اقتحم نازحون مركز امدادات لـ"الأونروا" في دير البلح جنوب قطاع غزة

اقتحم نازحون مكتب امدادات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" نتيجة الجوع والحصار المفروض على غزة.

وقاموا بدخول مركز إمداد طعام تابع لـ"الأونروا"، وأخذوا أكياس وصناديق طعام، في دير البلح جنوب قطاع غزة بعد تحطيم الأبواب.

وحذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية في هذا القطاع الذي يضم 2.4 مليون نسمة حيث ينفد الطعام والمياه والوقود. صور ومقاطع صوتية.

هدنة انسانية

ويؤكد ممثل برنامج الأغذية العالمي في فلسطين سامر عبد الجابر، أن سكان غزة بحاجة إلى تلقيس المساعدات بشكل مستمر بمستوى يتوافق مع الاحتياجات الهائلة، لتخفيف المعاناة وتمكين إيصال المساعدات الضرورية للحياة، نكرر نداء الأمين العام بضرورة اعلان هدنة إنسانية".

وقال عبد الجابر  أنه بدون إمدادات وقود إضافية، لن تتمكن المخابز التي تعمل مع برنامج الأغذية العالمي من إنتاج الخبز: "اثنين فقط من المخابز المتعاقدة معنا لديها وقود لإنتاج الخبز في الوقت الحالي، وقد لا يكون هناك أي وقود في الغد، سيكون هذا بمثابة ضربة موجعة لآلاف الأسر التي تعيش في الملاجئ والتي تعتمد على حصص الخبز اليومية".

ويحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى دخول 40 شاحنة إلى قطاع غزة يوميًا لكي يتمكن من توسيع نطاق عملياته وتوفير المساعدات الغذائية لـ1.1 مليون شخص في الشهرين المقبلين.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: غزة الاونروا الغذاء

إقرأ أيضاً:

من رغيف الخبز.. تبدأ الثورة

 ريتّا دار **

على امتداد التّاريخ، تكرّرت مشاهد الجوع والحاجة الّتي تفرض نفسها كقوّةٍ لا يُستهان بها، تزلزل أركان المجتمعات، فتتحوّل إلى شرارة للتغيير؛ فصوت البطون الفارغة أعلى وأشدّ صخبًا وتأثيرًا من الخُطَب الرنّانة.

من بين كلّ تلك الحركات والانتفاضات، تظلّ ثورة الجِياع في فرنسا عام 1789 علامةً فارقةً، ليس لأنّها الوحيدة؛ بل لأنّها أظهرت كيف يمكن لجوع النّاس أن يهزّ عروش الإمبراطوريات ويُعيد رسم خرائط العالم.

كانت لحظات تجمّعت فيها مشاعر الألم والصّبر حتّى وصلت لنقطة التحوّل. تلك اللحظة التي انتفض فيها النّاس، ليس لأنّهم أرادوا الثّورة بحدّ ذاتها، بل لأنّ صمتهم عن المعاناة لم يعد يُحتمل، فكانت الثّورة مثالًا صارخًا على كيف يمكن لاحتياجات الإنسان الأساسية أن تتحوّل إلى زلزالٍ بقوّةٍ مدمّرةٍ.

حين نسمع "ثورة الجِياع" نتخيّل مشاهد من الفقر المدقع والوجوه المتعبة التي تكاد تخلو من لون الحياة، ولا يقف الأمر عند المظاهر فقط؛ بل يتعدّى ذلك إلى عمق الألم الإنساني، حيث يختلط الجوع بالخوف والظّلم والحرمان من أبسط حقوق الحياة.

الفرنسيون في ذلك الوقت لم يكونوا مختلفين عن ملايين البشر الذين يعانون اليوم من ظروف مشابهة، وثورتهم لم تكن مجرّد احتجاج، بل كانت نبض حياةٍ ينبعث من قلب أُناس طالما تمّ تجاهلهم.

لكنّ هذه القصّة ليست حكايةً بعيدة المنال، أو ماضٍ غابرٍ نقرأه ونُغفل دروسه، هي تحذير مستمرّ لكلّ مجتمعٍ مهما علا شأنه وتقدّمت أحواله. حين تُترك فئات من النّاس في زوايا الحياة، محرومةً من فرص العيش الكريم، تبدأ الشّرارة الّتي قد تشعل النّار في جسد المجتمع كلّه. ما حدث في فرنسا قد يتكرّر؛ بل قد يحدث الآن، في أماكن حولنا؛ حيث تُكتم الأصوات ويَنسى أصحاب القرار أنّ المجتمعات لا تقوم إلّا على احترام كرامة الجميع.

الجوع، عندما يتراكم ويغدو جزءًا من حياة الناس اليومية، يصبح مصدرًا لغضبٍ واحتقانٍ لا يمكن كبحه، حتّى لو حاولت السلطة قمعه بالقوّة. وعندما يُحرم الإنسان من أبسط حقوقه تبدأ رحلة الثّورة الّتي لا تعرف حدودًا ولا تعترف بالعِرق أو الدّين أو الطّبقة الاجتماعية؛ بل تكون ثورة الإنسان على فقدانه للإنسانية. حين يحسّ الإنسان أنّه مجرّد رقم أو عبء، تبدأ روح الاحتجاج تتشكّل، حتّى وإن كان ذلك الاحتجاج هادئًا أو غير مباشرٍ في البداية.

اليوم، ونحن نعيش في عالم يبدو متقدّمًا ومتطوّرًا، إلّا أنّ ظاهرة الجوع ما تزال قائمةً في كثيرٍ من المناطق، حتّى في قلب المدن الّتي تزخر بالبناء والحداثة. هذا التناقض بين الرفاهية وغياب الأمن الغذائي يهدّد أيّ مجتمع. وما يحدث في مكانٍ ما، قد يحدث في أيّ مكان، خصوصًا إذا تضافرت عوامل الإهمال السياسي، الانفلات الأمني، الفساد، والظلم الاجتماعي.

والرّسالة الأهمّ الّتي تحملها هذه الثّورة ليست عن الماضي فقط، بل عن مسؤوليّتنا اليوم. مسؤوليّتنا تجاه من حولنا، أن نراهم، أن نسمعهم، أن نعمل بكلّ ما نملك كي لا تصل المجتمعات إلى نقطة الانفجار. حين نوفّر لكلّ إنسانٍ فرصة حياةٍ تليق به، نُغلق الباب أمام الكثير من الأزمات الّتي تنشأ من الإهمال والظلم.

في خِضَمّ كلّ هذا، يبقى الأمل هو الطّريق الوحيد للخروج من دوّامة الفقر والجوع. الأمل في أن تُسمع أصوات الجياع قبل أن تتحوّل إلى صرخاتٍ لا يستطيع أحدٌ تجاهلها، الأمل في أن نعمل جميعًا من أجل مجتمعاتٍ أكثر عدلًا وإنصافًا، حيث لا يبقى أحدٌ جائعًا أو مُهمّشًا.

ثورة الجِياع ليست فقط عن فصول التّاريخ، بل هي قصّة مستمرّة تذكّرنا بأنّ الإنسان، مهما اختلفت ظروفه، يظلّ واحدًا في طموحه للعيش بكرامة. وهي درسٌ لا ينتهي لنعي جيّدًا أنّ صمت اليوم قد يكون عاصفة الغد. وما أكثر العواصف الّتي بدأت من مجرّد رغيفٍ مفقود.

الثّورات لا تبدأ دائمًا من الشّوارع؛ بل من الصّدور الّتي ضاقت. ومن البيوت الّتي لم تعد ترى الضّوء، ومن الموائد الّتي طال انتظارها.

الكرامة الإنسانية لا تُؤجّل، والخبز حين يُنتزع من أفواه البشر، تُنتزع معه ثقتهم في كل شي. فإذا أردنا لمجتمعاتنا أن تنجو من الغرق، فعلينا أن نبحر فيها بعدل، لا أن نترك الفقراء يتدبّرون أمرهم ويصارعون الموت على قوارب مثقوبة.

في النّهاية، ما نخشاه ليس الجوع بحدّ ذاته؛ بل ألّا يُلاحظ أحدٌ أنّنا جعنا.

وذلك، أقسى ما في الحكاية!

** صحفية سورية

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس
  • «الأونروا»: نظام توزيع المساعدات في غزة مُهين ولا يهدف إلى معالجة الجوع
  • من رغيف الخبز.. تبدأ الثورة
  • الأغذية العالمي: خطر المجاعة لا يزال يخيم على السودان في خضم نقص التمويل
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن عدة مناطق سودانية أصبحت عرضة لخطر المجاعة
  • برنامج الأغذية العالمي: نحتاج إلى 500 مليون دولار في السودان لتقديم مساعدات طارئة
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر: خطر المجاعة يهدد جنوب الخرطوم
  • نادية صبرة تكتب: الجوع والدم
  • برنامج الأغذية العالمي: العائلات في غزة تعيش على شفا الانهيار
  • النجاة بالزحف.. "الأونروا" تنقل شهادات من جحيم الجوع والرصاص في غزة