عودة إيران إلى الساحة الدولية… نجاح زائف؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
إعداد: بهار ماكويي إعلان اقرأ المزيد
بعد مرور عام على وفاة مهسا أميني التي أثارت احتجاجات واسعة مناهضة للسلطة في إيران، بدأت الجمهورية الإسلامية تعود إلى الساحة الدولية، حيث استأنفت علاقاتها مع العديد من منافسيها السابقين.
وعلى الرغم من التقارير العديدة الواردة من المنظمات غير الحكومية واعتراضات المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتي تتهمها بارتكاب انتهاكات خطيرة بهذا المجال، يبدو أن السلطة الإيرانية أصبحت مقبولة من جديد.
"إن أدوات لغة طهران تقدم إيران على أنها دولة لم تعد معزولة، وتتحاور مع جيرانها الإقليميين، دولة تضع نفسها في منطق بناء"، كما يحلل ديفيد ريغوليت روز، الباحث المشارك في معهد إيريس (معهد الدراسات الدولية والعلاقات الاستراتيجية في باريس) ورئيس تحرير مجلة "أوريون ستراتيجيك"، "لكن هذا منطق استعراضي إلى حد كبير".
اقرأ أيضاالبرلمان الإيراني يصادق على قانون يشدد العقوبة على النساء اللواتي ينتهكن قواعد اللباس بالأماكن العامة
ففي 22 سبتمبر/أيلول، أعلنت إيران على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنها ستعيد علاقاتها الدبلوماسية مع جيبوتي صباحا، ومع المالديف مساء. كل ذلك بعد أكثر من سبع سنوات من القطيعة. ويأتي هذا التقارب بعد أشهر قليلة من إبرام الدولة ذات الأغلبية الشيعية والمملكة العربية السعودية ذات الأغلبية السنية المصالحة بينهما بموجب اتفاق توسطت فيه الصين.
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران بعد الهجوم على سفارتها في طهران في يناير/كانون الثاني 2016، عقب إعدام شخصية شيعية في السعودية. وحذت حذوها جزر المالديف، وهي أرخبيل في المحيط الهندي، ودول أخرى في الجامعة العربية، كدليل على التضامن.
واجهة الاسترضاء مع الولايات المتحدةضربة دبلوماسية أخرى تحققت هذا الخريف، حيث نجحت إيران في التوصل مع الولايات المتحدة إلى اتفاق يسمح للجمهورية الإسلامية باستعادة أموالها المجمدة البالغة ستة مليارات دولار. وتم تحويل المبلغ في 18 سبتمبر/أيلول عبر قطر، مقابل إطلاق سراح خمسة مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران.
وفي نظر بعض الخبراء ووسائل الإعلام الأمريكية، فإن هذا الاتفاق من شأنه أن يُظهر استرضاء نسبيا بين البلدين. حتى أن قناة "سي إن إن" قالت إن "الإفراج عن الأمريكيين يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات من المفاوضات غير المباشرة والمعقدة بين واشنطن وطهران".
لكن الحكومة الأمريكية أرادت التقليل من أهمية الحدث. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن الاتفاق "لم يغير علاقتنا مع إيران بأي شكل من الأشكال". إن هذا التوافق، الذي تم وضعه في سياق قضية تبادل الرهائن، لا يشكل بأي حال من الأحوال حكما مسبقا على حوار جديد بين الأمريكيين والإيرانيين، وخاصة فيما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية. وذكّر الرئيس الأمريكي جو بايدن في 19 أيلول/سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن واشنطن لا تزال "ثابتة في التزامها بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي أبدا".
كما أصرت الولايات المتحدة على أن هذه المليارات الستة التي تم رفع الحظر عنها لا تشكل "شيكا على بياض" مقدما لإيران، وأن استخدامها سيتم تحت "رقابة صارمة"، هي موجهة "لأغراض إنسانية" فقط. في حين أكدت طهران من جانبها أن لديها إمكانية استخدام هذه الأموال بطرق أخرى وليس لشراء الدواء والغذاء فقط.
إيران في حالة هشاشة داخليةمع ذلك، وبعيدا عن النجاح الذي أظهرته طهران، فإن هذا الاتفاق، وكذلك التقارب مع المملكة العربية السعودية، يكشف قبل كل شيء عن "مخاوف القوة الإيرانية التي تجد نفسها في وضع داخلي يحتمل الانهيار"، كما يشير ديفيد ريغوليت روز.
وأوضح الباحث قائلا إن "كانت طهران هي الطرف الذي أصر على الحصول على الاتفاق مع الرياض - منافستها الاستراتيجية، لأن القوة الإيرانية شعرت بالضعف الداخلي بعد المظاهرات [بعد وفاة مهسا أميني]، ولأن الخنق بسبب العقوبات الاقتصادية أصبح قويا للغاية". "... لذلك كان عليها تخفيف التوترات مع الخارج. لم تكن قادرة على تحمل البقاء في عزلة مع الخارج بالوقت الذي تواجه فيه زعزعة للاستقرار من الداخل".
اقرأ أيضاالاتحاد الأوروبي يدعو إيران إلى التراجع عن سحب اعتماد مفتشين لبرنامجها النووي
بالنسبة لهذا المتخصص في منطقة الشرق الأوسط، فإن وضع الصيغة النهائية لاتفاقية تبادل الأسرى تم قبل كل شيء وفق "منطق تبادلي" و"ليس بالضرورة دليل انفراج في العلاقات". وأضاف: "إنه يثبت شيئا واحدا فقط: أن قنوات الاتصال بين طهران وواشنطن ليست معطلة تماما".
أما على الأرض فالواقع مختلف. يذكر ديفيد ريغوليت روز أنه "في الخليج [الفارسي]، زادت الولايات المتحدة من مستوى وجودها العسكري هذا الصيف، لا سيما لتلبية توقعات حلفائها في المنطقة"، من خلال الإعلان عن إرسال سفن حربية وطائرات مقاتلة لردع طهران عن مهاجمة ناقلات النفط التي تعبر مضيق هرمز، وهي منطقة بحرية ذات أهمية استراتيجية كبيرة.
علاوة على ذلك، فإن العقوبات الأمريكية ضد طهران أصبحت سارية أكثر من أي وقت مضى وتستمر في إلحاق الضرر بالحكومة الإيرانية. وبالتالي، فإن إيران التي قدمت انضمامها إلى معسكر البريكس إلى جانب السعودية، المقرر في الأول من كانون الثاني/يناير 2024، باعتباره "نجاحا استراتيجيا"، لن تتمكن حقا من جني الفوائد التجارية طالما بقيت تحت العقوبات الأمريكية، بحسب ديفيد ريغوليت روز.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: ناغورني قره باغ الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الولايات المتحدة إيران الأمم المتحدة للمزيد دبلوماسية عقوبات مجموعة بريكس رهائن الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
تقرير يكشف طرد إيران لنحو نصف مليون أفغاني خلال 16 يوما منذ الصراع مع إسرائيل
(CNN)-- طُرد أكثر من نصف مليون أفغاني من إيران خلال 16 يومًا منذ انتهاء الصراع مع إسرائيل، وفقًا للأمم المتحدة، فيما قد يكون أحد أكبر عمليات التهجير القسري للسكان هذا العقد.
ولشهور، أعلنت طهران عن نيتها ترحيل ملايين الأفغان غير الموثقين الذين يعملون بأجور زهيدة في جميع أنحاء إيران، وغالبًا في ظروف صعبة.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة أن 508,426 أفغانيًا غادروا إيران عبر الحدود الإيرانية الأفغانية بين 24 يونيو و9 يوليو.
وعبر 33,956 أفغانيًا، الأربعاء، و30,635، الثلاثاء، بعد أن بلغ العدد ذروته، الجمعة، عند 51,000، قبل انتهاء المهلة التي حددتها إيران، الأحد، لمغادرة الأفغان غير الموثقين.
وازدادت وتيرة عمليات الترحيل، وهي جزء من برنامج أعلنته إيران في مارس/ اذار بشكل كبير منذ الصراع الذي استمر 12 يومًا مع إسرائيل، مدفوعةً بمزاعم لا أساس لها من الصحة عن تجسس أفغان لصالح إسرائيل قبل الهجمات وأثناءها.
ولم تظهر أدلة تُذكر تدعم مزاعم مساعدة المهاجرين الأفغان لإسرائيل، مما دفع المنتقدين إلى القول إن إيران تُحقق ببساطة طموحًا راسخًا لتقليص عدد سكانها الأفغان غير الشرعيين وتركيز المعارضة الداخلية على أقلية ضعيفة.
ويعيش العائدون ظروفا قاسية، حيث تصل درجات الحرارة إلى 104 درجة فهرنهايت، أو 40 درجة مئوية، في حين تكافح مراكز الاستقبال على الحدود الأفغانية من أجل تلبية الاحتياجات.
وصرحت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، ميهيونغ بارك، لشبكة CNN ، الثلاثاء: "هناك آلاف الأشخاص تحت الشمس - وأنتم تعلمون مدى شدة الحر في هرات، إنه أمرٌ مُريع، كان الأسبوع الماضي حافلاً للغاية"، مضيفة أن نصف العائدين هذا العام وصلوا منذ الأول من يونيو، حيث وصل 250 ألفًا في أسبوع واحد من يوليو.
وكانت باريسا، البالغة من العمر 11 عامًا، تقف مع والديها وهي تصف خبر إخبارها بعدم قدرتها على الالتحاق بالمدرسة هذا العام، مما يُنذر بترحيل عائلتها، إذ يُحظر تعليم الفتيات في أفغانستان في ظل حكم طالبان، وقالت: "قضينا ست سنوات في إيران قبل أن يُطلب منا التقدم بطلب للحصول على خطاب الخروج ومغادرة إيران. كانت لدينا وثيقة إحصاء رسمية، لكنهم طلبوا منا مغادرة إيران فورًا".
وقد أثار الارتفاع المفاجئ في عمليات الترحيل ومزاعم تجسس الأفغان إدانة دولية، إذ نشر المقرر الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان، ريتشارد بينيت ، على منصة إكس (تويتر سابقا) هذا الأسبوع: "احتجز مئات الأفغان وأفراد الأقليات العرقية والدينية في إيران بتهمة التجسس، كما وردت تقارير عن تحريض على التمييز والعنف في وسائل الإعلام التي تصف الأفغان والأقليات بالخونة وتستخدم لغة مهينة".
من جهتها قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، في الأول من يوليو/ تموز، وفقًا لرويترز: "لطالما سعينا جاهدين لنكون مضيفين جيدين، لكن الأمن القومي أولوية، ومن الطبيعي أن يعود المقيميون غير الشرعيين"، في حين بثت وسائل الإعلام الرسمية لقطات لـ"جاسوس" أفغاني مزعوم لإسرائيل يعترف بالعمل مع أفغاني آخر كان يقيم في ألمانيا.
وأضافت: "في الأسبوع الماضي، كان هناك حوالي 400 طفل غير مصحوبين بذويهم ومنفصلين عنهم - وهذا عدد كبير".
وتُظهر لقطات من معبر إسلام قلعة الحدودي مئات المهاجرين ينتظرون إجراءاتهم ونقلهم، غالبًا في ظل حرارة الصيف الأفغانية اللافحة، وعاش الكثيرون منهم لسنوات في إيران، غالبًا في ظروف شبه دائمة رغم افتقارهم إلى الوثائق، ووجدوا أن حياتهم قد هُزمت في دقائق معدودة في حملة القمع الأخيرة.
وقال بشير، وهو في العشرينيات من عمره، في مقابلة من بلدة حدودية في غرب أفغانستان، إن الشرطة احتجزته في طهران واقتادته إلى مركز احتجاز، قائلا: "في البداية، أخذوا مني عشرة ملايين تومان (حوالي 200 دولار أمريكي)، ثم أرسلوني إلى مركز الاحتجاز حيث احتُجزتُ ليلتين وأجبروني على دفع مليوني تومان إضافيين (50 دولارًا أمريكيًا)، في مركز الاحتجاز، لم يُقدموا لنا طعامًا أو ماءً للشرب، كان هناك حوالي 200 شخص، وكانوا يضربوننا ويعتدون علينا".
ويدعي الجاسوس المزعوم: "اتصل بي ذلك الشخص وقال إنه يحتاج إلى معلومات عن مواقع معينة، طلب بعض المواقع، فزودته بها، كما تلقيت منه 2000 دولار"، لم يُحدد التقرير هوية الجاسوس المزعوم أو يُقدم أدلة تدعم ادعائه.
كما نشرت وسائل الإعلام الرسمية لقطات لشرطة طهران وهي تُلقي القبض على مهاجرين، حددهم المراسل على أنهم في الغالب أفغان، بينما كان ضباطها يطاردون المشتبه بهم في الحقول المفتوحة.
ويُنقل المُرحّلون المحتملون إلى حافلات ويُقتادون قسراً من المركبات إلى جهة مجهولة.
ويسأل مراسل التلفزيون الرسمي في اللقطات أحد أصحاب عمل المهاجرين غير الشرعيين المزعومين في طهران: "لماذا وظفت الأفغاني؟ إنه مخالف للقانون"، فيُجيب صاحب العمل المزعوم: "أعلم! لكن عليّ أن أدفع لهم حتى يتمكنوا من العودة، إنهم يريدون العودة وينتظرون الحصول على رواتبهم".