مفتي الجمهورية: لا انفصام ولا انفصال بين العلوم الدينية والدنيوية
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إنه يجب الحذر من التدين الشكلي الذي يهتم بالقشور ولا يهتم بالجذور، مؤكدًا أن أول صفة للمسلم يجب أن يتَّصف بها هي الرحمة واللين كما كان سلوك رسول الله في كل حياته.
جاء هذا خلال محاضرة فضيلته لطلاب جامعة سوهاج، صباح اليوم الأربعاء، التي أكد خلالها أنه لا انفصام ولا انفصال بين العلوم الدينية والدنيوية، والطالب أيًّا كان تخصصه في حالة عبادة حقيقية لله عز وجل، وكون كل منا في ميدان عمله متقنًا فيه فهو أيضًا في حالة عبادة مستمرة ومأجور من الله سواء في ميدان العلم أو العمل أو القتال في سبيل الله.
وبيَّن أن المسلم صاحب فكر يستطيع أن يميز ما يعرض عليه ولا ينقل إلا ما يراه خيرًا، موجهًا تحية للأم المصرية التي ربَّت وعلَّمت ولقَّنت أولادها حبَّ الوطن.
وأضاف فضيلة المفتي: “إننا نواجه تحديات كثيرة، من أهمها تزييف الوعي، ويلزمنا أن نرجع إلى أهل الاختصاص لتوثيق كل شيء؛ لأن الكلمة أمانة وأنا مسئول عنها أمام الله، سواء كانت كلمة منطوقة أو مكتوبة لأن القلم أحد اللسانين”.
وأشار فضيلة المفتي خلال محاضرته للطلاب إلى أن التنوع في الكون حتمي ولا يمكن أن يكون الناس على نمط واحد من الشكل أو اللغة أو الفكر، وهذا التنوع رسالة من الله، وعلينا أن نحترم هذا التنوع.
وأوضح: “إننا في مصر نعيش مسلمين ومسيحيين كنسيج واحد من خلال ثلاثة نماذج، في مقدمتها جانب اجتماعي، حيث عاش المسلمون والمسيحيون معًا على أرض هذا البلد لدرجة أننا لا نفرق في الشارع بين المسلم والمسيحي، فنحن شعب واحد يعيش معًا في كل دروب الحياة”.
وتابع: “أما الجانب الآخر فهو جانب تشريعي، عبَّر عن التزام التشريع والدستور بكامل المواطنة لكل مصري، بصرف النظر عن معتقده، حيث تم تتويج هذا الجانب بقانون دور العبادة، أما الجانب الثالث فهو جانب إفتائي، صدر من العالم الفقيه الليث بن سعد الذي أفتى بتوفير دور العبادة للمسلمين والمسيحيين”.
وفى إطار آخر قال فضيلة المفتي، إن اللجوء للمتخصصين كل في مجاله أحد أهم محاور الوعي الصحيح، ويجب شرعًا الالتفاف حول القيادة لمواجهة التحديات.
ووجه رسالة لطلاب الجامعة قائلا: "كونوا في ظهر البلد لكي تنجو سفينة الوطن"، مشيرًا إلى أن حديث السفينة يعطي لنا درسًا حول المسئولية المشتركة، وأن قضية الوعي هي قضية علم في الأساس، ويتضح ذلك من قصة خلق آدم؛ فهي تربط بين خلافة آدم في الأرض وبين العلم.
وأكد فضيلة المفتي أننا في حاجة إلى إحياء النموذج المصري الذي يحافظ على بلده، فالدفاع عن الدولة الوطنية بحدودها المعروفة هو واجب شرعي تقدم فيه أرواحنا فداء لهذا الوطن، كما أن واجبنا كطلاب أن نتميز في تحصيلنا للعلم ونبدع فيه؛ محذرًا من تزييف الوعي، لافتًا النظر إلى قيام دار الإفتاء المصرية برصد الأفكار المتطرفة وتحليلها والرد عليها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فضیلة المفتی
إقرأ أيضاً:
عهدٌ.. يا قلبًا على هذا الوطن
عائشة بنت أحمد سويدان البلوشية
في يوم الإثنين الثامن من ديسمبر 2025م دخلت تتهادى بمشيتها المتأنية، وابتسامة امتنان صافية ترتسم على محياها، تتعلق الوجوه والقلوب بمقدمها الكريم، وتنتشي محافظة الظاهرة بوصولها الحاني، تمضي نحو أكشاك العرض العشرة، كانت جميع الجهات تنتظر دخولها إلى قاعة المهلب بن أبي صفرة؛ ليبدأ كل فرد منهم بتقديم العرض الخاص بالجهة التي يمثلها، وتقف بأناة أمام كل كشك، لتسأل عن كل ما يخطر بداخلها عن فعالية الاستراتيجية المعروضة، وسير كل عملية تعليمية كانت أو صحية أو تخطيطية، وتنصت لكل تفصيلة باهتمام بالغ.
اليوم رأيت السمت القابوسي الفريد في هذه السيدة العُمانية البوسعيدية الجليلة، سيدة عُمان الأولى، رأيتها تنصت باهتمام بالغ، تحاول جاهدة أن تعطي كل شخص حقه في التحية من صغير وكبير، كيف لا وهي السيدة التي تربت على الأصل والموروث والعادات والتقاليد العُمانية الأصيلة، في كنف والدتها السيدة خالصة بنت نصر البوسعيدية -رحمها الله- ووالدها السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي- أطال الله في عمره- المعروف بكرمه ورحابة صدره.
كانت زيارتها التاريخية الأولى لحصن عبري قمة في معنى القرب والحب والحنو بين حرم جلالة السلطان المفدى وبين كل من كان بداخله من نساء وفتيات، كانت تحتضن تلك السيدة، وتحيي أولئك الفتيات من مدرسة حمراء الدروع، تسلم على الفارسات اللاتي استقبلنها على ظهور الجياد، وتتفقد تلك المنتجات الحرفية بدقة بالغة، وأعطت الجميع الوقت الكافي للشرح. لقد خلقت غمامة من الحبور والسعادة البالغة في ذلك الحصن العتيق الذي تم تشييده في قبل حوالي 400 عام على يد بني نبهان؛ حيث قام ببنائه لاحقًا الشيخ خاطر بن عامر اليعقوبي، ويقع في وسط عبري بجوار السوق القديم، ورغم أنه قد تم التأكيد على الجميع أن برنامج العروض والجولة في الحصن يجب أن لا تتجاوز الخمسة والسبعون دقيقة، لكنها بروح الأم الحانية، مكثت هناك قرابة الساعتين ونصف الساعة، وقد أنصتت لمطالب الموجودين، وتجاذبت أطراف الحديث مع موزة "القرر"، تلك المرأة التي لم نعرفها إلّا متألقة بالفضة التي ترتديها، بدءًا بـ"الفتخ" إلى "البلاغة"، وثوب "الفحايح" الذي لا زالت ترتديه إلى يومنا هذا. وهنا انطلقت ضحكة السيدة الجليلة باستمتاع لما تسمعه لتقول لها "أنتِ تُحفة"، وكانت نظرات السيدة الجليلة تؤكد أنها مهتمة بكل كلمة انطلقت من أفواه الجميع، تستلم كل رسالة بكل تواضع.
سيدتي الجليلة.. كيف لا تفعلين ذلك وأصلك الطيب ينضح بقوة على كل كلمة أو فعل تقومين به، وأكاد أجزم يقينًا بأن قلبكِ كان يخفق بالرغبة في الطبطبة بأمومةٍ تنثر السكينة على كل من وقعت أنظاركِ عليه، ولسان حالكِ يقول لهم "سنفعل ما نستطيع بعون الله، لجعل عُمان ومن عليها في عزة وشموخ ورخاء".
سيدتي الجميلة القلب الجليلة المقام، تتوجه ألسنة أهل الظاهرة ولساني معهم، بجزيل الشكر لمقامك الجليل على وصولك لأرض السر عبري الواعدة، وصولٌ انتظرناه بشوقٍ طال أمده، فخبت جذوته برؤيتك بيننا، رغم أننا نعلم أن كلمات الشكر تقف حائرة أمام لفتاتك الكريمة، وترجو شركة الظاهرة دعمكم الكريم، وتوجيه تعليماتكم بإنشاء المراكز الحكومية للأشخاص ذوي الإعاقة في ولايتي ينقل وضنك.
إن الحناجر تلهج بالدعاء أن يحفظكم وسلطاننا المفدى، وأن يعينكم على كل ما يلقيه المنصب والمكانة من أحمال تنوء بثقلها الجبال، ونعاهدكم سيدتي بأننا معكم شيبةً وشبابًا، نساءً ورجالًا في بناء عُمان الحاضر والمستقبل إن شاء الله تعالى، والظاهرة تتطلع شوقًا منذ الآن لزيارة قادمة، وعسى أن تكون قريبة، وأن تكثُر جولاتك للمحافظات لتصبح سنوية، لأنكِ تحبين لقاء الناس، ولأن الشعب عامة ينتظرون مثل هذه اللقاءات.
-----------------------------------
توقيع:
"تتوارى.. عنِ العُيونِ احتشامًا
وحنانًا بمُهجةِ الفنَّانِ
أنتَ شادٍ.. ومِثلُها ينشدُ الرَّفقَ
صوابًا في لُجَّةٍ مِن حنانِ
لَورا.. تِلك لَورا.. فِداءُ لَورا الغواني"
غازي القصيبي.
رابط مختصر