إلى أي مدى يمكن أن تنأى واشنطن بنفسها عن بكين؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
يبدي أمريكيون كثر، بمن فيهم أولئك المتحمسين بشدة للعولمة، غضبهم من التجارة مع الصين، ولكن ثمة خطر متزايد أن تعمد الولايات المتحدة الساعية في حل مشاكلها مع الصين، الى التراجع كثيراً، وتشدد العلاقات الاقتصادية التي تعود بفوائد على عائلات أمريكية وتساهم في السلام والاستقرار العالميين.
هذا ليس الوقت المناسب لتعزل الولايات المتحدة نفسها عن العالم
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن "المشاكل التي تشوب العلاقة بين البلدين حقيقية، مشيرةً إلى أن إعانات الدعم الصينية كانت سبباً في ضياع الملايين من فرص العمل في قلب أمريكا الصناعي.
ورأت الافتتاحية أن الحاجة تستدعي قواعد جديدة، مشيرة إلى أن قلة قليلة من الزعماء الأمريكيين مستعدون لملاحظة أن مواطنيهم يستفيدون أيضاً من التجارة مع الصين، وأن البلدين متشابكان اقتصادياً شاؤوا أم أبوا.. فقد اشترى الأمريكيون ألعاباً ومعدات رياضية صينية العام الماضي بلغت قيمتها 40 مليار دولار، وباع مزارعو فول الصويا في أعالي الغرب الأوسط الأمريكي حبوبهم بمبلغ قياسي للصين بلغ 16.4 مليار دولار، وتجني شركة إنتل أرباحاً مهولة من الرقائق المتواضعة التي تصنعها وتبيعها في الصين، لتمويل الرقائق المتقدمة التي تبيعها في أمريكا.. وخرج مئات الملايين من الصينيين من قاع الفقر بفضل التجارة العالمية، وأمسوا مستهلكين للسلع والخدمات الأمريكية.
أولوية إدارة بايدنولفتت الافتتاحية إلى أن أولوية إدارة بايدن في تعاملها مع الصين هي الأمن القومي، فقد شدد بايدن على الحاجة إلى الحد من وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة ذات التطبيقات العسكرية، والأمر التنفيذي الذي وقّعه بايدن مؤخراً ويقيد الاستثمار الأمريكي في الشركات الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات والحوسبة الكمومية تدخل محسوب وضروري، حسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السياسيين المتشددين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والشركات الأمريكية المستفيدة من السياسات الحمائية، يضغطون من أجل تنفيذ خفض أكبر في التعاملات التجارية مع الصين.
"The U.S. Is Pulling Back From China. How Far Is Too Far?" by The Editorial Board via NYT https://t.co/4p8I83b5jE #AI
— Erik Hamburger (he/him) ???????? #StandWithUkraine (@AmbidexterMan) September 23, 2023وتصف إدارة بايدن نهجها تجاه القيود التجارية بـ "الساحة الصغيرة ذات السياج العالي"، ما يعني أنها تسعى إلى تقييد وصول الصين إلى عدد محدود من التقنيات المتقدمة.. غير أن بعض القيود التجارية، ولا سيما تلك التي استحدثها ترامب وأبقى عليها بايدن، تتجاوز المدى وتفرض تكاليف باهظة على الأسر الأمريكية من دون فائدة كبيرة لها أو للأمن القومي.
وخلال زيارة وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو الأخيرة للصين، أصدرت شركة هواوي الرائدة بشكل مستفز، على حد وصف الصحيفة، هاتفاً ذكياً جديداً مدعوماً بشريحة متقدمة مصنوعة في الصين باستخدام تقنية وآلات أمريكية.. فأرسلت مجموعة من الجمهوريين رسالة إلى إدارة بايدن مستشهدة بإصدار الهاتف بوصفه دليلاً على الحاجة إلى قيود أكثر صرامة على استخدام الصين للرقائق المتقدمة.
غير أن الصحيفة ترى أن قدرة الصين على صنع هواتف ذكية لا تهدد الأمن القومي الأمريكي، وقالت إن لدى أمريكا مصلحة مشروعة في الحد من وصول الصين إلى التقنية العسكرية، لا في منع الصينيين من التحقق من البريد الإلكتروني.
وقالت الافتتاحية إن الدفاع عن التجارة مشحون نوعاً ما بالسياسة، لأن كثيراً من القادة الأمريكيين قللوا من أثر صعود نجم الصين على العمالة الأمريكية، وأخفقوا في ضمان تقاسم الفوائد على نطاق واسع.
وتشير دراسة حديثة إلى أن الأمريكيين الأصغر سناً أكثر تشككاً من الأجيال السابقة في أن التجارة مفيدة لطرفي التعاون التجاري، وهذا جزء من تحول أوسع نطاقاً نحو التفكير بمنطق المحصلة الصفرية، وهو الاعتقاد بأن المكاسب التي تجنيها مجموعة ما تأتي عادة على حساب مجموعة أخرى.
Our ginseng industry depends on China for survival,like it or not.
The U.S. Is Pulling Back From China. How Far Is Too Far? https://t.co/6YxMIBjcGy
وعدّت الصحيفة هذا الأمر دليلاً على أن الأجيال الشابة تشعر بالمرارة، ولا يستطيع صناع السياسات إعادة بناء الدعم للتجارة سوى بالتعامل مع إخفاقات الماضي.
لا لعزل أمريكا عن العالمواختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "يريد بعض الساسة الأمريكيين استغلال اعتماد الصين على بلادهم لتقويض نموها الاقتصادي، وذلك بحرمانها من التقنيات التي تحتاج إليها.. غير أن المسار الأفضل هو التركيز على الحد من وصول الجيش الصيني، لا اقتصاد الصين ككل، إلى التقنيات الأمريكية.. تعلم الصين أنه يستحيل أن تعزل نفسها عن العالم، وهذا ليس الوقت المناسب لتعزل الولايات المتحدة نفسها عن العالم أيضاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الولایات المتحدة إدارة بایدن عن العالم مع الصین إلى أن
إقرأ أيضاً:
من واشنطن إلى لوس أنجلوس.. الغضب يجتاح أمريكا ضد قانون المليارديرات
تستعد الولايات المتحدة اليوم لموجة احتجاجات واسعة النطاق، تزامنًا مع عطلة الرابع من يوليو، وذلك على خلفية تمرير الكونجرس ما يعرف بـ"قانون ترامب الجميل" الذي يوسع التخفيضات الضريبية لصالح أصحاب المليارات، في خطوة أثارت غضبًا شعبيًا متصاعدًا ودفعت العديد من المدن إلى إلغاء احتفالات الاستقلال.
ويتوقع أن تكون هذه المظاهرات، التي تبدأ اليوم الجمعة، من أكبر التحركات الشعبية منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير الماضي، لا سيما بعد إقرار القانون المثير للجدل أمس الخميس، والذي من المقرر أن يوقعه ترامب رسميًا خلال احتفالات يوم الاستقلال.
غضب شعبي.. وتضامن متعدد القضاياوقال نيك سوس، العضو في شبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية في شيكاجو:
"نتوقع موجة من الغضب في جميع أنحاء البلاد، وخصوصًا في مدن مثل شيكاجو التي تقف في مواجهة مستمرة مع سياسات إدارة ترامب، لا سيما ممارسات وكالة الهجرة والجمارك".
وأضاف سوس أن القانون الجديد يتزامن مع خفض كبير في مخصصات البرامج الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي ودعم الغذاء، ما يهدد شرائح واسعة من المجتمعات الفقيرة والمهمشة. وأشار إلى أن الاحتجاجات تظهر تزايد الوعي بترابط القضايا بين مختلف الحركات الاحتجاجية، رغم تباين خلفياتها.
وفي ظل هذا التوتر، ألغت عدة مدن فعالياتها المعتادة ليوم الاستقلال. فقد أعلنت مدينة إيست لوس أنجلوس ومدينة بيل جاردنز في ولاية كاليفورنيا – ذات الأغلبية من السكان ذوي الأصول اللاتينية – إلغاء جميع الفعاليات المرتبطة بالرابع من يوليو، خشية من مداهمات محتملة تنفذها قوات ICE ضد المهاجرين.
وأكدت إدارة الحدائق والترفيه في مقاطعة لوس أنجلوس في بيان نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "بدافع الحذر، وردًا على نشاطات إنفاذ الهجرة الأخيرة التي تؤثر على مجتمعاتنا، فإننا نضع سلامة السكان والزوار والعاملين في المقام الأول".
بين الاستقلال والاعتراضوتأتي هذه الاحتجاجات بعد أقل من شهر على مظاهرات "لا للملوك" التي خرجت في 14 يونيو الماضي، في الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأمريكي، والتي اعتبرها المتظاهرون آنذاك عرضًا سلطويًا لتكريس حكم ترامب.
ويرى مراقبون أن قانون ترامب الجديد يرسخ الفجوة الطبقية، ويهدد منظومة الرعاية الاجتماعية الأمريكية، في وقت تتصاعد فيه حدة الاستقطاب السياسي والعرقي في البلاد.
وبينما ترفع الرايات في ذكرى الاستقلال، تتجدد الدعوات في شوارع واشنطن ونيويورك وشيكاجو ولوس أنجلوس لـ"استقلال جديد من الاستغلال"، بحسب وسم متداول على وسائل التواصل.