مسقط- العُمانية

اطّلع وفد من وزارة الداخلية بدولة قطر الشقيقة أمس على تجربة سلطنة عُمان في التحول الرقمي للانتخابات، وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها وتستمر مدة يومين .

وقدّم عدد من المختصين بالوزارة عرضًا مرئيًّا شاملًا عن التحول الرقمي للانتخابات، تعرّفوا من خلاله على مراحل العملية الانتخابية والسجل الانتخابي، إلى جانب محطات تطويرية في تقديم القيد ونقل القيد، وأتمتة الخدمات الانتخابية، وتطور طرق التصويت وآلية الفرز.

كما تناول العرض التطور التشريعي لانتخاب أعضاء مجلس الشورى وما يحتويه قانون الانتخاب من أحكام وتعريفات، واللجان التي تُشكّل بموجب هذا القانون، إلى جانب استعراض الخدمات الانتخابية بتطبيق "انتخاب" كخدمة التسجيل بالسجل الانتخابي، ونقل القيد والتظلم على ناخب، والخدمات الخاصة بالمرشحين، وخدمات المشاركة المجتمعية بالتطبيق المتمثلة بالساحة الحوارية وخدمة "صفحتي".

وتطرّق العرض المرئي أيضًا إلى التصويت عن بُعد عبر تطبيق "أنتخب"، وهو تطبيق مخصّص للتصويت، يتميّز بسهولة استخدامه وسرعة أدائه، ويُعد نقلة نوعية وتحولًا رقميًّا في الجانب الانتخابي، كما أنه مزوَّدٌ بالذكاء الاصطناعي.

كما تعرّف الوفد على إدارة العملية الانتخابية إعلاميًّا ودورها في تعزيز التواصل الذي يهدف إلى إيجاد قنوات اتصال آمنة بين المؤسسة والمجتمع المحلي، مستخدمةً مختلف الأدوات والوسائل وقنوات الاتصال للتعريف بالخدمات الانتخابية إعلاميًّا.

وترأس الوفد القطري العقيد جمعة بن علي البوعينين مساعد مدير إدارة الجنسية ووثائق السفر، وعضوية كلٍّ من المقدم مبارك بن علي بن ماجد مساعد إدارة الانتخابات، والرائد محمد بن علي الكواري من الإدارة العامة لنظم المعلومات.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العـَوْدَةُ من عـَتَـبَـةِ المَـوْت

بدر بن خميس الظفري

 

تعرفتُ لأول مرة على مصطلح (Near Death Experience) وتعني "تجربة الاقتراب من الموت" وتختصر ( (NDE، من الزميل سليمان البُحري، محرر ومذيع الأخبار الإنجليزية في الإذاعة، حين أرسل لي رابطًا لمقطع على منصة يوتيوب ترجمة عنوانه: "ملحدة ماتت ووجدت حياة بعد الموت".

كان العنوان مثيرا جدا، وشغل بالي منذ ذلك الحين، فشاهدت المقطع، الذي كان بمثابة باب انفتح على عالم غريب، يقف على تخوم الحياة والموت، ويتأرجح بين العلم والروح، وبين المعلوم والمجهول.

تسرد نانسي راينز، بطلة هذا المقطع، كيف غادرت روحها جسدها إثر حادث سير مروّع، لترى المشهد من مكان عالٍ، قبل أن تنجذب، كما تصفُ، إلى فضاء مشرق بالنور والطمأنينة، وتستقبلها كائنات من نور، تُشع حبًا وسكينة. هناك، عُرضَ شريط حياتها أمام عينيها لحظة بلحظة، وكأنها على موعد مع حساب ذاتي صامت. نانسي كانت ملحدة لم تؤمن بأي معتقد، لكنها عادت من تلك التجربة تحمل في روحها نورًا جديدًا، ويقينًا لم تألفه من قبل.

في البداية، قد تبدو هذه التجربة استثناءً غريبًا، أو حكاية عابرة من حكايات ما وراء الطبيعة، لكنّ التأمل في آلاف الحالات الموثقة التي تشبه هذه التجربة، يكشف عن بنية مكرّرة وعناصر تتكرر بتشابه مدهش، فهناك شعور بالخروج من الجسد، والمرور عبر نفق مظلم، ورؤية ضوء ساطع، ولقاء كائنات نورانية، ومراجعة للحياة الماضية، وشعور بالسلام والطمأنينة، ثم العودة إلى الجسد. وتتكرر هذه التجربة لدى أشخاص من خلفيات دينية وثقافية وعرقية متباينة، بل حتى لدى الأطفال أو أشخاص لا يؤمنون بأي معتقد روحي. فهل هي مجرد هلوسة عصبية؟ أم أننا أمام ظاهرة تتحدى الفهم التقليدي للوعي والموت؟

من أبرز من درسوا هذه الظاهرة العالم الأمريكي الدكتور ريموند مودي، الذي صاغ مصطلح "تجربة الاقتراب من الموت" (NDE) في سبعينيات القرن العشرين. في كتابه الشهير "الحياة بعد الحياة" الصادر عام 1975، جمع مودي شهادات لأشخاص مرّوا بتجربة الموت السريري، ورصد نمطًا متكررًا من التجارب، دون أن يحاول تأطيرها ضمن منظومة دينية أو علمية قاطعة، وكانت ملاحظاته الأولى دعوة للعلماء إلى أخذ هذه التجارب على محمل الجد، بوصفها ظواهر نفسية وروحية متكررة تستحق التأمل، وليست خرافات أو هلوسات.

لاحقًا، جاء الباحث الأمريكي الدكتور بروس غرايسون، أستاذ الطب النفسي في جامعة فيرجينيا، ليمنح هذا المجال بعدًا علميًا أكثر دقة، فوضع عام 1983 ما يُعرف بـ"مقياس غرايسون لتجربة الاقتراب من الموت"، لقياس عمق وخصائص هذه التجارب. وقد لاحظ أن كثيرًا من الحالات التي درسها حدثت أثناء توقف النشاط الكهربائي للدماغ، ما يعني أن الدماغ كان في حالة عجز تام عن توليد الوعي حسب الفهم الطبي التقليدي. ورغم ذلك، تحدث المرضى، بعد نجاتهم من الموت، عن تجارب واعية واضحة، بل غنية بالمشاعر والمعاني، وأحيانًا تزامنت أقوالهم مع وقائع حدثت أثناء غيبوبتهم.

حاولت بعض النظريات العصبية تفسير هذه الظاهرة بفرضيات كنقص الأوكسجين، أو إفرازات غير طبيعية من الغدة الصنوبرية التي تفرز مركب (ثنائي ميثيل تريبتامين)، وهو مركب مهلوس يُعتقد أنه مسؤول عن رؤى مشابهة. لكن كثيرًا من التجارب حصلت في ظروف لم تشهد نقصًا في الأوكسجين، أو في حالات خضع أصحابها لمراقبة صارمة لم تُظهر مؤشرات فيزيولوجية تؤيد هذه التفسيرات.

بل إن هذه التجارب، في بعض وجوهها، تتجاوز ما يمكن أن تسببه مادة كيميائية. كيف نفسّر أن شخصًا أميًّا يرى نفسه يقرأ كتابًا؟ أو أن طفلًا في الخامسة يصف مشهد غرفة العمليات بدقة لا يمكن أن يعرفها؟ بل الأهم من كل هذا، لماذا تؤدي هذه التجارب إلى تغييرات جذرية طويلة المدى في سلوك الأفراد وقيمهم ونظرتهم للحياة والموت؟

هنا تبرز الأسئلة الفلسفية الكبرى. هل الوعي مجرّد إفراز من الدماغ، كما يرى الماديون؟ أم أن العقل كيان مستقل، يتصل بالجسد حينًا وينفصل عنه حينًا، كما ذهب الفيلسوف رينيه ديكارت في نظريته الثنائية؟ في ضوء هذه التجارب، باتت نظرية ديكارت تستعيد شيئًا من بريقها. ويذهب بعض الفلاسفة المعاصرين إلى ما هو أبعد من ذلك، مقترحين أن الدماغ ليس منتِجًا للوعي، بل مُرسِلًا أو مستقبلًا له، كما تستقبل الإذاعة البث من الخارج دون أن تنتجه.

أما على الصعيد الروحي، فتتقاطع هذه التجارب بشكل مدهش مع ما ورد في الأدبيات الصوفية. تحدّث ابن عربي، الفيلسوف والمتصوف الأندلسي المعروف بـ"الشيخ الأكبر"، عن "الفناء في النور"، حيث يفقد الإنسان شعوره بالذات ويندمج في نور الحق. وكتب السهروردي، مؤسس فلسفة الإشراق وصاحب الرؤى الرمزية حول عوالم النور، عن "العروج إلى العوالم النورانية"، وهي حالات تأملية يشهد فيها السالك مشاهد غير مادية تُكشف له بالبصيرة. وذكر الجنيد البغدادي، أحد أوائل منظّري التصوف في بغداد، حالات من الانفصال عن الجسد والعودة إليه، كأنها سفرات روحية مؤقتة يعيشها القلب في غيبته عن الدنيا. ورغم اختلاف اللغة والتأويل، إلا أن الجوهر يبدو مشتركًا، وهو أن الإنسان، في لحظة صفاء أو موت أو غياب، يعبر حدود الحس ويتصل بعالم أرحب، يتجاوز المادة، ويوقظ فيه معنى أسمى للوجود.

ومن اللافت أن هذه التجارب لا تقتصر على مؤمنين أو متدينين، بل يخوضها كثير من الملحدين أو اللادينيين، ويعودون منها وقد تبدلت نظرتهم للحياة والوجود والمصير. إنها تجارب شخصية شديدة الخصوصية، لكنها تتقاطع على نحو مدهش مع تجارب الآخرين، وكأنها لغة كونية عابرة للأديان والثقافات.

ورغم أن العلم لم يقدّم حتى الآن تفسيرًا حاسمًا لهذه الظاهرة، فإن حجم الشهادات، واتساقها، وتأثيرها العميق في الأفراد، يجعل من الصعب تجاهلها أو تسفيهها. هي دعوة لإعادة التفكير في حدود العلم، وفي طبيعة الوعي، وفي معنى الموت، وربما أيضًا في سرّ الحياة.

إن العودة من عتبة الموت هي شهادة وجودية على أن الإنسان كيان أعمق مما نظن، وأن لحظة "النهاية" قد تكون بداية نوع آخر من الإدراك، لا ندرك كنهه تمامًا، لكنه يوقظ فينا السؤال الكبير: هل نموت حقًّا؟ أم نولد من جديد على نحو لا نتصوره؟

 

 

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • وزير الإنتاج الحربي يؤكد أهمية تطبيق نظم المعلومات الحديثة لدعم التحول الرقمي بالوزارة
  • بعد أنباء رحيل وسام.. أشرف داري يقترب من مغادرة الأهلي وسط اهتمام قطري وسعودي
  • التحول الرقمي.. رافعة الإصلاح الإداري والاقتصادي في سوريا
  • العـَوْدَةُ من عـَتَـبَـةِ المَـوْت
  • التحول الرقمي في المؤسسات… محاضرة لوزارة الأشغال العامة والإسكان السورية
  • السايح يناقش مستجدات العملية الانتخابية في بلدية جنزور مع عضوين بالنواب والدولة
  • الكارت الموحد.. بطاقة ذكية تقود التحول الرقمي وتُعيد رسم خريطة الدعم في مصر
  • الكارت الموحد.. خطوة استراتيجية نحو التحول الرقمي وتحقيق العدالة الاجتماعية
  • مركز جمعة الماجد يناقش التحول الرقمي في مؤسسات المعلومات
  • غرفة المدينة المنورة تنظّم ورشة عمل حول التحول الرقمي في التسويق العقاري