بسبب خيانة حزب العمال للمسلمين البريطانيين استقلت من الحزب
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
أنا واحدة من ثلاثة وعشرين مستشارا استقالوا من حزب العمال منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس. في مجلس مدينة أوكسفورد، حيث أشارك الآن بوصفي عضوا مستقلا، غادر ثمانية أعضاء. والسبب الذي جعلني أستقيل هو أن زعيم حزب العمال كير سترامر أقرّ على نحو مريع العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة.
في حوار مع (إل بي سي) في الحادي عشر من أكتوبر، سئل ستامر عما لو أن حصار إسرائيل لغزة ـ وقطعها الكهرباء والماء عنها ـ أمر مناسب فقال «أعتقد أن ما تفعله إسرائيل صواب، الوضع مستمر.
أزعجني ذلك الرد لأن أفعال إسرائيل تمثل شكلا من أشكال العقاب الجماعي، وهو غير مشروع بموجب القانون الدولي. وستامر كان من قبل محامي حقوق إنسان ولا بد أنه على دراية بهذا. ولكن كلماته جاءت انعكاسا لكلمات النائب العام إيميلي ثورنبيري التي رفضت هي الأخرى إدانة قطع الكهرباء والماء.
وحتى اليوم لم يقم ستامر أو أي من أعضاء حكومة الظل التي يرأسها بالدعوة علنا وجهرا إلى وقف إطلاق النار أو إلى إنهاء استعمال إسرائيل القاتل والعشوائي للقوة لسحق غزة، وهي من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية إذ يتكدس فيها مليونان ومئتا ألف نسمة قرابة النصف منهم من الأطفال دون الثامنة عشرة.
بوصفي شخصا انخرط من قبل في الغوث الدولي لأكثر من خمسة عشر عاما، فقد عملت في أرجاء المنطقة التي تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأيت في مخيمات اللاجئين بغزة، المسماة لسخرية القدر باسمين جميلين هما مخيم الشاطئ ومخيم جباليا، وقد تعرض كلاهما للقصف.
لقد قضيت عقودا وأنا أعمل مع فرق طوارئ الغوث الدولية إذ تحاول التفاوض لتوصيل الغوث إلى مناطق الصراع ومناصرة الحالات الإنسانية، وتدعو الحكومات والساسة إلى الاقتداء بها في ذلك. ولم يخطر لي قط أني قد أفعل مثل ذلك يوما داخل حزبي نفسه.
لو أن ستامر قادر أن يبلغ هذا الطيش في التصريحات والافتقار إلى المبادئ وهو زعيم المعارضة، فما بالنا به حينما يصبح ـ كما هو متوقع ـ رئيسا للوزراء في الانتخابات العامة القادمة؟ لقد قال المتحدث باسم ستامر ـ بعد مرور أسبوع على تصريحه ـ إن «ذلك كان من اللحظات التي تتداخل فيها الأسئلة والأجوبة بناء على ما قيل من قبل». ثم بدأ ستامر نفسه في التراجع. لكن بدلا من أن يكتفي بقوله إنه أخطأ أو أساء التعبير، حاول أن يجعل الأمر يبدو وكأنه لم يقل قط ما قاله بالفعل.
«أعرف أن مقطع (إل بي سي) انتشر على نطاق واسع وتسبب في قلق وحزن حقيقيين في بعض أوساط المسلمين، فاسمحوا لي أن أوضح ما كنت أقوله وما لم أكن أقوله. كنت أقول إن لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، وحينما أشرت إلى ذلك الحق كنت أعني أنه حق الدفاع عن النفس. ولم أكن أقول إن لإسرائيل الحق في قطع الماء أو الغذاء أو الوقود أو الدواء».
يبدو أن استراتيجية فريقه لإخراج أنفسهم من هذه الحفرة تتمثل في تسليط الضوء على المسلمين البريطانيين وابتلائهم بالمزيد من الأذى والاحتقار لأوساطهم المدمَّرة. ولقد سنحت فرصة التقاط صور في مركز إسلامي بجنوب ويلز ـ قام ستامر بعدها بنشر تغريدة سيئة الصياغة أشارت إلى رهائن حماس ـ فزادت الأمور سوءا.
إن الصراع بين إسرائيل وفلسطين ليس في جوهره موضوعا إسلاميا أو يهوديا، وإنما هو موضوع يتعلق بحقوق الإنسان، لكن الصراع يؤثر تأثيرا غير متناسب على المسلمين واليهود في العالم وهنا في المملكة المتحدة، حيث يعيش الناس في خوف متزايد من جرائم الكراهية وفي قلق على السلامة والأمن. بالنسبة للمسلمين من شتى الخلفيات القومية، يمثل وضع حقوق الإنسان في فلسطين قضية يتوحدون فيها، ومن هنا كانت استقالة المستشارين والناشطين المسلمين، وإحباط معنويات الناخبين العماليين المحتملين أمر مهم حقا.
وفي حين أننا لا نعرف بعد هل تمثل مسألة «تصويت المسلمين» ـ التي قتلت نقاشا ـ مسألة مهمة لحزب العمال، فإن الواضح تماما من أحداث الأسبوعين الماضيين أنه يجري النظر إلينا بوصفنا كتلة يمكن الاستغناء عنها سياسيا. وهذا، في نهاية المطاف، حزب اتهمه تقرير فورد بأنه «يدير عمليا هيراركية للعنصرية» ويعجز عن التعامل اللائق مع اتهامه برهاب الإسلام. وكأنما من قبيل إثبات اتهام فورد، حسبكم أن تتأملوا هذا: لقد نقل عن «مصدر عمالي رفيع» وصفه استقالة المستشارين من أمثالي بـ»نفْض البراغيث».
بوسع ستامر وحزب العمال أن يحتفلوا بانتصارات الانتخابات الفرعية، الناجمة عن انهيار التصويت للمحافظين، ولكن ما لم يعد باستطاعتهم هو أن يتظاهروا بأن دافعهم إلى السلطة هو أن ينطقوا باسم مجتمعات بريطانيا، بطبقاتها العاملة متعددة الأعراق. فمن الواضح أن المسلمين البريطانيين ـ الذين مروا بالكثير بدءا بالمعاناة غير المتناسبة من آثار كوفيد وحتى إهانتهم علنا من وزيرة الداخلية سويلا برافرمان ـ ما عادت لهم أهمية في نظر حزب العمال.
لقد اتصل بي في هذا الأسبوع رجلان مسنَّان من باكستان ـ جاءا إلى بريطانيا في فترة ما بعد الحرب للإسهام في إعادة بناء هذا البلد ـ وأعربا عن دعمهما لي. قالا إنني بالاستقالة من حزب العمال لا أناصر فقط الفلسطينيين، وإنما أناصرهما أيضا. وإنني أتلقى كلماتهما تلك بأقصى ما أملك من تواضع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب العمال
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ترفض دخول وزراء خارجية عرب إلى رام الله وتعرقل اجتماعاً لدعم فلسطين
ذكرت وسائل إعلام عبرية، أمس الجمعة، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قررت منع عدد من وزراء الخارجية العرب من دخول مدينة رام الله، حيث كان من المقرر عقد اجتماع وزاري رفيع المستوى دعماً للموقف الفلسطيني ضمن تحركات عربية – إسلامية متسارعة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن الوفد كان يضم وزراء خارجية من السعودية والأردن ومصر والإمارات، وكان من المزمع أن يزور الأراضي الفلسطينية الأحد المقبل، في إطار التحركات التي تقوم بها اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية – الإسلامية، والتي تشكلت عقب اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ويرأس الوفد المرتقب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي كان من المفترض أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله ضمن جولة دعم سياسية ودبلوماسية تشمل الدفع باتجاه الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وممارسة ضغوط فاعلة لإنهاء الاحتلال وتثبيت حل الدولتين.
وفي السياق ذاته، كشف المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور رياض منصور، في تصريحات لقناة "العربية"، أن المملكة العربية السعودية بصدد اتخاذ "خطوات مهمة" على طريق الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، مرجحاً أن تنضم عشر دول غربية جديدة إلى هذا المسار في الفترة القريبة المقبلة.
وأشار منصور إلى أن هذه الخطوات تأتي متسقة مع التحركات الجارية لعقد مؤتمر دولي تحت عنوان "تسوية القضية الفلسطينية"، بمشاركة رفيعة المستوى تقودها المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمزمع عقده في نيويورك خلال شهر يونيو المقبل.
ويهدف المؤتمر إلى بلورة موقف دولي موحد لإحياء عملية السلام المتوقفة، وإيجاد إطار سياسي ملزم يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى رفض ممارسات التهجير القسري وضم الأراضي.
وأفادت تقارير دبلوماسية بأن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها دول أوروبية وآسيوية وأمريكية لاتينية، أعلنت دعمها الكامل للتحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الدولي، وأكدت تأييدها لخيار الدولتين كحل وحيد متفق عليه دوليًا.
كما شددت هذه الدول على أهمية دعم الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها، واستمرار تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ورفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول أحادية الجانب.