على مدار 3 سنوات، تضمنت إدارتين رئاسيتين في البيت الأبيض بواشنطن، كثفت الولايات المتحدة الأمريكية جهودها الرامية؛ لإقامة تكامل أمني في الشرق الأوسط عبر ربط قوات الدفاع الإسرائيلية وجيوش الدول العربية المجاورة في بنية أمنية "ثورية".

ومن شأن التحالف العربي الإسرائيل المذكور الذي طمحت له أمريكا أن يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة تاريخياً، والأهم من ذلك، أنه سيتيح لواشنطن استثمار قوة أكبر للأمن في القوى الإقليمية، مما يسمح لها بتركيز المزيد من مواردها على منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

لكن تلك الجهود المستمرة منذ سنوات من قبل واشنطن، التي كانت تحلم بأن تتكل مساعيها بالنجاح انتهت بين عشية وضحاها يوم السبت الماضي، عندما شنت كتائب عز الدين القسام هجوم طوفان الأقصى على إسرائيل، حسبما كتب جو جو بوتشينو في مقال بموقع ذا هيل الأمريكية.

ووفق بوتشينو الذي شغل منصب مدير اتصالات القيادة المركزية الأمريكية من عام 2021 حتى سبتمبر/أيلول 2023، فإن واشنطن كانت تأمل أن تؤدي الشراكة الأمنية الرائدة بين إسرائيل والعرب في نهاية المطاف إلى التصدي للتهديدات المشتركة للجانبين وخاصة تلك القادمة من إيران.

وبحسب العسكري الأمريكي فإن طوفان الأقصى الذي وصفه بأنه هجوم 11 سبتمبر/ أيلول لمنطقة الشرق الأوسط سيؤدي إلى إعادة تشكيل البنية الأمنية في الشرق الأوسط لعقود من الزمن.

وأوضح أن ضراوة هجوم لم تكن فقط التي دقت أجراس الإنذار، بل أيضا ما كشفه من فجوات واسعة بين الدول العربية وإسرائيل أكدت عمق الانقسام بين الجانبين، رغم الجهود الدبلوماسية التي بذلتها أمريكا.

فجوة واسعة

وأوضح بوتشينو أن ردود فعل بعض الدول العربية عقب هجوم حماس الجريء والقوى على إسرائيل، تسلط الضوء على بعد موقف دولة الاحتلال من حلفائها المحتلمين للتكامل الأمني.

واستشهد بالبيانات السعودية والقطرية التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل، مؤكدا أنها ليست مجرد خطاب دبلوماسي، لكن المشاعر الدولتين الخليجيتين توضحان أن الخلافات العقيقة مع تل أبيب لا تزال قائمة وربما لا يمكن إصلاحها.

اقرأ أيضاً

أمريكا تجمد وصول إيران لأموالها الموجودة في قطر.. ما علاقة طوفان الأقصى؟

وذكر أن بيان السعودية التي كانت في طريقها للتطبيع مع إسرائيل، أدان الأخيرة بينما أظهر تلميحات بالتعاطف مع حماس، مشيرا أن هذا انحراف موقف الرياض بعيدا عن تل أبيب يهز أسس البنية الأمنية المقترحة من قبل واشنطن.

بينما حملت قطر بشكل مباشر مسؤولية التصعيد لإسرائيل، فإن الرسائل الموحدة للبيانات الصادرة من الرياض والدوحة وأيضا طهران تمثل إجماعا ضد إسرائيل، وبالتالي ضد المصالح الأمريكية، مما ينحرف بشكل حاد عن مبادئ التكامل الأمني المقترح.

مؤشرات سابقة

واعتبر العسكري الأمريكي السابق، أن مؤشرات عدم الحماس بالتكامل الأمني مع الولايات كانت موجودة قبل هجوم حماس على إسرائيل، مستشهدا برفضه بشكل متكرر من السعودية والإمارات.

وكر أن الإمارات لا تزال لديها شكاوى بشأن ما تعتبره رداً أمريكياً فاتراً على الهجوم الصاروخي الحوثي في يناير/كانون الثاني 2022. ولم يتردد الحاكم الإماراتي، محمد بن زايد، في تهميش جهود المصالحة في اليمن التي تبذلها إدارة بايدن.

 ورأي أن قرار الرئيس الإماراتي الأخير بسحب الإمارات من قوة العمل التي تقودها الولايات المتحدة لحماية الممرات البحرية المحورية حول شبه الجزيرة العربية كان بمثابة إزدراء متعمد لواشنطن.

ومن ناحية أخرى، كان تحول السعودية نحو الصين مؤشراً آخر على أن البناء الأمني الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة ربما لم ينجح أبداً.

كما استشهد بوتشينو بمواصلة الرياض زيادة مشترياتها من الأسلحة من الصين، واتجاها مؤخرا نحو الشرق بدلاً من الولايات المتحدة للفصل في صراعها مع وكلاء إيران.

 وفي وقت سابق من هذا العام، وافقت السعودية على الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون- التي تقودها الصين باعتبارها "شريكاً في الحوار".

 وبالتزامن مع ذلك كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يجري مفاوضات أيضا مع الولايات المتحدة للتطبيع مع إسرائيل واشترط على واشنطن لتحقيق هذا الإجراء الحصول ضمانات أمنية، وأسلحة أمريكية ودعم مبادرة الطاقة النووية المدنية.

ورأي بوتشينو أن مفاوضات بن سلمان مع الصين وفي نفس الوقت مع الولايات المتحدة وإسرائيل تؤكد أن أي تحالف أمني إقليمي بين الدول الخليجي والعربية والدولة العبرية سيتم بنائه على رمال متحركة.

وخلص العسكري الأمريكي السابق أنه وفقا لتلك المعطيات فإنه يجب على الولايات المتحدة إعادة تقييم فورية لأولويات السياسة الخارجية في الشرق الأوسط وإعادة ضبط الارتباطات الأمريكية مع الحلفاء الإقليميين.

اقرأ أيضاً

لم تؤخذ في الحسبان.. إسرائيل تقر بتلقي إشارات قبل هجوم طوفان الأقصى

 

المصدر | ذا هيل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: ذا هيل طوفان الأقصى الصراع العربي الإسرائيلي الولایات المتحدة الشرق الأوسط طوفان الأقصى على إسرائیل

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب تحذّر إسرائيل: وقف حرب غزة أو خسارة الدعم الأمريكي

ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” نقلاً عن مصدر مطلع في إدارة الرئيس ترامب أن واشنطن أبلغت إسرائيل بوضوح أنها قد تتخلى عن الدولة العبرية إذا لم تتوقف الحرب في قطاع غزة، وأكد المصدر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستطيع إنهاء الحرب إذا توافرت الإرادة السياسية، لكنه يفتقر إليها في الوقت الحالي.

وأشار المصدر إلى أن نتنياهو روّج في اجتماع مجلس الوزراء يوم الأحد لفكرة استئناف المساعدات على أنها مجرد إجراء شكلي، في حين تصاعدت ضغوط ترامب مع استدعاء إسرائيل عشرات آلاف جنود الاحتياط وتصعيد القصف على غزة، واقتراب الوضع من نقطة اللاعودة.

وتشهد الحكومة اليمينية الإسرائيلية صراعات داخلية بين المتشددين الدينيين القوميين الذين يصرون على استمرار الحرب حتى تحقيق هزيمة حماس، وبين تزايد سخط المواطنين الإسرائيليين جراء استمرار الصراع المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا، بينما انحاز نتنياهو حتى الآن إلى صف المتشددين.

رغم ذلك، يؤكد مسؤولون في إدارة ترامب أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية لا تزال قوية، معبّرين في الوقت ذاته عن خيبة أملهم من أداء نتنياهو، في ظل سعي ترامب لتنفيذ وعده الانتخابي بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا بسرعة. كما يطالب المسؤولون نتنياهو ببذل المزيد من الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق مع حركة حماس للإفراج عن الرهائن المحتجزين.

من جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيمس هيويت، إن الإدارة الأميركية تواصل العمل مع إسرائيل لتحرير الرهائن الـ58 المحتجزين في غزة وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، مؤكداً أن إسرائيل لن تجد صديقًا أفضل من الرئيس ترامب في تاريخها.

أستراليا والأردن ينضمان إلى الضغوط الدولية على إسرائيل لفتح المعابر أمام المساعدات إلى غزة

تتصاعد الدعوات الدولية الموجهة إلى إسرائيل للسماح الفوري والكامل بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل تحذيرات منظمات أممية من كارثة إنسانية وشيكة. وفي أحدث هذه الدعوات، طالبت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني فونغ، تل أبيب بتمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أداء مهامها لإنقاذ الأرواح.

وقالت فونغ في بيان رسمي، الاثنين، إن أستراليا “تنضم إلى النداء الدولي لإسرائيل لاستئناف دخول المساعدات إلى غزة بشكل كامل وفوري”، مؤكدة ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل الرهائن.

بالتزامن، شدد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، على أن تجويع أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة يمثل “جريمة إنسانية”، داعياً المجتمع الدولي للتحرك العاجل لوقف الكارثة. وكتب الصفدي في تدوينة عبر منصة “إكس”: “العالم يتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية لإنهاء هذه الكارثة… يجب إيصال المساعدات فورا والسماح للأمم المتحدة بتوزيعها دون عوائق”.

وجاءت هذه المواقف بعد ضغوط سابقة مارسها قادة بريطانيا وفرنسا وكندا على إسرائيل، حيث دعوا إلى وقف العمليات العسكرية والسماح الفوري بدخول المساعدات، ملوّحين بإجراءات ضد إسرائيل إن لم تستجب لتلك المطالب.

وبحسب بيان للجيش الإسرائيلي، فقد سُمح يوم الاثنين بدخول خمس شاحنات تابعة للأمم المتحدة محملة بمساعدات إنسانية، بما فيها أغذية مخصصة للأطفال، عبر معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، وذلك بعد موافقة محدودة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشار نتنياهو في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبرية، إلى أن هذه الخطوة جاءت استجابة للضغوط القوية التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حكومته، في إطار المساعي الرامية لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

وكانت إسرائيل قد أغلقت معابر غزة أمام المساعدات منذ مارس الماضي، ما دفع منظمات إنسانية دولية إلى التحذير من خطر مجاعة شامل في القطاع، نتيجة النقص الحاد في الغذاء والمياه والرعاية الطبية.

آخر تحديث: 20 مايو 2025 - 15:35

مقالات مشابهة

  • إدارة ترامب تحذّر إسرائيل: وقف حرب غزة أو خسارة الدعم الأمريكي
  • قبائل الحديدة تحتشد خلف طوفان الأقصى.. وقفة مسلّحة ومسيرات راجلة تجسّد الوفاء لفلسطين
  • العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
  • هكذا يخطط داعمو إسرائيل لسحق الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة
  • تقرير أمريكي: طوفان الأقصى استُخدم لنسف تطبيع الرياض وتل أبيب
  • أكسيوس: الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل وحماس لقبولهما مقترحا محدثا لوقف إطلاق النار
  • قبائل كحلان عفار في حجة تؤكد الجاهزية لمواجهة تصعيد العدو الصهيوني
  • عاجل- السيسي يبحث مع كبير مستشاري الرئيس الأمريكي تطورات الشرق الأوسط وإفريقيا
  • تقرير: "حماس" سعت لنسف التطبيع بين السعودية وإسرائيل
  • مناورة وتطبيق قتالي ومسير في السخنة بالحديدة لخريجي دورات طوفان الأقصى