الكارثة المناخية: التحدي الذي يجب مواجهته قبل فوات الأوان
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
في عالم مليءٍ بالتحديات والأزمات المستمرة، يتجلى الخطر الذي يهدِد البشرية في المستقبل القريب، وهو ليس مجرد تخيلاتٍ أو أحلامٍ أو نظرة سوداوية، بل توقعات تستند إلى معلوماتٍ ودراساتٍ علمية؛ في الوقت الذي تتسلل فيه الأزمات من كل جانب، منها ما يتعلق بالمناخ ومنها ما يرتبط بالجغرافيا ومنها ما يعود إلى السياسة والاقتصاد.
إذا نظرنا إلى المستقبل، فإن الكارثة القادمة لا تتعلق فقط بالأمراض والأوبئة، بل تتجلى في التحول المناخي الذي يهدد الكوكب بشكلٍ لا يمكن تجاهله، إذ تسربت تقارير سرية من داخل أروقة البحث العلمي؛ وقد أطلعت على جزءٍ منها، وتشير إلى أن البشرية تواجه خطرًا وجوديا متزايدًا بحلول عام 2050 إذا لم تتم معالجة مشكلة التغير المناخي بشكلٍ جديٍ وفعال، وهذا الأمر الذي لا يبدو أن كبرى اقتصادات العالم ترغب في التصدي له، علمًا أنني أعمل على ملف البيئة والمناخ وحمايتها منذ العام 1996 وقدمت تقريري للأمم المتحدة في العام 1999 حول المسؤولية عن تلوث المناخ بصفتي رئيس لجنة الخبراء المكلفة من أمين عام الأمم المتحدة لصياغة معايير المحاسبة الدولية للمساءلة البيئية.
لقد تجاوزت المخاطر المحيطة بالبشرية حدود المألوف، حيث باتت الأرض تسجل درجات حرارة قياسية وفيضانات في مختلف دول العالم، وإذا لم يتم وضع حلولٍ وخططٍ والالتزام بتنفيذها، فإن البشرية قد تجد نفسها على شفير الفناء، إذ تصاعدت ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل غير مسبوق، على سبيل المثال حرائق وذوبان الجليد في مناطق قطبية وارتفاع منسوب سطح البحار، مما شكل تهديدات جدية للتنوع البيولوجي والحياة البرية.
الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة الأحفورية أثر بشكلٍ كبير على البيئة وزاد من نسب انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذا يستدعي وقفة عالمية للتحول نحو مصادر طاقة متجددة وتقنيات أكثر استدامة، ويشمل ذلك تطوير التكنولوجيا الخضراء وتعزيز الاستدامة في قطاعات مختلفة مثل الزراعة والنقل.
بات واضحًا أننا بحاجةٍ إلى اتخاذ إجراءاتٍ جادةٍ لمواجهة هذه التحديات، يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين تطوير الاقتصاد والحفاظ على البيئة، وضمان توفير الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض. لا يمكن أن نتجاهل التحذيرات المستمرة والدلائل الواضحة على الأخطار المحتملة، إننا بحاجةٍ إلى التعاون الدولي والتحفيز المشترك للعمل على تحقيق مستقبلٍ أفضل وأكثر استدامةً للجميع.
ومن هنا، يأتي دور القيادة العالمية والتعاون بين الحكومات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني، يجب تبني استراتيجيات وسياسات تهدف إلى تقديم حل مستدام لهذه التحديات المتعددة، وذلك من خلال دعم الأبحاث وتبني التكنولوجيا المبتكرة وتعزيز التوعية والتعليم.
في النهاية، إن مواجهة هذه التحديات تتطلب تحركًا فوريًا وجماعيًا، لأن العالم مترابط ومتشابك في الفضاء بشكل كبير، يجب أن نتعلم من التجارب الماضية ونعمل معًا على بناء مستقبلٍ أكثر استدامة وأمانًا للجميع، بما في ذلك الأجيال القادمة.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي
إقرأ أيضاً:
الكارثة تتعمق في قطاع غزة: مائة طفل يُقتلون يومياً في غزة، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الصراعات!
مع بدء “جيش” العدو الصهيوني هجومه البرّي الواسع على غزة، تصل فجائع الكارثة الإنسانية المهولة في غزة حدوداً غير مسبوقة هي الأسوأ في تاريخ القطاع. خبراء أمميون يحذرون من مجاعة تهدد القطاع ومن موت الآلاف، ويؤكدون “إن لم تكن المجاعة بدأت بالفعل في مناطق واسعة منه، فقد بدأت تداعياتها بتهديد حياة الآلاف على المدى البعيد، وعلى نحوٍ لا يُجدي معه دخول المساعدات نفعاً”. هذه الصورة القاتمة في تاريخ الإنسانية رسمتها الصهيونية بعناية ووحشية بالغة، وباستخدام أدوات قتل وإبادة غربية أمريكية وبدعم مالي ولوجستي غير محدود، على مرأى ومسمع العالم، وفي ظل مشاهدة وصمت العالم العربي الأقرب إلى فلسطين بالدم والأرض والهوية.
في المخيمات المكتظة، يعيش النازحون على هامش الحياة بانتظار الموت جوعاً أو بالغارات، فلا يجدون سوى “التكيات” (المطابخ الخيرية المتنقلة) ملاذًا وحيدًا للحصول على وجبة قد تنقذهم من الجوع، لكن حتى هذه الوجبات، كما يروي أحدهم لم تعد تكفي لسدّ رمق العائلات الجائعة.
إلى مستويات كارثية تتصاعد المأساة في غزة، فالسكان يطاردهم ويحل في ذكرت أوساطهم شبح الموت جوعاً ومرضاً وتحت وطأة القصف المتواصل الذي يشنه العدو الإسرائيلي، وفيما تقف آلاف شاحنات المساعدات الحيوية عاجزة عن الدخول عبر معبر رفح.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة “نيوتريشن كلستر”، فإن ما بين 10 إلى 20% من الحوامل والمرضعات في غزة (عددهن 4500 امرأة شملتهن الدراسة) يعانين من سوء التغذية.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن التكايا الخيرية تخدم أكثر من مليوني شخص، ولكنها لا تستطيع إعداد أكثر من مليون وجبة يوميا، معظمها من الأرز والمعكرونة، من دون خضراوات طازجة أو لحم.
ملامح الكارثة تتعمق في القطاع:
وفقا للأمم المتحدة، فإن الحصار زاد من خطر حدوث مجاعة “حادة”، وحرم معظم سكان غزة من الماء النظيف، والطعام، والدواء، والمأوى الآمن، فمنذ الثاني من مارس، فرض العدو الإسرائيلي حصاراً شبه كامل على قطاع غزة، مانعاً دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية الحيوية، ومتعمداً قطع إمدادات الكهرباء، ما أدى إلى توقف آخر محطة لتحلية المياه عن العمل.
وقد استولت قوات العدو على ما يقارب نصف مساحة القطاع، وأصدرت أوامر نزوح قسرية لثلثي سكانه، معلنة مناطق واسعة، بما فيها مدينة رفح الحدودية المكتظة بالنازحين والمحاصرة، “مناطق محظورة”.
تؤكد التقارير الواردة من الأرض والمؤسسات الرسمية والدولية أن شبح المجاعة بات يخيم على القطاع كما لم يحصل طيلة الأشهر الماضية، وأفادت مصادر أممية أن جميع سكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة، يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وأن نسبة كبيرة منهم دخلت مرحلة “الكارثة” أو المجاعة الفعلية، وتتحدث تقارير عن تسجيل وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، لا سيما بين الأطفال، في ظل انهيار كامل للقطاع الزراعي وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية القليلة المتوفرة.
إبادة ونوايا مسبقة:
وكان جيش العدو الإسرائيلي استأنف عملياته العسكرية المكثفة بعد موافقة مجلسه العسكري على المخطط المُسمّى “عربات جدعون”، والذي يشمل ثلاث مراحل بدأت قبل ثلاثة ايام بمشاركة خمس فرق من عصابات جيش العدو الإسرائيلي، وبغطاء ناري وجوي مكثف هو الأقوى منذ إنهاء وقف إطلاق النار الذي لم يلتزم به أصلاً. وأسفر هذا العدوان المتجدد في جولته الأخيرة، عن استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 3600 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية. فيما تشير تقديرات أممية إلى أن نحو مئة طفل يُقتلون يومياً في غزة، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الصراعات!
وقد أعلن “وزير حرب” العدو،” يسرائيل كاتس”، عن نية “تكثيف” الحرب، واستخدام “كل أشكال الضغط العسكري والمدني”، بما في ذلك ما وصفه بـ”إجلاء سكان غزة جنوبًا وتنفيذ خطة الهجرة الطوعية”. وردد ما يسمى “وزير المالية” المتطرف بتسلئيل سموتريتش هذه التوجهات، مؤكداً أن الحصار الكامل لن يُرفع حتى “هزيمة” المقاومة وإطلاق سراح الأسرى المتبقين لديها، متوعداً: “لن تدخل حتى حبة قمح إلى غزة”. و”لن يبقى في القطاع حجر على حجر”.
تطهير عرقي وتهجير جماعي:
وتتزايد المؤشرات والتحذيرات من مخططات تهدف إلى تطهير عرقي وتهجير قسري جماعي للفلسطينيين، وسط تصريحات لمسؤولين في كيان العدو تؤجج هذه المخاوف، والأسوأ أن يستمر صمت الأنظمة العربية وتواطؤ بعضها.
كما تشير المعلومات المرصودة في غير وسيلة إعلام غربية إلى أن قيادة العدو الإسرائيلي، وبمشاركة وتشجيع أمريكي، تبحث خيارات لدفع الفلسطينيين عبر الحدود إلى سيناء المصرية، أو نقلهم إلى دول في أفريقيا، مع ورود أنباء غير مؤكدة عن تواصل مع حكومات في شرق أفريقيا لبحث “إعادة توطينهم”.
وقد دعا مسؤولون في كيان العدو، مثل عضو “الكنيست” أفيغدور ليبرمان، علناً إلى “ترحيل معظم الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية” باعتباره “حلاً عملياً وفعالاً”، كما نشر معهد “مسجاف للأمن القومي”، وهو مركز أبحاث يضم مسؤولين عسكريين وأمنيين سابقين في كيان العدو، ورقة بحثية تدعو حكومة الاحتلال إلى استغلال ما وصفته بـ”الفرصة النادرة والفريدة لإجلاء كامل سكان قطاع غزة”، وتأتي هذه الدعوات في سياق تقرير مسرب سابق لوزارة الاستخبارات في حكومة العدو اقترح نقل الفلسطينيين من غزة إلى شمال سيناء.