خبير آثار يطالب بتسجيل عامود السواري تراثا عالميا
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
أكد خبير الأثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن عامود السواري هو أعلى نصب تذكارى فى العالم كما تتوافر فيه معايير القيمة العالمية الاستثنائية، ومنها المعيار الأول باعتباره يمثل تميزًا فنيًا فى العمارة يتجسّد فيه الإبداع والعبقرية، وكذلك المعيار السادس لارتباطه بشخصيات وأحداث تاريخية هامة.
يقع عامود السواري بمنطقة معبد السرابيوم وهو من بقايا المعبد المسجل كأثر بالقرار رقم 556 لسنة 2000 فى المنطقة التى كانت تعرف بأكروبوليس المدينة أى المكان المرتفع، في الحي الخامس من أحياء الإسكندرية وهو الحي الوطني أو حي راقودة وكانت تلك المنطقة قبل قدوم الاسكندر الأكبر جزءًا من ١٦ قرية مصرية وبعد دخول الاسكندر عرفت باسم (أكروبوليس المدينة)
وسرابيوم الإسكندرية هو المعبد الذى خصص للمعبود سرابيس رأس ثالوث الإسكندرية (سرابيس، إيزيس، حربوقراط) وسرابيس هو نفس المعبود المصرى أوزير حابى، أما سرابيس فهو مشتق من العجل أبيس الذى يتحد مع أوزير مكونًا أوزير حابى أو سرابيس وهو العجل أبيس بعد موته
أنشأ معبد السرابيوم بطليموس بن لاجوس (بطليموس الأول) ليكون مقرًا للديانة الجديدة، المعبد مستطيل مبنى من الحجر المكسو بالرخام وكان قدس الأقداس يضم تمثالًا ضخمًا لسرابيس، وكان المعبد يضم مكتبة كبيرة أطلق عليها المكتبة الصغرى للتمييز بينها وبين مكتبة الإسكندرية الكبرى، وكان يتقدمه مسلتان وبداخل الساحة المقدسة كانت هناك نافورة وحوض والعديد من الحمامات.
وأشار الدكتور ريحان إلى تعرض المعبد للتدمير فى عهد الإمبراطور تراجان وأعيد بناؤه فى عهد هادريان وبعد أن أصبحت المسيحية الديانة الرسمية فى البلاد أقيمت كنيسة يوحنا المعمدان على أطلال المعبد.
وكشف عن العجل أبيس الملحق بالمكتبة الصغرى فى حفائر عام 1895م بواسطة " بوتى " تلتها حفائر المتحف اليونانى الرومانى برئاسة " آلان رو " مدير المتحف موسم حفائر 1943- 1944 وكشفت عن ثلاث مجموعات من الأثاث بالركن الجنوبى الشرقى والجنوبى الغربى للمعبد.
وتضم المنطقة الآن بعض الممرات تحت سطح الأرض والتى كانت تمثل المكتبة الصغرى لوجود عددًا من الفجوات بالجدران يعتقد أنها المكان المخصص لوضع لفائف البردى وكذلك العديد من التماثيل من عصر مصر القديمة والعصر اليونانى والرومانى.
ويتابع الدكتور ريحان أن عامود السوارى هو المتبقى من معبد السرابيوم مسجل بالقرار رقم 129 لسنة 2001 وقد شيد من قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر، طوله 20,75م، وقطره عند القاعدة 2,70م وعند التاج 2,30م، والارتفاع الكلى للعامود بالقاعدة والتاج 26,85م.
وقد أطلق على عمود السوارى فى فترة الحروب الصليبية (عمود بومبى) وذلك لاعتقاد الصليبيين أن بومبى القائد الرومانى الذى لجأ إلى مصر هربًا من يوليوس قيصر قد قتله المصريون ووضعوا رأسه فى جرة وضعت فوق العامود تأثرًا بما تم مع الإمبراطور الرومانى تراجان حيث وضع رماد جثته فى جرة وضعت فوق عمود تراجان بروما.
وينوه الدكتور ريحان إلى حقيقة التسمية بعمود السوارى فقد أطلقها المسلمون حين فتح مصر لارتفاعه الشاهق، وبخصوص تأريخ العمود فقد وجدت نقوش عديدة بقاعدة العمود تؤرخ لعصور مختلفة أقدمها نقش باسم سنوسرت الثانى من الأسرة الثانية عشر.
وهناك نقش بالجانب الغربى من القاعدة باللغة اليونانية غير مكتمل لـتآكل سطح القاعدة، وهو مكون من أربعة أسطر ومن خلال ترجمته يتضح أن هذا العمود أقيم بعد قيام ثورة القائد الرومانى " أخيل" فى الإسكندرية ولاقت ترحيبًا من الشعب الإسكندرى مما أدى لقدوم الإمبراطور دقلديانوس إلى مصر وحاصر الإسكندرية ثمانية أشهر وأدت الثورة لدمار المدينة وتخريب منشئاتها، وقد قام دقلديانوس بإعادة تنظيم المدينة فأشاد الشعب المصرى بجهوده وأقاموا هذا العمود ونقشوا هذا النص عليه لتخليد أعماله، كما أن النص يشير إلى تمثال كان يعلو العمود للإمبراطور دقلديانوس.
وعند زيارة الرحّالة ابن بطوطة للإسكندرية عام ١٣٢٦م قال (من غرائب هذه المدينة عمود الرخام الهائل الذي بخارجها المسمي عندهم بعمود السواري وهو متوسط فى غابة نخل وقد امتاز عن شجراتها سموًا وارتفاعًا، قطعة واحدة محكمة النحت قد أقيم على قواعد حجارة مربعة أمثال الدكاكين العظيمة ولا تعرف كيفية وضعه هنالك ولا يتحقق من وضعه)
وتشير الآثارية سامية جمال المتخصصة فى الآثار اليونانية والرومانية إلى أن حفائر (آلان رو) مدير المتحف اليونانى الرومانى موسم حفائر 1943- 1944 كتشف عن أساسات معبد السرابيوم والتى حددت فترة بناء المعبد في عهد بطلميوس الثالث، ويبدو أن بطلميوس الثالث بدأ تشييد معبد الاله سرابيس وفي فترة لاحقة شید معبد ايزيس وأضاف بطلميوس الرابع معبد لحربوقراط ليستكمل بذلك منشآت عبادة الثالوث السكندري، وتعد الإلهة إيزيس وابنها حربوقراط من الآلهة المصرية الأصيلة
وتوضح سامية جمال أن تخطيط المعبد مستطيل على شكل المعابد والمنازل اليونانية، وكان البناء في مجمله علي الطراز اليوناني، ويحيط بالمعبد أروقة مزدوجة قائمة علي أعمدة تيجانها مصنوعة من البرونز المذهب ووسط هذه الأروقة يوجد هيكل سرابيس يتوسطه تمثال للإله في وضع يجعل الشمس مسلطة علي وجهه مباشرة، وكان الجزء الأوسط من المعبد مخصصًا للمعبود سرابيس، والغربي للمعبودة ايزيس وخصص الجزء الشمالي للمعبود حربوقراط
وتنوه الآثارية سامية جمال إلى هدم هذا المعبد البطلمي ليبنى بدلًا منه معبدًا آخر روماني مستطيل الشكل، وهذا المعبد بني من الأحجار وكسي بمادة الرخام وزخرف بالذهب والفضة والبرونز، وقد تسببت ثوره اليهود بالإسكندرية خلال عصر الامبراطور تراجانوس 98 – 117م في تدمير المعبد وبني بدلًا منه في عهد هادریانوس 117 - 138م معبدًا جديدًا لنفس المعبود
جسم عامود السوارى من قطعة واحدة، وفى الجانب الغربي من العمود قاعدتان يمكن الوصول إليهما بسلم تحت الأرض ويوجد تمثالان مشابهان لأبوالهول مصنوعان من الجرانيت الوردي، يرجع تاريخهما إلي عصر بطلميوس، على إحداهما تقش الملك حور محب من الأسرة الثامنة عشر
المعبد مفتوح للزيارة من 9 صباحًا إلى 5 مساءً، رسوم الدخول للطالب المصرى 5 جنيه ومجانًا لطلبة الآثار والسياحة
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاعلى للثقافة الحضارة المصرية المجلس الأعلى للثقافة معبد ا
إقرأ أيضاً:
تونس: صيف 2025 الأكثر حرارة من المعتاد وتحذيرات من آثار مناخية محتملة
تونس - تتجه أنظار التونسيين إلى صيف 2025 بقلق متصاعد وهاجس كبير، في ظل توقعات تتحدث عن حرارة تفوق المعتاد، وسط تحذيرات جدية من انعكاسات مناخية قد تزيد أعباء الأزمات البيئية والصحية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، بحسب سبوتنيك.
وكان المعهد الوطني للرصد الجوي في تونس (مؤسسة رسمية) قد حذر من تسجيل درجات حرارة أعلى من المعدلات المناخية المرجعية، متوقعا أن يكون هذا الصيف أكثر حرارة من المعتاد وأشدّ جفافا.
وتشهد تونس خلال السنوات الأخيرة موجات حر غير مسبوقة، ناجمة عن ظاهرة "التطرّف المناخي" التي تتغذى من الاحتباس الحراري العالمي. وقد أدّت هذه الموجات الحارة إلى تصاعد حرائق الغابات التي اجتاحت مساحات واسعة من الغطاء النباتي، مما زاد من المخاوف بشأن قدرة البلاد على مواجهة هذه الكوارث البيئية المتكررة وتأثيراتها السلبية على حياة الناس والبيئة على حد سواء.
ويُصنف تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة)، منطقة شمال أفريقيا، ومنها تونس، كأحد أكثر المناطق تعرضا لهشاشة موجات الحرّ، مع ازدياد مخاطر الجفاف الممتد وتراجع مصادر المياه العذبة التي باتت تهدد الأمن المائي والغذائي في البلاد.
وأضافت التغيرات المناخية هاجسا جديدا يثير قلق التونسيين، حيث لوحظ تزايد مقلق في حالات غرق المصطافين على السواحل خلال السنوات الأخيرة. ويُفسّر الخبراء هذه الظاهرة بارتفاع درجة حرارة مياه البحر، التي أدت إلى تغير ديناميكية التيارات البحرية، ما خلق دوامات خطيرة حتى في المناطق المعتادة للسباحة، ليصبح البحر بذلك بمثابة "مصيدة" غير متوقعة للمصطافين.
تغيرات مناخية مقلقة
يشرح الباحث في علم المناخ زهير الحلاوي، في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن تسجيل درجات حرارة أعلى من المعدل المعتاد ليس مفاجئا، بل هو نتيجة مسار طويل من الارتفاع المستمر الذي تشهده تونس منذ أكثر من عشر سنوات في سياق التغيرات المناخية العالمية.
ويرى الحلاوي، أن موقع البلاد في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تُوصف مناخيا بـ"النقطة الساخنة"، يجعلها معرضة بشكل خاص لهذا الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، مضيفا: "لا نتوقع أن يشذ صيف هذا العام عن القاعدة، بل بدأنا فعليا نشعر بهذا الارتفاع الواضح في درجات الحرارة".
ويلفت الباحث في علم المناخ إلى سمة جديدة مثيرة للقلق في تطور الظواهر الحرارية، تتمثل في أن الحرارة لم تعد تنخفض ليلا بالشكل المعتاد، وهو ما يعرف بـ"الراحة الليلية" في المناخ المتوسطي، ما يزيد من شدة الإجهاد الحراري ليلا ونهارا.
كما أشار إلى أن تونس تشهد سنويا موجات حر شديدة، مع أيام تصل فيها الحرارة إلى نحو خمسين درجة مئوية في الظل، ما يمثل ضغطا غير مسبوق على السكان والمنظومة الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ويؤكد الحلاوي أن هذه التوقعات التي نشرها المعهد الوطني للرصد الجوي تبدو منطقية تماما في ضوء هذه المؤشرات، داعيا إلى عدم اعتبارها مفاجئة، بل جزءًا من واقع مناخي جديد يتطلب يقظة وتخطيطا جديا للتكيف وتقليل الأضرار.
تداعيات مباشرة على السواحل والأنشطة الاقتصادية
ويرى زهير الحلاوي، أنّ تداعيات التغيرات المناخية لا تقتصر على موجات الحرّ وحدها، بل تتجاوزها إلى تأثيرات خطيرة على السواحل والمنظومة البيئية البحرية. يوضح أنّ من أبرز هذه التداعيات ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة تمدد المياه مع ازدياد حرارتها، وهو ما يهدد السواحل المنخفضة ويزيد من خطر انجرافها.
وأضاف: "معظم الأنشطة الاقتصادية في تونس متركزة على هذه السواحل، وفي مقدمتها السياحة الشاطئية التي تمثل ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، وأي تهديد حقيقي للسواحل يعني تهديدا مباشرا للقطاع السياحي، وما يعنيه ذلك من خسائر في العائدات وتراجع فرص العمل".
ويشير الحلاوي، إلى خطر آخر يتمثل في اختلال المنظومة البيئية البحرية، إذ يتسبب ارتفاع حرارة مياه البحر في نفوق الكائنات الحية البحرية، ما يؤدي إلى تراجع الثروة السمكية ويضر بقطاع الصيد البحري والإنتاج الاقتصادي المرتبط به. كما نبّه إلى خطر دخول أنواع دخيلة تستوطن المياه الدافئة لتحل مكان الكائنات المحلية، وهو ما يطرح إشكالا بيئيا واقتصاديا مزدوجا.
وشدد الحلاوي على أنّ هذه الظواهر المتشابكة تفرض على تونس العمل على مسارين متلازمين: التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة رغم كونها مساهما ضئيلا عالميا (حوالي 0.07 بالمائة)، والعمل بشكل جدي على التأقلم من خلال خطط مبنية على معرفة دقيقة بالمخاطر وآليات التصدي، وهو ما يتطلب تمويلات ضخمة ستكون عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة ما لم يتم دعمها خارجيا.
البحر.. مصيدة جديدة بفعل التغيرات المناخية
وتشهد السواحل التونسية هذه الفترة حوادث غرق متواترة، آخرها مأساة طفلة في الثالثة من عمرها جرفتها التيارات البحرية لمسافة كيلومترات في مدينة قليبية، إضافة إلى ثلاث حالات غرق في شاطئ سليمان بمحافظة نابل قبل يومين، وأربع حالات أخرى في محافظة المهدية قبل عشرة أيام بينهم ثلاثة من عائلة واحدة، إلى جانب عشرات عمليات الإنقاذ. هذه الحوادث المأساوية ألقت الضوء على خطر جديد يلاحق المصطافين في تونس.
يقول الأستاذ المبرز في الجغرافيا والباحث في الطقس عامر بحبة لـ "سبوتنيك"، إن تفسير هذه الظاهرة يبدأ من دراسة التيارات الشمالية القادمة من أوروبا وارتفاع سرعة الرياح، ما يؤدي إلى زيادة في ارتفاع الأمواج خاصة في السواحل الصخرية التي لا تمتص قوة الموج كما تفعل الشواطئ الرملية.
وأضاف: "زيادة على ذلك، يسهم زيادة سرعة الرياح وارتفاع الأمواج في ظهور تيارات عكسية خطيرة تعرف بالتيارات الساحبة، وهي قادرة على ابتلاع أي شخص عالق في مسارها".
وأشار بحبة، إلى أن التغيرات المناخية وارتفاع حرارة البحر يسهمان في تغيير ديناميكية هذه التيارات بشكل يجعلها تتكون فجأة وتصبح أكثر شراسة. وهو ما يفسر، حسب قوله، هذه الحوادث المفاجئة حتى في شواطئ اعتاد الناس السباحة فيها بأمان.
ويوصي الباحث في الطقس المصطافين بتوخي الحذر الشديد، عبر السباحة في المناطق المراقبة فقط، وتجنب السواحل الصخرية أو المناطق القريبة من الموانئ وكاسرات الأمواج، وخاصة في الأيام التي تشهد رياحا قوية وأمواجا عالية، مؤكدا أنّ الوعي بهذه الظواهر ومعرفتها أساسي للحد من مخاطرها وإنقاذ الأرواح.