ثورة أكتوبر 1964 في ذكراها التاسعة والخمسين
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
ثورة أكتوبر 1964 في ذكراها التاسعة والخمسين
د. عبد الله علي إبراهيم
لينينيون: تهمة لا ننكرها وشرف ندعيه
(وربما لا يدري سودانيون كثيرون، أو سائر السودانيين، أنهم اتبعوا لينين في يوم من أيامهم الساطعة في 21 أكتوبر 1964. فمتى نفذوا الإضراب السياسي العام للإطاحة بنظام الفريق عبود كانوا لينينيين أشاوس دروا أو لم يدروا).
قال الأستاذ محمود محمد طه برماً بالشيخ الأمين داؤود، الذي تربص به وبفكره وتلاميذه لا يني: “الأذى الجانا من تالا الامين داؤود كتير خلاص”. وفيها سودانية مشرقة. وتأسيا بالأستاذ أقول إن الأذى الذي يأتينا نحن الشيوعيين (القديمة) من تالا الدكتور النور حمد كثير جداً.
ومن هواننا على النور أنه كتب كلمة في مناسبة سبعينية الحزب الشيوعي السوداني بعنوان “لم يبق سوى التوليف” في كتاب “هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني” (صديق الزيلعي 2016) لم يرجع فيها إلى أي أثر من آثار الحزب. وقال إنه لم يردها ورقة أكاديمية بل مجرد اسهام بالرأي ليجيب على السؤال عن إمكانية تجديد الحزب الشيوع مضيفاً بأنه يصدر فيها عن معايشات شخصية لربع قرن في المعترك السياسي. ولا أدري لماذا كانت المعايشات الشخصية عاذرة عن الرجوع إلى أدب حزب لم يحكم النور بأنه ليس بلا مستقبل وحسب بل وبلا ماض. وليس النور، الذي تعذر بعدم الاطلاع على أدب الحزب في مقاله، وحده في القاء القول على عواهنه عن الحزب الشيوعي. فهذه خصلة فاشية. وذكرت مرة كيف وبخنا منصور خالد على فساد بصيرتنا الماركسية على ضوء مقررات صدرت عن مؤتمر للحزب الشيوعي الفرنسي في 1967 قال إنها رحيبة في ماركسيتها. ولم يكلف خاطره أن يقرأ عنا “الماركسية وقضايا الثورة السودانية” الصادر عن مؤتمر حزبنا في 1967 نفسها. وهذه قداسة للنص الأجنبي لا تليق بمن يتهمنا بتجريع شعبنا الماركسية غصصاً لا يلطفها نظر في واقعه. فتجاهل أدب الحزب الشيوعي والكتابة عنه كما اتفق عاهة فاشية في كتابات صفوة البرجوازية الصغيرة عندنا.
قال النور في مقالات عن ثورة أكتوبر إن ماركسيتنا (القديمة) لينينية ونحن فيها مقلدون ونقلة حرفيون عنها نقلاً لم نزينه بعقل ولا خيال. ورد تهافت ثورة أكتوبر المعجل إلى ما سماه لينينية الحرب الباردة التي اعترتنا. وهي عنده رجس. وقال إننا لم نكن راغبين في نظام ديمقراطي من وراء الثورة. وقد بيتنا بشعارات مثل “لا زعامة للقدامى” و”لا حزبية بعد اليوم” ترسيخ نمطٍ من الديمقراطية شبيه بنمط الديمقراطية الموجَّهة المرسوم في الأدبيات الماركسية اللينينية. وهَلِكت الثورة في نظره لجنوحنا اليساري الذي اتبعنا فيه عقلية الشيوعية الدولية بأكثر من التفكير وفق نهج ديمقراطي حقيقي، أو “بعقل سوداني مدرك إدراكاً عميقاً للمقيدات الواقع السوداني الموغل في التخلف”.
هكذا قال النور عنا في معرض الحديث عن ثورة أكتوبر إننا لينينيون خرّبنا الثورة بنهج ذلك الرجل الروسي شديد التطرف، وأننا “سميعين” للحركة الشيوعية خلونا من الاجتهاد الحر في حقائق بلدنا ووقائعه. وقال كذلك إننا ديكتاتوريون في ثياب ديمقراطية.
وأتناول لينيننيتنا في هذا المقال وأترك ما عداها إلى حلقة أخرى. وليننييتنا يا النور تهمة لا ننكرها وشرف ندعيه. ولم نأت بها بعد انتصار الثورة بل كانت مرشدنا ونحن نعد للثورة منذ صدر بياننا الأول عقب انقلاب 17 نوفمبر 1958نهيب بالشعب اسقاطه. وربما لا يدري سودانيون كثيرون، أو سائر السودانيين، أنهم اتبعوا لينين في يوم من أيامهم الساطعة في 21 أكتوبر 1964. فمتى نفذوا الإضراب السياسي العام للإطاحة بنظام الفريق عبود كانوا لينينيين أشاوس دروا أو لم يدروا. فخطة الإضراب السياسي العام التي أطاحت بالديكتاتورية من صلب مفهوم لينين عن الأزمة الثورية. وقد عقد بيننا ولينين في الحلال الثوري أستاذنا عبد الخالق محجوب المعروف بحسن اطلاعه على اللينينية وتطويع نصوصها بوجدان في سائر كتاباته.
توصل الحزب الشيوعي إلى خطة الإضراب السياسي سبيلاً إلى الإطاحة بنظام الفريق عبود في صيف 1961. ففي تقديره آنذاك أنه وضح للشعب عزلة النظام وصار بحاجة لبيان الطريق لإزاحته. فنشر الحزب كلمة في المجلة النظرية للحزب وهي “الشيوعي” (العدد 108، بتاريخ 2 يوليو 1961) بعنوان “تفاقم الأزمة الثورية وتفكك الديكتاتورية”. استعرض الحزب في المقال اتساع الحركة الجماهيرية على ضوء إضراب عمال السكة حديد في يونيو 1961 وتوصل إلى وضوح تفاقم أزمة النظام وإمكانية توجيه الجماهير ضربة قاضية له. وصدر بعد تلك التقديرات السياسة بأسابيع أول بيان للحزب الشيوعي وضع فيه الإضراب السياسي العام كخط الحزب الرئيس اثنان للقضاء على النظام المستبد للفريق عبود. ثم والى الحزب بيان تكتيكه الرئيس لتنفيذ ذلك الإضراب في مجلة الشيوعي (العدد 109) بتاريخ 29 أغسطس 1961. وأردف الحزب هذه الخطة السياسية ببيان الخطة التنظيمية التي سينفذ بطريقها خطة الإضراب السياسي العام.
اتفق للحزب سداد فكرة الإضراب السياسي العام في سياق قراءته لخارطة تفاقم أزمة نظام الفريق عبود. وعلامة تلك الأزمة في رأي الحزب هو بلوغ الجماهير وضعاً “لا تحتمل فيه العيش تحت ظل النظام الراهن”. وهو ركن قليل الاعتبار إذا لم يتضايف على ركن آخر وهو تضعضع النظام سياسياً تضعضعاً يبلغ به طور العجز عن الحكم. واقترب الحزب من هذا المعنى بقوله إن النظام ظل هدفاً لنضال ثابت أدى به إلى العزلة حتى من قوى اليمين في الأحزاب السياسية والجيش. فتفاقمت أزمته واتسعت “إلى درجة لم يعد معها قادراً على أن يحكم بهدوء”.
معلوم أن “الأزمة الثورية”، التي رشّحت لحزبنا الإضراب السياسي خطة للقضاء على نظام عبود، مفهوم لينيني ذاع في كتاباته ومنها “تهافت الأممية الثانية”. وتقع الأزمة الثورية حسب لينين حين يصير من المستحيل على الطبقات الحاكمة الحفاظ على حكمها بغير إحداث تبديل ما فيه: حينما تضرب الأزمة، بصورة أو أخرى وسط الطبقات العليا، تفضي إلى فجوات وخروق في سياسات تلك الطبقات تنفذ من خلالها وتتفجر غضبة الطبقات المضطهدة. ولتقع الثورة، برأي لينين، لا يكفي مجرد أنه لم تعد الجماهير المضطهدة تطيق العيش كعهدها تحت ظل النظام القديم فحسب، بل من الضروري إلى جانب ضيق هذه الطبقات بالعيش تحت نير الطبقة ذات السلطان، أن تكون الطبقة السلطانية نفسها قد وهنت ولم تعد هي نفسها قادرة على العيش كما مضى. ووجد أستاذنا عبد الخالق محجوب في مفهوم لينين ما أعانه على تشخيص أزمة نظام عبود الثورية كما رأينا ووالاها بالكي الثوري آخر الدواء.
حين قمنا بثورة أكتوبر 1964 بالدخول في الإضراب السياسي العام كنا “سايرين سايرين في طريق لينين” عرجاً ومكاسير. وهكذا لم نأت بلينينيتنا للثورة بعد اندلاعها لنوسعها تخريباً كما رمانا النور. لقد جاءت الثورة نفسها عن طريق لينينيتنا. وهذا ما تعامت عنه صفوة البرجوازية الصغيرة اليمينية واليسارية بإشاعتها أن ثورة أكتوبر وقعت كصدفة سعيدة من صدف التاريخ. وقولهم هذا لؤم أرادوا به محو كتابنا الماركسي اللينيني في صناعة ثورة أكتوبر.
واختم مقالي باستغراب للنور لدمغه لينينية حزبنا (القديمة) بمفارقة الواقع السوداني والتغاضي عنه مع أنه حسن الظن بها في مواضع أخرى. فقد عاب في مقاله عن تجديد الحزب الشيوعي على المثقفين غضهم الطرف عن اسهامين فكريين عظيمين هما اسهام الأستاذ محمود محمد طه واسهام أستاذنا عبد الخالق محجوب. فميز مساهمة عبد الخالق بأنها وطنت الماركسية وربطتها بالثقافة الإسلامية. بل وبخ الشيوعيين (الجديدة أفتكر) بأنهم تجاهلوا تثمين تلك المحاولة ولم يدركوا، في تقديره، عمق مغزاها. عقرباً تطقكم. فإذا كان بوسع عبد الخالق اللينيني توطين الماركسية في الإسلام فمن باب أولى أن يوطنها في مجريات السياسة التي جاءها من خارج المجاز الإسلامي.
وفي مقال قادم نناقش النور في قوله إننا كنا عالة على فكر الشيوعية الدولية يشيرون لنا فنسمع ونطيع.
كتاب ثورة شعبالصورة لغلاف كتاب “ثورة شعب” الذي جمع الحزب الشيوعي فيه وثائق مجاهداته نظام الفريق عبود من 1958 إلى 1964 (481 صفحة). وصدر عن الحزب في 1965. وكنت ممن ساعد المرحومين عمر مصطفي المكي والتجاني الطيب في تحريره. ثم جدد نشره قبل سنوات الباحث الأنثروبولوجي الدكتور عبد الرحيم محمد صالح فحرره وقدم له. والغلاف في الصورة من الطبعة الأولى للكتاب. والفصل الثاني عشر منه عن الإضراب السياسي العام.
IbrahimA@missouri.edu
الوسومالأستاذ محمود محمد طه الإضراب السياسي الحزب الشيوعي السوداني الشيخ الأمين داؤود الماركسية ثورة أكتوبر 1964 د. عبد الله علي إبراهيم لينينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإضراب السياسي الحزب الشيوعي السوداني الماركسية ثورة أكتوبر 1964 د عبد الله علي إبراهيم لينين الحزب الشیوعی عبد الخالق
إقرأ أيضاً:
النكبة في ذكراها الـ77.. مأساة الفلسطيني المتجددة بغزة تحت الحرب والتطهير العرقي
الثورة / متابعات
تمر اليوم الذكرى 77 للنكبة الفلسطينية، وهي الذكرى التي تُخلد مأساة تهجير ما يزيد عن 750 ألف فلسطيني من ديارهم عام 1948 على يد قوات الاحتلال، وتحويلهم إلى لاجئين في الشتات والمخيمات. غير أن المشهد الماثل اليوم في قطاع غزة المحاصر يعيد سرد النكبة بلغة أشد قسوة ودموية، وسط حرب إبادة إسرائيلية شرسة فُرضت منذ السابع من أكتوبر 2023، أعادت إلى الأذهان تفاصيل التهجير القسري والتطهير العرقي الذي وقع قبل أكثر من سبعة عقود.
ففي العام 1948، شُرّد الفلسطينيون من أكثر من 500 بلدة وقرية، هُدمت معظمها بالكامل، في إطار سياسة تطهير عرقي ممنهجة. واليوم، تتكرر نفس السياسات على أرض غزة، ولكن بأساليب أكثر فتكًا، إذ أصدرت قوات الاحتلال منذ بدء الإبادة المئات من الأوامر العسكرية التي أجبرت ما يزيد عن 1.7 مليون فلسطيني على النزوح من شمال القطاع ووسطه وجنوبه، متنقلين من منطقة إلى أخرى، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف محشورين في خيام وسط ظروف لا تصلح للعيش الآدمي، في صورة أقرب ما تكون لما عاشه جيل النبكة الأول.
هجمة مزدوجة
وتشير بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) إلى أن 70% من المباني في غزة تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي منذ بدء الحرب، بما يشمل منازل، مدارس، منشآت طبية، ومحطات مياه وكهرباء، المحمية بموجب القانون الدولي. كما أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” -الشاهد الدولي على مأساة الفلسطيني، والتي أنشأت موجب القرار 302 الذي اعتمدته الجمعية العامة بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949 لإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بناء على قرار الجمعية 194 (1948) المعروف بقرار حق العودة- بأن أكثر من 162 من منشآتها التعليمية والصحية إما تضررت أو دُمّرت بفعل القصف، رغم أنها كانت مستخدمة كمراكز إيواء طارئة. في وقت تسعى فيه سلطات الاحتلال اليوم إلى إعادة مأساة التهجير بقوة نارية أكثر فتكاً وسحقاً للأرواح، حيث وثقت منظمات حقوقية دولية استخدام جيش الاحتلال سياسة “الأرض المحروقة”، في استهداف مباشر للأحياء المدنية ومرافق الحياة الأساسية، مما يشكل وفق خبراء القانون الدولي “جريمة تطهير عرقي موصوفة”.
وبين الخيمة والخيمة تجلت رمزية اللاجئ النازح بمفتاحه وندوبه جروح الجسد والفقد، ويكأنه مشهد سريالي ينتقل فيه من حملوا أوجاع اللجوء وسردية مفتاح العودة الكبير إلى بيوت تهالكت مع مرور الزمن، إلى أزقة مخيمات تلاصقت جدران بيوتها فقيت الشاهد على القضية وحق العودة المأمول، ليجد من ورث المفتاح الأول نفسه في أتون حرب طاحنة يتجرع من ذات كأس التهجير القسري، فاقداً منزله عائدا إلى حياة الخيام، يعيش الجوع والعطش كما الشهود الأوائل، مختبراً برفقة أطفاله كل ما كان يسمعه وما ترسخ في مخيلة الفلسطيني من أجداده… وأكثر.
وبين 1948 و2023 تبدلت أدوات الحرب الإسرائيلية على الفلسطيني من الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية إلى قنابل تزن أطناناً تحصد الأرواح بالعشرات دفعة واحدة، ومن الجيبات المفتوحة إلى آليات عسكرية مصفحة تسحق رؤوس الصغار تحت جنازيها. وبين هذا العام ذاك اضطرت عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية إلى اللجوء في خيام أقامتها الأمم المتحدة، واليوم يعيش أهل غزة في مثلها دون أن تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء في مناطق نزوح تفتقر إلى المياه النظيفة، والغذاء الكافي، والخدمات الصحية، وسط تفشي الأمراض المعدية وسوء التغذية، لا سيما بين الأطفال والنساء الحوامل.
ومما يفاقم المعاناة، الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع، بما يشمل منع دخول الغذاء، الدواء، والوقود، إضافة إلى القيود المشددة على عمل المنظمات الإغاثية، في مقدمتها الأونروا، التي تتعرض لهجمة سياسية غير مسبوقة من إسرائيل وحلفائها. إذ تسعى حكومة الاحتلال إلى تقويض دور المؤسسة الأممية بوصفها “شاهدة دائمة على النكبة”، ومحاولة تصفيتها كجزء من جهود شطب حق العودة من الأجندة السياسية.
من دير ياسين إلى مذابح غزة
في العام 1948، كانت المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية علامة فارقة في دفعه إلى النزوح، فدير ياسين أشهر مذابح النكبة التي هزت الضمير العالمي، حين قُتل أكثر من 100 فلسطيني بدم بارد في عملية تطهير عرقي أرادتها العصابات الصهيونية وسيلة لإرهاب السكان ودفعهم للنزوح. تكررت أكثر من 7000 مرة في غزة وخان يونس ورفح وبيت حانون وبيت لاهيا والنصيرات ودير البلح، هي مجموع المجازر الموثقة بحق العائلات الفلسطينية في القطاع، فيما مسحت أكثر من 1500 عائلة من السجل المدني، في ظل عجز دولي مطبق عن ردع آلة القتل الإسرائيلية.
وقد صرّحت منظمات دولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أمنستي” بأن ما يجري في غزة يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أن المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، لا يزال يغض الطرف عن هذه الجرائم، أو يبررها تحت ذريعة “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”.
النكبة في وجه جديد
في ذكرى النكبة، لم يعد الفلسطينيون يحيونها كتاريخ مضى، بل يعيشونها واقعًا مستمرًا. جيل بعد جيل، من اللجوء إلى اللجوء، ومن خيمة إلى خيمة، ومن مجزرة إلى أخرى،
يثبت التاريخ والوقائع اليوم أن النكبة لم تكن لحظة عابرة في تاريخ الفلسطيني، بل سياسة إسرائيلية دائمة تستهدف اقتلاع شعب من أرضه وإنهاء وجوده، كما يؤكد أستاذ العلوم السياسي في جامعة الأزهر في غزة ناجي شراب، مبينا أن سلاح التهجير الذي يستخدمه الاحتلال منذ 1948 وحتى الآن يعكس حالة النكبة الدائمة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
ويضيف شراب، في تقرير نشره صحيفة العربي الجديد، أن الخطر الأكبر يتمثّل في استمرار التهويد والاستيطان وحالة الحرب والسعي الإسرائيلي لغلق ملف القدس واللاجئين، وغلق ملف القضية الفلسطينية، والسعي لتوسعة اتفاقيات التطبيع، ولو كان على حساب الفلسطيني.
وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فإن التحوّل الحالي هو السعي لتحويل الصراع من حق فلسطيني في الدولة إلى مجموعة من الأفراد تحتاج فقط إلى الأكل والشرب والأدوية دون النظر لأي حقوق سياسية، لافتاً إلى أنّ الاحتلال يواصل استيلاءه على الأرض الفلسطينية، وحتى الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير باتت ملغية، بما في ذلك اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993 والتي بموجبها شُكلت السلطة الوطنية.
ويبيّن أن “ثمة حالة صمود ورفض للتهجير من قبل الناس في غزة، إلا أن هناك تركيزاً على إلغاء قضية اللاجئين في غزة كما تقوم إسرائيل بإلغائها في الضفة والقدس المحتلتين عبر تصفية جسم “أونروا” الذي شُكّل بموجب قرار أممي”، وهو أمر يرى في مراقبون أن إحياء النكبة ليس فقط واجبًا وطنيًا وتعبوياً للأجيال الفلسطينية، بل ضرورة سياسية لتأكيد أن ما بدأ في 1948 لم ولن يُنسى.