مراكز الإيواء تغص باللاجئين وسط تغير عميق في مزاج الألمان تجاههم
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
لفت تقرير لوكالة أسوشيتد برس إلى تغير المزاج العام في ألمانيا تجاه الوافدين الجدد من المهاجرين، ولا سيما طالبي اللجوء.
وفي تفاصيل سرده لمشاكل الاكتظاظ بمراكز التكفل باللاجئين في البلاد، قال التقرير "بينما رحب الألمان بطالبي اللجوء بالزهور والشوكولاتة والألعاب عندما وصلوا لأول مرة في عام 2015، وفتح العديد منهم منازلهم لإيواء الأوكرانيين في عام 2022، فإن المزاج تجاه الوافدين الجدد تغير بشكل عميق منذ ذلك الحين".
وبلغ عدد الوافدين الجدد هذا العام، أكثر من 10 آلاف مهاجر تقدموا بطلبات للحصول على اللجوء في العاصمة الألمانية "في وقت لا يوجد فيه أماكن كافية لاستيعابهم في برلين" يقول التقرير.
وقالت ساشا لانجينباخ، المتحدثة باسم مكتب الدولة لشؤون اللاجئين في برلين، في مقابلة أجريت معها هذا الأسبوع "الوضع ليس جيدا جدا في الوقت الحالي.. هذا أكثر بكثير مما توقعنا العام الماضي".
وفي حي رينكندورف ببرلين، تم تحويل مستشفى الصحة النفسية السابق إلى مركز تسجيل طالبي اللجوء في المدينة في عام 2019، بطاقة استيعاب تصل إلى 1000 مهاجر، وهو الآن مكتظ عن آخره، بسبب تتابع وصول طالبي اللجوء.
وقام المسؤولون بإضافة نحو 80 سريرا إضافيا في الكنيسة التابعة للمبنى حتى يتم التكفل بعدد آخر.
ومثل نحو 100 ملجأ آخر للاجئين في برلين، فاق استقبال هذا المركز طاقة استيعابه بكثير.
لذلك، قالت سلطات برلين إنها ستحول حظيرة طائرات في مطار تمبلهوف السابق لاستقبال الأعداد الإضافية، وستنصب خيمة كبيرة في مركز تسجيل طالبي اللجوء، وتفتح متجرا سابقا للأجهزة، وفنادق ونزلا في المدينة لتوفير مساحة لنحو 5500 شخص آخرين.
وإضافة لقلة أماكن الاستقبال، لا توجد أماكن كافية في رياض الأطفال والمدارس للتكفل بأبناء اللاجئين.
وبالإضافة إلى طالبي اللجوء من بلدان معروفة بعدم الاستقرار منذ سنوات، استقبلت برلين أيضا 11 ألف لاجئ أوكراني آخر هذا العام فقط، فروا من الحرب الروسية.
والافتقار إلى إمكانات استقبال المهاجرين واللاجئين الأوكرانيين لا يقتصر على برلين "إنها مشكلة في جميع أنحاء ألمانيا" وفق التقرير، حيث يطالب المسؤولون المحليون ومسؤولو الولايات بالمزيد من الأموال من الحكومة الفيدرالية دون جدوى.
وتقدم أكثر من 220 ألف شخص بطلب اللجوء في ألمانيا بين يناير وأغسطس، معظمهم من سوريا وأفغانستان وتركيا ومولدوفا وجورجيا.
وعلى عكس الآخرين، يحصل الأوكرانيون، على الفور، على الإقامة في ألمانيا وحتى دول الاتحاد الأوروبي الـ 26 الأخرى.
وفي عام 2022، تقدم 240 ألف شخص بطلب اللجوء في ألمانيا، "وهذا بعيد كل البعد" وفق تعبير الوكالة عن مليون شخص وصلوا إلى ألمانيا بين 2015-2016 فقط.
وتقول لانجينباخ معلقة على موضوع الاكتظاظ في مراكز الإيواء "بعد عامين من أزمة فيروس كورونا، ثم حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار كل شيء مثل التدفئة والغاز، وكذلك الطعام، من الصعب أحيانا إقناع الناس بأن عليهم مشاركة الأماكن مع الأشخاص الذين وصلوا للتو".
صعود اليمين المتطرففي غمرة هذا المشهد، نجح حزب "البديل من أجل ألمانيا" (Alternative for Germany) الذي ينتمي لليمين، المتطرف في استغلال مواقف الألمان المتشددة تجاه المهاجرين.
وتضع استطلاعات الرأي الحزب الآن في المركز الثاني على المستوى الوطني بنسبة 21%، وهي أعلى بكثير من نسبة 10.3% التي فاز بها خلال الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في عام 2021.
وكانت خطابات زعماء الحزب المناهضة للمهاجرين، بما في ذلك الدعوات لإغلاق حدود ألمانيا لمنعهم من الدخول، سببا في فرض ضغوط على الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والأحزاب الرئيسية الأخرى لتشديد نهجها تجاه المهاجرين.
وأعلن وزير الداخلية الألماني، الأربعاء، أن البلاد ستشدد الرقابة على الحدود على طول "طرق التهريب" مع بولندا وجمهورية التشيك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الدخول.
وفي يونيو، دافع المستشار الألماني، أولاف شولتز، عن خطط لمنع المهاجرين من دخول الاتحاد الأوروبي حتى تتم مراجعة فرصهم في الحصول على اللجوء، بحجة أن الترتيبات الحالية للكتلة الأوروبية بشأن تقاسم عبء طالبي اللجوء بينها "مختلة تماما".
وتستقبل ألمانيا مهاجرين أكثر من معظم الدول الأوروبية، لكن دولا أخرى مثل تركيا ولبنان، التي تؤوي ملايين المهاجرين من سوريا، استقبلت عددا أكبر من اللاجئين بالنسبة لسكانها.
امتنانعلى الرغم من تغير المشاعر تجاه المهاجرين في ألمانيا، فإن أولئك الذين ينجحون ويتقدمون بطلب اللجوء يشعرون بالامتنان عموما لوجودهم هنا.
عبد الله الشويطي، من مدينة حمص السورية، وصل مؤخرا إلى برلين وكان ينتظر نتائج فحصه الطبي في مركز استقبال اللاجئين.
قال في حديث للوكالة إنه يشعر بالارتياح لوجوده "في مكان آمن".
وقال الشاب البالغ من العمر 29 عاما إنه هرب من بلده لأن منزل عائلته تعرض للقصف في الحرب وإنه لم يكن يريد الانضمام لصفوف الجيش النظامي.
وكشف أنه دفع نحو 3180 دولار للمهربين الذين ساعدوه على العبور من لبنان إلى أوروبا.
وسلك هذا الشاب طريق البلقان، وقام بالرحلة رفقة شبان سوريين آخرين شمالا عبر غابات بلغاريا.
وقال ميربيكان جورهان، وهو شاب كردي من بينغول في شرق تركيا، إنه فر من قمع سلطات بلاده، وإنه دفع نحو 6360 دولار للمهربين لترتيب رحلته من أنقرة إلى بلغراد في صربيا، ثم إلى ألمانيا.
وتابع هذا الشاب البالغ من العمر 24 عاما "آمل أن أحصل على مستقبل أفضل هنا، والعثور على عمل"، بينما كان عمه، الذي تقدم بطلب اللجوء في برلين قبل أربع سنوات، يقف بجانبه ويترجم.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: طالبی اللجوء فی ألمانیا اللجوء فی فی برلین فی عام
إقرأ أيضاً:
خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول ثالثة
أعادت دعوى قضائية رفعها مهاجر فنزويلي ضد وزارة الأمن الداخلي الأميركية الخميس الماضي قضية ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى الواجهة، والتي أصبحت وسيلة أساسية ضمن إستراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترامب في دعم خطة الترحيل الجماعي التي وعدت بها.
يرفر رينجل -الذي رُحّل مؤخرا من الأراضي الأميركية إلى السلفادور- حمّل إدارة ترامب المسؤولية عن انتهاكات زعم أنه تعرّض لها على يد الحراس في سجن سيكوت، قبل أن يعاد ترحيله لاحقا إلى بلاده، مما أثار من جديد التساؤلات بشأن الأبعاد القانونية والإنسانية المرتبطة بهذه الترحيلات.
الدعوى تزامنت مع إعلان دولة إسواتيني الواقعة في جنوب أفريقيا عن استقبال 5 مهاجرين ضمن اتفاقية مماثلة، ليرتفع بذلك عدد الدول التي دخلت في صفقات مع الإدارة الأميركية بشأن استقبال مرحّلين منذ بداية الولاية الثانية لترامب.
وأعطى هذا الأمر مؤشرا على انخراط متزايد من الدول الصغيرة والنامية في تلبية طلب واشنطن للمساعدة في ملف الهجرة غير النظامية مقابل حوافز مالية ودعم سياسي.
صفقة ثلاثيةوحتى الآن، نجحت الولايات المتحدة في إبرام 6 اتفاقيات مع "دول ثالثة"، أبرزها التفاهم الثلاثي الذي تم بموجبه ترحيل مهاجرين فنزويليين من الأراضي الأميركية مرورا بالسلفادور وصولا إلى فنزويلا.
وتعد هذه الصفقة نموذجا لتقاطع المصالح بين الدول المشاركة فيها، إذ تمكنت كراكاس من استعادة 252 من مواطنيها مقابل إطلاق سراح 10 مواطنين أميركيين كانوا محتجزين في فنزويلا.
أما الدولة الوسيطة السلفادور فقد حصلت على 6 ملايين دولار من واشنطن لتغطية نفقات احتجاز المرحّلين، إلى جانب دعم سياسي مباشر لحكومة الرئيس نجيب أبو كيلة.
وتعود خلفية الصفقة إلى زيارة رسمية قام بها رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة في أبريل/نيسان إلى البيت الأبيض عرض حينها على ترامب استضافة المرحّلين في منشأة سيكوت ذات الحراسة المشددة.
إعلانواقترح أبو كيلة إجراء عملية تبادل يتم من خلالها ترحيل المهاجرين مقابل إطلاق فنزويلا عددا مماثلا من المعتقلين السياسيين، وهو ما رفضته حكومة نيكولاس مادورو من حيث العدد، لكن الإدارة الأميركية رأت في المقترح فرصة لاستعادة مواطنيها ضمن تسوية أقل تعقيدا.
وجرى تصنيف أغلبية المرحّلين الفنزويليين على أنهم عناصر مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إجرامية، وتم التعامل معهم بموجب قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، والذي يمنح الرئيس الأميركي صلاحيات استثنائية لترحيل أو احتجاز مواطني دول تعتبر "معادية"، دون المرور بالإجراءات القضائية المعتادة.
وسبقت فنزويلا عدة دول في أميركا اللاتينية في التعاون مع واشنطن بشأن ملف المرحّلين، أبرزها المكسيك التي استضافت نحو 6 آلاف شخص من غير مواطنيها، في إطار شراكة أمنية لإدارة الحدود الجنوبية.
أما كوستاريكا فكان نصيبها قرابة 200 مهاجر مطلع عام 2025 تم احتجازهم مؤقتا قرب الحدود مع بنما التي بدورها استوعبت نحو 300 مهاجر من جنوب ووسط آسيا في مخيم سان فيسنتي، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط سياسية متصاعدة على خلفية تهديدات ترامب بإعادة السيطرة على قناة بنما.
التوسع في أفريقيالم تقتصر سياسة الترحيل على دول الجوار أو أميركا اللاتينية، بل عبرت المحيط لتصل القارة الأفريقية، ففي يوليو/تموز الجاري أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن نقل 5 مهاجرين إلى مملكة إسواتيني في جنوب القارة.
المهاجرون الذين تعود أصولهم إلى فيتنام وجامايكا وكوبا واليمن ولاوس وصفتهم تريشيا ماكلولين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي بأنهم "مجرمون مدانون وأفراد يتسمون بوحشية استثنائية، إلى حد رفضت معه بلدانهم الأصلية إعادتهم".
ولم تشارك حكومة إسواتيني أي تفاصيل بشأن الظروف التي رافقت عملية الترحيل، بما في ذلك الكشف عن أماكن احتجازهم، لكن السلطات أكدت -وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس- أنها تعمل على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بمساعدة وكالة تابعة للأمم المتحدة، دون أن تحدد أي جدول زمني.
وشهد البيت الأبيض في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري اجتماعا جمع ترامب بـ5 من قادة دول غرب أفريقيا، وهم رؤساء ليبيريا والسنغال وموريتانيا وغينيا بيساو والغابون.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام أميركية، كان ملف الهجرة حاضرا بقوة في المحادثات، حيث لم يقتصر النقاش على مسألة إعادة المواطنين الأفارقة إلى أوطانهم، بل شمل أيضا مطالبات باستقبال مهاجرين من دول ثالثة.
ورغم أن بعض القادة المشاركين أقروا بأن ملف الترحيل إلى دولهم طُرح ضمن المحادثات فإنهم نفوا وجود طلبات مباشرة من الجانب الأميركي، وبيّن ذلك الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي بقوله "لم يفرضوا شيئا، لكنهم سألوا كيف يمكننا أن نساعد".
مراقبون أشاروا إلى أن بعض الدول الأفريقية تنظر إلى هذا التعاون المحتمل بوصفه ورقة تفاوض يمكن استخدامها لمطالبة واشنطن بتخفيف القيود الجمركية التي فُرضت مؤخرا على صادراتها، ولرفع القيود على منح التأشيرات التي فرضتها واشنطن على بعض الدول في القارة.
أبدت منظمات حقوقية بارزة -في مقدمتها "هيومن رايتس ووتش"- مخاوفها من أن تؤدي سياسة الترحيل إلى إرسال أفراد إلى بلدان ذات سجل موثق في انتهاكات حقوق الإنسان.
إعلانووصفت هذه الإجراءات بأنها تمثل تطبيعا للترحيل القسري وتشكل خرقا لحقهم في الحماية الدولية.
وفي السياق ذاته، أعرب ناشطون في حقوق الإنسان عن قلق متزايد من الإجراءات السريعة التي تنفذ بها عمليات الترحيل، والتي تعطي المهاجرين مهلة زمنية بسيطة لا تتجاوز اليوم، وقد تصل أحيانا إلى 6 ساعات فقط، مما يعطل حق الطعن أو الاستئناف.
وكانت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية أصدرت مذكرة تنفيذية في 9 يوليو/تموز الجاري تسمح بموجبها بترحيل الأفراد إلى دول ثالثة بإشعار لا يقل عن 6 ساعات، وأن تعطي لهم فرصة الاتصال بمحام، كما اشترطت المذكرة تقديم الدولة المستقبِلة ضمانات بعدم تعرّض المرحّلين للاضطهاد.
وترى الإدارة الأميركية أن هذه الإجراءات تدخل ضمن الصلاحيات المشروعة للدولة في ضبط حدودها، في حين أكد مسؤولون في البيت الأبيض أن التنسيق مع الحكومات الأجنبية يشكل ركيزة أساسية في الردع المسبق للهجرة غير النظامية.
من جهته، تقدم اتحاد الحريات المدنية الأميركي بدعوى قضائية تهدف إلى وقف هذه الترحيلات بشكل عاجل.
واعتبر الاتحاد أن الترحيلات إلى دول ثالثة تنتهك القانون الدولي، خاصة اتفاقية اللاجئين واتفاقية مناهضة التعذيب، لوجود خطر حقيقي يهدد بعض الأفراد إذا أعيدوا إلى بلدانهم الأصلية.
ودافع بعض الخبراء القانونيين عن سياسة الترحيل، معتبرين أنها لا تنفصل عن واقع معقد تواجهه الحكومة الأميركية منذ سنوات، حيث ترفض بعض الدول استقبال رعاياها، خصوصا المدانين بجرائم داخل الأراضي الأميركية.
ضمن خططها في توسيع نطاق الترحيل الجماعي للمهاجرين غير النظاميين ليشمل مناطق جديدة توجهت أنظار واشنطن إلى بالاو الدولة صغيرة المساحة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة لتكون المحطة التالية بعد إسواتيني.
وتقدمت الإدارة الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي بطلب رسمي إلى سلطات بالاو لاستقبال مهاجرين ضمن خطة ما زالت تفاصيلها قيد الدراسة.
ويرى محللون أن بالاو -التي ترتبط باتفاقيات شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة وتتلقى مساعدات تنموية كبيرة- قد تجد صعوبة في رفض هذا العرض، فالموارد الاقتصادية المحدودة للدولة تشكل عامل ضغط يدفعها إلى القبول، بترتيبات لا تعبّر بالضرورة عن رغبة صادقة في المساعدة.
وكشفت "أسوشيتد برس" عن أن الولايات المتحدة لا تزال تُجري ترتيبات مع رواندا بشأن اتفاق قيد الإعداد يتضمن تمويلا أميركيا لبرنامج يهدف إلى دمج المرحّلين في المجتمع المحلي من خلال توفير منح وتسهيلات في فرص العمل.
وتأمل الحكومة الأميركية في إبرام صفقة تمكنها من ترحيل أعداد أكبر من المهاجرين بعد موافقة رواندا على استلام مواطن عراقي مقابل دعم بلغت قيمته 100 ألف دولار.