يحدث -خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مركز عسكري في مستوطنات غلاف غزة- أن يشتمه أحد الضباط ويصفه بالكاذب، الأمر الذي دفعه لإلغاء كلمة كان مقررا أن يلقيها على الجنود والضباط.

 

وأكثر من ذلك، يكشف مراسل قناة 12 الإسرائيلية -الذي نقل الخبر- أن جنودا في الاحتياط يرفضون زيارة نتنياهو الذي "أتى إليهم تحضيرا لاجتياح بري محتمل لقطاع غزة".

 

هذه الحادثة قد تكون منفصلة أو فردية، ولكن إذا أسقطت على مسار الأحداث وسيل المطالبات بإقالة نتنياهو وتراجع شعبيته، قد تقرأ بأن هناك تصدعا بالجبهة الداخلية وسط حديث وسائل إعلام عبرية عن عمليات تمرد بعدد من ألوية الجيش وخاصة مع تصاعد الحديث عن اجتياح بري.

 

وتكشف الفيديوهات والأخبار القادمة من إسرائيل عن حالات ذعر وخوف بصفوف الجيش كل مرة تطلق الصواريخ على الأراضي المحتلة، بينما تكشف وسائل إعلام إسرائيلية عن قتل أو إطلاق النار على إسرائيليين بالخطأ معتقدين أنهم فلسطينيون أو مقاومون.

 

فمثلا، تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الجيش قتل مستوطناً بالخطأ في مستوطنة "أوفاكيم" بغلاف غزة بعد أن اعتقدوا أنه مقاوم. وأيضا، قتل عامل بشركة الكهرباء وحارس أمن برصاص الجيش بالخطأ في غلاف غزة، وكل هذا يدل إما على إرباك شديد وصدمة لم يخرج منهما أو أن انهيار المعنويات وتصدع الجبهة الداخلية يتدحرجان بصمت.

 

وما يحدث داخليا، بصمت، امتد إلى الخارج بشكل علني، مؤشرا إلى "صحوة" خجولة من دول أوروبية باتت تنظر بعينين وتسمع الوجهتين ولا تأخذ طرفا على حساب الآخر.

 

وينشر حساب الخارجية الإسبانية الرسمي على منصة "أكس" منشورا مفاده أن الحكومة (ترفض) بشكل قاطع سيل المغالطات الوارد في بيان السفارة الإسرائيلية حول بعض أعضائها، ولا تقبل (هذه) التلميحات الموجهة إليهم والتي "لا أساس لها".

 

والقصة تعود إلى إيوني بيلارا رئيسة حزب أونيداس بوديموس اليساري وهي وزيرة التضامن الاجتماعي بالإنابة بالحكومة برئاسة بيدرو سانشيز، والتي اعتبرت أن إسرائيل تنفذ "إبادة جماعية مخططة" بقطاع غزة من خلال ترك مئات آلاف السكان بدون ماء وكهرباء والمطالبة بإجلائهم دون أي ضمانات أمنية.

 

كما دعت الوزير الإسبانية الشعوب إلى "النزول إلى الشوارع والتظاهر ضد الهجوم العسكري الإسرائيلي".

 

بينما ذهب الرئيس الكرواتي زوران ميلانوفيتش أكثر من ذلك، ووصف رفع العلم الإسرائيلي على مبنى خارجية بلاده بأنه "حركة غبية" وقال إن التعاطف المفقود مع إسرائيل تلاشى بسبب الإجراءات في غزة.

 

وقال ميلانوفيتش "مع كل تعاطفي مع إسرائيل، الذي خسروه للأسف في غضون 15 دقيقة لا يوجد مكان لأعلام أخرى في كرواتيا.. أدنت جرائم القتل بل وأعربت عن اشمئزازي ومقتي، لكن حق الدفاع لا يشمل الانتقام وقتل المدنيين".

 

وإلى ذلك رفعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الصوت في مقال عنوانه "الزعماء الأوروبيون يدعمون إسرائيل عكس شعوبهم".

 

وتقول هذه الصحيفة الإسرائيلية "اليهود والإسرائيليون في جميع أنحاء العالم يشعرون بالقلق وسط موجة من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والتهديدات الموجهة للمؤسسات اليهودية".

 

وتوضح "أصداء الحرب بين إسرائيل وحماس مسموعة بوضوح في مختلف أنحاء العالم، وخاصة أوروبا والبلدان التي تضم عدداً كبيراً من السكان المسلمين. ومنذ نهاية هذا الأسبوع، شهدت المجتمعات اليهودية والإسرائيلية في جميع أنحاء العالم لحظات من القلق، في أعقاب موجة من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين".

 

وتشير "يديعوت أحرونوت" -دون أن تقدم دليلا أو فيديو أو صورة- إلى أن "هناك أيضًا الكثير من التضامن الاجتماعي ومظاهرات الدعم المؤيد لإسرائيل من قبل غير اليهود".

 

بل إن من يتابع الإعلام الغربي الأيام القليلة الماضية -وخاصة بعد المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة- يرى ملامح تغير في الخطاب والمقاربة وحتى تبرير أفعال الاحتلال.

 

فها هي شبكة "سي إن إن" الأميركية تنشر تقريرا من غزة تتحدث فيه عن أن الجيش الإسرائيلي طلب من أهالي القطاع التوجه إلى جنوبه ثم استهدفهم وارتكب المجازر بحقهم.

 

أما هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد تراجعت عن وصف المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين بـ"داعمي حماس" وسط انتقادات لسياستها الإعلامية.

 

وكانت "بي بي سي" قد قالت -في تغطيتها للمظاهرات التضامنية مع فلسطين- إنها تتضمن أشخاصا يدعمون حماس التي تصنّف في بريطانيا على أنها جماعة إرهابية.

 

وبعد أن كانت أغلب الصحف البريطانية والأميركية تطالب -الأيام الأولى بعد عملية "طوفان الأقصى"- بـ"سحق حماس" وتدمير "بنيتها العسكرية والأمنية" و"احتلال غزة وغزوها بريا" بدأت تتواضع وتتراجع خطوة للوراء، وتقدم النصائح، وتعتبر أن "غزو غزة والتفكير على طريقة مرة واحدة وإلى الأبد خطأ لإسرائيل" كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز.

 

ولكن الضربة القاضية جاءت من أهل البيت وتحديدا من أبرز وسائل الإعلام الإسرائيلية وأكثرها متابعة وهي "هآرتس" التي كان أحد مقالاتها بعنوان "الأخطاء الفادحة التي جعلت إسرائيل دولة مفككة".

 

وقد حصرت هذه الأخطاء في 10 نقاط رغم أن "القائمة طويلة جدا".

 

واعتبرت الصحيفة أنه "لا أحد ينكر أن إسرائيل في وضع حرج للغاية. ليست هناك حاجة حتى للشرح والتبرير.. إسرائيل مفلسة.. الدولة لا تصبح فاشلة بسبب الرغبة في أن تكون فاشلة. يحدث ذلك ببساطة. من باب الإهمال أو الاستهتار أو الخبث أو الغباء أو مجموعة من الأخطاء".

 

أبرز الأخطاء العشرة بحسب "هآرتس":

 

أخطأنا عندما لم نطرد موشيه لفينغر (حاخام ومن أوائل قادة المستوطنين الذين كان لهم دور محوري بالحركة لتوسيع والدفاع عن المستوطنات بالضفة الغربية) ورفاقه من فندق "بارك" بالخليل. ووضعناهم في حافلة عائدين إلى وطنهم قبل أن يحتفلوا بعيد الفصح عام 1968.

 

عندما فشلنا في الأخذ بكلام حكمائنا ولم نمنع -كما فعلوا- الصعود على جبل المساجد في القدس.

عندما لم نصدر قوانين تحمي ديمقراطيتنا.

عندما لم نحاكم كل عنصري، وكل مناهض للديمقراطية، وكل فاشي.

عندما أسسنا "المشروع الاستيطاني" الخبيث والزائد على الحاجة والشرير والإجرامي.

عندما أيقننا أنه بسبب هتلر أصبح كل شيء مباحاً لنا.

عندما ظننا أن الجيش الذي عمل 55 عاماً كقوة شرطة مهنية سيبقى جيشاً.

عندما اعتقدنا أنه إذا ذبح المتوحشون أكثر من ألف من المدنيين الأبرياء، فإن ذلك يمنحنا الإذن بإخراج عدة آلاف من المدنيين الأبرياء من بؤسهم.

وهناك الكثير من الأخطاء، ولكن توجد فرصة وحيدة للعودة والتراجع عنها، وأبرز نقاطها:

 

أخطأنا عندما لم ننسحب في الوقت المناسب من جميع المناطق التي احتللناها بالخطأ عام 1967. لقد حان الوقت للانسحاب من كل هذه المناطق، باتفاق أو بدونه. وببساطة سنقول للمستوطنين: إذا أردتم، ارحلوا إذا كنتم لا تريدون البقاء.

وحذر كاتب المقال من أنه إذا لم تعالج إسرائيل هذه الأخطاء ستتحول إلى "دولة فاسدة أخذت رهينة من قبل عصابة من المتعصبين الدينيين الذين يصرون على الحفاظ على الوعد الإلهي.. ومن هذه الحفرة السوداء لن ينقذنا احتجاج ولا نصر ولا وحدة ولا حكومة خاصة ستنقذنا.. وهكذا دواليك، إلى التفكك النهائي".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فلسطين غزة طوفان الأقصى الاحتلال الاسرائيلي حماس عندما لم

إقرأ أيضاً:

تقارير عبرية: إسرائيل عند مفترق طرق وحكومة نتنياهو على وشك الانهيار

تواجه إسرائيل في هذه الأيام واحدة من أخطر أزماتها السياسية، حيث تلوح في الأفق احتمالات انهيار حكومة بنيامين نتنياهو، على خلفية أزمة تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وهي أزمة طالما تجنبتها الحكومات السابقة، لكنها أصبحت اليوم تهدد بإنهاء الائتلاف الحاكم، وفق تقرير نشرته صحف عبرية. 

ورغم فشلها الذريع في أحداث 7 أكتوبر، لا تزال الحكومة الحالية – وهي الحكومة السابعة والثلاثون في تاريخ إسرائيل – صامدة، بل تجاوزت مدة بقاء نحو 75% من الحكومات السابقة، وهو ما يثير الدهشة في ظل الاتهامات المتلاحقة وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا وتدهور الثقة الشعبية.

ففي تاريخ إسرائيل، لم تكمل سوى ثلاث حكومات فترة ولاية كاملة: حكومة جولدا مائير (1969–1974)، مناحيم بيجن (1977–1981)، وحكومة نتنياهو الرابعة (2015–2020). والآن، تتجه الأنظار نحو ما إذا كانت الحكومة الحالية ستنضم إلى هذه القائمة النادرة أم ستنهار تحت وطأة التحديات الداخلية المتراكمة.

الشرارة التي تهدد بإسقاط الحكومة ليست جديدة، بل تتعلق بمسألة قديمة ومثيرة للانقسام: تجنيد الحريديم (اليهود المتشددين دينياً) في الجيش. فبينما يطالب الرأي العام بإنهاء الإعفاءات التي تمنح لعشرات الآلاف من طلاب المعاهد الدينية، تصر القيادة الحريدية على الإبقاء على الوضع القائم.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80,000 من الحريديم معفيون حالياً من الخدمة، في وقت يواجه فيه الجيش نقصاً حاداً في الأفراد، ويطالب بـ10,000 جندي إضافي لتلبية احتياجاته العملياتية. وبعد حكم المحكمة العليا في يونيو 2024 بإلغاء هذه الإعفاءات لعدم دستوريتها، أصبح لزاماً على الحكومة أن تتخذ قراراً، إما بتمرير قانون جديد يعيد الامتيازات، أو مواجهة موجة تجنيد غير مسبوقة.

ويحاول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو احتواء الأزمة عبر سلسلة اجتماعات مع الأطراف المعنية، في محاولة لتجنب انهيار ائتلافه. لكن رئيس لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست، يولي إدلشتاين، رفض تقديم أي تنازلات، مصراً على فرض عقوبات فردية على المتهربين من الخدمة وفرض حصص تجنيد مرتفعة على الحريديم، وهو موقف جر عليه انتقادات من داخل حزب "الليكود" نفسه.

من جانبهم، يهدد الحريديم بالانسحاب من الائتلاف إذا لم يتم تمرير قانون يرضيهم قبل انتهاء الدورة التشريعية الحالية. لكن التهديدات التي تكررت مراراً منذ رأس السنة العبرية، مروراً بحانوكا، والموازنة في مارس، وحتى عيد الأسابيع، لم تؤد إلى انسحاب فعلي، وهو ما أضعف مصداقيتهم أمام الجمهور، وحتى أمام قواعدهم الداخلية، خاصة في ظل البدء بتنفيذ عقوبات اقتصادية وتقييد سفر المحتجين على التجنيد.

مع تصاعد الأزمة، بدأت التحركات السياسية استعداداً لاحتمال انتخابات مبكرة. أبرز هذه التحركات عودة رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، والذي تظهر استطلاعات الرأي – باستثناء قناة 14 الموالية لنتنياهو – أنه سيحقق فوزاً كبيراً حال ترشحه. 

وعلى الصعيد الأيديولوجي، أظهرت نتائج استطلاع أجرته شركة "مدجام" أن 66% من الإسرائيليين اليهود يعرفون أنفسهم بأنهم من اليمين أو اليمين-الوسط، فيما لا يتجاوز اليسار واليسار-الوسط نسبة 14%، ما سيؤثر بشكل واضح على استراتيجيات الأحزاب في أي انتخابات مقبلة.

طباعة شارك نتنياهو إسرائيل الاحتلال

مقالات مشابهة

  • تقارير عبرية: إسرائيل عند مفترق طرق وحكومة نتنياهو على وشك الانهيار
  • نتنياهو عن مقتل 4 جنود بغزة: يوم صعب جدا في إسرائيل
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يجر الجيش إلى فخ في غزة ويحوّل إسرائيل لعبء إقليمي
  • مسؤول أمني إسرائيلي يطالب قادة الجيش بالتمرّد على أوامر نتنياهو بمواصلة الحرب
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • نتنياهو يقرّ بتسليح إسرائيل عصابات في غزة
  • نتنياهو يعترف بتعاون إسرائيل مع "عائلات تعارض حماس" في غزة
  • غولان: نتنياهو يبيع أمن إسرائيل مقابل يوم إضافي في الحكم
  • ليبرمان: إسرائيل تسلح عصابات في غزة بأمر من نتنياهو
  • هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن