غزة- رغم التصعيد العسكري الإسرائيلي مع إيران، لم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية في غزة، ولم يحظ القطاع المنكوب بأي فترة هدوء تنقذ فيها أرواح المجوّعين، الذين تحولوا إلى أهداف مباشرة في "مصايد الموت" المقنعة بمسمى مراكز المساعدات.

ففي غضون الـ48 ساعة الأخيرة فقط، استشهد 46 فلسطينيا وأصيب نحو 317 آخرين، بينهم 50 في حالة خطرة، بحسب بيانات وزارة الصحة.

وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الدكتور إسماعيل الثوابتة، للجزيرة نت إن "جميع الشهداء والجرحى من المجوعين الذين حوصروا في سياسة تجويع ممنهجة، استمرت لأكثر من 100 يوم دون إدخال مساعدات أو وقود".

وأكد الثوابتة أن الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية صامتة ومدروسة مستغلا انشغال العالم بتطورات الجبهة الإيرانية التي فجرها بعدوانه على طهران.

وبرزت خلال الأيام الأخيرة جريمة متكررة تتعلق باستهداف المجوعين عند مراكز توزيع المساعدات الأميركية، التي تحولت إلى "مصايد موت"، أودت منذ بدء عملها يوم 27 مايو/أيار الماضي بحياة أكثر من 320 فلسطينيا، وجرح قرابة 2850 آخرين.

المكتب الإعلامي الحكومي بغزة يوثق أكثر من 300 شهيد و2650 جريحا منذ بدء عمل مراكز المساعدات (الجزيرة) قتل جماعي

يتهم الثوابتة الاحتلال بإدارة هذه المراكز بشكل مباشر، وتنفيذ سياسة "الاستدراج والقتل الجماعي تحت غطاء الإغاثة"، بعدما تعمّد تقويض عمل المؤسسات الدولية، خصوصا وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ومنعها من مزاولة نشاطها الإنساني والإغاثي.

وقال للجزيرة نت إن "الضحايا يسقطون أثناء محاولتهم الحصول على فتات المعونات في مناطق توزيع حددتها سلطات الاحتلال، وكلها مغمسة بالقهر والذل والدماء"، مضيفا أن ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية تشارك في تنفيذ هذه الجرائم.

إعلان

ومن جهته، أوضح المستشار الإعلامي لوكالة أونروا عدنان أبو حسنة أن المؤسسة الأميركية تفتقر لأي خبرة في توزيع المساعدات، وأن الوكالة سبق أن حذرت من ارتفاع عدد الضحايا على أبواب هذه المراكز منذ الإعلان عن إنشائها.

وتدير المؤسسة 4 مراكز لتوزيع المساعدات، 3 منها في جنوب قطاع غزة، والرابع في "محور نتساريم" الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال.

وقال أبو حسنة إن هذه المراكز تستقبل آلاف المجوّعين عبر ممرات ضيقة تشبه الأقفاص الحديدية.

وأضاف أن أقل من 1% من هؤلاء يعودون إلى منازلهم بشيء من المساعدات، بينما 99% منهم يعودون خاليي الوفاض، وسط مشاهد قاسية من التدافع، والإهانة، وأحيانا إطلاق النار.

مراكز المساعدات باتت ساحة قتل جديدة للفلسطينيين (الجزيرة) ساحة جديدة للقتل

يرى أبو حسنة أن الاحتلال أضاف من خلال هذه المراكز "ساحة قتل جديدة للفلسطينيين"، ليس عبر القصف فقط، وإنما بإطلاق النار المباشر على الجائعين، الذين فقدوا كل شيء، واندفعوا بحثا عن لقمة تسد رمقهم.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن المجوّعين يتوجهون إلى هذه المراكز عبر 4 أقفاص حديدية أقامها جيش الاحتلال، وسط أوهام بأنهم سيتلقون معونات إنسانية، لكن النتيجة غالبا ما تكون مأساوية.

ومنذ 29 مايو/أيار الماضي، لا يزال مصير الفتى عبيدة جبر أبو موسى (16 عاما) مجهولا، بعدما أصيب بعيار ناري في بطنه أثناء محاولته الحصول على المساعدات في مركز "نتساريم".

ويقول شقيقه حاتم للجزيرة نت إن عبيدة خرج من منزل العائلة في مخيم المغازي وسط القطاع، بحثا عن شيء يسد به رمق أسرته، وحين وصل إلى منطقة التوزيع، أطلق جنود الاحتلال النار على الحشود.

وبحسب شهود عيان، حاول عبيدة الفرار غربا، لكنه فوجئ بجنود وآليات احتلال أمامه، وأصيب إلى جانب شاب آخر يدعى عبد الله المغاري برصاصة في الكتف. ومنذ ذلك الحين، لم يعرف أحد مصيره، ولا تعلم عائلته ما إذا كان قد فارق الحياة أم اعتُقل.

وحاتم نفسه كان بين الحشود في ذلك اليوم، وقال للجزيرة نت "ذهبت رغم إدراكي للمخاطر.. كنت مستعدا للموت من أجل إطعام أطفالي السبعة"، ويشير إلى أنه عاطل عن العمل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يملك أي مصدر دخل.

أطفال قطاع غزة يعانون من نقص حاد في الطعام (الجزيرة) عن الخوف والفقد

يحرص الاحتلال على حصر توزيع المساعدات في مناطق سيطرته المباشرة، أو إطلاق العنان للفوضى عبر السماح بسرقة شاحنات الطحين القليلة التي تدخل القطاع، فيدفع آلاف الفلسطينيين حياتهم ثمنا لما يسمى "الإغاثة".

وفجر الأحد، استشهد عدد من المجوّعين، وأصيب آخرون برصاص الاحتلال بينما كانوا ينتظرون في محيط "المدرسة الأميركية" شاحنة طحين واحدة أتت من "نقطة زيكيم" شمال القطاع.

وكان أحد هؤلاء جهاد أبو النصر (38 عاما)، وهو موظف حكومي يعيل أسرة من 8 أفراد، أصيب برصاصة في ساقه وسقط إلى جوار كيس طحين كان يأمل أن يعود به إلى أسرته. ويقول شقيقه محمد للجزيرة نت إن جهاد لا يزال مفقودا، وإن العائلة لا تعلم ما إذا كان قد اعتقل أو استشهد.

الموت في الانتظار

يقول الناشط الحقوقي والباحث في ملف المفقودين قسرا، غازي المجدلاوي، للجزيرة نت إن عدد المفقودين في مراكز التوزيع أو على طرق شاحنات الطحين غير معروف بدقة.

ويروي المجدلاوي تجربته الشخصية، حيث مشى 6 كيلومترات مع أصدقائه إلى منطقة "التوام" شمالي غزة، انتظارا لشاحنة طحين. ويقول "نمنا على الأرض حتى الفجر، وعند منتصف الليل اندفع سيل بشري باتجاه ضوء عربة قادمة، وإذا هي دبابة إسرائيلية أطلقت النار مباشرة على الحشود".

هرب المجدلاوي ومن معه، ولاحقته طائرة مسيرة من نوع "كوادكوبتر" ألقت عليهم قنابل صوتية، ليعود إلى منزله خالي الوفاض، ويختتم حديثه قائلا "لقد تحول الطريق إلى لقمة العيش في غزة إلى رحلة محفوفة بالموت، بكل ما تعنيه الكلمة".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات توزیع المساعدات للجزیرة نت إن هذه المراکز المجو عین

إقرأ أيضاً:

إذاعة جيش الاحتلال: 600 شاحنة مساعدات ستدخل غزة يوميا

قالت إذاعة جيش الاحتلال، إن 600 شاحنة مساعدات ستدخل غزة يوميًا وفقا للاتفاق.

وأشارت إلى تقديرات بأن القوات ستتمركز على خطوط الانسحاب بحلول ظهر اليوم.

وذكرت مصادر إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة، أن جيش الاحتلال سيعلن بدء وقف إطلاق النار في غزة الساعة 12 ظهرا.

وبدأ جيش الاحتلال في تفكيك مواقع وتحصينات بغزة للانسحاب منها باتجاه الخط الأصفر.

اقرأ أيضاً.. صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

اقرأ أيضاً.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

إذاعة جيش الاحتلال: إدخال شاحنات المساعدات لغزة سيتم عبر الأمم المتحدة إعلام إسرائيلي: ترامب يصل الإثنين ويُلقي خطابا في الكنيست

وقال فريدريش ميرز، المستشار الألماني، إن بلاده ستقدم دعماً إضافياً للمساعدات الإنسانية في غزة بقيمة 29 مليون يورو.

وأضاف :"نحن بحاجة إلى تنفيذ سريع لاتفاق وقف الحرب في غزة".

ذكرت إذاعة جيش الاحتلال، اليوم الجمعة، إن حركة شاحنات المساعدات ستتم عبر محوري صلاح الدين والرشيد.

وأضافت :"حركة شاحنات المساعدات ستكون حرة من جنوب القطاع إلى شماله".

وتابعت قائلةً :"إدخال شاحنات المساعدات لغزة سيتم عبر الأمم المتحدة ومنظمات دولية".

وذكرت مصادر إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيصل صباح الإثنين إلى إسرائيل وسيلقي كلمة في الكنيست.

ويأتي ذلك بعد التوصل إلى اتفاقٍ يُنهي الحرب في غزة، ويكفل تبادل الأسرى مع حماس. 

وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، امس الخميس، سعادته بدخول اتفاق إنهاء حرب غزة حيز التنفيذ.

وقال ترامب في تصريحاتٍ تناقلتها وكالات الأنباء الدولية :"هذا يوم عظيم في الشرق الأوسط".

ودفعت الدولة المصرية بعشرات الشاحنات المحملة بآلاف الأطنان من المساعدات لغزة، في اليوم لدخول اتفاق إنهاء الحرب حيز التنفيذ.

ويأتي التحرك المصري في إطار جهود القاهرة لإنهاء حربٍ سفكت دماء أهالي القطاع على مدار عامين. 

وقال اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، إن مصر لم تتوقف عن دعم الفلسطينيين في قطاع غزة.

واضاف :"نعمل على إدخال مزيد من المساعدات إلى غزة على مدار الساعة".

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن"، امس الخميس، إنهم يتطلعون إلى التزام جميع الأطراف بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة.

ورحّب أبو مازن بالتوصل إلى اتفاقٍ يُنهي حرب غزة، ووجه الشكر للوسطاء وعلى رأسهم مصر.

وأكدت شركة كهرباء غزة، اليوم الخميس، على أنها تعمل مع الشركاء المحليين والدوليين على استعادة التيار الكهربائي بالقطاع رغم الإمكانيات المحدودة.

مقالات مشابهة

  • غازي حمد: نسعى لوقف الحرب تمامًا وانسحاب الاحتلال وإدخال المساعدات
  • الاحتلال يُواصل التضييق على مُزارعي الضفة
  • ما لا يخبرك به الأطباء.. القلق والاكتئاب ودورهما في ارتفاع السكر بالدم
  • أروى الطويل للجزيرة نت: تسييس المساعدات أخطر ما يواجه العمل الإنساني
  • عاجل | مصادر للجزيرة: مجموعات كبيرة من المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية الشرطة الإسرائيلية
  • 4 أخطاء خاطئة في مطبخك قد تصيبك بالتسمم الغذائي
  • النصر في زمن الهزائم .. مأساة الوعي العربي في غزة
  • "اليونيسيف" تحث على تدفق المساعدات إلى غزة
  • اليونيسيف تحث على تدفق المساعدات لغزة
  • إذاعة جيش الاحتلال: 600 شاحنة مساعدات ستدخل غزة يوميا