نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للصحفي الإسرائيلي أنشيل فيفر قال فيه إن زعماء العالم الذين يصلون إلى إسرائيل، يطرحون سؤالا واحدا سرا وإلى حد ما علنا وهو: بمجرد أن تكمل القوات المسلحة الإسرائيلية هجومها البري في غزة، ويتم تدمير حماس، فماذا تنوي القوات المسلحة الإسرائيلية أن تفعل بعد ذلك؟

حتى الآن بحسب المقال، هناك القليل من الإجابات، حيث وتركز إسرائيل على المرحلة التالية في هذه الحرب وبدرجة أقل على ما بعدها.



وأشار إلى أن قادة الاحتلال وضعوا اللمسات النهائية على خططهم العملياتية للهجوم البري، وقدموها إلى هيئة الأركان العامة لقوات الدفاع الإسرائيلية للحصول على موافقة الأربعاء الماضي. وسيتم اتخاذ القرار بشأن موعد الضربة من قبل حكومة حرب مكونة من خمسة أعضاء برئاسة بنيامين نتنياهو.


وانتقد بعض الضباط الإسرائيليين الحكومة بشكل خاص، قائلين إنهم أجبروا على الانتظار لفترة طويلة.

وأوضح فيفير أن دولة الاحتلال قد احتلت غزة في الماضي. كانت هناك فترتان رئيسيتان، بدأتا عام 1967 بعد حرب الأيام الستة التي حلت فيها إسرائيل محل الجيش المصري الذي احتل غزة لمدة 19 عاما. على مدى السنوات الـ 26 الأولى، كانت إسرائيل تسيطر بشكل كامل على غزة، وشمل ذلك رعاية جميع احتياجات السكان المحليين من خلال وحدة عسكرية تسمى "الإدارة المدنية".

وفي عام 1993 وقع الاحتلال اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، ونتيجة لذلك غادر جيشها المدن والقرى، وحلت محله السلطة الفلسطينية الجديدة. لكنها ظلت في المستوطنات والقواعد العسكرية اليهودية. وفي عام 2005، كجزء من خطة أرييل شارون لفك الارتباط، تم إجلاء المستوطنين وتفكيك القواعد.

منذ صيف عام 2005، لم يكن لإسرائيل أي وجود على الأرض، وباستثناء وحدة تنسيق صغيرة مسؤولة عن المعابر الحدودية وتأذن بدخول الإمدادات إلى غزة وخارجها، فقد تم حل وحدة الإدارة المدنية، بحسب كاتب المقال.

وذكر الكاتب أن مسؤولين إسرائيليين حذروا من أن تحمل المسؤولية عن أكثر من مليوني شخص يعيشون في غزة سيكون مهمة ضخمة، خاصة في زمن الحرب. وسوف يستغرق الأمر قدرا هائلا من الموارد من اقتصاد يعاني أصلا من ضائقة مالية، وتقريبا جميع الضباط المحترفين الذين تعاملوا مع شؤون السكان المدنيين هناك تجاوزوا الآن سن التقاعد.

وأضاف أن هناك هامش صغير من اليمين المتطرف في المجتمع والسياسة الإسرائيلية - وبعضهم حتى في الحكومة- يدعو إلى إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في غزة. حتى أن أوريت ستروك، وزيرة البعثات الوطنية والاستيطان، دعت علنا إلى ذلك، قائلة قبل بضعة أشهر إنه ستكون هناك "تضحيات" ولكنها ستحدث. ومع ذلك، فهذه ليست سياسة حكومية، وقد قال نتنياهو هذا الأسبوع إن إسرائيل ليس لديها أي نية لاحتلال غزة على المدى الطويل.

ولا يزال من غير الواضح، بحسب فيفير، ما الذي تنوي دولة الاحتلال فعله بمجرد قيام جيشها بتدمير قدرات حماس العسكرية وقيادتها. ويعتقد بعض الخبراء العسكريين الإسرائيليين أنه سيتعين عليها إنشاء مناطق أمنية عازلة، على غرار تلك التي كانت موجودة في جنوب لبنان حتى عام 2000، لحماية المجتمعات عبر الحدود. إلا أن هذا لا يشكل حلا للفراغ الخطير الذي سيبقى في غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.

ويتلخص الحل المفضل لدى أغلب المؤسسات العسكرية والسياسية الإسرائيلية في عودة السلطة الفلسطينية، التي سيطرت على غزة منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو في عام 1993 وحتى استيلاء حماس على السلطة في عام 2005. ورغم أن وزراء الحكومة لا يتحدثون عن ذلك علنا، فإن يائير لابيد، زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق، قال في لقاء مع وسائل الإعلام الدولية الخميس الماضي إن هذا هو الخيار الأفضل لإسرائيل وغزة.


ونقل المقال عن تامير هايمان، الجنرال السابق وقائد المخابرات العسكرية الإسرائيلية والذي يشغل الآن منصب مدير معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، قوله إنه "بالنسبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، كانت خسارة غزة أكبر كارثة في رئاسته وهو يرغب في عكس ذلك. على إسرائيل أن تجد طريقة لتهيئة البيئة المناسبة لحدوث ذلك".

وكانت هناك محاولات سابقة لإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة وفقا للمقال. ففي عام 2019، وافق يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، على عودتها. ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى إصرار حماس على الاحتفاظ بترسانتها الضخمة. وحتى لو افترضنا أن إسرائيل قادرة على تدمير كل هذه الأسلحة، فلن يكون من السهل مجرد القول بأن السلطة الفلسطينية أصبحت مسؤولة مرة أخرى عن غزة.

وسلط الصحفي الإسرائيلي الضوء على قول إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إنه "لا يمكن أن نرى عباس يعود على حراب إسرائيل.. يجب أن يأتي بعد فترة انتقالية تغادر فيها إسرائيل غزة ويتم استبدال جنودها أولا بقوة حفظ سلام عربية، ربما تتكون من جنود من المغرب والإمارات العربية المتحدة ويتم تمويلها من قبل السعوديين. يجب أن يبدو وكأن العرب يعيدونه إلى السلطة في غزة. ولن يوافق على العودة متعاونا مع إسرائيل".

ورأى أن المشكلة تكمن في أن الأنظمة العربية لا تصطف لإرسال جنودها إلى غزة. ويأمل الإسرائيليون ويتوقعون أنه عندما يحين الوقت، يمكن لدولة عربية واحدة على الأقل أن تقتنع بأن الأمر يستحق أن تصبح منقذا للفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس الفلسطينية فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة فی عام فی غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني تجنيد إسرائيل لمرضى نفسيين في جيشها؟

أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الجيش توجّه لجنود يعانون من اضطرابات نفسية للمشاركة في العمليات القتالية في قطاع غزة. في كتابها الصادر عام 2012، بعنوان: "كأنه كان جرحًا مستترًا"، تشير الباحثة الإسرائيلية عيريت كينان إلى أنّ الاعتراف بالاضطرابات النفسية وصدمة الحرب في صفوف الجنود بدأ يظهر بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأوّل 1973.

وبدأ المجتمع الإسرائيلي والجيش يتعامل بشكل جادّ من الاضطرابات النفسية للجنود كأنها إصابات يطلق على من يعانيها بالجرحى، كما الجنود الذين يتعرّضون لإصابات جسديّة بمراحل مختلفة.

تأسّست في إسرائيل هيئات مدنية وحكومية وعسكرية تعالج الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية وحالة صدمة، وما بعد الصدمة، والأخيرة تم الاعتراف بها مؤخرًا في أدبيات الجيش الإسرائيلي العلاجية، واعتبرت حالة ما بعد الصدمة جرحًا نفسيًا يرافق الجنود الإسرائيليين، ويؤثر على حياتهم العملية والشخصية. وأصبح التصنيف النفسي للأفراد عاملًا في الإعفاء من الخدمة العسكرية، أو الاستمرار بها، أو الالتحاق بصفوف الاحتياط في الجيش الإسرائيليّ.

هذه المقدّمة هامة لفهم المعلومة التي بدأنا بها المقال، والتي تتحدّث عن توجّه الجيش لجنود يعانون من اضطرابات نفسية للمشاركة في الخدمة العسكرية، وهو يدلّ على حالة الأزمة التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي في مسألة تجنيد جنود للعمليات العسكرية في قطاع غزة وجبهات أخرى.

إعلان

في هذا الصدد، هنالك حاجة لمقال منفرد لتحليل أسباب الاضطرابات النفسية لدى الجنود، هل هي نابعة من قتل المدنيين الفلسطينيين والأطفال خاصة، أم بسبب موت رفاقهم في الوحدات العسكرية، أم حالة الخوف التي تعتريهم؛ بسبب العمليات العسكرية في قطاع غزة؟، هذا سؤال يحتاج للكثير من التمحيص والتحليل، وهو ليس سياق هذا المقال.

جهود الجيش لتجنيد جنود في الخدمة العسكرية في خضم العدوان على غزة، دفعه ذلك إلى اتخاذ قرار بوضع شروط أصعب على التحرّر من الخدمة العسكرية؛ بسبب الحالات النفسية.

تفيد معطيات الجيش أن واحدًا من ستة جنود يتسرّبون من الخدمة العسكرية ولا يكملون خدمتهم الإلزامية لمدة ثلاث سنوات، 50% من أسباب ذلك تعود لمشاكل نفسية تظهر في الفحص الطبي الذي يجرَى للجنود، ففي العام 2023 وصل عدد الجنود الذين تسرّبوا من الجيش بسبب مشاكل نفسية إلى حوالي 16.5%.

لم يلتفت الجيش لهذه الظاهرة في السابق، وكان متساهلًا مع التصنيف الطبي العسكري حول المشاكل النفسية التي تسمح للجنود بعدم إكمال الخدمة العسكرية.

ولكن بسبب الحرب على غزة والنقص الحاد في الجنود، قرَّر الجيش وضع قيود وشروط قاسية على التصنيف الطبي الذي يسمح للجنود بالإعفاء من الخدمة، كما توجّه لجنودٍ خدموا في الحرب على غزة ويعانون من مشاكل نفسية، للخدمة مرّة أخرى في الجيش.

تؤكد هذه الحالة حاجة الجيش للجنود بأي ثمنٍ، وفقط بعد الضغط الاجتماعي على الجيش تراجع عن قراره بتجنيد الجنود ذوي الاضطرابات النفسية والذين خدموا قبل ذلك في الحرب، وكان الجيش يحضّر مسارات خاصة لتأهيلهم للعمل العسكري في غزة، ولكنه تراجع عن ذلك لأسباب عديدة، أهمها الضغط الشعبي عليه، وإظهاره بأنه يتخلّى عن تجنيد المتدينين اليهود (الحريديم)، وفي المقابل يزيد العبء على جنود خدموا في الحرب وصُنفوا كجنود ذوي اضطرابات نفسية، وهم يعتبرون كجنود جرحى، حسب التّصنيف الطبي العسكري.

إعلان

تكشف هذه القضيّة- على الرّغم من تراجع الجيش عنها- عن حاجة الجيش للجنود، فمعدّل التزام جنود الاحتياط يصل في بعض الوَحدات إلى 50%، والفرق العسكريّة الخمس الفاعلة في قطاع غزّة لا تعمل بكامل عديدها العسكريّ من الجنود، وهنالك عبء كبير بدأ يظهر في صفوف الجنود النظاميين الذين يتواجدون في الجبهات المختلفة.

ومن أجل عدم الكشف عن الأزمة المستفحلة في منظومة الاحتياط، يحاول الجيش إرسال أوامر استدعاء قليلة، مما يؤكد أن نسبة عدم الالتزام هي أكبر من النسبة المعلنة.

وتشير معطيات الجيش إلى أن 85% من قوات الاحتياط التزمت بالخدمة في العام 2024، وأدّى ذلك إلى ارتفاع 1500% في عدد الأيام التي خدم بها الجنود والضبّاط خلال العام الماضي، حيث وصل معدّل عدد الأيام للجنود إلى 136 يومًا، وللضبّاط إلى 168 يومًا.

يدرك الجيش معضلة قوّات الاحتياط، لذلك استدعى وحدات قليلة من منها في هذه المرحلة لاستبدال القوات النظامية في سوريا، ولبنان والضفة الغربية، والتي ستنتقل للقتال في قطاع غزّة.

التوجه لجنود ذوي اضطرابات نفسية، وتعقيد شروط التحرّر من الخدمة؛ بسبب مشاكل نفسية يكشفان عن جانب آخر من أزمة الجيش التي ظهرت في الحرب على غزة، وهي أزمة تتطور مع غياب الشرعيّة الاجتماعية عن العمليات العسكرية في غزة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • “الأحرار الفلسطينية”: أمن السلطة سيفاً مسلطاً على رقاب شعبنا ومقاومته
  • السفير الأمريكي في إسرائيل ينتقد موقف فرنسا بشأن الدولة الفلسطينية ويعتبره تدخلا غير مقبول
  • «الصحة الفلسطينية»: إسرائيل تمنع دخول 3 آلاف شحنة صحية للقطاع
  • وزير الخارجية السعودي: منع إسرائيل زيارة وفد وزاري عربي تطرف ورفض للسلام
  • ‏السفير الأمريكي لدى إسرائيل: نرفض الخطط الفرنسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • بيان عربي يندد بإجهاض إسرائيل زيارة وفد وزاري رفيع للأراضي الفلسطينية
  • ماذا يعني تجنيد إسرائيل لمرضى نفسيين في جيشها؟
  • إسرائيل تمنع وفدًا وزاريًا عربيًا من دخول رام الله قبيل اجتماع دولي لدعم الدولة الفلسطينية
  • بالفيديو.. بري يعلن مواجهة إسرائيل بـموقف
  • إسرائيل تمنع السُلطة الفلسطينية من استقبال اللجنة الوزارية العربية الإسلامية