لا يزال الحديث عن حجم الدمار الذي لحق بغزة جراء عمليات الاحتلال الإسرائيلي ومستقبل القطاع يسيطر على اهتمامات كثير من وسائل الإعلام الأمريكية والأجنبية، وفي هذا السياق، تقول مجلة «نيوزويك» الأمريكية التي نشرت صوراً التقطت بالأقمار الصناعية إنَّ صور مدينة الموصل العراقية المدمرة بعد الحرب مع تنظيم «داعش» الإرهابي يمكن أن تكون علامة للمستقبل الذي ينتظر غزة، مع قيام إسرائيل بتوسيع عملياتها البرية بعد شهر تقريباً.

وينفذ الاحتلال الإسرائيلي عمليات عنيفة ضد قطاع غزة من السابع من أكتوبر في أعقاب شن حركة حماس الفلسطينية هجوماً استهدف مستوطنات غلاف غزة، ما أدى إلى مقتل 1400 إسرائيلي على الأقل، في المقابل سقط قرابة 10 آلاف شهيد في القطاع إلى جانب آلاف الجرحى والمصابين غالبيتهم من النساء والأطفال.

صور الأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار

وتظهر صور المدينة الواقعة في شمال العراق قبل سيطرة تنظيم داعش الإرهابي عليها في عام 2014، ثم في أعقاب المعركة التي تلت ذلك بين الحكومة العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة مع التنظيم عامي 2016 و2017، حجم الدمار الذي استمر 9 أشهر المدينة التاريخية.

ويعتقد الخبراء أنَّ القتال في غزة يمكن أن يعكس ما حدث بين الحكومة العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ومقاتلي داعش في معركة استمرت 9 أشهر، إذ قال أنتوني كينج، أستاذ دراسات الدفاع والأمن ورئيس معهد الاستراتيجية والأمن بجامعة إكستر في المملكة المتحدة، إنه لا توجد معركتان متطابقتان، ولكن هناك بعض «أوجه التشابه الوثيقة جداً».

ولفتت «نيوزوييك» إلى أنَّه في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر، شنت إسرائيل حملة متواصلة من الغارات الجوية على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، محذرة المدنيين في شمال مدينة غزة بضرورة التوجه جنوباً قبل العمليات البرية، كما قال سلاح الجو الإسرائيلي يوم الخميس الماضي إنَّ إسرائيل قصفت أكثر من 12 ألف موقع في غزة خلال ما يزيد قليلا عن ثلاثة أسابيع منذ السابع من أكتوبر.  

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة إسرائيل الموصل مستقبل غزة فلسطين

إقرأ أيضاً:

7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع

 

 

 

عباس المسكري

 

في حياة الأمم لحظات تصنع وعيها وتعيد تعريف شرفها، لحظات لا تمرّ كغيرها، بل تترك في الذاكرة أثرًا لا يُمحى، والسابع من أكتوبر كان تلك اللحظة الفاصلة التي بدّدت الضباب وكشفت الجوهر، فبان الصادق من المدّعي، والشريف من الخانع، إنه اليوم الذي تكلّم فيه الفعل، فصمتت الشعارات، وتهاوت الأصنام التي صُنعت من وهم القوة والخوف.

في ذلك اليوم، انقلبت موازين الفهم والقول رأسًا على عقب، وسقطت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" تحت أقدام الحقيقة، فإذا به جيشٌ أوهن من بيت العنكبوت، يتهاوى أمام عزيمة لا تُقاس بالعتاد، وما إن انكشفت هشاشته حتى هرع يستنجد بحلفائه، فلو لا مظلة أمريكا وسلاحها ومالها، لكان اليوم خبرًا من التاريخ لا أكثر، فلقد فضح السابع من أكتوبر زيف القوة المصطنعة، وكشف أن من يستقوي على الضعفاء لا يملك في داخله إلا الخوف.

ومن قلب غزة خرجت الحكاية، ومن أزقّتها المهدّمة انبعث المجد من جديد، هناك، في أضيق رقعة وأقسى حصار، وُلد رجال من نورٍ ودم، لا يعرفون الانكسار. مجاهدون جعلوا من أجسادهم سورًا يحمي كرامة الأمة، ومن إيمانهم وقودًا لا ينطفئ، هم أبناء الأرض والحق، سلاحهم يقينهم، وقوتهم في صدقهم، بصمودهم علّموا العالم أن الكرامة لا تُشترى، وأن النصر يولد من رحم الألم، لا من موائد المساومة.

لقد صار أبناء غزة عنوانًا للعزة، ورمزًا لكل عربيٍّ ومسلمٍ لا يرضى بالهوان، وفي كل خطوةٍ من خطواتهم تذكيرٌ للأمة بأن الشرف لا يُستورد، وأن البطولة قرارٌ لا شعار، نعم هناك، تحت القصف والجوع، كُتبت أنصع صفحات التاريخ بمدادٍ من دمٍ وصبرٍ وإيمانٍ لا يلين.

لكن ذلك اليوم لم يكشف ضعف العدو فحسب، بل فضح أيضًا زيف بعض من تزيّنوا بلباس الدين والسياسة، فخرجت أصوات تدّعي الورع وهي تلعن المقاومة وتكفّر المجاهدين، فأسقطها التاريخ قبل أن يسقطها الناس، لقد أرادوا أن يُطفئوا نور الصدق بفتاواهم، فإذا بهم ينكشفون أمام الله والخلق، أولئك الذين اصطفّوا إلى جانب الباطل خسروا مكانتهم، وذهبت هيبتهم أدراج الرياح، لأن الأمة بطبعها تعرف أن الحق لا يُحارب باسم الدين، وأن من يخذل المظلوم شريكٌ في ظلمه. لقد باءوا بغيظهم وحقدهم، وبقيت دماء الأحرار أصدق من كل خطبةٍ جوفاء.

مرّت سنتان، وما زال صدى ذلك اليوم يهزّ الضمائر، فلقد أعاد السابع من أكتوبر تعريف العزة في الوعي العربي والإسلامي، وأيقظ في الشعوب يقينًا كان يُراد له أن يموت، فصار ميزانًا يُعرف به الناس، من مع الأمة، ومن عليها، من اختار الكرامة، ومن باعها في سوق الخنوع، ذلك اليوم لم يكن مجرّد معركة، بل لحظة وعيٍ كبرى أعادت للأمة ثقتها بنفسها، وأثبتت أن من يتوكّل على الله لا يُهزم، مهما اشتدّ الحصار وتكاثر الأعداء.

سيبقى السابع من أكتوبر شاهدًا على أن الكرامة لا تموت، وأن الشرفاء مهما ضاق بهم الواقع لا ينكسرون، يومٌ كان عزًّا للأحرار، وفضيحةً للمتخاذلين، يومٌ فيه سقطت الأقنعة، وارتفعت الهامات، مرّت سنتان، وما زال وهجه يضيء القلوب، يذكّر الأمة أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الباطل، مهما علا، زائل، وسيظل السابع من أكتوبر تاريخًا لا يُنسى، ويومًا تعلّمت فيه الأمة من جديد كيف يكون الشرف، وكيف يُصان الحق بالدم لا بالكلام.

مقالات مشابهة

  • 7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع
  • 21.7 مليار دولار مساعدات عسكرية أمريكية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
  • ترامب: ما الذي تخطط كييف لفعله بصواريخ توماهوك أمريكية الصنع؟
  • سخرية على الانترنت وانطباعات قاسية عن ألبوم تايلور سويفت الجديد
  • أزمة المحترفين السبعة.. ديالى يعترض رسمياً على الموصل والاتحاد في دائرة الجدل
  • العثور على رفات بشرية تعود لحقبة داعش في الموصل
  • جاسم تحتفي بيوم المعلم
  • المكتب الحكومي بغزة: 76639 شهيدًا في الحرب .. ونسبة الدمار وصلت 90%
  • تقرير إسرائيلي: عزلة دولية وعجز مالي هائل ينتظر إسرائيل إذا فشلت خطة ترامب في غزة