة العدل الدولية أمس الاثنين إن عدم الاختصاص يمنعها من نظر دعوى رفعها السودان على الإمارات اتهمها فيها بإذكاء إبادة جماعية في دارفور.
واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بسبب خلافات قبل الانتقال إلى الحكم المدني. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أدى إلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص ودفع نصف السكان إلى براثن الجوع.
وبعد عامين من نشوب الحرب، نجح الجيش في طرد قوات الدعم السريع من معظم أنحاء وسط السودان، وحولت هذه القوات شبه العسكرية أسلوبها من التوغلات البرية إلى شن هجمات بطائرات مسيرة تستهدف محطات الطاقة وغيرها من المرافق في عمق الأراضي التي يسيطر عليها الجيش.
ويواصل الجيش شن غارات جوية في إقليم دارفور، معقل قوات الدعم السريع. كما يخوض الجانبان معارك برية للسيطرة على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وفي أماكن أخرى.