تابوتان استثنائيان في غزة.. اكتشاف أكبر مقبرة بعمر ألفي عام
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
عثر عمال فلسطينيون في قطاع غزة على عشرات القبور الأثرية، ضم بعضها تابوتين مصنوعين من الرصاص، داخل مقبرة تعود للعصر الروماني.
ويعود تاريخ المقبرة إلى حوالي ألفي عام، ويصفها علماء آثار بأنها "أكبر مقبرة" تكتشف في غزة.
وجاء العمال إلى الموقع العام الماضي للمشاركة في مشروع سكني - بتمويل مصري - بالقرب من مدينة جباليا شمالي قطاع غزة.
وعملت الأطقم منذ ذلك الحين على حفر الموقع الذي تبلغ مساحته 2700 متر مربع بدعم من خبراء فرنسيين.
لكن الموقع أصبح الآن قطعة أرض محاطة ببستان، ومنجما لعلماء الآثار الذين يتطلعون لفهم المزيد عن قطاع غزة.
وتتمتع غزة، المدينة الساحلية التي يسكنها حوالي 2.3 مليون نسمة، بتاريخ غني ينبع من موقعها على طرق التجارة القديمة بين مصر وبلاد الشام.
لكن هناك عدة عوامل– من بينها الاحتلال الإسرائيلي ثم سيطرة حركة حماس على القطاع منذ 16 عاما والنمو الحضري السريع – تضافرت لتعريض العديد من الكنوز الأثرية في القطاع المحاصر للخطر.
ويقول علماء آثار إن اكتشاف 60 قبرا أثريا في الموقع في يناير الماضي كان بمثابة "اكتشاف كبير".
وتضخم هذا العدد إلى 135 مقبرة.
وقال رينيه إلتر، عالم الآثار الفرنسي الذي يقود عملية التنقيب، إن الباحثين درسوا أكثر من 100 مقبرة.
وأضاف: "قمنا بالتنقيب في كل هذه المقابر تقريبا، وكشفنا عن قدر كبير من المعلومات حول الخلفيات الثقافية والحالة الصحية للسكان، والأمراض التي ربما عانى منها هؤلاء السكان".
وأشار إلتر إلى أن التابوتين المصنوعين من الرصاص أحدهما يضم أوراق عنب مزخرفة، والآخر عليه صور دلافين، ووصفهما بأنهما اكتشافين استثنائيين.
وقال "اكتشاف تابوتين من الرصاص هنا هو الأول من نوعه في غزة".
ونظرا لندرة التوابيت المصنوعة من الرصاص، يشك علماء آثار فلسطينيون - مثل فضل العطل - في أن نخبا اجتماعية دفنت هناك.
ويقول إن المقبرة ربما كانت موجودة في مدينة، لكن الرومان يضعون مقابرهم بالقرب من مراكز المدن.
وإلى جانب التابوتين، يقوم فريق إلتر بترميم الهياكل العظمية المكتشفة، وتجميع قطع الجرار الفخارية معا.
وسترسل الهياكل العظمية المكتشفة في الموقع إلى خارج غزة لإجراء تحليل إضافي، حسبما يقول العطل.
من المقرر أن يعود الرفات إلى وزارة الآثار والسياحة التي تقودها حماس في غزة.
قال إلتر إن المنطقة تحتاج لفريق متخصص للإشراف على النشاط الأثري في غزة، مضيفا: "سكان غزة يستحقون أن يرووا قصصهم. تفتخر غزة بوجود عدد كبير من المواقع الأثرية المحتملة بها، لكن مراقبة كل موقع منها- في ضوء وتيرة التنمية السريعة الحالية - ليس بالأمر الهين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: من الرصاص فی غزة
إقرأ أيضاً:
مدن ولدت من رماد معارك شط العرب
بقلم : كمال فتاح حيدر ..
في خضم المواجهات التي شهدتها الحرب العالمية الأولى في البصرة، تسببت بعض السفن الحربية البريطانية ليلا عبر منعطفات شط العرب قادمة من الفاو، وقطعت مسافة طويلة حتى ألقت مراسيها عند مقتربات جزيرة (أم الخصاصيف) الواقعة قبالة ميناء المحمرة (خرمشهر)، ثم تخندقت شمال الجزيرة، وحفرت مواقعها هناك، فنقلت جنودها ومدافعها إلى اليابسة، وشيدت ملاجئ حصينة لحفظ ذخيرتها ومعداتها. في الوقت الذي كانت فيه سرايا الجيش العثماني التابع لولاية البصرة تتمترس داخل البساتين الواقعة بين مدينة (أبو الخصيب) وجزيرة (البلجانية). فحفرت خنادقها على ضفاف الأنهار، وشيدت ملاجئها ومخازنها بين بساتين النخيل. لكنها كانت واقعة تحت مرمى المدفعية البريطانية، بينما لم تكن المواقع البريطانية بمنأى عن القذائف العثمانية، فالمسافة بينهما لا تزيد على اربعة كيلومترات. .
وقد شهدت الاشتباكات قيام الفرقاطات البريطانية المدرعة بمناورات وغارات مباغتة لضرب المواقع العثمانية، فألحقت بها الخسائر الفادحة. الأمر الذي اضطر القوات العثمانية إلى الانسحاب والتراجع، والانتقال براً إلى منطقة (الشعيبة) الواقعة شمال غرب البصرة. عندئذ اصبحت الفرصة مؤاتية للانجليز والمرتزقة الهنود فتوغلوا بسفنهم في شط العرب، تاركين مواقعهم في جزيرة (أم الخصاصيف)، وكانت وجهتهم صوب مدينة المعقل التي كانت تدعى وقتذاك (كوت الإفرنجي)، وهكذا تحركت السفن البريطانية مخلفة وراءها ذخيرتها التالفة، وخراطيش قنابلها، ومعداتها المعطوبة، وكميات كبيرة من البارود. فهرع الأهالي إلى الجزيرة بحثا عن مخلفات الذخيرة (الرصاص). .
كان الناس يتناقلون الاخبار فيما بينهم عن المواد التي عثروا عليها في الجزيرة التي صار اسمها (ام الرصاص)، وكانت مجاميع اخرى من سكان المنطقة ينبشون الارض في المكان الذي كانت تتجحفل فيه القوت العثمانية، بحثا عن الاموال (الفلوس) التي قيل ان العثمانيين خبئوها ودفنوها في باطن الارض. .
وهكذا جاء الاسم البديل (أم الرصاص) ليحل محل أسم الجزيرة القديم (أم الخصاصيف) والتي ظلت حتى يومنا هذا ملكا صرفا لعائلة بصرية (بيت البچاري). وظهرت لنا تسمية جديدة للمنطقة المحصورة بين ابي الخصيب والبلجانية، حيث صار اسمها (ابو فلوس). .
فالقاعدة اللغوية الدارجة عند اهل البصرة تبدأ في الغالب بسابقة (الأم) أو (الأب)، فيقولون: أم قصر، وأم الحوالي، وأم الدجاج، وأم الرمان، وأم النعاج، وأم المرادم، وأم الرصاص. .
ويقولون: أبو الخصيب، وأبو مغيرة، وأبو الجوزي (اليوزي)، وأبو فلوس. ومنها أيضا في المحيط الجغرافي: أبو غريب، وأبو دشير، وأبو ظبي، وأبو الدنانير. . .