ظلّوا مرابطين على الحدود المصرية الفلسطينية، لأكثر 10 أيام متواصلة، بعضهم ظلّ نحو أسبوعًا لا يعرف النوم، يعمل على تجهيز الشاحنات، ومساعدة المسؤولين في التأكّد من سلامة الإجراءات، والبعض الآخر يعمل على تنظيم العمل بالمعبر، وتوفير سُبل الراحة للوسائل الإعلامية والصحفيين.

"التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي" كان له نصيب الأسد من العمل على تجهيز شاحنات المساعدات التي دخلت وتدخّل غزة كل يوم؛ حيث تطوّع معه نحو 2000 شاب وشابة، جاءوا من كل مخافظات الجمهورية، ربطوا على الحدود لأيامٍ طويلة، وسارعوا الزمن ليُعدّوا كل ما طالته أيديهم، لمساعدة إخوانهم في أسرع وقت، ومازالوا مستمرين في العمل حتى وقف الحرب على غزة.

مشاهد من محيط معبر رفح المصري

يؤدون صلاة الغائب على الشهداء، ويهتفون لدعم الأشقاء، ويدعن على الظالم والمغتصب، كانت هذه هي المشاهد المتكررة لمتطوعي قوافل الإغاثة على الحدود، خلال الأيام الماضية.

"خلية نحل" كاملة تعمل دون توقّف، الكل هنا يعمل في وسط أجواء ثقيلة نفسيًا على الجميع، وارتفاع في درجات الحرارة، إلا أن متطوعو قوافل الإغاثة آثروا الاستمرار في العمل أكثر من الراحة والنوم، دون تأفف أو تعب.

كان جزءُ من دورهم أيضًا، هو توفير الطعام والماء، بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات بشمال سيناء، للمتواجدين في محيط المعبر، سواءً كانوا من المتطوعين أو وسائل الإعلام والصحافة المحلية والأجنبية، وأيضًا تنظيم أماكن التصوير، والحفاظ على نظافة وأمان الخيم الموجودة بالاعتصام.

طبيبة متطوّعة: فرحة لا تُصدّق أن المساعدات التي جهّزناها بأيدينا دخلت إلى أشقائنا في غزة

الدكتورة عفاف الجوهري رئيس قطاع الصحة بمؤسسة "مصر الخير"، كانت أحد المتطوعين على المعبر، عملت على مدار أيامٍ لتجهيز المساعدات الطبية والأدوية والإسعافات إلى فلسطين، واطمأنت حتى تغليف الدواء بشكل كامل، وضمان استفادة الأشقاء منها، خاصة أدوية الأمراض المزمنة؛ فيعيش القطاع انهيار تام لمنظومة الصحة، ما جعلها أكثر اهتمامًا بدعم الجوانب التي قد يغفل عنها البعض، مثل احتياجات السيدات الحوامل، ومرضى السكري والضغط، ومرضى السرطانات، وغيرهم ممن غابت احتياجاتهم عن المشهد.

عند رصدنا للأوضاع في محيط المعبر، شاهدنا الدكتورة عفاف في حالة من القلق والتوتر والحزن أيضًا، تعمل دون نومٍ أو توقّف، على تجهيز جميع المساعدات الطبية التي قدّمتها مؤسستها، والتأكّد من جاهزيتها بشكل كامل، خاصة وأنها بحكم عملها تعلم جيدًا مدى حاجة الأشقاء في غزة لتلك الأدوية.

متطوّع: أخوتنا يحتجاون إلى الطعام ولن ننام دون أن يأكلوا

أما محمد منسي مدير إداري في "بنك الطعام المصري"، ظلّ على مدار 6 أيام قبل دخول المساعدات دون راحة، تراه يتحرّك يمين ويسار المعبر، من شاحنة إلى أخرى، يعمل على تجهيز المواد الغذائية والماء للأشقاء في الحصار.

"يحتاجون إلى الطعام، ولن ننام دون أن يأكلوا"، هكذا وصف حالته خلال تلك الأيام، ساعات طويلة من عدم الراحة، والأطفال والنساء في غزة يحتاجون إلى الطعام والماء، وينامون في حالة من الجوع والعطش، وكان مستعدًا لأن يظلّ يعمل من أجل تقديم تلك المساعدات لحين انتهاء الحرب بشكل كامل، على الرغم من تركه لمنزله وأسرته، إلى أنه يرى أن الأشقاء في غزة في حاجة إليه بشدة.

لحظة دخول شاحنات المساعدات لأول مرة

السبت 21 أكتوبر 2023، الساعة العاشرة والنصف صباحًا، اختلف المشهد تمامًا داخل معبر رفح، وذلك عندما فُتحت أبواب المعبر، ليشُم المرابطون عليه رائحة مِسك الشهداء، وسط هتافات لدعم الأشقاء في غزة، حتى دخلت شاحنات المساعدات من البوابة المصرية، تُرى بالعين المُجرّدة وهي تعبر للبوابة الأخرى على الأراضي الفلسطينية.

"بكاء وسجود"، كان المشهد الذي يسيطر على المعبر في تلك اللحظات، دقائق فقط، حوّلت المعبر من مشهد الحزن والإحباط، إلى حالة من الفرحة و"الحماس"، وذلك بعد ليلة سبقتها كانت هي الأصعب، عندما حاولت السُلطات المصرية إدخال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية، وأحال القصف دون ذلك؛ فظلّ المتطوّعون يسمعون دانات الدبابات طوال الليل، حتى تم إجراء إدخال المساعدات في تلك الليلة إلى اليوم التالي، وبكى العشرات منهم حزنًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: غزة إبادة غزة الأشقاء فی غزة على الحدود على تجهیز

إقرأ أيضاً:

خرطوم جديدة في مصر.. التغلغل المخيف

شاهدت مقطع فيديو لمواطن سوداني في مصر، يتغزل في الأجواء المصرية وطبيعة الشعب المصري الكريم، والأمن والأمان الذي وجده في مصر التي لجأ إليها فرارا من الحرب الدائرة في السودان، بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، ويقول: «الحمدلله أن البرهان ضرب في حمديتي علشان نيجي مصر»، متناسيا مآسي الحرب وأهوالها وتهجيره قسرا بسببها.

كلام المواطن السوداني لم يكن معبرا عن حالته فقط، فالواقع يؤكد أن عشرات الآلاف من السودانيين المتواجدين في محافظات مصر حاليا، يؤيدون تلك المقولة، فالغبطة التي تتملكهم الآن مشروعة، فقد خرجوا من نار الحرب وجحيمها إلى جنة الأمن والأمان في مصر، ولكن..

يبدو أن تواجد الأشقاء السودانيين في مصر، تنامى كثيرا أصبح يشكل مصدر انزعاج على المستوى الشعبي، ليس لرفض استضافتهم، ولكن بسبب انتشارهم في المدن المصرية بشكل لا يمكن تخيله.

برز ذلك الانزعاج في جملة على لسان مواطن في أحد أسواق منطقة فيصل بمحافظة الجيزة: «السودانيين عمالين يجو وبيحولوهم من بلدهم علينا، دا استعمار»، مصحوبة بصوت صاخب يصف حالة الغضب الداخلي لديه، وهو يسير في وسط عشرات السودانيين في السوق بين أناس يتسوقون، وآخرين يبيعون منتجات سودانية.

الموقف الذي لخص السخط الذي بدأ يتصاعد شعبيا، على كثافة انتشار الأشقاء في بلدهم الثاني مصر، من وجهة نظري المتواضعة جانبه الصواب، وأشارك الرجل الرأي -فيما يخص كثافة الانتشار وخطورته، وليس استضافتهم- بل ويشاركني فيه العشرات والمئات والألاف.

التواجد السوداني الحالي في محافظات مصر، أصبح ملفتا وأمرا يدعو إلى وقفة عاقلة قبل أن تكون حاسمة، فنحن نتعامل مع أشقاء لا أعداء لجأوا إلينا في شدتهم، ونحن نرحب بهم بالقطع ونستضيفهم بكل ود وحب، ونجود بما لدينا لهم، فهم وقبل أن يكونوا ضيوفا، كانوا مواطنين درجة أولى معنا عندما كانت مصر والسودان بلدا واحدا، فترة الملكية، وكان الملك فاروق الأول يلقب بملك مصر والسودان.

ومنذ يومين صرحت وزيرة التضامن نيفين القباج بأن مصر استضافت 500 ألف ضيف سوداني بعد اندلاع الحرب، إضافة إلى تواجد 4.5 مليون سوداني في مصر قبل الحرب، ولا أدري إن كانت الوزيرة أخطأت وكان المقصود العكس، أم أنها أرادت امتصاص الغضب الداخلي، فالواقع غير ذلك، فقد فوجئنا جميعا بظهور عدد كبير من السودانيين مرة واحدة بشكل غريب يؤكد أن الأرقام الرسمية لا تحصر العدد الحقيقي للأشقاء في مصر، أو أنها تحصر فقط العدد الذي دخل بشكل شرعي، بعيد عن ألاف دخلوا وما زالوا يدخلون بشكل غير شرعي.

خطورة المشهد، أراه من وجهة نظري في تغير ديموغرافيا أحياء كاملة، وتهديد للأمن القومي المصري، ولنا -على سبيل المثال لا الحصر- في منطقتي فيصل بمحافظة الجيزة والكوربة في مصر الجديدة، خير شاهد، فالحضور السوداني في المنطقتين أصبح ظاهرا بقوة وللوهلة الأولى عندما تطأ قدميك المنطقتين، تظن أنك في ولاية سودانية خالصة، بعادتها وتقاليدها وسكانها ولغتها وتجارتها.

بل والأخطر هو امتهان الأشقاء السودانيين،لمهن شعبية ترتبط بحياة الناس، فسائق الميكروباص سوداني، والسباك سوداني والسمكري سوداني والنجار سوداني، وأصحاب المطاعم أصبحوا يعتمدون على السودانيين في العمالة، في خطوة تؤكد تآكل دور العامل المصري، ناهيك عن عمائر أصبح 75% من شققها مؤجرة للأشقاء، ما رفع أسعارها إلى أرقام خيالية، وأصبح مالك الشقة يفضل السوداني على المصري لأنه يضمن أنه سيحصل على أرقام خيالية.

وباعتباري من سكان فيصل، أقولها بكل صراحة، الموقف أصبح مخيفا، فما من متر إلا وعليه عائلة سودانية، في كل حي وشارع وعمارة ومحل، مجموعة من الأشقاء السودانيين، والعدد كبير جدا، ووصل إلى أن معظم المقاهي ومحلات العصائر والمأكولات المصرية عليها 90% من الزبائن سودانيين، بل وامتد الأمر إلى أن هناك محلات كثيرة في الشارع الواحد أصبحت مملوكة للسودانيين، بين كافيهات أو مطاعم أو كوافيرات أو عطارة، وملابس إلخ....

المشهد الحالي، يدفعني إلى مطالبة الدولة المصرية، -كما قلت بالعقل قبل الحسم-، أن تتدخل للتعامل معه، قبل أن يصبح قنبلة موقوتة تنفجر في أي وقت، إذا علمنا أن هناك مطاعم ومحلات مملوكة للسودانيين لا تتعامل سوى مع السوداني تطبيقا لمقولة «ابن بلدي أولى من الغريب»، وتصدح فيها الأغاني السودانية، بل ووصل الحد إلى أن باع السوداني للسوداني الخبز بنصف جنيه، وللمصري بـ2 جنيه، وكان الأولى به العكس، إكراما لمن يضيفه.

وليس هذا وفقط، فاندماج الأشقاء السودانيين في الاقتصاد غير الرسمي للدولة، ترتب عليه أن استفادوا من الدعم سواء على الكهرباء أو الغاز أو المياه، وهي أمور تعاني الدولة المصرية من تبعاتها اليوم، وتدفع فاتورة ضخمة لذلك الدعم، وتضطر معه في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة والعالم، إلى رفع الدعم رويدا رويدا، ما يؤدي إلى معاناة المواطن المصري العادي، في ظل حصول الأشقاء على الدعم بالدولار من سفارتهم ومفوضية اللاجئين، ما يوفر لهم حماية من الأزمات المالية.

التواجد السوداني ليس فقط ما يدعوني إلى مطالبة الدولة بالتعامل معه، وإنما أيضًا التواجد السوري واليمني، فإنه وإن كان التواجد السوري واليمني في مصر، من وجهة نظري لا يشكل ربع حجم عدد السودانيين، إلا أنهم يستنفدون أيضًا الموارد المصرية والدعم المخصص لأهلها، بل ووصل الأمر بأن ضارب بعضهم في العملة، في وقت تعاني منه الدولة من انتشار السوق السوداء التي أثرت في توفير العملة الصعبة، التي تحتاجها لاستيراد السلع والاحتياجات الأساسية.

أعيد التأكيد مرة أخرى أن اعتراضي هنا ليس على استضافة الأشقاء، ولكن اعتراضي على عشوائية وكثافة انتشارهم بشكل أصبح منفرا، يحتاج إلى إعادة ترتيب الوضع لمنع سكب الزيت على النار واشتعالها، في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تحاول الدولة تخفيفها وإزالتها عن كاهل المواطن، فلا توجد دولة في المنطقة تفتح أبوابها للأشقاء المنكوبين من كل الدول العربية سوى مصر، وإن كان هذا دورها باعتبارها الشقيقة الكبرى، إلا أن الأمر يدعو لتقنين الوضع وضبطه قبل أن تنفجر الأوضاع.

مقالات مشابهة

  • الإعلام الحكومي: شبح المجاعة يهدّد من جديد محافظتي غزة والشمال في ظل ضعف جهود الإغاثة
  • جوتيريش: نثمّن جهود مصر والأردن لدعم إعادة الاستقرار إلى غزة
  • ملك الأردن: ضرورة توفير الأدوية والمياه لسكان غزة بشكل كافي ومستمر
  • السيسي يصل الأردن للمشاركة في المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة
  • عاجل| السيسي يتوجه للأردن اليوم للمشاركة في المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة
  • ناصر يتحدث عن المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة
  • وزير فلسطيني: "مؤتمر الاستجابة" يستهدف تحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية بغزة
  • «الفارس الشهم 3» تواصل دعم الأشقاء الفلسطينيين
  • خرطوم جديدة في مصر.. التغلغل المخيف
  • الجيش الأميركي يعلن استئناف عمليات الإغاثة عبر الرصيف البحري