حكاية البرج المهجور الذي اشتعل في الزمالك.. بدأ البناء بفترة السبعينيات.. وكان نواة لمجموعة من ناطحات السحاب تضاهي مثيلاتها في أوروبا
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
أعلنت قوات الحماية المدنية بالقاهرة، أمس، سيطرتها على حريق نشب داخل فى الطابق الثالث عشر لفندق مهجور بمنطقة الزمالك، بالطبع دون وقوع إصابات لأنه مهجور، فما حكاية هذا البرج المكون من أكثر من 50 دورًا ولماذا هجر منذ التسعينيات في هذا الموقع الحيوي بالزمالك.
مشروع مانهاتن الجديدة
يقع على شكل أسطوانة خلف نادي الجزيرة عند تقاطع شارعي الجزيرة وحسن صبري في الزمالك، تجده مظلم وحزين في موقعه الحيوي في الزمالك.
صمم هذا الفندق مهندس يدعى "خالد فودة" وكان يعمل وكيل وزارة الإسكان السابق تحت قيادة حسب الله كفراوي وزير الإسكان في عهد الرئيس السادات، الوزير المسؤول آنذاك عن مشاريع إعادة الإعمار والمستوطنات الجديدة بمليارات الجنيهات.
بدأ بناء البرج في فترة السبعينات في عهد الرئيس أنور السادات وكان يفترض أن يكون البرج الجزء الأول من مشروع مانهاتن الجديدة في مصر وهو عبارةٌ عن مجموعة من ناطحات السحاب التي تخيّل الرئيس أنور السادات تنصيبها في جزيرة الزمالك وسط النيل، للدلالة على مكانة القاهرة في الساحة الدولية.
ونالت فكرته دعما من الرئيس السادات في الثمانينات لتصبح ناطحة سحاب في مصر تضاهى ممثيلاتها فى العواصم الأوروبية، وأن ينافس الفندق الأسماء العالمية.
الرخص الصادرة للمبنى
تقول الأوراق والرخص الصادرة للمبنى إنه صدر بترخيص رقم 25 لسنة 1972 من حى غرب القاهرة ببناء 3 أدوار وبدروم ودور أرضى، ثم 9 أدوار متكررة فوق الأرضى، وأصدرت وزارة السياحة بتاريخ 5 يوليو 1973 الترخيص رقم 3248 باعتبار المبنى فندقا سياحيا، وتم تعديل الترخيص برقم 1 لسنة 1974 ببناء عمارة فندقية 44 طابقا أعلى الدور التاسع، وواكب ذلك قراران برقمى 27، و49 من المجلس التنفيذى بمحافظة القاهرة بإعفاء العقار من قيود ارتفاعات المبانى.
عدم وجود جراج
بحسب حديث "فودة" إعلاميا واجه الفندق العديد من العراقيل رغم أنه انفق كل ما يملكه على المشروع، الذى يعرقله على حد وصف المسئولين عدم وجود الجراج، موضحا انه حاول تقديم العديد من الحلول إلا أن الجهات المعنية لم توافق.
وقف أعمال البناء في 1989
ويستكمل "فودة" في حوار أجري معه في 2011، انه فوجئ بتاريخ 11 يونيو 1989 فى عهد الرئيس مبارك بقرار من حى غرب القاهرة بوقف أعمال البناء، بدعوى سقوط الترخيص لعدم الشروع فى البناء.
وتابع مستطردا: حكمت المحكمة لصالحى بعد معاينة إنجاز الخوازيق، وبعد فترة طعنت وزارة السياحة بعدم صحة توقيع الترخيص السياحى الصادر للفندق فى عهد الرئيس السادات، وكسبت الدعوى بصحة التوقيع ولم أفهم سبب العراقيل، حتى اكتمل البناء إلى 45 طابقا متكررا يشمل 450 غرفة فندقية تمتع برؤية بانورامية كاملة للقاهرة من كل جانب.
ورفضت محافظة القاهرة الترخيص له بالعمل قبل بناء جراج برغم أن رخصه البناء عام 1972 لم تشترط بناء جراج، وكانت الشوارع اقل ازدحامًا مما هي عليه الان.
عرض حلول عديدة
علقت محافظة القاهرة، أن وجود فندق بهذا الحجم بدون جراج، سوف يسبب أزمة كبيرة وتكدسات مرورية، لا يمكن حلها خاصة أنه يتوسط منطقة لا تستوعب أي سيارات خاصة، مؤكدة أن الحل الوحيد هو انشاء جراج داخل الفندق نظرا لبعد الأماكن المقترحة لإنشاء جراج خارجه، في إشارة من المحافظة للمقترحات التي قدمت لحل الأزمة، وهو امر صعب يتعارض مع تصميم الفندق الحالي.
تم عرض أكثر من حل على محافظة القاهرة مقترحات لبناء جراجات، واحد منها أسفل نادى الجزيرة، وآخر تحت فيلا مجاورة، وثالث تحت شارع حسن صبري، ورابع تحت الأرض في الجزء المهمل من حديقة الأسماك المجاورة، ولكن طلباتهم لقت تجاهل.
كما تم عرض شراء نقطة شرطة الجزيرة، وإنشاء قسم شرطة على أحدث طراز، ولكن هذا الحل رفض بشكل قاطع أيضًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: محافظة القاهرة حريق عهد الرئیس
إقرأ أيضاً:
حكاية موت يتكرر في غزة: أشرف شبات وعماد عبد الجواد
بعد أن غرز الجوع انيابه في أمعاء أطفالهم في خيام النزوح ومراكز الايواء في رحلة نزوح مؤلمة حملتهم من بلدة بيت حانون التي طالما كانت تتربع بزهوٍ على سلة خضار طيب المذاق تعرفه قرى ومدن محافظات غزة ، حمل عشرات الالاف من ابناء البلدة كسواهم ما خف من امتعتهم نزحوا في بداية العدوان إلى الجنوب لكنهم عادوا إلى بلدتهم التي ترعرعوا في مروجها الخضراء حاولوا ترميم بيوتهم المدمرة وزراعة حواكيرهم ومئات الدونمات لكن العدوان باغتهم مرة اخرى واضطروا لتجرع كأس النزوح مرة اخرى وهذه المرة نصبوا خيامهم البالية في شوارع مدينة غزة وحطوا الرحال في بعضٍ مراكز الايواء المزدحمة .
الشاب / اشرف احمد شبات
ورفيق رحلته الأخيرة الدكتور / عماد عبد الجواد ابو زريق ، مع اشتداد جائحة المجاعة وبعد أن بات الجوع ينهش أمعاء أطفالهم ، ذهبوا عدة مرات يبحثون عن ما يمكن العثور عليه لسد الرمق في منطقة تطل على بلدتهم بيت حانون نجحوا مرات رغم ازيز الرصاص ودوي المدافع، لكنهم صباح يوم الجمعة الموافق ٢٠ / ٦ /٢٠٢٥ ذهبو بصمتهم المعتاد جمعوا ما تيسر لهم من أوراق الشجر وبعضٍ مما زرع ، لكنهم لم يعلموا ان شبح الموت يخيم فوقهم في طريق العودة وهناك على شارع صلاح الدين حيث تتمركز في السماء طائرات الموت باغتتهم بصاروخ مزق اجسادهم التي تناثرت وغدت أشلاء دون أن يعلم أحد عن هذا المصير مثلهم مثل المئات الذين يقتلون يومياً بقصف وقنص لا يتوقف، على وقع الامل كان الأهل ، آبائهم وأمهاتهم اخوتهم وزوجاتهم واطفالهم والجوع ينهش أمعائهم ينتظرون بقلق لهذا الغياب المقلق ، اهالي غزة اعتادوا أن مثل هذا الغياب لما بعد غروب الشمس وحلول الظلام ينبىء بالخبر السيئ فبدأ ذوي اشرف وعماد بالبحث والتحري عن المكان المتوقع توجههم اليه ناشدوا الجهات الدولية الصليب الأحمر والهلال الأحمر البحث عنهما والمساعدة في الحصول عن اي معلومة يمكن الاستفادة منها لكن دون جدوى ، حينها قررت عائلة اهل الشهيد اشرف شبات البحث بأنفسهم عنهما وفي صباح يوم السبت ٢١/٦/٢٠٢٥ ذهبا تحت هدير الطائرات وأزيز الرصاص تحت غطاء من الكواد كابتر اللعينة وبعد استفسارات من بعض سكان المنطقة الذين ما زالوا تحت الخطر تبين ان المنطقة تعرضت لقصف عنيف وان جثثٍ لمجهولين تطايرت في المكان عصر يوم الجمعة مما زاد من الريبة والشك لمصير أبناءهم المتوقع ،في ساعات مساء الجمعة كان الليل يلف المنطقة وتنتشر بها عدد كبير من الكلاب الضالة التي تنهش جثامين الشهداء كل يوم وبسبب صعوبة الوضع عاد الشباب دون العثور عن من يبحثون ، لكن بعض الشباب من ال شبات قرروا المحاولة يوم السبت رغم شبح الموت وقد عززت شكوكهم المحزنة عندما شاهدوا الكلآب تتقاطر مجموعات على زوايا معينة تلتهم الأشلاء ، خاطروا بحياتهم وتنقلوا من بيت لبيت بحذر شديد وبخطر أشد حملوا معهم ادوات تساعدهم على حمل جثامين الشهداء مثل كروسة يد وبطانية وعصي لمواجهة الكلآب التي باتت تسرح وتمرح في المنطقة دون رادع وقد غدت منطقة تسكنها الأشباح ، بحث الشباب على اطراف الشوارع وجذوع الشجر هناك كانت اشلاء الشهيد اشرف شبات متناثرة حيث تعرف شقيقه عليها من هويته الشخصية وبطاقة الصراف التي مزقتها الشظايا وعلى بعد أمتار قليلة تم العثور على جثة رفيقه الدكتور عماد ابو زريق متناثرة الأشلاء على اطراف الطريق ، جرى كل ذلك في مغامرة تتكرر كل يوم للبحث عن مفقود سرعان ما يكون قطيع الكلاب هو الدليل القاطع على وجود اشلاء بشرية في الجوار ، جمعوا اشلاء من احبوا لفوها بالبطانية ووضعوها على الكروسة وطائرات الاكواد كابتر تزأر وترشق رصاصها المسموم في كل صوب ، لكن بفعل عزيمة الشباب وقوة روابط الاخوة نجحوا في تأمين وصول جثث الشهيدين إلى غرب مستشفى الدرة ، لكن المفاجئة التي تدمع لها العيون كانت اثناء تجميع الجثث كل على حدة بان قدم احد الشهداء لا زالت ناقصة وبقيت في المكان فقرر شقيقه الا يتركها لتنهشها الكلآب وعاد مخاطراً إلى ان استعادها لتكتمل الجثة باطرافها الاربع ، انها قدم الشهيد هذه هي اشرف من رأس كل الذين يستخفون بأرواح الناس ودماء الأطفال ويعتبرونها من شرفات فنادقهم خسائر تكتيكية يمكن اعادة إنتاجها ،، وبعد ان تمت عملية استعادة الجثامين بدت إجراءات التشييع والدفن في وداع مؤلم وقاسٍ من ذوي الشهداء ومواراتهم الثرى في مقبرة الشيخ رضوان ،، هنا حيث كما قلت في مقال سابق ( انه موت وخراب ديار ) ، حيث لايمكن ان تضع الميت في قبره ليستريح الا بعد دفع مبلغ 1000 شيكل ثمن لكل قبر وبالطبع دون ان تحصل على ايصال ولا حتى معرفة هوية الجهة التي تتحصل هذا المبلغ دون وصل دفع لأي جهة رسمية يمكن مساءلتها، اليوم الثلاثاء ذهبت لعزاء اسرة شبات التي اعرفها واعتز بها منذ ان كنت ازروهم في بيت حانون حيث العز وحسن الاستقبال وكرم الضيافة زرتهم اليوم معزياً باستشهاد نجلهم في مركز ايواء والده المكسور غلبت التجاعيد جبينه والدموع كادت ان تتحجر في مقلتيه و الابتسامة وخفة الظل التي كانت تميزه غابت ، ويبدو انها لم تغب عنه وحده بل عنا جميعاً، بعد ان ترك مصيرنا بيد الجهلاء والمراهقين والمراهنين على الأوهام .
جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025