وزير الأوقاف يفتتح الصالون الثقافي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية | ويؤكد: لقاء وطني بامتياز يجمع نخبة من القامات
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان
الحفاظ على الوطن جزء من صميم عقيدتنا
الشهادة في سبيل الوطن من أرفع درجات الشهادة في سبيل الله
والتشبث بالأرض والشهادة في سبيل الدفاع عنها من أعلى درجات الشهادة
افتتح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الصالون الثقافي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمسجد النور بالعباسية مساء اليوم السبت بعنوان: "سيناء المكان والمكانة"، بمشاركة وحضور كل من: كرم جبر - رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، واللواء أ.
وفي كلمته أكد الوزير أن هذا اللقاء ثقافي ووطني بامتياز، حيث يجمع نخبة من القامات الوطنية الثقافية والتثقيفية والعلمية في ضوء اهتمام وزارة الأوقاف برفع مستوى الوعي الثقافي والوطني، مؤكدًا أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الحفاظ على الوطن جزء من صميم عقيدتنا، وأن الشهادة في سبيل الوطن من أرفع درجات الشهادة في سبيل الله (عز وجل)، وأن التشبث بالأرض والشهادة في سبيل الدفاع عنها من أعلى درجات الشهادة.
وثمن ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي وكلامه الواضح والصريح من أن سيناء خط أحمر، ولن تكون وطنًا بديلًا لأحد، وحينما ننظر إلى التاريخ نرى أن كل القوى الاحتلالية تكسرت تاريخيًّا على أبواب مصر بدءًا من التتار، وصولًا إلى هذا المخطط الذي لا يقل همجية عن ما كان يحدث أيام التتار، وبفضل الله تحطم على أرض مصر.
وأكد وزير الأوقاف أن توقيع معظم علماء العالم وبخاصة كبار علماء فلسطين يؤكد إجماع كل العلماء على رفض التهجير لمصر، وأننا ندرك أن هذا تصفية للقضية الفلسطينية وإنهاء لآمال الشعب الفلسطيني من إقامة دولته، فسيناء لن تكون لأحد.
واضاف أن إعلام الشعوب جزء لا ينفصل عن المنظومة الإعلامية، بالدخول بكل اللغات علينا أن نستنكر كل ما يحدث للفلسطينيين، فما يحدث في فلسطين لا يمكن للعالم أن يتقبله في أي بقعة من العالم، وهنا نقول: أليس أطفال فلسطين أطفالًا؟ أليس ما يحدث لهم من قتل وتشريد جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية؟ موضحًا أن الدين والوطن لا ينفكان فلا بد للدين من وطن يحمله ويحميه وينطلق به، مؤكدًا أن سيادة الرئيس أفشل مخططات صفقة القرن بفضل من الله (عز وجل) ووقوف القوة العظيمة لجيشنا العظيم، فهو جيش رشيد يحمي ولا يبغي ولكنه نار تحرق المعتدي، سائلًا الله (عز وجل) أن يكتب لسيادة الرئيس وقفته الدينية الوطنية في ميزان حسناته.
كما أكد أن قرار الحرب والسلم والتعبة العامة أو الجزئية ليس لآحاد الناس ولا لفريق منهم إنما هو قرار الدول يقدره أولو الأمر، وليس آحاد الناس، فقيادة الدول والعبور بها إلى بر الأمان يحتاج إلى تراكم خبرات وتوفر معلومات تمكن ولي الأمر من اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب.
وفي كلمته أكد كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن مصر مستهدفة على مر التاريخ، وأوضح رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن العقلية الإسرائيلية مناورة لا تعترف بحقوق ولا تعترف بآخرين، فبعد أن استطاعت العسكرية المصرية تحرير سيناء في السادس من أكتوبر وعلى مدار 22 سنة بعد الحرب تم استلام مدينة طابا وتم رفع العلم المصري عليها، وبعد نطق المحكمة الدولية للحكم عانق رئيس الوفد الإسرائيلي رئيس الوفد المصري قائلا: نحن نعلم كإسرائيليين أن طابا مصرية بنسبة ألف في الألف ولكن أردنا أن نختبر ذكاءكم لعلكم تخطئون فنأخذ منكم طابا، فهذه هي العقلية الإسرائيلية مناورة.
وعن الأحداث الأخيرة في فلسطين أكد كرم جبر أن حل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتمثل في التهجير لسيناء فسيناء أرض مصرية، وقد تم عرض هذا الموضوع من قبل على الرئيس الراحل محمد أنور السادات فرفض، وحدث نفس الموقف مع الرئيس الراحل/ محمد حسني مبارك فرفض، موضحًا أن قضية الشرق الأوسط الكبير هي خطة موضوعة منذ زمن بعيد ويحاولون تطبيقها خطوة خطوة، مشيدًا بكلمة سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الصناعة الدولي اليوم والتي طمأن فيها المصريين، فمصر قوية جدًّا بالقدر الذي تستطيع به الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي، فقط علينا العمل والاجتهاد كل في مجاله، فالموقف المصري قوي وصلب وعلينا أن نثق في قرارات الدولة وقوة جيشنا.
كما أكد اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي أن الشعب المصري هو القيمة الحقيقية لمصر، وأن الدعوة الفعلية تكون من الجامعات والمدارس ودور العبادة، وقد كان لاتخاذ القيادة المصرية قرار دخول الحرب، ونجاحها في تحقيق عنصر المفاجأة، أكبر الأثر في الحصول على المبادأة، وتحقيق الانتصار خلال حرب أكتوبر المجيدة، ثم الاستخدام الموسع لقوات الإبرار الجوي وقوات الصاعقة ودفع المفارز بأنواعها، كان له أكبر الأثر في تحقيق الحفاظ على هذا الانتصار، كما كان لإعطاء القادة على جميع المستويات حرية اتخاذ القرار والتصرف في المواقف في حدود الخطة العامة أثر كبير في استمرار المبادأة وتحقيق النصر، كما أشار إلى أن التعاون والتنسيق الجيد بين ضربات القوات الجوية، وتمهيد المدفعية، والقصف البحري وأعمال قتال القوات البرية، كان لها أكبر الأثر في تحقيق المبادأة، ففقدت القوات الإسرائيلية السيطرة خلال المراحل الأولى من الحرب على قواتها لتحقيق قواتنا للمفاجأة والمبادأة والسيطرة الجوية، والتي أحدثت أكبر خسائر في مراكز قيادة وسيطرة العدو.
انعكست المفاجأة التي حققتها القوات المسلحة في المرحلة الافتتاحية للحرب، باختيار توقيت الهجوم من حيث الشهر واليوم والساعة على نتائج هذه المرحلة، والتي كان جميعها لصالح القوات المصرية، حيث لم يتمكن العدو من استكمال تعبئة قواته ورفع استعدادها، وارتباكه في السيطرة على قواته، بعد تدمير مراكز القيادة والسيطرة، ومراكز الإعاقة في جبل أم خشيب
وانخفضت الروح المعنوية لدى القوات الإسرائيلية؛ نتيجة مفاجأة قواتنا لها بالهجوم الحاسم، وسقوط خط بارليف النقطة تلو الأخرى خلال ساعات من بدء القتال.
واستعرض اللواء سمير فرج عوامل نجاح القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر المجيدة وأسباب النصر من خلال عرض فيلم تسجيلي تضمن شرحًا تفصيليًّا عن مراحل الحرب منذ الاستعداد لها حتى استرداد آخر شبر من أرض سيناء المباركة، مؤكدًا أنه لا تفريط أبدًا في أي شبر من سيناء، فقد رويت رمالها بدماء الشهداء الأبطال من أبطال القوات المسلحة البواسل.
وخلال كلمته أكد الشيخ خالد الجندي أن القرآن الكريم ذكر في سورة الأحزاب قوله تعالى: "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"، وهنا سجل القرآن الكريم ردة فعل المؤمنين عند رؤيتهم الأحزاب، فما استكانوا ولا ارتعدوا ولكن ثبتهم الله تثبيتًا منقطع النظير، مؤكدًا أن الأعداء خططوا ومازالوا يخططون لتقسيم الوطن، وقد فشلت مخططاتهم على أيدي رجال القوات المسلحة البواسل والشعب المصري الواعي الحر، فبلدنا هو البلد الوحيد الحر في المنطقة، فليس فيه قواعد عسكرية أجنبية على أرضه، فنحن لا ننتمي إلا لهذا الدين، ولا ننتمي إلا لهذا البلد.
وأكد أن الحروب تقوم على أكتاف الرجال وأعناق الصامدين ، مضيفا أن علينا أن نأخذ بقانون الإعداد الذي أمر الله به، والذي يجب أن يتحرى عنه الناس قبل التفكير في الحرب، وقد سخر الله تبارك وتعالى ممن أراد الجهاد دون إعداد فقال تعالى: "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ"، ففقه الإعداد يلمح من قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ"، ويقتضي أولا الالتزام بالقانون فهو الضمانة الأولى لفقه الإعداد، فالإعداد يحتاج إلى إعادة نظر بمواجهة النفس ومحاسبتها، قال تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ"، وقال تعالى: "وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ"
وقال تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ"، ويقول تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ"، هذه قوانين يجب أن نلتفت إليها فالحرب ليست نزهة، وإنما الدفاع عن الوطن يتطلب الإعداد، والالتفاف حول القيادة السياسية والتخندق في خندق واحد والالتفاف حول راية الوطن وترك الجدال وترك النزاع والصبر على الشدائد والجلد في مواجهة الخطوب والعمل على الإنتاج وتجويده ومحاولة الاستغناء عن كل سلعة تأتي هذا البلد من الخارج، ومحاولة إعادة بناء جسور الثقة بين الأمة وبين علمائها، والاستعداد للمرحلة القادمة لأننا نملك أغلى وطن عرف في تاريخ البشرية.
عاشت مصر وعاش رئيسها الذي ندرك تمامًا وطنيته وإخلاصه ومحبته لبلاده ونجدد له الولاء والالتفاف تحت قيادته حفظه الله ومن معه من كل مكروه وسوء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأوقاف وزير الاوقاف الصالون الثقافي الشهادة فی سبیل القوات المسلحة المجلس الأعلى درجات الشهادة وزیر الأوقاف الدفاع عن مؤکد ا أن
إقرأ أيضاً:
حكم إسناد سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم إسناد سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء؟ لقد هطلت الأمطار بغزارة في مدينتنا، فقال بعض الناس: إن سبب نزول هذه الأمطار الغزيرة هو وجود البحار، وقال بعضهم: إن سببها الأنواء، فما حكم عزو سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: من أسند سبب وجود المطر إلى كثرة البحار، ووجود النوء بقوتها وطبعها ونسب الفعل إلى ذات تلك الأشياء فهو اعتقاد باطل لا يصح اتفاقًا، ومن أسند سبب نزول المطر إلى النوء وغيرها معتقدًا أنَّها من الله تعالى تفضّلًا منه ورحمة بعباده، وأنَّ النَّوْءَ وغيره لا يزيد عن كونه ميقاتًا وعلامة، اعتبارًا بالعادة التي أجراها الله تعالى، بحيث لا تأثير لها لا بطبع ولا قوة -فهو مؤمن، ولا يضر قوله هذا بإيمانه شيئًا.
من قدرة الله تعالى وحكمته إقامة السنن الكونية على نظامٍ بالغ الإحكام
من سنن الله تعالى في كونه أن أقامه على نظامٍ بالغ الإحكام، قوامُه ارتباط العلل بمعلولاتها ارتباطًا عاديًّا، وإجراء المسببات وفق أسبابها، فليست الأسباب بذواتها مؤثرة موجِدة، بل هي سنن كونية جارية بإذنه تعالى، فالفاعل الحق هو الله وحده، والأسباب لا توصل إلى نتائجها إلا بتقديره سبحانه وتعالى وإعماله لها وفق مشيئته وقدرته، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: 96].
بيان أنه لا مؤثر في الحقيقة سوى الله تعالى
قد أجرى الله تعالى العادة على غزارة الأمطار في المناطق الساحلية المُطِلَّة على البحار والمحيطات مُقَارنةً بالمناطق الداخلية، وأن يَقْتَرنَ وجود الأنواء بطقسٍ متقلِّبٍ. والأنواء جمع نوء، وهو: سقوط نَجْمٍ في المغرب، وطلوع آخر في المشرق، وللأنواء ثمانية وعشرون مَنْزِلَةً، كل مَنْزِلَةٍ مدتها ثلاثة عشر يومًا، وهي منازل القمر المشار إليها في قوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: 39]، واستدل به العرب قديمًا على معرفة أحوال المناخ، وكان يُعْتَقَدُ أنَّ الأمطار والخيرات كلها تجيء منها. يُنْظَرُ: "قرة عين الأخيار" للعلَّامة علاء الدين ابن عابدين الحنفي (7/ 557، ط. دار الفكر)، و"فتوحات الوهاب" المعروف "بحاشية الجمل"، للإمام سليمان الجمل الشافعي (2/ 127، ط. دار الفكر)، و"مطالب أولي النهى" للإمام الرحيباني الحنبلي (1/ 825، ط. المكتب الإسلامي).
فنزول المطر وإن صاحبته هذه الظواهر إلَّا أنه يَظَلُّ فعلًا إلهيًّا خالصًا مرهونًا بأمر الله ومشيئته، إذ لا مُؤَثِّر في الوجود بذاته أو بطبعه غير الله تعالى، فالسِّكِّين لا يقطع بنفسه، بل يخلق الله القطع عند استعماله، والماء لا يروي بنفسه، بل يخلق الله تعالى الريَّ عند شربه، فهكذا البحار والأنواء لا تؤثر بنفسها، بل يخلق الله تعالى المطر عند وجودها، فكُلُّ ما نراه من آثارٍ في الكون فهو بخلقه وإيجاده تبارك وتعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا نَوْءَ وَلَا صَفَرَ» متفق عليه.
قال العلَّامة أبو الحسن الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/ 2895، ط. دار الفكر): [«وَلَا هَامَةَ وَلَا نَوْءَ»: بفتح فسكون، أي: طلوع نجم وغروب ما يقابله. أحدهما: في المشرق، والآخر بالمغرب، وكانوا يعتقدون أنَّه لا بد عنده من مَطَرٍ أو رِيحٍ يَنْسُبُونَهُ إلى الطالع أو الغارب، فنفى صلى الله عليه وسلم صحة ذلك] اهـ.
حكم عزو سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء
إذا قال المُكَلَّفُ: أُمْطِرْنَا بكثرة البحار أو بنَوْءِ كذا وما شابه ذلك، واعتقد أنَّها أسبابٌ ومؤثِّراتٌ بذاتها بحيث يُعْزِي إليها وجود المطر؛ فقوله هذا حرام، واعتقاده ذلك لا يصح؛ لأنَّ النَّوْءَ مخلوق، والمخلوق لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا.
قال الإمام جمال الدين المَلَطي في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" (2/ 195، ط. عالم الكتب): [ورد مرفوعًا عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: 82]، قال: "ما شأنكم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا". وكان قولهم كفرًا، فأنزل الله وتجعلون شكركم على ما أنزلت عليكم من الرزق والغيث أنَّكم تكذبون؛ تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 294، ط. دار الكتاب الإسلامي) [(ويكره أن يقول) بعد المطر: (مطرنا بنوء كذا)، بفتح النون وبالهمز، أي: بوقت النجم الفلاني على عادة العرب في إضافة الأمطار إلى الأنواء لإيهامه أنَّ النوء ممطرٌ حقيقة، (بل) يقول: مطرنا (بفضل الله ورحمته، وإن اعتقد أنَّ النوء ممطر) حقيقةً (فمرتد)] اهـ.
وقال العلَّامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 74-75، ط. دار الكتب العلمية): [ويسن (أن يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، ويحرم) قول: مطرنا (بنوء كذا)] اهـ.
أمّا إذا قال ذلك معتقدًا أنَّ نزول المطر من الله تعالى بفضل رحمته وجوده على عباده، وأنَّ البحار والأنواء وغيرها ما هي إلا مواقيت وعلاماتٌ فحسب، وأنَّها اعتبارًا بالعادة التي أجراها الله تعالى تنزل الأمطار فور حدوثها، بحيث لا تأثير لها لا بطَبْعٍ ولا بقوة، فلا يؤثر قوله هذا على إيمانه؛ لِأَنَّه أسند ذلك ضمنًا إلى سبب من الله تعالى. يُنْظَرُ: "حاشية رد المحتار" للإمام ابن عابدين الحنفي (4/ 243، ط. دار الفكر)، و"منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش المالكي (2/ 114، ط. دار الفكر)، و"نهاية المحتاج" للإمام الرملي الشافعي (2/ 427، ط. دار الفكر)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام منصور البهوتي الحنبلي (1/ 338، ط. عالم الكتب).
وقد ورد عن زيد بن خالد الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ سمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (2/ 60-61، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو قال: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا معتقدًا أنَّه من الله تعالى وبرحمته وأنَّ النوء ميقات له وعلامة اعتبارًا بالعادة فكأنَّه قال: مُطِرْنَا في وقت كذا؛ فهذا لا يكفر] اهـ. وينظر: "التمهيد" للإمام ابن عبد البر المالكي (24/ 380-381، ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية.وأوضحت بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: أن من عزا سبب وجود المطر إلى كثرة البحار، ووجود النوء بقوتها وطبعها ونسب الفعل إلى ذات تلك الأشياء فهو اعتقاد باطل لا يصح اتفاقًا، ومن عزا سبب نزول المطر إلى النوء وغيرها معتقدًا أنَّها من الله تعالى تفضلًا منه ورحمة بعباده، وأنَّ النَّوْءَ وغيره لا يزيد عن كونه ميقاتًا وعلامة، اعتبارًا بالعادة التي أجراها الله تعالى، بحيث لا تأثير لها لا بطبع ولا قوة -فهو مؤمن، ولا يضر قوله هذا بإيمانه شيئًا.