دراسة: 10 ساعات من الجلوس تكفي للإصابة بالخرف
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
منذ عقود، تربط الأبحاث بين الجلوس لفترات طويلة، وعدة مخاطر صحية تشمل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم، وزيادة مستويات الكوليسترول الضار، وتراكم الدهون حول الخصر.
واعتبر باحثون حللوا 13 دراسة حول مدة الجلوس ومستويات النشاط، أن جميع أنواع الجلوس لفترات طويلة ضارة جدا، سواء كان على أريكة أو مقعد، أمام شاشة أو مكتب، أو خلف عجلة قيادة، حيث يحرق الجلوس سعرات أقل مما يحرقه الوقوف أو التحرك.
ووفقا لموقع "مايو كلينك"، أشار الباحثون إلى أن "من يجلسون أكثر من 8 ساعات في اليوم دون القيام بأي نشاط بدني، هم عرضة لخطر الوفاة بسبب الأمراض القلبية والسرطان، وخصوصا مع التقدم في السن"، كما أوصوا بأخذ فترة استراحة من الجلوس كل 30 دقيقة، والتحرك ولو لإحضار فنجان من القهوة.
ورغم أن سلبيات الإفراط في الجلوس قد تكون معروفة لمعظم الناس، لكن تأثيره على صحة الدماغ لم يكن واضحا قبل صدور الدراسة التي أجراها علماء في جامعة جنوب كاليفورنيا وجامعات أخرى، ونُشرت في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، ووجدت أن "الأشخاص الذين يبقون جالسين لساعات طويلة في العمل والمنزل، هم أكثر عرضة للإصابة بالخرف من الأشخاص الذين يجلسون أقل".
وأشار الباحثون إلى أن الآثار السلبية للجلوس لفترات طويلة يمكن أن تكون قوية للغاية، وأنه حتى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام يواجهون مخاطر أكبر إذا جلسوا معظم اليوم.
كما أكدت النتائج امتداد عواقب الجلوس لتشمل التأثير على عقولنا وأجسامنا، لدرجة قد تجعل ممارسة الرياضة في حد ذاتها غير كافية لحمايتنا.
وقال أندرو بودسون، أستاذ علم الأعصاب في جامعة بوسطن، لصحيفة "واشنطن بوست" إن الدراسة التي حللت بيانات ما يقرب من 50 ألفا من البريطانيين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر، والذين لم يصابوا بالخرف عندما انضموا إلى الدراسة، دعمت فكرة أن "قضاء المزيد من الوقت في السلوكيات الخاملة يزيد من خطر الإصابة بالخرف".
وأظهرت الدراسة أن الرجال والنساء الذين يجلسون لمدة تصل إلى 10 ساعات يوميا، تعرضوا لزيادة خطر الإصابة بالخرف خلال السنوات السبع التالية بنسبة 8%، مقارنة بمن جلسوا أقل من 10 ساعات". كما تضخمت المخاطر لتصل إلى "الإصابة بالخرف بنسبة 63% لدى من أمضوا قرابة 12 ساعة جالسين.
وقال الدكتور دايفيد رايشلين، أستاذ العلوم البيولوجية في جامعة جنوب كاليفورنيا "إن الجلوس في المكتب طوال اليوم، ثم في السيارة، ثم أمام التلفزيون، يحمل خطرا متزايدا للذاكرة، وقد يسبب التدهور المعرفي".
وأوضح أن "تدفق الدم في المخ يتأثر بالجلوس، مما يقلل من إمدادات الدماغ من الأكسجين والطاقة"، بالإضافة إلى ما يُسببه تناول الوجبات الخفيفة أو غير الصحية أثناء الجلوس لساعات أمام الشاشات "من أضرار لصحة الدماغ على المدى الطويل".
ومن المثير للدهشة أن الباحثين لم يجدوا فائدة تذكر من التمارين الرياضية، إذا كان الأشخاص يمارسونها ثم يجلسون لمدة 10 ساعات أو أكثر، وقالوا "إن هؤلاء عرضة للإصابة بالخرف مثل الأشخاص الذين لم يمارسوا الرياضة كثيرا".
حتى الرياضة لن تُفيدإذا كنت ممن يجدون راحتهم ومتعتهم في قضاء عُطلة نهاية الأسبوع، أو فترة ما بعد العودة من العمل، جالسا أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفاز، فقد تتعرض لخطر الإصابة بمجموعة متنوعة من المشكلات الصحية، حتى مع المواظبة على الرياضة.
وظلت معظم الأبحاث العلمية تتناول ممارسة الرياضة بشكل منفصل عن فترات الجلوس، على أساس أن "نصف ساعة من النشاط البدني يوميا، تكفي لتعزيز صحتنا ومعنوياتنا"، واستنادا إلى توصيات منظمة الصحة العالمية والخبراء "بممارسة الرياضة بشكل معتدل أو المشي السريع، لمدة لا تقل عن 30 دقيقة معظم أيام الأسبوع".
غير أن دراسة شاملة أجريت في فنلندا ونُشرت في عام 2022، وشارك فيها أكثر من 3700 رجل وامرأة، أظهرت "ارتفاع نسبة السكر في الدم والكوليسترول والدهون في الجسم" لدى العديد ممن مارسوا الرياضة لمدة نصف ساعة، ثم جلسوا لمدة 10 أو 11 أو 12 ساعة يوميا.
وفي المقابل، لوحظ أن الذين نهضوا وتحركوا في كثير من الأحيان، سواء عن طريق المشي العادي، أو ممارسة المزيد من الرياضة، "كانوا أكثر صحة، من هواة الجلوس على الأريكة".
وقال الدكتور وحيد فرحي، العالم بجامعة أولو الفنلندية والمُشرف على الدراسة، إن التمرين اليومي لمدة 30 دقيقة "قد لا يكون كافيا" للتخفيف من سلبيات الجلوس لفترات طويلة، وأضاف أن "النتائج تُخبرنا أننا إذا مارسنا الرياضة وجلسنا لفترات طويلة بقية اليوم، فكأننا لم نمارس الرياضة على الإطلاق".
ولاحظ الباحثون تحسنا طفيفا بين الأشخاص الذين قطعوا وقت جلوسهم بفترات راحة، "إذا نهضوا وتجولوا، بشرط ألا تصل مدة جلوسهم إلى 10 ساعات أو أكثر في اليوم، لأن المخاطر لن تتغير كثيرا في هذه الحالة، ولأن المهم في النهاية هو عدد الساعات الإجمالية التي يقضيها الشخص على الكرسي معظم الأيام".
وأشارت رايجا كوربيلاينن، أستاذة التمارين الصحية في جامعة أولو إلى أن "الدرس المستفاد" هو أننا -بالإضافة إلى ممارسة الرياضة- نحتاج إلى التحرك بشكل متكرر من خلال القيام بالتنظيف، وصعود السلالم، والمشي في الردهات، لأن كل حركة إضافية يمكن أن تكون مفيدة".
أيضا، اقترح الدكتور ماثيو بومان، الأستاذ بجامعة أريزونا "وضع الأشياء بعيدا، للتشجيع على النهوض والتحرك. وقال الدكتور وحيد فرحي "المهم أن نحاول أن نتحرك أكثر، كلما أمكننا، ولو بالذهاب والنظر من النافذة من آن لآخر".
كما أوضح الدكتور دايفيد رايشلين أن تقليل الجلوس هو أفضل طريقة لتقليل الإصابة بالخرف، ونصح من تتطلب وظيفته الكثير من العمل المكتبي واستخدام الكمبيوتر بالجلوس فترة أقل والتحرك أكثر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجلوس لفترات طویلة ممارسة الریاضة الإصابة بالخرف الأشخاص الذین فی جامعة
إقرأ أيضاً:
دواء شهير لآلام الظهر تحت المجهر بعد ربطه بمخاطر الخرف
إنجلترا – كشفت دراسة جديدة عن وجود علاقة محتملة بين استخدام دواء شائع لعلاج آلام أسفل الظهر وارتفاع خطر الإصابة بالخرف وضعف الإدراك، ما يسلط الضوء على إعادة تقييم استخدام هذا الدواء.
وفي التسعينيات، اعتمدت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) دواء “غابابنتين” (Gabapentin)، المعروف تجاريا باسم “نيورونتين”، لعلاج آلام الأعصاب والصرع. ومنذ ذلك الحين، بات يُستخدم على نطاق واسع لعلاج حالات الألم المزمن، بما في ذلك آلام الظهر، وغالبا ما يُؤخذ ثلاث مرات يوميا.
وفي الدراسة الجديدة، راجع فريق من الباحثين من جامعة “كيس ويسترن ريزيرف” في ولاية أوهايو سجلات صحية لأكثر من 26000 مريض أمريكي تناولوا “غابابنتين” بين عامي 2004 و2024 لعلاج آلام مزمنة خفيفة.
ووجد الباحثون أن خطر الإصابة بالخرف ارتفع بنسبة 29% لدى المرضى الذين وُصف لهم “غابابنتين” 6 مرات على الأقل، ووصل إلى 40% لدى من تلقوا الدواء أكثر من 12 مرة. كما زادت احتمالية الإصابة بما يعرف بـ”ضعف الإدراك الخفيف” (MCI) بنسبة 85%، وهي حالة تعد أحيانا مقدّمة لمرض الخرف.
ورغم أن هذه العلاقة ظهرت لدى المرضى من مختلف الأعمار، فإن التأثير كان أكثر وضوحا في الفئة العمرية بين 35 و49 عاما، إذ تضاعف خطر الخرف وضعف الإدراك مقارنة بمن هم في سن أصغر.
وأوضح الباحثون أن نتائجهم تظهر ارتباطا فقط بين استخدام “غابابنتين” وزيادة خطر الخرف، لكنها لا تثبت وجود علاقة سببية مباشرة. وقالوا إن المرضى الذين يتناولون هذا الدواء لفترات طويلة يجب أن يخضعوا لمراقبة إدراكية دقيقة لتقييم احتمالات التدهور الذهني.
وأشار خبراء مستقلون إلى وجود عوامل أخرى قد تكون مؤثرة، مثل قلة النشاط البدني لدى الأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة، وهو ما قد يفسر جزئيا ارتفاع معدل الإصابة بالخرف. كما أن الدراسة لم توثق جرعات الدواء أو مدة الاستخدام بدقة، ما يعد أحد قيودها المنهجية.
وقالت الدكتورة ليا مورسالين، رئيسة قسم الأبحاث السريرية في مركز أبحاث ألزهايمر بالمملكة المتحدة: “رغم قوة الدراسة من حيث حجم العينة، فإنها تظهر فقط علاقة ارتباط ولا تؤكد أن “غابابنتين” هو السبب المباشر في الإصابة بالخرف”.
وأشارت إلى أن الدراسات السابقة التي تناولت استخدام “غابابنتين” في سياقات مختلفة، مثل علاج الصرع، لم تظهر أي ارتباط مماثل.
ومن جهتها، نبهت البروفيسورة تارا سبايرز-جونز، مديرة مركز علوم الدماغ بجامعة إدنبرة، إلى أن انخفاض النشاط البدني عامل خطر رئيسي يجب أخذه في الاعتبار، إذ يُحتمل أن المرضى الذين يستخدمون “غابابنتين” كانوا يعانون من انخفاض في الحركة والنشاط.
نشرت الدراسة في مجلة Regional Anesthesia & Pain Medicine.
المصدر: ديلي ميل