حوار طرشان.. كشف أسباب أنتهت بـقمة غزة بدون بيان ختامي
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
شفق نيوز/ كشفت وكالة "فرانس برس" للأنباء، يوم الأحد، تفاصيل تخص قمة القاهرة للسلام التي عُقدت لبحث الأوضاع في قطاع غزة الفلسطيني وإيجاد حلول للأزمة، وفيما وصفت الاجتماع بأنه "حوار طرشان"، أوضحت أسباب عدم اتفاق المجتمعون على بيان ختامي مشترك.
وذكرت الوكالة في تقرير اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أنه كان يفترض بـ"قمة السلام" التي عقدت أمس السبت في مصر، أن تكون خطوةً نحو إيجاد حلّ للحرب بين إسرائيل وحركة حماس، إلا أن نتائجها كشفت بشكل أساسي "خطوط الصدع" القائمة بين العرب والغرب حول القضية الفلسطينية.
وكما جرت العادة في اجتماعات مماثلة حيث تقاس كلّ كلمة بعناية، كان ينبغي أن يصدر بيان ختامي عن القمة التي دعا إليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وعلى رغم تشاطر المجتمعين الدعوة الى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل، لم يتمكن ممثلو الدول العربية والغربية من الاتفاق حول نصّ مشترك.
"إدانة" منعت البيان الختامي
وقال مسؤول من دولة عربية كان مشاركاً في القمة لوكالة "فرانس برس"، إن الخلاف تمحور حول "إدانة إسرائيل التي ترفضها الدول الغربية، وتصرّ كذلك في المقابل على إدانة حماس".
وشنت حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، هجوماً على إسرائيل هو الأعنف في تاريخ الدولة العبرية التي ردّت بقصف مركز متواصل على قطاع غزة وحشد عشرات الآلاف من جنودها على حدوده استعدادا لعملية برية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة اليوم الأحد، أن حصيلة القتلى وصلت إلى 4651 شخصاً، بينهم 1873 طفلاً. وقتل أكثر من 1400 شخص في الجانب الإسرائيلي معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول لهجوم حماس، حسب السلطات الإسرائيلية.
وأوضح المسؤول العربي الذي فضّل عدم كشف هويته أن "الدول العربية (ترفض الإدانات الغربية) لأن ذلك يضعها في حرج أمام شعوبها".
مشهد دولي "عاجز"
وفي حين أبرمت دول عربية اتفاقات تطبيع مع إسرائيل في العام 2020 برعاية الولايات المتحدة، إلا أن التحركات التي شهدتها بلدان عدة في المنطقة في الأيام الأخيرة، تؤشر إلى مزاج شعبي معارض لتلك الخطوة.
وردّد عشرات الآلاف في المغرب، إحدى الدول التي أبرمت "اتفاقات إبراهام" مع إسرائيل، عبارة "لا للتطبيع". وفي البحرين، ردّد المحتجون خلال تظاهرة الجمعة عبارة "الموت لإسرائيل".
وخلال قمّة مصر التي عقدت في اليوم التالي "منعت خلافات بارزة بين المشاركين، اعتماد بيان ختامي"، كما قال دبلوماسي أوروبي لـ"فرانس برس".
وطالب الغربيون وفق دبلوماسيين عرب، كذلك بـ"الدعوة لإطلاق سراح الرهائن"، وهم نحو 200 شخص تحتجزهم حماس.
وفي وقت تجري دول عدة على رأسها قطر مفاوضات مع حماس لإطلاق سراح هؤلاء، فإنّ إدانة مكتوبة مع دول دعمت "حقّ إسرائيل في الدفاع عن النفس"، ستتسبب بإحراج الدول المفاوِضة، وفق مراقبين.
ورفضت الدول العربية أن تدرج تلك النقاط في البيان الختامي.
وانتهت القمّة ببيان مصري وافقت عليه الدول العربية، بحسب ما أفاد دبلوماسيون عرب لـ"فرانس برس".
وجاء في البيان إن "المشهد الدولي عبر العقود الماضية اكتفى بطرح حلول موقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى من الاحتلال الاجنبي".
"حوار الطرشان"
يشكّل ذلك لبّ المشكلة، ويرى كريم بيطار الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن القمّة "انعكاس مثالي لمدى عمق خطوط الصدع بين الغرب والعالم العربي، وأبعد من ذلك، مع جنوب الكرة الأرضية، ما يعطي انطباعاً بأنّ الأمور تتجه في بعض الأحيان لما يشبه حوار طرشان".
ويشدد على أن "استمرارية القضية الفلسطينية" ما تزال أمراً واقعاً.
وحضرت هذه القضية في خطاب العديد من القادة العرب خلال الأيام الماضية، تزامناً مع نزول عشرات الآلاف الى الشوارع لإبداء دعمهم للفلسطينيين.
نزاع ثانوي
ومنذ بداية الحرب، ندّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي تدعم حكومته أحزاب موالية لإيران، بـ"إبادة" يقوم بها "الاحتلال الصهيوني" ضدّ الشعب الفلسطيني.
ويشرح كريم بيطار "حاول كثر تجاهل هذه القضية على مدى عقدين" والتأكيد أن هذا الصراع "بات نزاعاً ثانوياً، محدود الأهمية، ويمكننا طمر المسألة الاسرائيلية الفلسطينية عبر اتفاق اقتصادي ضخم بين الخليج واسرائيل".
ويتابع "اتضح أن كل ذلك كان وهماً".
وكانت مصر المضيفة لـ"قمة السلام" أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع اسرائيل في العام 1979. وحذّر الرئيس المصري مؤخراً من "أن يتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه".
ورفع نبرة التحذير كذلك العاهل الأردني عبد الله الثاني الذي أبرم والده حسين سلاماً مع اسرائيل عام 1994، وتأوي بلاده مليوني لاجئ فلسطيني.
وقال من القاهرة باللغة الانكليزية "العالم العربي يسمع ذلك جيداً: حياة الفلسطينيين تساوي أقلّ من حياة الاسرائيليين".
مع هذه القمة، عادت القضية الفلسطينية الى صدارة الأجندات الدبلوماسية العالمية.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إنه ينبغي الآن "العمل على إعادة وضع القضية الفلسطينية في صلب الاهتمامات".
وتحدّثت عن "موعد بعد ستة أشهر من أجل قمة جديدة للسلام".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي البيان الختامي ادانة حماس قمة القاهرة للسلام احداث غزة ادانة اسرائيل القضیة الفلسطینیة الدول العربیة فرانس برس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
بقدر ما أظهر استمرار حرب الإبادة تصاعُد الخلاف بين إسرائيل وبين الغرب الأوروبي، بقدر ما أظهرت تداعيات وقف الحرب خلافاً متنامياً مع آخر حليف لتل أبيب أي واشنطن، وكما قدرنا سابقاً ومنذ أكثر من شهرين مرا على البدء بتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو، لم تلتزم تماماً بتلك الخطة، التي وافقت عليها على مضض، ليس من سبب إلا لأن وقف الحرب جرى دون ان تحقق هدفها بعيد المدى، وهو تهجير سكان قطاع غزة، وضم أرضه تالياً لدولة إسرائيل الكبرى، وتجلى عدم التزام إسرائيل بوقف النار من خلال قتل نحو أربعمائة مواطن، ومواصلة تدمير ما تبقى من منازل، كذلك عبر تعميق ما يسمى بالمنطقة الصفراء التي تحتلها دون ان يكون فيها سكان سبق لها وان أجبرتهم على النزوح، والأهم ان مواصلة إطلاق النار، تبقي على احتمال مواصلة الحرب قائماً في مخيلة أركان الحكومة الإسرائيلية، بما يعني بأنها منذ البادية راهنت على وقف تنفيذ الخطة عند حدود الخط الفاصل بين مرحلتيها الأولى والثانية.
والحقيقة هناك كلام كثير يمكن أن يقال، لنؤكد على أن إسرائيل اليمينية المتطرفة حالياً، تعتقد بأنها وصلت إلى اللحظة التي أعدت لها أولاً أوضاعها الداخلية، وثانياً العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وثالثاً الشرق الأوسط برمّته ليكونوا قد باتوا جاهزين لقيام دولة إسرائيل العظمى، عبر مصطلح خادع قال به بنيامين نتنياهو علناً وصراحة قبل أكثر من عام، وهو تغيير الشرق الأوسط، والأهم هو أن نتنياهو وطاقم الحكم المتطرف يعتقد بأنه إن لم يحقق ما يصبو اليه الآن، فلن ينجح في ذلك لاحقاً، أي ان هذه الحرب ليست كما كانت سابقاتها، حيث دأبت إسرائيل على شن الحروب سابقاً بمعدل مرة كل بضع سنوات، تحتل خلالها أراضي عربية إضافية، او تحقق أهدافاً أمنية_سياسية، وحين تواجه عقدة مستعصية توافق على وقف لإطلاق النار، لتقوم بالتحضير لتحقيق ما عجزت عنه فيما بعد، هذه المرة يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أصحاب مشروع إسرائيل العظمى والكبرى، بأن العالم يتغير بسرعة في غير صالحهم، لذلك فهذه هي فرصتهم الأخيرة، لذلك يمكن القول بأنهم غامروا لدرجة ان يخسروا تأييد الغرب الأوروبي، ويغامرون اليوم بالمراهنة حتى آخر رمق من تأييد ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذلك أن أميركا بعد ترامب ستكون ذات موقف مختلف.
لن نعيد في هذه المقالة، ما سبق لنا وقلناه عن دوافع وتفاصيل تلك الصورة، التي اتضحت خلال حرب العامين على فلسطين وعلى ست دول شرق أوسطية، لكن بالمجمل فإن كون إسرائيل كدولة بعد نحو عشر حروب خاضتها، بل بعد ما يقارب من ثمانين عاماً، على قيامها، أي منذ نشأتها حتى اليوم، والأهم بعد اربع معاهدات سلام وقعتها مع ست دول عربية، وعدد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار، ما زالت في حالة حرب، ليس فقط مع فلسطين، بل مع الشرق الأوسط برمّته، والأخطر بعد ان كانت تبدو في حالة حرب مع الدول العربية، بغض النظر عن كلها أو بعضها، باتت حالياً في حالة حرب مع الدول العربية والدول الإسلامية، وباختصار، باتت الشوفينية الإسرائيلية لا تكتفي بمواصلة مطالبة واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري على مجمل دول المنطقة فرادى ومجتمعين وحسب، بل باتت تقول علناً بأنها تسعى لتغيير الشرق الأوسط، ولا تنكر ان طريقها لذلك هو إفراغ الشرق الأوسط من عوامل القوة العسكرية، بما يشمل تغيير الأنظمة، وأنها في سبيل ذلك تواصل شن الحرب، وأنها لا تثق بأحد، ولهذا فهي اليوم باتت في حالة حرب مع فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فيما علاقتها متوترة مع الآخرين: مصر، الأردن، تركيا، قطر، السعودية، أي الجميع.
والحقيقة أن كون إسرائيل ما زالت في حالة حرب، منذ نشأتها، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ العالم، سوى مع الدول الاستعمارية، نقصد المغول والبيزنطيين الذين أقاموا في مناطق شاسعة من العالم قروناً، كذلك الاستعمار في القرن العشرين، مثال الجزائر وفيتنام، يعني أو يؤكد بأن إسرائيل ورغم انه لاح وكأن اتفاقيات او معاهدات السلام التي عقدتها مع مصر أولاً ثم فلسطين والأردن، ولاحقاً مع الإمارات، البحرين والمغرب، قد وضعت حداً، او أنها قد فتحت الباب لإغلاق باب الحروب بينها وبين محيطها الشرق أوسطي، العربي والإسلامي، لكن ذلك لم يحدث، ولا حتى في عالم الرياضة، حيث هي حقل لجمع الدول، بما بينها من خلافات، حيث كان فريق الاتحاد السوفياتي في ظل الحرب الباردة يشارك في مباريات كرة القدم مع منتخبات الغرب الأوروبي في كؤوس العالم، بينما إسرائيل تشارك ضمن المنافسات الأوروبية، رغم أنها دولة آسيوية جغرافياً، وكثيراً ما انسحب المشاركون في مسابقات رياضية دولية، من دول عربية إفريقية ودول إسلامية تجنباً لمنافسة الرياضيين الإسرائيليين.
أي أن معاهدات واتفاقيات السلام والتطبيع، خاصة المصرية والأردنية منها، بقيت حبراً على الورق الرسمي، بينما كان توقيعها مناسبات لرفع وتيرة مواجهة التطبيع على الصعيد الشعبي. باختصار نريد القول، بأن إسرائيل لا قبل ولا خلال ولا بعد توقيع أربع اتفاقيات ومعاهدات سلام، صارت دولة طبيعية في الشرق الأوسط، وهي ما زالت دولة لم تحظ بشرف عضوية ذلك النادي الدولي، وربما كانت هذه الحقيقة التي لا شك بأنها تنغص حياة الإسرائيليين، أحد الدوافع التي تجعل منها شعاراً لمن يطمح في الحكم، وقد كان شعار السلام منذ ما بعد إعلان قيامها عام 48 طريقاً للأحزاب التي تنافست على الحكم خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، أما شعار الشرق الأوسط الجديد، فقد تلا انتهاء الحرب الباردة، ورافق مفاوضات مدريد التي أجبر عليها اليمين الليكودي الحاكم عام 1991، وإعلان اتفاق أوسلو من قبل آخر حكومات اليسار، وبالتحديد من عراب أوسلو الإسرائيلي شمعون بيريس، الذي حرص على ان تشمل مفاوضات الحل النهائي مع (م ت ف) مفاوصات متعددة الأطراف، إقليمية بالطبع، لتقديم ما يغري الجانب الإسرائيلي بقيام شرق أوسط جديد، كنادٍ اقتصادي تكون لها فيه عضوية فاعلة، بالتوازي مع المفاوضات الثنائية مع الجانب الفلسطيني التي ستفضي الى الانسحاب الجغرافي.
أي أن الشرق الأوسط الجديد بمفهوم بيريس الذي بشّر به قبل أكثر من ثلاثة عقود، آخذاً بعين الاعتبار المتغير الكوني بعد انتهاء الحرب الباردة، ونشوء العلاقات بين الدول على أساس الشراكة الاقتصادية، اعتمد على أن نفوذ الدول بات مرهوناً باقتصادها وليس بتوسعها الجغرافي أو قوتها العسكرية، بينما شرق أوسط بنيامين نتنياهو، هو نقيض ذلك تماماً، حتى أن السلام عند بيريس كان يستند لمبدأ الأرض مقابل السلام، بينما عند نتنياهو يعني فرض الأمن بالقوة العسكرية، وقد كان يمكن أن يتحقق شرق أوسط جديد على أساس شراكة دوله وشعوبه في الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، ضمن نظام عالمي قائم على هذا المفهوم أساساً، ومثل هذا الشرق الأوسط ليس بعيداً، مع ملاحظة العلاقات البينية بين دوله، العربية والإسلامية، اي دول الخليج ومصر وكل من تركيا وايران، لكن ما حال دون ذلك هو إسرائيل بحكوماتها اليمينية التي تقول بتغيير الشرق الأوسط كله ليتوافق مع طبيعتها الاستعمارية، بينما المنطقي هو ان تتغير هي لتتوافق مع شرق أوسط طبيعي متوافق مع النظام العالمي.
هذه الوجهة هي التي ستفرض على إسرائيل التغيير الداخلي، وأهم سماته لفظ اليمين المتطرف، وإعادة التأكيد على دولة المؤسسات الديموقراطية، وذلك بالشروع فوراً في تحقيق جملة من الشروط هي: الانسحاب من ارض دولة فلسطين ومن الأراضي العربية المحتلة، وتصفية كل المناطق الأمنية، وإن كان لا بد من مناطق أمنية فعلى الجانبين، ثم تطبيق حق العودة والتعويض، مع تقديم ضمانات أمنية لدول الجوار، لأن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي التي تعتدي وتحتل، كذلك نزع الصفة الدينية عنها وبث رسالة سلام وتعايش للجوار.
وأهم أمر على إسرائيل أن تُقْدم عليه او إعلان الحدود الجغرافية النهائية للدولة، وكذلك دستورها الذي يثبت بأنها دولة طبيعية مدنية تعيش مع جيرانها وفق منطق حسن الجوار، كل ذلك يتطلب أولاً إحالة نتنياهو، عراب إسرائيل الكبرى الى المعاش السياسي، ثم إسقاط اليمين المتطرف، حتى يمكن التوصل لحل الدولتين.
الأيام الفلسطينية