رصاص وقتلى ومفقودون.. كيف تحول حفل إسرائيلي إلى كابوس؟
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
مع بدء إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو الأراضي الإسرائيلية، صباح السبت، كان مئات الإسرائيليين يحضرون فعالية موسيقية قرب الحدود مع القطاع، قبل أن يجدوا أنفسهم ضحايا لمسلحين فلسطينيين.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية، الأحد، عن عدد من الحضور في هذا الحفل، تفاصيل ما عاشوه، حيث أشاروا إلى أنهم كانوا يحضرون احتفالا بعيد العرش اليهودي.
وقالت إحدى المشاركات في الحفل، تال غيبلي، إن "إطلاق الصواريخ بدأ في الساعة السادسة والنصف صباحا (بالتوقيت المحلي) ومعها بدأ الهلع".
وتابعت: "لم نعلم إلى أين نذهب أو نختبئ لأننا في مكان مفتوح. شعر الجميع بالذعر وبدأ في جمع أغراضه".
وأظهرت مقاطع فيديو غيبلي وأصدقاء لها يتحركون سريعا بعيدا عن مكان الحفل، الذي لا يبعد سوى نحو ميلين من الحدود مع قطاع غزة.
ومع وصولهم إلى سياراتهم، كان هناك زحام شديد مع محاولة الجميع الهروب من المكان. وأضافت غيبلي أن الوضع "أصبح صعبا ولم يتمكن أحد من الحركة، وحينها بدأ إطلاق النيران".
وفي لحظة ما، أدرك الموجودون وجود متسللين مسلحين، وركضوا بعيدا عن السيارات. وقالت ناجية أخرى من الحضور تدعى أورتيل، للقناة 12 الإسرائيلية: "فجأة ودون أية مقدمات، بدأ إطلاق النار نحونا".
وتابعت: "أطلقوا النار في كل اتجاه، وحينها تحركت بسيارتي بعيدا. في لحظة ما كان المسلحون يحاصروننا وبدأوا إطلاق النار نحو سياراتنا، فخرجنا منها. لم أتمكن من الاستمرار في القيادة. فقط احتمينا".
من جانبها، أضافت غيبلي لـ"سي إن إن"، أنها توجهت إلى غابة قريبة، وبعد حوالي ساعة وجدت سيارة لتقلّها، لكن كانت لا تزال تسمع أصوات الرصاص.
وأوضحت أنها رأت "عددا من القتلى والجرحى على جانبي الطريق"، وأضافت: "كان مروعا ولم نكن نعرف إلى أين نتجه حتى نتجنب هؤلاء الأشرار. فقدت كثير من الأصدقاء الذين تاهوا في الغابة أو أطلق عليهم الرصاص".
وحاليا يحاول الناجون من الحفل التواصل مع أصدقائهم لمعرفة مصيرهم، سواء كانوا على قيد الحياة أو اختطفوا.
#Israel vs. #Hamas
hundreds of young people running across the field. Ironically, it was a music festival in support of peace, held on the border with the Gaza Strip. pic.twitter.com/Vef9X9zPbl
وشنت حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة) هجوما مباغتا هو الأقوى منذ عقود، صباح السبت، ضد الأراضي الإسرائيلية، بإطلاق الصواريخ وتسلل مسلحين إلى البلدات الحدودية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 250 إسرائيليا، بحسب خدمة الإسعاف، فيما ذكر مراسل "الحرة" أن العدد وصل إلى 300 قتيل.
وفي المقابل، شنت إسرائيل هجوما مضادا وقصفت مواقع للحركة في قطاع غزة. وحسب وزارة الصحة في غزة، فإن عدد القتلى في القطاع وصل إلى نحو 232 شخصا.
ويرجح أن حركة حماس اختطفت عشرات المدنيين وعناصر من قوات الجيش الإسرائيلي واصطحبتهم معها إلى قطاع غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تحول الطاقة.. وسؤال التحديات!
مريم البادية
لا تُقاس الصناعات الكبرى بعدد الإعلانات ولا بعدد الشركات التي تبقى أو تغادر، بل بمقدار قدرتها على الصمود أمام التقلبات وإعادة تشكيل نفسها كلما تبدلت المعطيات الاقتصادية والتقنية. وفي قطاع حديث كالهيدروجين الأخضر الذي يعد أحد أهم رهانات الطاقة في العقود المقبلة، يُصبح كل انسحاب أو تأجيل أو إعادة تقييم جزءًا من حركة نمو طبيعية لا تعكس بالضرورة ضعفًا أو ترددًا، بقدر ما تكشف عن إعادة ترتيب عالمية في ميزان الاستثمارات.
لذلك فإنَّ قراءة انسحاب شركة "بي بي" البريطانية من مشروع للهيدروجين الأخضر في الدقم، تتطلب اقترابًا أعمق من المشهد، يتجاوز الانطباعات السطحية وردود الأفعال السريعة وغير المدروسة ولا تستند إلى حقائق اقتصادية واستثمارية بحتة.
نبدأ من قطاع الهيدروجين الأخضر والذي يمر الآن في مرحلة بناء السوق؛ حيث لم تكتمل فيه سلاسل الإمداد والتوريد، كما لا توجد عقود شراء طويلة المدى بكثرة، إلى جانب أن التكنولوجيا نفسها ما تزال في مرحلة خفض التكاليف وليس الوصول إلى نقطة التعادل. وفي جانب آخر، يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة شديدة الحساسية لأي متغير كارتفاع أسعار الفائدة المصرفية عالميًا، وتغيُّر اولويات الشركات واضطرابات في سلاسل الإمداد، أو حتى إعادة تقييم لمخاطر رأس المال. وهو ما يفسر ما قد يحدث من انسحابات من مشاريع أو إعادة هيكلة لمشاريع في أستراليا وألمانيا وبريطانيا والسعودية خلال العامين الماضيين. فما حدث في مشروع "نيوم" السعودي من إعادة تقييم، أو في أوروبا من توقف بعض المشاريع، ليس حالة استثنائية؛ بل نموذج يمكن الاستفادة منه؛ فالقطاع يتطلب مرونة تكيفية أعلى من أي قطاع آخر.
وثمة حقيقة ربما لم يتلفت إليها الكثيرون، وهي أن الشركة البريطانية تشهد تحولات داخلية؛ إذ بدأت "بي بي" بعد عام 2021 إعادة ضبط نفقاتها وتقليل الاستثمارات ذات الأفق الزمني الطويل دون عائد واضح، حسب بيانات الشركة نفسها، إلى جانب إعلان استراتيجيتها الجديدة والتي تركز على المشاريع الأقل تكلفة والأسرع في تحقيق التدفقات النقدية.
وقد لاحظنا مطلع العام الجاري 2025 أن الشركة أوقفت مشروعًا في قطاع الهيدروجين الأخضر أيضًا في أستراليا بقيمة استثمارية 600 مليون دولار أمريكي، مع انتظار تقديم دعم مالي سخي. ولذلك لا يمكن قراءة مثل هذه القرارات سوى أنها إعادة ترتيب لأولويات الشركة، وليس بسبب عدم جدوى الهيدروجين، في عُمان أو غيرها.
بالنسبة لسلطنة عُمان- وبعكس ما يتصوره البعض- فإن النموذج العُماني في هذا القطاع يتمتع بعدة خصائص تجعل أثر الانسحاب محدودًا؛ حيث إن عُمان لم تضخ أي رأس مال حكومي في المشروع، وأن ما مُنح هو حق انتفاع بالأرض، وهذا إجراء تحفيزي معتاد في مشاريع الطاقة، ما يعني أن الحكومة- والميزانية العامة للدولة- لا تتحمل أي خسائر مالية نتيجة انسحاب أي شركة، كما تحتفظ بالقدرة على إعادة تخصيص الأرض لمطوِّر آخر.
وفي حال نجاح المشاريع، فإننا نستفيد بأكبر قدر من العوائد؛ لأننا لم نتحمل تكلفة التطوير، وهو نموذج استثماري يُقلِّل المخاطر على المال العام، ويُركِّز على جذب المُطوِّرين ذوي القدرة المالية والخبرة. وتتمتع عُمان بمساحات شاسعة من الأراضي المؤهلة في محافظة الوسطى، وهو ما يمنحنا مرونة عالية في التخطيط طويل المدى دون أن نخسر فرصًا اقتصادية أخرى.
لذا يجب التركيز على المشاريع الخضراء الأخرى الأكثر جاهزيةً وتمويلًا؛ فهناك مشاريع في الحديد الأخضر والأمونيا الخضراء، وسط توقعات بطلب صناعي حقيقي، الأمر الذي سيرفع من قيمة الأراضي والبنية الأساسية التي يجري الاستثمار فيها. ولدينا عدد من المشاريع التي دخلت مرحلة التنفيذ مثل مشروع "أكمي" الذي يستهدف إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء.
وفي الختام.. لا ريب أن أي رؤية اقتصادية واعدة تواجه التحديات، فهذه طبيعة الأمور، ولا يعيب قطاع أو يُقلل من جاذبيته انسحاب شركة هنا أو تأخر تنفيذ مشروع هناك؛ لأن الاستثمارات بطبيعتها عُرضة للمخاطر المتنوعة، وكما تقول القاعدة الاقتصادية "رأس المال جبان"، ولا ينبغي أن يدفعنا أي تحدٍ للتوقف عن مواصلة الطريق، وإنما علينا بالمثابرة والاستمرارية، فالوصول إلى خط النهاية في المارثون يُحققه صاحب النفس الطويل، وليس الأكثر شهرةً!