د. أحمد السبكي يكتب.. حلم تحول إلى حقيقة
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
قصة نجاح مصر فى التخلص من فيروس سى هى إنجاز غير مسبوق يبهر العالم أجمع، يجب على كل مصرى أن يفخر به. إنها لحظة عظيمة تثير الفخر الشخصى لى وللمؤسسات الصحية فى مصر، وذلك لأن قصة نجاح مصر فى التخلص من فيروس سى هى أقرب للحلم الذى تحول لحقيقة ويجب أن تُروى، لتخلد فى تاريخ الصحة فى مصر.
حققت الدولة المصرية عدة إنجازات على مدار السنوات الأخيرة، وأصبحت قضية الصحة من أولويات القيادة السياسية وأجهزة الدولة، وما قامت به مصر فى القضاء على فيروس سى يُعتبر إنجازاً كبيراً ونقطة تحول فى نظام الرعاية الصحية فى البلاد، ولولا رؤية وإرادة رئيس الجمهورية لما تمكنت مصر من تحقيق الإنجاز.
كان فيروس سى تحدياً كبيراً أمام حلم المصريين فى تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتنفيذ نظام التأمين الصحى الشامل. وكانت مصر من أكبر دول العالم من حيث انتشار الفيروس، وكان من الصعب تنفيذ نظام التأمين الصحى الشامل فى ظل وجود فيروس سى، لذلك قامت مصر بمبادرة للقضاء على الفيروس كخطوة أولية نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، فوجود فيروس سى يزيد من تكاليف الرعاية الصحية بسبب تعقيدات المرض وارتباطه بسرطان الكبد، مما يسبب تكاليف علاجية مرتفعة قد تؤثر على ميزانية نظام التأمين الصحى الشامل. لذلك فإن قضاء مصر على فيروس سى والجهود التى بُذلت منذ عام 2018 فى مجال الصحة فتحت الباب أمام تنفيذ نظام التأمين الصحى الشامل بنجاح واستدامة.
وفى عام 2018، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى -قائد الإصلاح الصحى التاريخى فى مصر- مبادرة 100 مليون صحة، وهى مبادرة غير مسبوقة فى تاريخ مصر والعالم وحققت نجاحاً باهراً، حيث تم فحص أكثر من 58 مليون مواطن فى 7 أشهر، واكتشاف 2.2 مليون مصاب بفيروس سى، وعلاجهم بالمجان، وفحص حوالى 44 مليون مواطن للأمراض غير السارية، وتقديم الإرشادات والتثقيف الصحى لهم.
وبعد كل هذه الجهود تكللت كل المجهودات بنجاح مصر فى القضاء على فيروس سى، ولاقت تجربة مصر فى القضاء على فيروس سى إشادة كبيرة من قبَل المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالصحة، التى اعتبرتها نموذجاً يُحتذى به فى دول العالم، بعدما استطاعت خفض انتشار فيروس سى إلى أقل من 1% من السكان، وتستهدف إزالة المرض بشكل كامل بحلول عام 2023، وهو ما تحقق بالفعل، كما شاركت مصر خبراتها وإنجازاتها فى القضاء على فيروس سى مع دول أخرى أفريقية وآسيوية.
تُعد الجهود المتكاملة والمتعددة المستويات التى تمت ضمن رؤية استراتيجية واضحة سبب نجاح مصر فى التخلص من فيروس سى وتمهيد الطريق للوصول إلى التغطية الصحية الشاملة. وقد أسفرت هذه الجهود عن تحسن كبير فى الحالة الصحية للمصريين. كما أدت هذه الجهود إلى تعزيز الثقة فى نظام الرعاية الصحية وتعزيز الشمولية والعدالة الاجتماعية فى الوصول إلى الخدمات الصحية.
تحية لكل من شارك فى هذه الملحمة الصحية التى سُطرت بأحرف من نور فى تاريخ مصر الطبى، وكل الشكر والتقدير للرئيس السيسى الذى أبى أن يرى مصر والمصريين يعانون من فيروس سى ليحقق حلماً رآه الكثيرون مستحيلاً وتتخلص معه مصر من كابوس فيروس سى للأبد، والشكر واجب لوزير الصحة والسكان وكل الوزراء السابقين الذين عملوا فى هذا الملف، ومجموعة العمل من وزارة الصحة التى بذلت قصارى جهدها لإعلان مصر خالية من فيروس سى والملحمة التى تمت من أفراد الفريق الطبى.
* رئيس هيئة الرعاية الصحية
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الصحة العالمية فيروس سي الرعایة الصحیة مصر فى
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أن تعرف… ليس كافيًا)
عبقرية الفيلم الذي يُصفِّق له العالم الآن، ليست أنه عرف (ماذا) يقول،
عبقريته أنه عرف (كيف) يقول.
والفيلم قصير جدًّا… ثمان دقائق فقط،
والدقائق هذه ليس فيها أي شيء:
طفل مشلول راقد على ظهره ينظر إلى السقف،
والمشاهدون ينظرون إلى هذا الطفل… وينتظرون.
دقيقة… دقيقتان… خمس دقائق… سبع…
والمتفرجون الذين أُصيبوا بالضجر يتساءلون: ما هذا؟
وبعد الدقيقة السابعة، يقول المعلِّق في الفيلم للمشاهدين:
“تتضجرون أيها السادة من مشهدٍ ثابت أمام عيونكم لسبع دقائق…
بينما هذا الطفل المشلول، الذي يرقد على ظهره، لا يرى غير هذا السقف منذ سبع سنوات!”
النهاية…
عبقرية الفيلم أنه لم يتحدث… ما فعله هو أنه جعل (نفس) كل أحد هي التي تتحدث.
……
وفي البحوث… في الغرب… يتخلّون الآن عن كل شيء، ويقولون للنفوس:
تكلمي أنتِ.
وفي جامعة ميريلاند تُجرى تجربة:
يقسمون الطلاب قسمين…
قسم هم السجّانون، والآخر هم السجناء (متطوّعون).
ويُعلَّم السجّانون أنه لا حساب عليهم في أي شيء يفعلونه بالسجناء هؤلاء.
فينطلق السجّانون، ويرتكبون من الفظائع ما يجعل الجامعة تُسارع بإيقاف التجربة…
…….
وفي عرض آخر، الممثلة البلغارية مارينا أبراموفيتش تقف في الطريق،
وتعلن أن كل أحد يستطيع أن يفعل بها ما يشاء، دون عقوبة.
والناس الذين يتجمّعون حولها ينطلقون…
أولًا، كانوا حذرين، وهم يجذبون ثيابها… وقرصة… وما قُذر فوقها… و… و…
ثم يتطور الأمر، وكل أحد يبتكر أذًى مخيفًا يصبّه عليها.
ولم يخطر لأحد أن (الحماية) هي نوع من التصرّف…
النفوس هي هذه.
……..
وعبقرية الرسم بالكلمات تكتب حكاية سودانية مدهشة،
وفيها: السماك يجد زجاجة في النهر… والزجاجة قديمة، مغطاة بالطحالب.
ويجد الرجل في داخلها رسالة.
والرسالة تقول: “تعال وتزوّجني”، ثم العنوان، وصورة لفتاة مليحة.
ويقرّر الرجل أن يذهب إلى هناك.
ويذهب… وكان البيت واضحًا،
ويطرق الباب، ويدخل، وتستقبله امرأة تبدو في الخمسين… لا بد أنها أم صاحبة الرسالة.
وصورة معلقة على الحائط تجعل قلب الرجل يقفز… كانت هي الصورة ذاتها التي وجدها في الزجاجة.
ونظرات المرأة المتسائلة – تسأل عن سبب الزيارة – تجعل الرجل يشير إلى الصورة المعلّقة على الحائط ويقول ضاحكًا:
إنه وجد الزجاجة.
وعيون المرأة تقول إنها لم تفهم…
وفي اندفاع، يخرج الرجل الزجاجة من تحت ثيابه، ويُخرج الصورة، ويقول في مرح، ويلوح بالرسالة:
“أنا العريس…”
ولحظات تمر… والمرأة تحاول أن تفهم…
ثم تفهم.
ثم تشهق… ثم تنفجر بالضحك،
ثم تنفجر بالبكاء… ثم تقول من تحت ضحكة حزينة:
“لقد جئت متأخرًا يا أستاذ… متأخرًا ثلاثين سنة.”
كانت المرأة هي صاحبة الصورة…
القصة كتبناها عن عرس السودان…
كتبناها أيام كنا نكتب القصة.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب