غزة حكايات بلون الدم.. ورائحة المسك
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
فى غزة أصبحت الرفاهية أن يُكفّن المرء وحده ولكن لم يتوفر لأهالى غزة حتى تلك الأمنية الأخيرة وهم يواجهون حرباً بربرية وإبادة جماعية وتطهيراً عرقياً على أيدى النازية الصهيونية.. وسط الأنقاض وعلى ضوء خافت داخل أحد المستشفيات نظراً لانعدام الوقود نجد أحد الأطباء يعالج ابنته بيده ويتنقل بين مشرحتين لدفن زوجته وابنه الطبيب عبدالرحمن عطاالله يتفاجأ بوالده بين الشهداء الذين وصلوا إلى قسم الطوارئ فى مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
أما الدكتور إياد أبو كرش، طبيب العناية المركزة الذى يعمل عادةً فى مستشفى الشفاء شمال غزة، فلقد وجد نفسه يعالج مريضًا لم يتوقع رؤيته أبدًا: ابنته تمارا البالغة من العمر عامين. تم نقلها مع أخته وابنة أخته إلى مستشفى غزة الأوروبى فى مدينة خان يونس الجنوبية بعد أن ضربت غارة جوية إسرائيلية المنزل الذى كان يحتمى به هو وعائلته بعد إجلائهم من مدينة غزة فى الجزء الشمالى من الجيب. لقد ظنوا أنهم سيجدون الأمان هناك. لكن الضربة نفسها قتلت زوجته وابنه الأكبر، كما قال هو ورئيس المستشفى الدكتور يوسف العقاد.
وقبل شهرين رزقت عائلة فى غزة بأربعة توائم بعد انتظار 15 عاماً ولكن الاحتلال الإسرائيلى لم يُكمل فرحة هذه العائلة قصف المنزل على رؤوس ساكنيه فى غزة، فقتل التوائم الأربعة خالد وعبدالخالق ومحمود ومها البابا، ووالدتهم وفاء السويركى. فيما أقامت بعض الفتيات حفلة عيد ميلاك لمجموعة من الأطفال على أنقاض الدمار.. فى محاولة لتقديم بعض الدعم النفسي من ويلات الحرب.
فى مشهد مبهج رغم الألم تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات من غزة يظهر بها الناس وهم مجتمعون حول جثة أحد شهداء القصف الإسرائيلى على غزة.
يقول الحاضرون إنه ورغم بقاء الشهيد يومين تحت الأنقاض، إلا أنه وبعد إخراجه من تحت الأنقاض وجدوا أن جسده يفوح منه رائحة المسك والتى تملأ المكان.
كما علق أحدهم أن هذه من الأحداث والبشارات التى يخفف الله بها عن أهل غزة الذين يعانون منذ أيام من عدوان إسرائيلى غاشم يستهدف المدينة بأكملها دون أن يفرق بين صغير ولا كبير ولا رجل ولا امرأة ولا منزل ولا جامع أو مستشفى.
وشهد صحفيون فى قطاع غزة المحاصر أن جثامين الشهداء تفوح منها رائحة مسك قوية.وقال صحفى إن أحد الشهداء منذ يومين وهو تحت الأنقاض غير أن رائحة المسك تفوح منه بقوة.
أكدت عائلة الشهيد عبدالله الصانع أنها فوجئت برائحة المسك تفوح من الغرفة التى وضع فيها ما تبقى من جثمانه الطاهر بعد العثور عليه تحت أنقاض مقر الأمن والحماية غرب مدينة غزة الذى قصفته طائرات الاحتلال، حيث استمر البحث عنه لمدة يومين متواصلين وعثر على قطعة صغيرة من رأسه وشعر لحيته، تبين فيما بعد أنها ما تبقى من جسده.
توافد العشرات وفور سماع الخبر، ممن عرفوا الشهيد فى حياته، للمنزل ليشتموا تلك الرائحة الذكية التى انبعثت من تلك القطعة من الكرتون التى وضع عليها ما تبقى من جسد الشهيد يوم العثور عليه.
والشهيد الصانع «أبوحمزة» هو أحد القيادات الميدانية فى كتائب القسام فى المخيم الجديد بمعسكر النصيرات، وسط قطاع غزة، وقائد وحدة القنص القسامية فى منطقته، كما عمل الشهيد مرافقاً للدكتور محمود الزهار القيادى فى حركة حماس حتى آخر لحظات حياته.
«آسف، كانت الحصة الأخيرة».. هكذا نعى مدرس فلسطينى من غزة طالبته الطفلة حبيبة، والتى استشهدت بغارات الاحتلال على منزل عائلتها.
أما هبة أبو عندى فقبل يوم واحد فقط من ارتقائها شهيدة، قامت هبة برثاء صديقتها مريم، التى راحت أيضاً ضحية قصف قوات الاحتلال، فنشرت هبة عبر صفتحها الخاصة فيسبوك: ارتاحت مريم من التعب ارتاحت للأبد، آسفة يا مريم على كل مرة اختلفنا بالرأى أنا وأنت آسفة كتير.
وكتبت مودعة الحياة قبل استشهادها بساعات قليلة «نحن فى غزة عند الله بين شهيد وشاهد على التحرير وكلنا ننتظر أين سنكون..كلنا ننتظر اللهم وعدك الحق».
كان إبراهيم الأغا وزوجته حميدة يستمتعان بإجازة طويلة فى غزة عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع.
وأراد الزوجان، وهما مواطنان أيرلنديان، زيارة غزّة كى يلتقى أبناؤهما الثلاثة، الذين ولدوا فى دبلن، بأقاربهم الفلسطينيين من أجل تعلم لغتهم وثقافتهم. ولكن الأسرة عانت تحت وقع الضربات والانفجارات، بدلاً من التجمعات العائلية الهنيئة التى كانت تتوقعها. وقال الأغا «كان قصفاً متواصلاً. قُصف المنزل وصار يهتز». فقرر الأغا استضافة عدد هائل من النازحين من جحيم الحرب وقام هو وزوجته على خدمة الجميع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة الأمنية الأخيرة الضربة غزة الأوروبى فى غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: أطالب الرئيس ترامب ببذل كل ما يلزم من جهود لوقف إطلاق النار فى غزة
دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببذل الجهود لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال الرئيس خلال كلمته في القمة العربية ببغداد : أطالب الرئيس "ترامب"، بصفته قائدا يهدف إلى ترسيخ السلام، ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط، لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة،
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع تناول الأوضاع الإقليمية، وما تشهده المنطقة العربيةمن تحديات جسيمة، خاصة ما يتعلق بالحرب الجارية في غزة، فضلاً عن الأوضاع في سوريا والسودان وليبياوالصومال، كما ناقش الاجتماع جهود الارتقاء بالعمل العربي المشترك بما يتفق مع تطلعات الشعوب العربية.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس ألقى كلمة مصر خلال القمة، والتي تناولت رؤية مصر بشأن مختلف القضايا محل النقاش، وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي فخامة الرئيس عبد اللطيف رشيد..
رئيس جمهورية العراق، رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
قادة الدول العربية الشقيقة،
معالى أحمد أبو الغيط..
الأمين العام لجامعة الدول العربية،
الحضور الكريم،
﴿ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ﴾
أستهل كلمتى بتوجيه خالص الشكر والتقدير، إلى أخى الرئيس "عبد اللطيف رشيد"، وشعب العراق الشقيق،على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، والمشاعر الطيبة التى لمسناها، منذ وصولنا إلى بغداد .. متمنيا لفخامته كلالتوفيق فى رئاسة الدورة الحالية.
كما أتوجه بالشكر، لأخي جلالة الملك "حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة"، ملك مملكة البحرين، رئيس الدورة السابقة، تقديرا للجهود المخلصة، التى بذلها فى دعم قضايا الأمة، وتعزيز العمل العربى المشترك.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
تنعقد قمتنا اليوم، فى ظرف تاريخى، حيث تواجه منطقتنا تحديات معقدة، وظروف غير مسبوقة، تتطلب منا جميعا- قادة وشعوبا - وقفة موحدة، وإرادة لا تلين.. وأن نكون على قلب رجل واحد، قولا وفعلا .. حفاظا على أمن أوطاننا،وصونا لحقوق ومقدرات شعوبنا الأبية.
ولا يخفى على أحد، أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة، وأكثرها دقة.. إذ يتعرض الشعبالفلسطينى، لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية، على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته، وإنهاءوجوده فى قطاع غزة .. حيث تعرض القطاع لعملية تدمير واسعة، لجعله غير قابل للحياة، فى محاولة لدفع أهله إلىالتهجير، ومغادرته قسرا تحت أهوال الحرب. فلم تبق آلة الحرب الإسرائيلية، حجرا على حجر، ولم ترحم طفلا أوشيخا.. واتخذت من التجويع والحرمان من الخدمات الصحية سلاحا، ومن التدمير نهجا .. مما أدى إلى نزوح قرابةمليونى فلسطينى داخل القطاع، فى تحد صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية.
وفى الضفة الغربية، لا تزال آلة الاحتلال، تمارس ذات السياسة القمعية من قتل وتدمير .. ورغم ذلك يبقى الشعب الفلسطينى صامدا، عصيا على الانكسار، متمسكا بحقه المشروع فى أرضه ووطنه.
ومنذ أكتوبر ٢٠٢٣، كثفت مصر جهودها السياسية، لوقف نزيف الدم الفلسطينى، وبذلت مساعى مضنية، للوصول إلى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية .. مطالبة المجتمع الدولى، وعلى رأسها لولايات المتحدة، باتخاذ خطوات حاسمة، لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية.
ولا يفوتنى هنا، أن أثمن جهود الرئيس "دونالد ترامب"، الذى نجح فى يناير ٢٠٢٥، فى التوصل إلى اتفاق، لوقف إطلاق النار فى القطاع .. إلا أن هذا الاتفاق، لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلى المتجدد، فى محاولة لإجهاض أى مساع نحو الاستقرار.
وعلى الرغم من ذلك، تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، شريكيها فى الوساطة، بذل الجهود المكثفةلوقف إطلاق النار، مما أسفر مؤخرا عن إطلاق سراح الرهينة الأمريكى/ الإسرائيلى "عيدان ألكسندر".
وفى إطار مساعيها، بادرت مصر، بالدعوة لعقد قمة القاهرة العربية غير العادية، فى ٤ مارس ٢٠٢٥ .. التى أكدت الموقف العربى الثابت، برفض تهجير الشعب الفلسطينى، وتبنت خطة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير أهله .. وهى الخطة التى لقيت تأييدا واسعا؛ عربيا وإسلاميا ودوليا. وفى هذا الصدد، أذكركم بأننا نعتزم تنظيم، مؤتمر دولى للتعافى المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، فور توقف العدوان.
وقد وجه العرب من خلال قمة القاهرة، رسالة حاسمة للعالم، تؤكد أن إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها "القدس الشرقية"، هو السبيل الأوحد، للخروج من دوامة العنف، التى ما زالت تعصف بالمنطقة، مهددة استقرار شعوبها كافة.. بلا استثناء.
وأكرر هنا، أنه حتى لو نجحت إسرائيل، فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل فى الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية.
ومن هذا المنطلق، فإننى أطالب الرئيس "ترامب"، بصفته قائدا يهدف إلى ترسيخ السلام، ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط، لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة - يكون فيها وسيطا وراعيا - تفضى إلىتسوية نهائية تحقق سلاما دائما، على غرار الدور التاريخى الذى اضطلعت به الولايات المتحدة، فى تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل فى السبعينيات.
السيدات والسادة الحضور،
إلى جانب القضية الفلسطينية، تواجه أمتنا العربية تحديات مصيرية، تستوجب علينا أن نقف صفا واحدا لمواجهتها،بحزم وإرادة لا تلين. فيمر السودان الشقيق بمنعطف خطير، يهدد وحدته واستقراره.. مما يستوجب العمل العاجل،لضمان وقف إطلاق النار، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، والحفاظ على وحدة الأراضى السودانية ومؤسساتها الوطنية .. ورفض أى مساع، تهدف إلى تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية.
وبالنسبة للشقيقة سوريا، فلابد من استثمار رفع العقوبات الأمريكية، لمصلحة الشعب السورى .. وضمان أن تكون المرحلة الانتقالية شاملة؛ بلا إقصاء أو تهميش .. والمحافظة على الدولة السورية ووحدتها، ومكافحة الإرهاب وتجنب عودته أو تصديره.. مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلى من الجولان، وجميع الأراضى السورية المحتلة.
وفى لبنان، يبقى السبيل الأوحد لضمان الاستقرار، فى الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقرار مجلس الأمن رقم "١٧٠١"، وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبنانى، واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبنانى من الاضطلاع بمسئولياته.
أما ليبيا، فإن مصر مستمرة فى جهودها الحثيثة، للتوصل إلى مصالحة سياسية شاملة، وفق
المرجعيات المتفق عليها.. من خلال مسار سياسى ليبى، يفضى إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، تمكن الشعب الليبى من اختيار قيادته، وتضمن أن تظل ليبيا لأهلها.. مع خروج كافة القوات والميليشيات الأجنبية من ليبيا.
وفى اليمن، فقد طال أمد الصراع، وحان الوقت لاستعادة هذا البلد العريق توازنه واستقراره، عبر تسوية شاملة تنهى الأزمة الإنسانية، التى طالته لسنوات، وتحفظ وحدة اليمن ومؤسساته الشرعية .. وأشير هنا، إلى ضرورة عودة الملاحة إلى طبيعتها، فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتهيئة الأجواء للاستقرار، والبحث عن الحلول التى تعود بالنفع على شعوبنا.
كما لا ننسى دعمنا المتواصل للصومال الشقيق .. مؤكدين رفضنا القاطع لأي محاولات للنيل من سيادته، وداعين كافة الشركاء الإقليميين والدوليين، لدعم الحكومة الصومالية، للحفاظ على الأمن والاستقرار.. فى بلدها الشقيق.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
فى الختام، أقولها لكم بكل صدق وإخلاص: "إن الأمانة الثقيلة التى نحملها جميعا، واللحظة التاريخية التى نقف فيها اليوم، تلزمنا بأن نعلى مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، وأن نعمل معا – يدا بيد - على تسوية النزاعات والقضايا المصيرية، التى تعصف بالمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية؛ القضية المركزية التى لا حياد فيها عن العدل.. ولا تهاون فيها عن الحق".
"فلنعمل معا على ترسيخ التعاون بيننا، ولنجعل من وحدتنا قوة، ومن تكاملنا نماء .. مؤمنين بأن شعوبنا العربية،تستحق غدا يليق بعظمة ماضيها، وبمجد حضارتها .. فلنمض بثبات وعزيمة، ولنجعل من هذه القمة، خطوة فاصلة،نحو غد أكثر إشراقا.. لوطننا العربى".
وفقنا الله جميعا، لما فيه صالح شعوبنا العربية..
﴿ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ﴾