صحيفة البلاد:
2025-10-13@06:08:01 GMT

ابن الجزار.. أول أخصائي أطفال من المسلمين

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

ابن الجزار.. أول أخصائي أطفال من المسلمين

عبدالله صقر- مركز المعلومات

بنى الأطباء المسلمون الأسس العلمية والعملية للطبّ الذي نعرفه اليوم، التي استفادت منها الحضارة الأوروبية في بنائها للطبّ الحديث، الذي نقلوه وطوّروه عن هؤلاء الأطباء المسلمين؛ كأبي بكر الرازي وابن النّفيس، المعروفين بسبب شهرتهما التي تخطّت العصور.

لكن هناك من الأطباء المسلمين المغمورين من لم يحظوا بشهرة كبيرة؛ كأمثال الطبيب ابن الجزّار، الذي سبق عصره من خلال ما توصّل إليه في علم الطبِّ.

= فهو أوّل من قرّر التخصصات الطبية، وهو أوّل طبيب مسلم يكتب في التخصصات الطبية مثل طبّ الأطفال وطبّ المسنّين، وألّف العديد من المصنّفات في العلوم الطبيّة فُقِدَ أغلبها، وقد ذاع صيته وتجاوزت شهرته الآفاق، إلّا أنّ هذا الطبيب العظيم لم ينل حظًّا وافرًا من الدراسة، كما أنّ معظم مؤلّفاته مازالت مفقودة، والكثير منها ما تزال حبيسة أدراج المكتبات تنتظر من يخرجها إلى النّور.
وذلك لأن معظم كتبه ما زالت مخطوطات لم تُطبع ولم تُنشر، كما أنها صعبة الوصول لتشتتها عبر الكثير من المكتبات الخاصة والعامة ما بين أوروبا وتونس والعالم العربي، والكثير منها ضاع في البحر غرقًا.

أول من تخصص في طب الأطفال
نستطيع القولَ بأنَّ ابنَ الجزَّار هو أوَّل طبيب عَربِي مُتَخصِّص في طبِّ الأطفال.
لم ينس ابن الجزار الأطفال والصبيان من تصانيفه الطبية الرائعة، فألف كتابه القيم (سياسة الصبيان وتدبيرهم)، الذي بقي أمدًا طويلًا من المراجع الأصيلة والأساسية في علاج أمراض الأطفال. وكتاب (سياسة الصبيان وتدبيرهم) مُؤَلَّف من اثنين وعشرين بابًا، يبحث في تدبير شئون المَوْلُودِين في حالة الصحة والمرض. وهو كتابٌ جامِع يبحث في طبِّ الأطفال والعناية بهم، وما يعرض لهم من عِلَل وأَسقام في مختلف سنيِّ حياتهم، وفي تدبير هذه الأَمراض وطُرُق معالجتها. وقد اقتبسَ منه الزَّهراوي بعضَ معلوماتِه الطبِّية.
تَكلَّم ابنُ الجزَّار في كِتابِه “سِياسَة الصِّبيان وتَدبيرهم” عن تدبير الأطفال منذ خُروجهم من أرحام أمَّهاتهم، وعن تَغذيتهم، ومَضجعهم وغَسلهم وتنظيفهم وإِرضاعهم، كما تحدث عن صفات اللَّبن وتركيبه، وعن المُرضِعات والحاضنات.

منهجه في سياسة الصبيان
نهج ابن الجزار في هذا الكتاب منهج الاختصاص في مجال طب الأطفال، وهذا الكتاب -كما ذكر عدد من مؤرخي العلوم الطبية- يحتوي على معارف علمية تتَّفق كثيرًا مع طب الأطفال المعاصر واعتمدت كتبه منهجًا في جامعة ساليرنو الإيطالية في القرن العاشر.
تظهر دوافع التأليف عند ابن الجزار في مقدمة كتابه سياسة الصبيان بقوله:” إن معرفـة سياسـة الصـبيان وتـدبيرهم بـاب عظـيم الخطـر، جليـل القـدر، ولم أرى لأحـد مـن الأوائـل المتقـدمين المرضـيين في ذلـك كتابًـا كـاملًا شـافيًا، بـل رأيت ما يحتاج من علمه ومعرفته من ذلك متفرقًا في كتب شـتى، فلمـا كـان الأمـر في ذلـك علـى مـا وصـفنا، رأيـت أن أجمـع المتفـرق مـن ذلـك في الكتـب الكثـيرة، وألفـت بعضـه إلى بعـض في هـذا الكتـاب، كالـذي يؤلـف مـن الجـوهر إكليلًا بهيًا، ويـنظم عقـدًا حسـنًا، وأضـمه جميـع مـا علمـت أن جـالينوس قالـه في ذلـك، وأضـيف إلى ما أجمعه من الكتب مبوبا…”.
يدلل كتاب ابن الجزار على موسوعية هذا العالم الفضل، وتناوله علم الطب بشكل شامل وإنساني، وعلى تواضعه فيما خطه من نقله وجمعه لما كتبه الأولون في طب الأطفال.

حيـث يعـترف بكـل فخـر أنـه اعتمـد علـى مـن سـبقه في جمـع المعلومـات الطبيـة؛ ممـا يـدل علـى سـلوكه وأمانتـه في عملـه الطـبي، حينما يعلـن وبكـل لطـف ووفـاء، كونـه لم يكـن سـوى جـامع لعيـون مـا ذكـره أفاضـل الأطبـاء أنه تجـاوز من مكنون عملهم وصحيح تجربتهم.

والحقيقة أيضا أن ابن الجزار لم يكن ناقلًا لمن سبقه- فحسب- بل كان ممحصًا ومدققًا وناقدًا.
اعتمد ابن الجزار في كتابه منهجًا علميًا متميزًا، وهو الفصل بين العلاج والدواء أثناء دراسة المرض.
فصّل ابن الجزار في الأمراض التي تصيب الأطفال ووصـفها وصـفًا دقيقًـا كـذلك مـن حيـث أعراضـها وعلاماتـها، متوخيًـا في ذلـك المـنهج العلمـي المتبـع حـديثًا في تشـخيص الأمـراض بالسـؤال عـن حالـة المـريض الحاضـرة والسـابقة، ثم الفحـص باسـتعمال النظــر واللمــس والســمع، وكــذلك فحــص الــبراز وغــير ذلــك مــن الفحــوص التكميليــة للفحــص السريري.

أمراض الأطفال
أفرد ابن الجزار أبوابًا عدة في كتابه للأمراض التي تصيب الأطفال وتعتريهم؛ ابتداء من الأمراض التي تَعرض للصبيان من الرأس حتَّى القدم، وعن تدبيرها وعِلاجها، وفيما يصيب الطفل بحسب سنِّه من الأمراض؛ كالإسهال، ورطوبة الأذنين، والتهاب السُّرَّة ونتوئها، ومعالجة السعفة في رأس الطفل، وورم اليافوخ، وانتفاخ البطن. وأبواب أخرى في داء الصرع عند الصبيان، والوجع عند خروج الأسنان، وقروح الفم عند الأطفال، وأسباب القيء.
وفي الحيات والدود المتولدة في الأمعاء، وفي الحصى المتولدة في المثانة، وغير ذلك، وختمَ كتابَه في الكلام عن طبائع الصِّبيان وعاداتهم، وهو أوَّلُ من تكلَّم عن منعكس المصِّ عندَ المولود. ومن خِلال كتابِه هذا يَردُّ ابنُ الجزَّار أسبابَ السُّعال عندَ الأطفال إلى البرد الذي يتعرَّضون له، فيقول: “وإنَّما يَهيجُ ذلك فيهم لقُرب عَهدهم بالدفء في بطون أمَّهاتهم وخروجهم إلى برد الهواء، ولأنَّه ليس لألسنتهم قوَّة على سدِّ الحَنجَرة، فيهيج السُّعال لبرد الهواء ووصوله إلى حُلوقهم وصُدورهم”.
كما يَقولُ ابنُ الجزَّار: “وقد يعرض للصِّبيان الاختلافُ والقيء في الدرجة الأولى من أسنانهم، وكذلك قال أبقراط، والسَّببُ في ذلك أنَّ الصبيان ربَّما رغبوا في كثرةِ الرَّضاع، لأنَّهم لا يَعرفون قدرَ ما يَنفعهم منه، فتكثر عليهم لِعلَّةِ ذلك رطوبةُ اللبن، فإن طفا ووحل ذلك اللبنُ في معدته هَيَّج ذلك قَيئاً”. ومن كَلامِه “يَتَداوى كلُّ عَليلٍ بأدوية أرضِه، لأنَّ الطَّبيعةَ تَفزع إلى أَهلها”.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الحضارة الإسلامية طب الأطفال فی ذلـک التی ت

إقرأ أيضاً:

الإذاعي محمود عمر هاشم ينشر كتابًا عن عمه الإمام الراحل أحمد عمر هاشم

أصدر الإذاعي محمود عمر هاشم كتابًا جديدًا بعنوان رجال «أدبهم القرآن» ضمن سلسلة «عباقرة الدعاة»، تناول فيه السيرة والمسيرة العلمية والأدبية للإمام الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق.

 

وقال محمود عمر هاشم، إن الكتاب يستعرض النشأة العلمية والبيئة الهاشمية التي نشأ فيها الإمام الراحل، حيث تربى في بيت زاخر بالعلماء والأدباء والنابغين في مختلف المجالات، وتأثر منذ صباه بعلم الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم وكيل الأزهر الأسبق، الذي وصلت مؤلفاته إلى مكتبات الجامعات الأوروبية، كما تأثر بالكرم والخلق الرفيع للشيخ محمود أبو هاشم أحد أعلام الشرقية والأزهر الشريف.

 

وأشار إلى أن الشيخ عمر أبو هاشم، والد الإمام الراحل، كان شيخًا صوفيًا زاهدًا، وقد بشّره منذ صغره بأنه سيكون من كبار علماء الأمة، وهو ما تحقق حين اعتلى المنبر وعمره لا يتجاوز عشر سنوات بمسجد الأربعين بقريته، وهو المسجد الذي أعاد بناءه على نفقته الخاصة وفق الطراز المعماري الإسلامي الحديث.

 

وأوضح الإذاعي محمود عمر هاشم، أن الإمام واصل تفوقه العلمي منذ التحاقه بمعهد الزقازيق الأزهري حتى كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية، التي نظم فيها أبياتًا شعرية عند التحاقه بها، وظل أديبًا مبدعًا وعالمًا بارزًا حتى حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه، وتدرج في المناصب بجامعة الأزهر حتى تولى رئاسة الجامعة لفترتين بقرارات جمهورية.

 

 

وحصل الإمام الراحل على العديد من الجوائز والتكريمات، أبرزها جائزة الدولة التقديرية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وتم تعيينه عضوًا بمجلس النواب أكثر من مرة لرئاسته اللجنة الدينية، ثم اختير عضوًا بهيئة كبار العلماء.

 

وبيّن مؤلف الكتاب أن الدكتور أحمد عمر هاشم ترك إرثًا علميًا ضخمًا يزيد على مائة مؤلف، من أبرزها موسوعته الكبرى فيض الباري في شرح صحيح البخاري التي استغرق في تأليفها 16 عامًا وصدرت في 16 مجلدًا، كما كُرم شخصية العام الإسلامية من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، في احتفال ديني عالمي.

 

وأضاف الإذاعي محمود عمر، أن الكتاب يتناول أيضًا الإبداعات الأدبية للإمام في تناول قضايا العبادات والمعاملات الإسلامية، ومن أبرزها قصيدته الشهيرة نهج البردة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ليكون أول من كتب نهج البردة بعد الإمام البوصيري، مشيرًا إلى أن آخر مؤلفات الإمام، وهو مجلد التفسير للقرآن الكريم المكون من أربعة أجزاء، سيصدر قريبًا في طبعة جديدة كإضافة نوعية للمكتبة الإسلامية.

غلاف الكتاب 

مقالات مشابهة

  • «حكماء المسلمين» يتضامن مع قطر في ضحايا حادث شرم الشيخ
  • ضبط شبكة تستغل أطفالًا في التسول وبيع السلع بشرق القاهرة
  • كتاب الحياة يُخالف الجغرافيا والتاريخ!
  • تطور جديد في صفقة انتقال محمود الجزار إلى الأهلي
  • الأهلي يُنهي اتفاقه مع محمود الجزار.. والقرار النهائي في يد سوروب
  • الأهلي يفاوض البنك في ضم مدافع الفريق
  • انسحاب الاحتلال من غزة يكشف عن جثث عليها آثار إعدام ولعب أطفال مفخخة
  • محامى المجنى عليهم بقضية أطفال المنيا: المتهمة كان لديها نية مبيتة لقتلهم
  • ميلانيا ترامب تكشف عن قناة اتصال مفتوحة مع بوتين بشأن أطفال أوكرانيا
  • الإذاعي محمود عمر هاشم ينشر كتابًا عن عمه الإمام الراحل أحمد عمر هاشم