يرى خبراء أن التطبيع المحتمل للعلاقات بين السعودية وإسرائيل سيؤدي إلى حالة أكبر من الاستبداد والقمع في الدول العربية وسيتعارض مع هدف الولايات المتحدة المتمثل في تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، بحسب عمر فاروق في تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).

فاروق قال، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه خلال المؤتمر السنوي الثامن لـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدرسات في العاصمة الأمريكية أمس الثلاثاء، ناقش خبراء في سياسة الشرق الأوسط طبيعة اتفاق التطبيع المحتمل بين الرياض وتل أبيب، وهو هدف رئيسي لإدارة الرئيس الامريكي جو بايدن.

وبزعم السعي إلى إرساء الاستقرار في المنطقة، تتوسط إدارة بايدن منذ أشهر في صفقة التطبيع المحتمل، متابعةً لوساطة إدارة سلفه دونالد ترامب (2017-2021) الناجحة في اتفاقيات مماثلة بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والمغرب.

ومتحدثا عن التطبيع المحتمل، اعتبر نادر الهاشمي، مدير مركز الوليد للتفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون، أنه "تشويه هائل للواقع بالنسبة لأي شخص قضى أي وقت في المنطقة".

وتابع: "إنها كارثة سياسية في أسوأ الأحوال من شأنها أن تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط."

الهاشمي رأي أن "هذه الصفقات، التي تدعمها السياسة الخارجية الأمريكية، تعتمد على استمرار الأنظمة القمعية الاستبدادية في الشرق الأوسط، في حين تتجاهل التطلعات الأساسية لشعوب المنطقة إلى الحرية السياسية والحكومة المسؤولة وتقرير المصير".

اقرأ أيضاً

بسبب تغريدات دعم للمعتقلين.. السعودية تسجن طالبة لمدة 18 عاما

هدف بايدن

وخلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية بُثت الأسبوع الماضي، صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأنهم يقتربون "كل يوم" من اتفاق التطبيع.

واعتبر الخبراء أن الدفع نحو التطبيع، الذي قد يؤدي إلى تنازلات للسعودية بينها مساعدة أمريكية في تطوير برنامج نووي مدني، "يتعارض مع هدف إدارة بايدن المعلن المتمثل في تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم"، بحسب فاروق.

وقال الهاشمي إن "الأنظمة الاستبدادية آخذة في الصعود في كل مكان، في حين تتعرض جماعات المعارضة الديمقراطية والمجتمعات المدنية وحركات الاحتجاج الاجتماعية للقمع الشديد، خاصة في العالم العربي".

فيما قالت دانا الكرد، الأستاذة المساعدة في جامعة ريتشموند، إنه في الأشهر والسنوات التي أعقبت "اتفاقيات إبراهيم" للتطبيع التي توسطت فيها إدارة ترامب، "قمعت حكومات المنطقة بشكل أكبر الجهود المؤيدة للديمقراطية في العالم العربي".

الكرد تابعت أن "اتفاقيات إبراهيم (...) لا تعالج الأسباب الهيكلية للعنف، وتعتمد على إكراه الدولة لتنفيذها".

و"نظرا لانتشار المشاعر المؤيدة للفلسطينيين في مختلف أنحاء المنطقة، فإن سحق الحركات المؤيدة للديمقراطية والأصوات المؤيدة للفلسطينيين يسير جنبا إلى جنب"، وفقا لفاروق.

وقالت الكرد إن "الرأي العام العربي مؤيد للفلسطينيين. وقد تم تأكيد ذلك عدة مرات بعدد من الدراسات المختلفة".

وأضافت أنه "عندما تتابع الأنظمة صفقات التطبيع مع إسرائيل، غالبا مع الكثير من الضجة والدعم الأمريكي، فإنها تعلم أنها تفعل شيئا لا يحظى بشعبية. وهم يعلمون أنه حتما، سيكون هناك مستوى معين من الانشقاق والمعارضة الصريحة، وهو أمر من وجهة نظرهم سيتطلب حينها القمع".

اقرأ أيضاً

بعد السعودية.. تقديرات عبرية بحدوث طوفان تطبيع من دول إسلامي مع إسرائيل

قمع عابر للحدود

الكرد أعربت أيضا عن مخاوفها من أن تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإسرائيل يمكن أن يؤدي إلى تورط الحكومات العربية بشكل متزايد في القمع العابر للحدود الوطنية.

وفي وقت سابق من العام الجاري، أصدرت مجموعة "مبادرة الحرية"، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، تقريرا جاء فيه أن مصر والسعودية أصبحتا أكثر تطورا وجرأة لاستهداف المنتقدين والمعارضين المقيمين على الأراضي الأمريكية.

وأفاد التقرير بأن أكثر من ثلثي الأشخاص الـ72 الذين تمت مقابلتهم، والذين تربطهم علاقات شخصية أو مهنية بمصر والسعودية، قالوا إنهم تعرضوا لأعمال قمع.

وكان برنامج التجسس الإسرائيلي "بيجاسوس" أداة أساسية للدبلوماسية الإسرائيلية في منطقة الخليج، إذ اشترت الإمارات في 2013 هذا البرنامج سيئ السمعة للتجسس على معارضين وصحفيين وناشطين، واشترته السعودية في 2017، أي قبل سنوات من بدء الحديث عن التطبيع بين البلدين، بحسب التقرير.

وقالت الكرد إن "ما يحدث هو تكثيف لهذه الجهود، وقد شهدنا انتشارا للتكنولوجيات العدوانية، ليس فقط فيما يتعلق بأنظمة الدفاع والمساعدات العسكرية، ولكن أيضا فيما يتعلق بالمراقبة".

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: التطبيع الخليجي الإسرائيلي يدعم القمع في المنطقة

فصل عنصري

"كما أن تطبيع إسرائيل مع الدول العربية يعمل أيضا على تشجيع معاملة إسرائيل للفلسطينيين، والتي اعتبرتها العديد من جماعات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة فصلا عنصريا"، كما أضاف فاروق.

وتابع أن "الإمارات والدول الأخرى المعنية وصفت اتفاقيات التطبيع، خلال إدارة ترامب، بأنها خطوة من شأنها تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة. لكن خلال أسابيع من الصفقة، وافقت إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة".

وعلنا، ترهن السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة، غير أنه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة للترويج لإسرائيل، أظهرت الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة كجزء من إسرائيل في 1948 (عام إقامة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة)، كما زاد فاروق.

وخلال مؤتمر الثلاثاء، قالت حنان عشراوي، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطيني، إن "كل هذه الأمور أدت إلى وضع لا تتشجع فيه إسرائيل فحسب، بل تُكافأ. والعالم العربي في حالة من الفوضى".

وشددت على أن "إسرائيل في قبضة ثيوقراطية عرقية فاشية ومتعطشة للدماء وتتحدى العالم أجمع، ومع ذلك هناك اندفاع مجنون ونهج مهووس للتطبيع معها".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: التطبيع الخليجي الإسرائيلي يدعم القمع في المنطقة

المصدر | عمر فاروق/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل السعودية تطبيع قمع ديمقراطية التطبیع المحتمل فی المنطقة مع إسرائیل اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

ترامب يدرس فرض عقوبات على روسيا بعد تدهور علاقته مع بوتين

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرس فرض عقوبات على روسيا، بعد تدهور علاقته مع الرئيس فيلاديمير بوتين.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يعبر عن إحباطه من الهجمات الجديدة في أوكرانيا، وبطء وتيرة المفاوضات، بحسب أشخاص مطلعين على تفكير الرئيس الأمريكي.

ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء الأشخاص، أن القيود المرجحة لن تشمل عقوبات مصرفية جديدة، لكن هناك مناقشات حول خيارات أخرى للضغط على الزعيم الروسي، لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، بما في ذك وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، تدعمه أوكرانيا ورفضته روسيا مرارا.

وتابعت: "كما أنه من المحتمل أن يقرر ترامب عدم فرض عقوبات جديدة"، منوهة إلى أن ترامب تحدث مؤخرا عن احتمالية فرض العقوبات الجديدة، قائلا: "بكل تأكيد يفكر فيها، لأن بوتين يقتل الكثير من الناس، ولا أعلم ما خطبه، وماذا حصل له بحق الجحيم".

وذكرت الصحيفة أن "ترامب بدأ يشعر بالإرهاق من المفاوضات السلمية، ويفكر في التخلي عنها تماما إذا لم تنجح المحاولة الأخيرة"، بحسب الأشخاص المطلعين.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت في تصريح لصحيفة "ـوول ستريت جورنال": "الرئيس ترامب كان واضحًا في رغبته برؤية اتفاق سلام عبر التفاوض"، مضيفة أن "ترامب أبقى بذكاء جميع الخيارات مطروحة".



وبحسب الصحيفة، فإن هذه التطورات تشير إلى تدهور جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وهي علاقة شهدت صعودا وهبوطا خلال الأشهر القليلة الماضية، مشيرة إلى أن "ترامب دخل منصبه وهو يعتقد أنه في موقع فريد لتحسين العلاقات بين البلدين، نظرا لما يراه من علاقة شقية قوية تربطه مع بوتين".

واستدركت: "لكن ترامب لم يتمكن من انتزاع تنازلات كبيرة من الزعيم الروسي فيما يتعلق بالسلام مع أوكرانيا، بل قام بوتين بتصعيد الحرب مؤخرًا. وبعد ساعات فقط من تصريحات ترامب يوم الأحد، شنت روسيا أكبر هجوم لها بالطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا خلال الليل حتى صباح الاثنين. وقال سلاح الجو الأوكراني إن روسيا أطلقت أكثر من 350 طائرة مسيرة متفجرة وتسعة صواريخ كروز على الأقل. ووصفت روسيا الهجمات بأنها رد انتقامي على تفجيرات أوكرانية داخل الأراضي الروسية".

ويوم الاثنين، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة لن تفرض بعد الآن قيودًا على المدى الأقصى الذي يمكن لأوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية ضمنه، ما يعني أنها ستكون قادرة على استهداف مواقع عسكرية أعمق داخل روسيا. حتى الآن، كانت أوكرانيا قادرة فقط على استخدام صواريخ بعيدة المدى ضد القوات الروسية ضمن نطاق معين. وقد عارضت إدارة بايدن إزالة هذه القيود خوفًا من تصعيد الحرب.

خلال الأشهر الأولى من ولايته، تغير موقف ترامب تجاه بوتين بشكل متكرر. فقد فكر في فرض عقوبات جديدة، ووجه انتقادات لاذعة للزعيم الروسي، لكنه تحدث أيضًا عن خفض الحواجز التجارية مع روسيا وفتح البلاد أمام الاستثمارات والصفقات الأمريكية.

وكانت لهجته يوم الأحد قاسية بشكل ملحوظ. قال ترامب: "أنا أعرفه منذ وقت طويل، وكان بيننا دائمًا تفاهم، لكنه يرسل صواريخ إلى المدن ويقتل الناس، وهذا لا يعجبني إطلاقًا. نحن في وسط محادثات، وهو يرسل صواريخ إلى كييف ومدن أخرى. لا يعجبني ذلك إطلاقًا".



وقال ويليام تايلور، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا: "يبدو من هذه التصريحات أن الرئيس ترامب بدأ يفهم طبيعة الرئيس بوتين"، مضيفا: "السؤال هو — هل هذا جدي؟ هل سيكون ذلك كافيًا لاتخاذ خطوات ما، مثل فرض عقوبات؟".

وتابع قائلا: "الجواب يبدو أن ترامب على وشك أن يستنتج — أو قد استنتج بالفعل — أن بوتين هو العقبة".

ولفتت الصحيفة إلى أنه لأسابيع، كان ترامب يقاوم الضغوط لمعاقبة بوتين على فشله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تدعمه أوكرانيا. وأخبر حلفاء مثل السناتور ليندسي غراهام (جمهوري عن ساوث كارولاينا) ترامب أن بوتين لا يريد اتفاقًا، وأن العقوبات فقط هي ما سيجعله يتفاوض بجدية.

وأوضحت أن "هناك ثلاث وجهات نظر رئيسية أثرت في تفكير ترامب، وفقًا للمسؤولين. أولها كراهيته للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي شعر ترامب بأنه يشجع على استمرار النزاع من خلال الضغط لفرض عقوبات، رغم أن زيلينسكي وافق على وقف إطلاق النار. ويوم الأحد، وبينما كان يهاجم بوتين، انتقد ترامب زيلينسكي أيضًا في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه إن الرئيس الأوكراني "لا يخدم بلاده جيدًا بطريقة حديثه".

واستكملت بقولها: "كذلك، اعتقد ترامب أن العقوبات الإضافية على روسيا لن تحدّ من قدرتها على شن الحرب، بل ستعيق الجهود لإحياء العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وروسيا".

وختمت: "أخيرًا، شعر ترامب بأنه يعرف بوتين، وأن الزعيم الروسي سينهي الحرب كنوع من "المجاملة الشخصية". وقد زاد تراجع بوتين عن ذلك من خيبة أمل ترامب، خاصة بعد مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي رفض فيها بوتين التوقيع على وقف إطلاق النار".

مقالات مشابهة

  • ترامب يدرس فرض عقوبات على روسيا بعد تدهور علاقته مع بوتين
  • مع تدهور علاقته ببوتين.. ترامب يدرس فرض عقوبات على روسيا
  • مسؤول إماراتي: هذه فوائد التطبيع مع إسرائيل على المسجد الأقصى (شاهد)
  • شركات الطيران الأجنبية التي ألغت أو أجلت رحلاتها إلى “إسرائيل” نتيجة الضربات الصاروخية على مطار اللد “بن غوريون”
  • بين خيار الديكتاتورية والديمقراطية الفاشلة
  • جوزيف ناي.. مطلق الرصاصة الناعمة التي تقتل أيضا
  • السعودية والكويت تعلنان اكتشافًا بتروليًا جديدًا في المنطقة المقسومة
  • السعودية والكويت تعلنان اكتشافًا نفطيًا جديدًا في المنطقة المقسومة
  • مسؤولون: إن بدأت العملية البرية الشاملة بقطاع غزة فلن تنسحب إسرائيل من المناطق التي تدخلها حتى بعد التوصل لاتفاق
  • أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة