حكاية جدة عن لذة النصر بعد مرارة النكسة
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
تحتفل مصر بالذكرى الخمسين لنصر أكتوبر المجيد، الذى أعاد للمصريين العزة والكرامة عام ١٩٧٣، بعد ستة أعوام من نكسة ١٩٦٧، والتى كانت صدمة مخيفة للمصريين أفقدتهم توازنهم، وجعلت الإحباط والإنكسار يحاوط كل جنبات مصرنا الحبيبة!.. والحمد لله أننى لم أعش تلك اللحظات، وولدت بعد النصر بسنوات عديدة.. ورغم أننى منذ طفولتى أشهد كل عام الاحتفال بذكرى الانتصار، إلا أننى وجيلى وكل الأجيال التى سمعت وقرأت فقط عن الحرب، ولم ترها بأعينها،لم نستشعر ذلك النصر بالتأكيد كمن عاشوه وتذوقوه، بعد نكسة ٦٧!.
لماذا نتغافل ونغض الطرف عن الحديث عن الجرائم الصهيونية التى مورست على جنودنا وضباطنا فى ٦٧؟!..هل إكرامًا لمعاهدة السلام أم تهاونا واستسلاما؟!.. كيف تعرف أجيال ما بعد أكتوبر ٧٣ معنى العبور العظيم قبل معرفتهم ببشاعة نكسة ٦٧؟! جلست الجدة وحولها أبناؤها وأحفادها وهى تتدثر بشالها الحرير وتمسك به بكلتا يديها رغم حرارة الجو، وكأنها تحتمى به ويمدها بقوة وهى تستعيد لحظات الخوف ومرارة الأيام وقالت بشجن: قرأت قولًا لأحد مقدمى البرامج أن إنجاز مشروع كذا يعادل العبور ورغم بشاعة التعبير وما يحمله من نفاق وجهل بقيمة العبور العظيم الذى أخرجنا من الذل إلى النصر، ولكن لا نلوم عليه فهو لا يعرف معنى العبور لأنه لم يذق مرارة النكسة ولم يسمع عنها"! وإستطردتالجدة: ما كنت أظن أن أعيش حتى نحتفل بالذكرى الخمسين لنصر أكتوبر والعبور العظيم! هذا العام نحتفل باليوبيل الذهبى لنصر أعاد إلى الأمة العربية العزة والكرامة والشموخ بعد إنكسار وشبه موات لم تكن نكسة ٦٧ هزيمة عسكرية فقط ولكن كانت هزيمة لروح المصريين وثقتهم بأنفسهم،هزيمة زرعت فى حناجرهم مرارة الذل والعار، وأصبح التهكم والسخرية من الكل إلى الكل!..لن تشعروا قيمة هذا العبور ولن يشعر به إلا من ذاق مرارة النكسة، حين ابتلع الشعب دموعه بلا شكوى فمن يشكو لمن ومن يواسى من؟!..والدول حولنا بين شامت وحاقد ومتآمر ومتعاطف قليل الحيلة!".. ورغم أنى كنت طفلة ولكن أتذكر أحداثها جيدًا وصوت التفجيرات، واحساس الرعب لا أنساهما.. لن يعرف معنى العبور إلا من ذاق مرارة النكسة، وشاهد تهجير مدن القناة الثلاثة، وتكدس المدارس والمواصلات وبداية تكوين المساكن العشوائية داخل المدن!..ومن شاهد العدو الغادر وهو ينثر لعب الاطفال الملونة المبهرة والتى تحمل الموت لمن يلمسها من الأطفال لأن داخلها مواد تفجيرية!..وأيضا من شاهد السواد يكسى أجساد البنات والسيدات بعد فقد الحلم والأمل فى إبن أو زوج أو خطيب، وكثير منهن لم يرتبطن وترملن باقى العمر وأرتدين السواد حتى أخذنا الثأر فى أكتوبر ٧٣، ست سنوات من المهانة تحمل الشعب الصبور نقص السلع وصعوبة الخدمات بكل أنواعها وهم صامدون!..يخجلون حتى من الشكوى، فالمصاب جلل، لن يعرف معنى العبور من لم يذق مرارة النكسة وشاهد رئيس وزعيم بحجم جمال عبد الناصر، والذى تعودنا أن صوته يجلجل المنطقة العربية وكنا نشعر أنه يرعب قادة العدو! نراه يقف منخفض الصوت يعترف (أصبح جنودنا مبعثرين تائهين وأصبح الجيش غير قادر على الهجوم ولا الدفاع) وأعلن التنحى عن الحكم متحملًا نتيجة الهزيمة! وإهتزت الأرض تتفجر بشرًا يصرخون ويتمسكون به ألا يترك الحكم قبل تحقيق النصر، ويبدأ الشعب أولى خطوات الثأر بحرب استنزاف هى الأقوى والأشرس فى نجاحاتها،وفى كسر شوكة الصهاينة المتعجرفين، والذين صرحوا أن الجيش المصرى أنتهى ولن يعود قبل خمسين عاما! وكانت الضربة القاصمة فى الإنتصار وبالسلاحالذى اعتقدت اسرائيل أنه إنتهى ولن تقوم له قائمة بعد هزيمة ٦٧ وهو السلاح الجوى، فكانت الضربة الجوية أهم أسباب تحقيق الإنتصار، رغم تجاهل البعض لصاحب الضربة الجوية ومؤسس هذا السلاح الهام بعد النكسة الفريق حسنى مبارك رحمة الله عليه وعلى كل رجالات مصر العظام، فكانت البطولات كثيرة والأفكار والإبتكارات متنوعة، والتى جعلتنا نستطيع تحطيم أسطورة العدو الذى لا يقهر! وهدم خطه المنيع خط بارليف!..وبقوة أبطالنا تم العبور ونصر أكتوبر الذى يدرس فى جميع الكليات العسكرية..نصر أكتوبر ليس ذكرى عادية ولا إنتصار عابر فى معركة، ولكن محو عار وإستردادكرامة وقدرة وإعجاز شعب إستعان بالله فكتب له النصر والنجاة.
د.رشا يحيي: أستاذة بأكاديمية الفنون
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
وُلد هو ثم وُلدت الموضة.. هذه حكاية مؤسس الأزياء الراقية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل أكثر من 150 عامًا، كانت النساء الثريّات من جميع أنحاء العالم يقصدن العنوان التالي: 7 شارع "la Paix" في باريس، حيث كان مصمّم الأزياء الراقية تشارلز فريدريك وورث يُبدع لهن أرقى التصاميم.
واستمرّت دار الأزياء التي تحمل اسمه، والتي تأسست العام 1858، لثلاثة أجيال بعد وفاته في العام 1895.
ويُعد وورث، الذي يُنسب إليه على نطاق واسع من قبل المؤرخين لقب "أب الأزياء الراقية"، أول مصمّم أزياء يُعرف باسمه، وليس بشهرة زبائنه. واكتسب شهرة عالمية، وساهم في صياغة أسلوب تسويق الأزياء وارتدائها. ويُوثّق إرثه الآن في معرض جديد بعنوان "وورث: ابتكار الأزياء الراقية"، الذي يستمر حتى 7 سبتمبر/ أيلول في متحف القصر الصغير (Petit Palais) للفنون في باريس.
ويأتي هذا المعرض بالتعاون بين متحف القصر الصغير ومتحف "Palais Galliera"، ويُعتبر أول معرض استعادي شامل لدار وورث يُقام في فرنسا، والثاني عالميًا بعدما أقيم آخر معرض له قبل أكثر من 60 عامًا في متحف بروكلين بنيويورك. ويتزامن هذا الحدث السنة مع الاحتفال بمرور 200 عام على ميلاد وورث.
يضم المعرض أعمال الدار منذ تأسيسها وحتى عشرينيات القرن الماضي، حين كانت أيقونات المسرح والغناء، مثل سارة برنار ونيلي ميلبا، يرتدين تصاميم وورث على خشبة المسرح وخارجها.
ويَعرض كذلك عدد من المقتنيات الفنية والتصاميم التي تعود لعائلة وورث، منها حاجز فني مطلي بالأسود من إبداع فنان ومصمم الفن الزخرفي (الآرت ديكو) الفرنسي جان دوناند، وسلسلة من الصور الفوتوغرافية العارية لجان تشارلز، حفيد وورث الأكبر، بعدسة الفنان البصري الأميركي مان راي.
أُدرجت العطور أيضًا في المعرض، حيث يمكن للزوّار استنشاق نسخة معاد ابتكارها من عطر "Je Reviens"، وهو عطر زهري ناعم وخفيف من توقيع وورث. وقد قامت مؤسسة Osmothèque، التي تعد أكبر أرشيف للعطور في العالم، ومقرها فرساي، بإعادة تركيب هذا العطر خصيصًا للمعرض.
وكان أُعيد إطلاق العطر رسميًا في العام 2005، على يد صانع العطور موريس بلانشيه، ولا يزال يُباع حتى اليوم. ويضم المعرض أيضًا زجاجات عطر وورث أصلية من تصميم الفنان رينيه لاليك.
وبحسب رافاييل مارتن-بيغال، وكبيرة أمناء التراث في قسم اللوحات الحديثة بمتحف القصر الصغير، فإن بعض الأزياء المعروضة هشّة للغاية، لهذا السبب لن يتم نقل المعرض إلى خارج فرنسا.
المصمّم أدرىولد وورث في إنجلترا العام 1825، حيث تلقى تدريبه لدى اثنين من تجار الأقمشة قبل أن يتجه إلى باريس للعمل لدى متجر الأزياء "Maison Gagelin" كبائع وخيّاط، حتى ترقّى ليصبح شريكًا في العمل. وبعد ذلك، أسّس دار الأزياء الخاصة به التي حملت في البداية اسم "Worth and Bobergh" (وورث وبوبيرغ)، نسبةً إليه وإلى شريكه في العمل، أوتو بوبيرغ، وهو رجل أعمال سويدي.
حدد وورث ما ينبغي أن ترتديه النساء، ليس من خلال ابتكار أشكال جديدة للأزياء، بل عبر تغيير نموذج العمل القائم. اليوم، تُقام عروض الأزياء الراقية مرتين في السنة، حيث يقدّم مصمّمو الأزياء أحدث ابتكاراتهم ليختار الزبائن من بينها. لكن هذه لم تكن الحال دومًا.
قبل وورث، "لم يكن أمام مصممي الأزياء مجال كبير لابتكار تصاميم خاصة بهم"، وفق صوفي غروسيور، المديرة المؤقتة لمتحف "Palais Galliera"، والمنسقة العامة المسؤولة عن مجموعات النصف الأول من القرن العشرين. آنذاك، كانت النساء من الطبقة الأرستقراطية يقصدن المصممين محمّلات بالأقمشة وأفكارهنّ حول التصاميم التي يرغبن بها، وكان دور المصمم أن ينفذ ما طُلب منه. أما وورث، فكان له نهج مختلف، إذ كان يبتكر التصاميم ويعرضها، ومن ترغب بها يمكنها شراؤها. بذلك، تحوّل دور المصمم من مجرد منفّذ لرغبات الأثرياء إلى شخصية قيادية صاحبة رؤية، يُقبل عليها الزبائن ويثقون بذوقها لتوجيههم في ما يرتدونه.