من هما الرهينتان الأميركيتان اللتان أفرجت عنهما حماس؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
لم تتخيل جوديث، وابنة زوجها، ناتالي رعنان، أن رحلتهما من شيكاغو إلى إسرائيل ستنتهي في قبضة حماس، التي أعلنت، الجمعة الإفراج عن الأميركيتين، بعد جهود وساطة قطرية.
وتوجهت جوديث وناتالي، لإسرائيل للاحتفال بعيد ميلاد والدة جوديث الـ85 في كيبوتس ناحال عوز بالإضافة إلى موسم الأعياد اليهودية، لينتهي بهما رهينتين في يد حماس في هجومها الأعنف منذ عقود على إسرائيل، بالسابع من أكتوبر الحالي.
وتخرجت ناتالي رعنان، 17 عاما، مؤخرا من مدرسة ديرفيلد الثانوية في شمال ضواحي شيكاغو الأميركية.
وقال عمها، آفي زامير، لشبكة "سي بي إس نيوز شيكاغو"، إنها أرسلت رسالة نصية إلى العائلة بعد وقت قصير من بدء الهجوم في 7 أكتوبر، قائلة: "نحن جميعا بخير، نعم بالفعل. تعرضت غرفة الأم التي كانت تنام فيها للقصف، لكننا ننتقل الآن إلى بيت ضيافة آخر حيث يوجد مأوى".
وبعد أيام من افتراض أن جوديث وناتالي رعنان قد احتجزتا كرهائن من قبل حماس، أكد حاخامهما مئير هيشت أن الحكومة الإسرائيلية اتصلت بعائلتهما لإخبارهما بأنهما على قيد الحياة، وفق ما نقلت صحيفة "إن بي سي شيكاغو".
وقال هيشت: "لقد كانت (جوديث) متحمسة حقا، وأخبرتنا لأسابيع وأسابيع عن هذه الرحلة مع ابنتها ناتالي"، وأضاف "قالت إنه بالقرب من غزة. هذا الكيبوتس الذي نعرفه تسللت إليه حماس، وسحبت الناس من أبوابهم، وقتلت الناس بوحشية وعذبتهم".
ونقلت "سي بي سي نيوز" عن بن رعنان، شقيق ناتالي وهو مدير فني مسرحي في دنفرو، إن يوم وقوع الهجوم "تلقى والدي رسالة نصية من ناتالي باللغة العبرية تفيد بأنها سمعت طلقات نارية وانفجارات في الخارج".
وكانت هذه بداية هجوم أسفر عن مقتل آلاف الإسرائيليين والفلسطينيين واتهم الجيش الإسرائيلي حماس باحتجاز أكثر من 200 شخص كرهائن.
وتلقت عائلة ناتالي وجوديث خبر اختطافهما من قبل حماس من أحد الجيران، الذي كان يراقب من زاوية نافذته إخراج الوالدة وابنتها من المنزل إلى سيارة تحت تهديد السلاح، وفق "سي بي سي".
ونشرت الحكومة الإسرائيلية اللقطة الأولى للرهينتين بعد الإفراج عنهما.
وأعرب الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن سعادته بتأمين إطلاق سراح الرهينتين، مؤكدا أنه تحدث إليهما.
وذكر عبر تغريدة: "تحدثت للتو إلى أميركيتين بعد أن احتجزتا كرهائن لدى حماس، أكدت لهما أن حكومتهما ستدعمهما كليا في رحلة المداواة والشفاء".
وشدد الرئيس الأميركي أنه والسيدة الأولى، جيل، "نحمل في قلوبنا كل عائلات الأميركيين المفقودين".
I just spoke with the two Americans released today after being held hostage by Hamas. I let them know that their government will fully support them as they recover and heal.
Jill and I will continue holding close in our hearts all the families of unaccounted for Americans. pic.twitter.com/oXk6gfrD8M
وقال بايدن في بيان، الجمعة، إنه منذ اللحظات الأولى لهذا الهجوم، "كنا نعمل على مدار الساعة لتحرير المواطنين الأميركيين الذين احتجزتهم حماس كرهائن، ولم نتوقف عن جهودنا لتأمين إطلاق سراح أولئك الذين ما زالوا محتجزين".
وتوجه بايدن بالشكر إلى قطر وإسرائيل على شراكتهما في هذا العمل.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنه لا يزال هناك 10 أميركيين مجهولي المصير لدى حماس، في أعقاب الهجوم الذي شنته الحركة المصنفة إرهابية على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وقال بلينكن إن الأميركيتين اللتين أفرج عنهما، تتواجدان داخل قاعدة عسكرية أميركية في إسرائيل، مؤكدا أنهما ستصلان للسفارة الأميركية لدى إسرائيل قريبا.
ورفض وزير الخارجية الأميركي التحدث عن ظروف الرهينتين "احتراماً لخصوصيتهما"، مضيفاً في سياق رده على سؤال من صحفي "لم تكن لدينا فرصة لإرسال فريق لمواكبة أوضاعهم بعد".
وشدد بلينكن على أن الحكومة الأميركية تعمل كل دقيقة لإطلاق سراح الرهائن لدى حماس، داعيا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، لافتا إلى تواجد أكثر من 200 مختطف في قطاع غزة، كما حمّل حماس مسؤولية سلامة الأميركيين المحتجزين لديها.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
مساعدات غزة.. كيف تستخدمها إسرائيل لتجريد حماس من أوراقها التفاوضية؟
في مشهد لا يخلو من التوظيف السياسي، أعلنت إسرائيل مؤخرا السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك تنفيذ إنزالات جوية بالتعاون مع منظمات دولية.
ورغم الإيحاءات الإعلامية بأن الخطوة تأتي تجاوبا مع نداءات إنسانية، فإن القراءة المتأنية تشير إلى أن تل أبيب تنظر للمساعدات لا كواجب إنساني، بل كأداة مركّبة تُوظّف في إدارة الصراع، وإعادة هندسة المشهد التفاوضي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتلميع صورتها دوليا.
فالقرار الإسرائيلي، بحسب مشاركة الدكتور بلال الشوبكي الخبير بالشؤون الإسرائيلية رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، ببرنامج "ما وراء الخبر" لا يمثل تحولا أخلاقيا بقدر ما هو انعكاس لحسابات أمنية وسياسية دقيقة.
ويرى الشوبكي أن تل أبيب تسعى إلى سحب ورقة "المساعدات" من جدول التفاوض مع حركة حماس، وحصر النقاش في ملف الأسرى فقط، بما يعني تجريد الحركة من إحدى أبرز أدوات الضغط التي امتلكتها في الشهور الماضية.
ويتضح من توقيت الإعلان أن الهدف هو استباق أي مبادرة تفاوضية جديدة عبر تحييد الملفات الأكثر حساسية، مثل تدفق المعونات وفتح المعابر.
اللافت أن هذه الخطوة جاءت متزامنة مع تصاعد الضغوط الدولية وتكثيف التغطيات الإعلامية للمجاعة المتفشية في القطاع، وهو ما يعتبره الشوبكي عاملا مساعدا، لا دافعا رئيسيا، فالمساعدات في المنظور الإسرائيلي، كما يقول، هي عنصر ضمن منظومة "إدارة الحرب"، وليس استجابة لاحتياجات ملحّة.
ولذا، فإن تحديد إسرائيل لـ"الحد الأدنى" من المساعدات لا يستند إلى تقديرات الأمم المتحدة، بل إلى مقياس دعائي يسعى لمعادلة صورة المجاعة بصورة أخرى لصناديق المساعدات وهي تُسقط من الجو.
نقطة في بحرهذه النظرة التوظيفية لم تغب عن وعي الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، الذي أوضح من داخل قطاع غزة أن معظم الشاحنات لم تصل أصلا، وما دخل منها لا يمثل سوى "نقطة في بحر".
إعلانووصف عفيفة الإجراءات الإسرائيلية بأنها "بروباغندا إعلامية" تسعى إلى تضليل الرأي العام الدولي عبر تضخيم محدود لحجم المساعدات، في حين أن الغارات لا تزال تستهدف مناطق توصف بـ"الآمنة" التي يفترض أنها مخصصة لتوزيع المساعدات.
وشدد على أن ما يُسمى "هدنا إنسانية" لا يتعدى كونه توقفا مؤقتا للعمليات العسكرية في مناطق ضيقة، سرعان ما تستأنف فيها العمليات مع حلول المساء.
لكن الأدهى في الأمر، بحسب الشوبكي، هو أن هذه الفترات الهادئة تُستخدم لأغراض استخباراتية، فالتجربة السابقة تؤكد أن إسرائيل استغلت هدنا مماثلة في الماضي لجمع معلومات ميدانية، أعقبتها اغتيالات دقيقة.
ويضيف أن هذه الفترات تتيح للأجهزة الأمنية رصد التحركات في مناطق معينة وتجميع بيانات قد تُستخدم لاحقا في العمليات، وبهذا المعنى، تصبح المساعدات "غطاء تكتيكيا" لعملية أمنية موسعة، لا مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام.
حصار أخلاقيفي المقابل، يظهر البعد الدولي للقرار كمحور لا يمكن تجاهله، فوفق تقييم الدكتور محمد هنيد، الأستاذ والباحث بجامعة السوربون، فإن إسرائيل باتت محاصَرة أخلاقيا أمام الرأي العام الغربي، خاصة بعد أن تحولت صور المجاعة في غزة إلى نقطة مفصلية تهزّ مرتكزات السردية الصهيونية ذاتها.
ويؤكد هنيد أن السماح بدخول كميات رمزية من المساعدات يساعد الحكومات الأوروبية على امتصاص غضب الشارع دون أن تضطر لمراجعة دعمها السياسي أو العسكري لتل أبيب.
ويذهب هنيد إلى أن خطورة المشهد لا تكمن فقط في المجاعة، بل في "تآكل المظلومية الصهيونية" التي بُني عليها المشروع الإسرائيلي، إذ باتت صور الضحايا الفلسطينيين بالنسبة للوعي الغربي المتململ، تنافس صور معسكرات الاعتقال النازية، مما يهدد ركائز الدعم الأخلاقي الغربي لإسرائيل، خصوصا بين الأجيال الجديدة.
وفي إطار محاولة إسرائيلية لموازنة الضغوط، تبرز تصريحات بعض المسؤولين في حكومة نتنياهو التي تكشف بوضوح عن النوايا الكامنة، فحين تقول وزيرة المواصلات الإسرائيلية إنها "غير مرتاحة لإدخال المساعدات"، لكنها تراها ضرورية "لكسب شرعية استمرار الحرب"، فإن الرسالة تصبح أوضح.
فالمساعدات بهذا الشكل، تصبح أداة لتجميل العدوان لا لإنهائه، وتُقدَّم بقدر ما تتيح لتل أبيب الحفاظ على هامش مناورة أمام الحلفاء الغربيين دون تعديل جوهري في سياستها.
وفي ظل هذا التوظيف المتعدد للمساعدات -سياسيا وتفاوضيا واستخباراتيا- تبدو حماس أمام معادلة معقدة، فإسرائيل لا تسعى فقط إلى نزع أوراق التفاوض، بل إلى تفكيك البيئة الاجتماعية التي تحيط بالحركة من خلال "إدارة التجويع"، كما يصفها عفيفة، عبر تحويل نحو مليونَي فلسطيني إلى رهائن ضغط على المقاومة، في عملية تركيع جماعية تُستخدم لاحقا في أي طاولة حوار.
أما المشهد العربي، فبحسب الشوبكي، لا يبدو أنه يشكل قلقا حقيقيا لصنّاع القرار في إسرائيل، بعدما اختبرت تل أبيب ردود الفعل الرسمية طيلة أشهر الحرب دون أن تلمس تهديدا جادا لمعادلاتها، وفي حين تبقى احتمالات الغضب الشعبي العربي قائمة، فإن الرهان الإسرائيلي يظل على قدرة الأنظمة على احتوائه.
إعلان