كيف سينظر العالم في عيون أطفاله؟
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
العالم فعلاً في مأزق أخلاقي حقيقي لم يعش مثله من تاريخ الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومجزرة صبرا وشتيلا. بل إنه علاوة على ذلك بعد جريمة مستشفى المعمداني لن يكون سهلاً مستقبلاً الحديث عن حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، ومناهضة العنف ضد النساء.
الأطفال يرتجفون ويموتون بأبشع الصور. ما حصل يتجاوز جغرافيته ولحظته ويُجبر الجميع على الإدانة، لأن عالماً يقبل بقتل الأطفال والمدنيين والنساء هو عالم فاقد لكل شيء.
إن ما حصل في غزة من تقتيل من أجل تهجير الفلسطينيين هو ضرب في العمق لكل المجهودات المتراكمة في مجال النضال من أجل حقوق الإنسان والطفولة والنساء. لذلك فإن الدمار أكبر مما نرى رغم فداحته.
هناك مشكل حقيقي: كيف سينظر العالم في عيون أطفاله؟ وما نفع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وبروتوكولاتها؟ هل من الممكن الحديث بثقة وبرأس مرفوعة عن حقوق الطفل بعد مشاهد التنكيل بالأطفال الفلسطينيين؟
لا أحد يستطيع أن يقلل من بشاعة مجزرة مستشفى المعمداني، ولا أحد يستطيع أن يبرر معنى أن تُجرى حالياً العمليات الجراحية من دون تخدير.
ما حصل يوم الثلاثاء الماضي أطاح بخطابات العالم حول الحقوق والمساواة والمدنيين والتنمية والحريات... لقد وضعت إسرائيل العالم في عنق زجاجة وأعادته إلى زمن تهجير الشعوب واستباحة دم وأرواح النساء والأطفال، وكتبت صفحة سوداء أكثر من سواد سابق في تاريخ البشرية وفي العصر الذي يتشدق بحقوق الإنسان.
ما حصل ويحصل في غزة وضع كل من له ضمير في ورطة أخلاقية، وبعثر الأوراق بشكل يؤكد أن ما قبل مجزرة مستشفى المعمداني ليس هو ما سيكون بعدها في الأبعاد كافة. كما أن مهمة الحقوقيين في العالم ستتضاعف صعوبتها آلاف المرات، لأن زعماء الخطاب الحقوقي يمارسون ازدواجية المعايير التي تضرب كل المصداقية.
يحتاج كل صاحب أطروحة إلى الحد الأدنى من المصداقية أو على الأقل التظاهر بمصداقية ما يتم الترويج له. وأي ممارسة لسياسة الكيل بمكيالين، واعتماد معايير ليست نفسها على الجميع فإنه يطيح بكل شيء، وكأن الذين كانوا يُنظرون لحقوق الإنسان والحريات كانوا يحرثون في البحر.
من ناحية ثانية، وعلاوة على ضرب مبادئ الخطاب العالمي حول حقوق الإنسان ومقولة لا أحد خلف الركب، فإن تلقي مثل هذا الخطاب والرسائل والمبادئ لن يجد الأذن الصاغية. ولعل الأخطر هو أن المواقف القائمة على ازدواجية المعايير إنما تصنع الشعور بالقهر لدى الشعوب، وهو شعور يمثل الخزان الفعلي للعنف والإرهاب ولعدم استقرار العالم.
المشكلة أن العالم الموصوف بالقوي لم يفهم بعد أن أمن العالم وأمن الأقوياء مرتبط بأمن الجميع والعدالة وبالمعايير الموحدة لا ازدواجية المعايير.
إننا في لحظة مفصلية كاشفة ومؤكد أنها ستكون لحظة تتبعها تغييرات معمقة، لأن العالم يعيش امتحاناً يبدو فيه الفشل هو النتيجة. وطبعاً يعني الفشل استئناف النضال، واستئناف إعادة ترتيب المنهجية والمبادئ، والتفكير في آليات أكثر جدوى وأكثر حماية للمنجز الإنساني.
لقد تغير العالم وتغيرت حاجات الإنسان، ولكن على مستوى الصراعات والعلاقات لم يتغير شيء، لذلك نجد أنفسنا دائماً في النقطة الصفر.
وليس مبالغة القول إن جريمة المستشفى وقتل الأبرياء وما شهدناه من دموع أطفال وخوف ورعب وما يحصل من محاولات تهجير بشعة، لا تعترف لا بالقوانين الدولية ولا بأدنى المبادئ الإنسانية؛ إنما نتجت عنه أزمة حقيقية لدى الجميع سواء أكانت دولاً ونخباً ومنظمات.
لذلك، وبعد كل الأرواح التي ذهبت غدراً لا بد من مقاربة جديدة للقضية الفلسطينية وللحق الفلسطيني، ولا مفر إذا كان العالم يبحث حقاً عن السلام والحد الأدنى منه من كسب هذا التحدي، لأن الاستمرار في إدارة الحق الفلسطيني وفق ازدواجية المعايير لن يمكن العالم كله من تحقيق أي تقدم حقيقي في مجال البناء والتأسيس، لأن مثل هذه الممارسات تطيح بكل شيء وتعيدنا كما أسلفنا الذكر إلى نقطة الصفر، وتخلق الريبة والتشكيك في كل المقولات الكبرى الأممية التي تتنافس البلدان من أجل الرفع في مؤشرات إنجازها.
حانت اللحظة التاريخية لإيجاد حلول نهائية لقضية مثلت مورد ظهور لأزمات كثيرة ولاحتقان نفسي سياسي ما فتئ يكبر. من المهم أن يفهم العالم أن لا أمن في منطقة الشرق الأوسط ولا استقرار وحال القضية الفلسطينية على ما هي عليه.
(الشرق الأوسط)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأطفال غزة غزة الاحتلال أطفال مجازر مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة رياضة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ازدواجیة المعاییر حقوق الإنسان ما حصل
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان لبحث التعاون المشترك
استقبل د. جان هنري حنا، رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية، وفدًا من المجلس القومي لحقوق الإنسان؛ لبحث سبل التعاون في مجال حقوق الإنسان، بحضور د. محمد علي مراد، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، د. أحمد فرغلي عميد الكلية المصري الكورية لتكنولوجيا الصناعة والطاقة.
ضم وفد المجلس، د. محمد ممدوح، رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس، ا. شيرين المصري، مسؤول اللجنة الاقتصادية بالمجلس، ا. محمد طلعت و ا. محمد فؤاد، الأمانة الفنية للمجلس.
تناول اللقاء، بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين لتعزيز الوعي بثقافة حقوق الإنسان داخل البيئة الجامعية، ودعم الأنشطة والمبادرات الهادفة لترسيخ هذه الثقافة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى مناقشة إمكانية تنظيم ورش عمل وندوات تثقيفية تستهدف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وخلال الزيارة، تفقد وفد المجلس، "المركز الجامعي للتطوير المهني (UCCD)" للتعرف على الأنشطة والبرامج التي يقدمها المركز في مجال تدريب وتأهيل الشباب، ومدى تأثيرها في تنمية مهاراتهم وتعزيز فرص توظيفهم في سوق العمل.
وأعرب رئيس الجامعة، عن ترحيبه بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيدًا بالدور الهام الذي يقوم به المجلس في نشر ثقافة حقوق الإنسان، موضحًا أهمية تعزيز الوعي بين الطلاب كجزء من رسالة الجامعة في إعداد كوادر مؤهلة تساهم في بناء مجتمع يحترم القيم الإنسانية، مؤكدًا تطلعه لتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين من خلال تنفيذ برامج وفعاليات تهدف إلى رفع الوعي لدى الطلاب ومنتسبي الجامعة، مشيرًا إلى أن الجامعة حريصة على دعم المبادرات التي تسهم في بناء شخصية الطالب وتوعيته بحقوقه وواجباته.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الزيارة تأتي ضمن الزيارة الميدانية التي يقوم بها المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى محافظة بنى سويف، وذلك في إطار جهود المجلس لنشر وتعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان داخل مؤسسات التعليم العالي، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بوجه عام، وتعزيز التعاون مع الجهات المعنية.