رحلة الموت.. 280 مهاجرا غير شرعي على متن قارب خشبي صغير
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
وصف تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية القارب الخشبي المكتظ بـ 280 شخصًا والذي وصل إلى جزيرة إل هييرو في الكناري الثلاثاء الماضي هو أكثر سفينة مهاجرين ازدحامًا تصل إلى الأرخبيل الإسباني بعد اجتياز طريق المحيط الأطلنطي المحفوف بالمخاطر من غرب إفريقيا.
ووصل أكثر من 500 شخص إلى إل هييرو يوم الثلاثاء وحده، حيث استغل المهربون طقس الخريف الأكثر هدوءًا لنقل الأشخاص إلى جزر الكناري.
وقالت خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية إن إحدى سفنها رافقت القارب الأكثر اكتظاظا بالسكان، والذي كان يحمل 268 رجلا وامرأتين و10 أطفال، إلى ميناء لا ريستينجا بعد ظهر الثلاثاء.
وبحسب الصليب الأحمر، الذي ساعد الأشخاص عند وصولهم إلى الميناء، كانت السفينة تحمل أكبر عدد من الوافدين المسجل في قارب واحد. ويعتقد أنهم انطلقوا من السنغال.
وقال تكسيما سانتانا، وهو صحفي متخصص في الهجرة ومستشار سابق لحكومة جزر الكناري الإقليمية، إنه لم ير قط هذا العدد من الأشخاص يصلون على متن قارب صغير واحد، أو كايوكو.
وكتب على موقع إكس، المعروف سابقًا باسم تويتر: "طوال الوقت الذي كنت أتبع فيه هذا الطريق عن قرب، لم يسبق لي أن رأيت قاربًا صغيرًا على متنه هذا العدد الكبير من الأشخاص". "لقد كانوا محظوظين للغاية للوصول إلى الأرض. وعندما يرون المدى الذي وصلوا إليه على الخريطة، فلن يصدقوا ذلك".
وفي الفترة من 1 يناير إلى 30 سبتمبر، وصل 14976 شخصًا إلى جزر الكناري، بزيادة قدرها 19.8% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الإسبانية.
وكان طريق الهجرة إلى جزر الكناري، والذي يتكرر فيه حطام السفن، مزدحما بشكل خاص في السنوات الأخيرة بسبب تشديد الضوابط في البحر الأبيض المتوسط.
ومنذ بداية هذا العام، توفي أو اختفى 140 شخصًا أثناء العبور، وفقًا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة منذ أوائل سبتمبر.
وفي عام 2006 - عام ما يسمى "أزمة كايوكو" - وصل 36 ألف شخص إلى الأرخبيل الإسباني في قوارب صيد صغيرة وخطرة.
وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، بين يناير وديسمبر 2022، وصل 15682 شخصًا إلى جزر الكناري بالقوارب من غرب إفريقيا، بانخفاض قدره 30%، أو 6634 شخصًا مقارنة بالعام السابق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إلى جزر الکناری
إقرأ أيضاً:
رسالة إلى العالم الآخر
تحت الرماد تختبئ جمرات لا تعرف شيئا اسمه الهدوء.. كذلك الفراق هو جزء من تلك الجمرات الملتهبة بمشاعر الفقد والألم، فكلما انزاح جزء من رماد خامد حتى طفت على الوجه حمرة الوجد، وكلما أبحرت الأيام في طريقها تظل بعض الشظايا معلقة في سقف الذكريات.
إلى كل الذين فقدناهم في تفاصيل حياتنا اليومية.. إلى أولئك الراحلين سيرا نحو حياة الخلود..وللذين توقف نبض قلوبهم وانطفأت شموع منيرة برحيلهم وخفتت أصوات إلى الأبد..«سلاما».
أيها الاغتراب، رفقا بقلوب الناس، فكم من رحيل أصبح موجعًا للإنسان !، لكل الذين رحلوا عنا جسدا.. أنتم باقون في ثنايا الروح لا تفارقنا رائحة الطيب التي تركتموها وراءكم في لحظات الوداع. في الفقد هناك اختناق ذاتي يعيش معنا لسنوات طويلة حتى لو غفلنا فيها عن إخراج مشاعرنا الإنسانية الممتلئة بألوان مزهرة من الحب والأمان. ها نحن اليوم، نخبركم بأن وجودكم قلعة شامخة في سوداء القلب، وأن بهاء حضوركم وروعة أماكنكم ستظل بيننا خالدة بخلود الأثر.. عذرًا منكم فمشاعركم اللطيفة لا تزال تهب كالريح الشتاء الجميلة، «فكم نحن كنا ممتنين لله تعالى على وجودكم».
نسأل أنفسنا، هل كانت تلك الطاقة العاطفية محتجزة فينا أو كنا نحن مكبلين بسلاسل الغفلة.. لا أعلم ؟!...كلمات بقيت على قيد الصمت، وعلى رفوف الأيام موصودة بقفل التعابير الباهتة. كل شيء كان محاطا بانشغال الوقت، وتفاصيل حياتية لم تتركنا نلتقط أنفسنا،أو ندرك قيمة الأوقات التي نجالس حضوركم، ونخلق ذكريات مغلفة بشرائط مشاعر حريرية تبقينا موصولين بكم وأنتم خلف مشاهد الحياة وضوئها الساطع..هنا تستحضرني مقولة لتوفيق الحكيم حين قال:»لا شيء يجعلنا عظماء إلا ألم عظيم».. فالموت من أعظم مصائب الحياة حتى وإن كان لطيفا في بعض المرات !.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فراق ابنه إبراهيم: «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون»..
وفي الأدب العالمي يقول الكاتب الأمريكي الراحل جيف ماسون: «الميلاد والموت هما ركيزتا حياتنا. العيش نحو الموت في الزمن يمنح الحياة اتجاهًا وإطارًا لفهم التغييرات التي تُحدثها الحياة.
يختلف العالم تمامًا بين الشباب والكبار. الشباب ينظرون إلى الأمام، والكبار ينظرون إلى الماضي. ما يهمنا يتغير مع تقدمنا في العمر. احتمال الموت يُلهم هذه التغييرات. لدى الشباب فهمٌ فكريٌّ بأن الموت آتٍ إلينا جميعًا، لكن فناءهم لم يُدرك بعد. أما بالنسبة للكبار، فيبدأون يستوعبون الموت».
نحن نقول: بعد رحيلكم الخاطف بتنا نجتهد طويلا لرسم صور حية لذكرياتكم وتفاصيل أحاديثكم معنا، وكأننا نحاول أن نفهم كل الغاز الماضي التي كنتم تخبرونا بها، واليوم نحاول أن نبقيكم بيننا من خلال صفحات الذكريات، كأننا لم نستفق من الحلم إلى الحقيقة، كل ما يفعله الغياب بأرواحنا المتعبة شيء يفوق الخيال..
نتذكر دوما كلماتكم الأخيرة، وضحكاتكم الآتية من صدى الذكريات، وأشياء لطالما بقيت تربطنا بالماضي منها: فنجان قهوتكم الصباحية، وحبات من ثمرة، وفاكهة تعيد إليكم جميل نهاركم بعد غروب الشمس وسطوع ضوء القمر.
كل تلك الذكريات الآن تطفو فوق أحاديثنا بنكهة الحضور البهي.. نعيد سرد ذكرياتكم القديمة معنا؛ لأننا لا زلنا نتشبث بحبل حضوركم، وإن كنتم تحت الثرى في حياة أخرى فأنتم على مقربة منا.. ستظل رسائل الذكرى نحو العالم الآخر مفعمة بوجود الإنسان وما تحمله الذكريات من وجع ينغرس في باطن الأرض، لذا ينطق قلبي النابض بالحياة كلمات ود إلى قلوبكم الصامتة «أحبكم بحجم هذا الكون».