نعليا.. قرية فلسطينية مهجرة يواصل الاحتلال تهجير موتاها
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
واحدة من مئات القرى الفلسطينية التي ركزت العصابات الصهيونية على تهجير أهلها عام 1948، وتفريغها من العرب ضمن عملية تهجير واسعة لتقليل أعداد العرب في فلسطين المحتلة.
قرية نعليا المهجرة حاليا، كانت تقع بجوار مدينة المجدل، وتتبع لقضاء غزة، وتقع على بعد 19 كم من شمال شرق غزة، وعلى مسافة 3 كم إلى الجنوب الغربي من المجدل.
ووكانت تربط نعليا بالقرى المجاورة: المجدل، الجورة، الخصاص، الجية، بربرة، وهربي، عدة طرف فرعية. وتبلغ مساحة أراضيها 5233 دونم، منها 188 دونم للطرق والوديان، و1084 دونم كانت تزرع بغلال متعددة.
وبلغ عدد سكان نعليا عام 1922 نحو 687 نسمة، وازداد في عام 1931 إلى 863 نسمة كانوا يقيمون في 169 بيتا، وقدر عدد السكان في عام 1945 بنحو 1,310 نسمة.
وكانت القرية تدفع الضرائب أبان الدولة العثمانية على عدد من الغلال كالقمح والشعير والسمسم والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
وكانت في أواخر القرن التاسع عشر محاطة ببساتين الفاكهة وببساتين الزيتون التي كانت تمتد وصولا إلى المجدل، وكانت الرمال الزاحفة من الشاطئ قد صدت بسياج من نبات الصبار.
وقد امتدت القرية في موازة الطريق المؤدية إلى المجدل، وكان يوجد في جانبها الجنوبي مسجد مزخرف بالنقوش، وتحيط به بقايا أبنية وأضرحة تحوي رفات شهداء سقطوا في القتال ضد الصليبين.
وكان أبناؤها يتلقون العلم في مدرسة المجدل، أما مدرسة القرية التي اكتمل بناءها في شتاء عام 1948 فإنها لم تفتح أبوابها قط بسبب الحرب.
وكان في القرية عدة متاجر صغيرة. واعتمد سكانها في الغالب على الزراعة لمعيشتهم فيزرعون الحبوب التي تعتمد زراعتها على مياه الأمطار، كما يزرعون أصنافا شتى من الفاكهة كالحمضيات والعنب والتين والمشمش.
واشتهرت القرية بزراعة الحمضيات وبلغ عدد البيارات المملوكة لأهالي القرية 19 بيارة إضافة إلى بعض البيارات التي كانت مملوكة لآخرين من خارج البلد .
ولا يملك الصهاينة فيها أي دونم، ومن المعروف أن أبناء القرية قاموا بمحاربة الإنجليز والصهاينة، وشاركوا عموم مدن فلسطين في ثورة فلسطين الكبرى التي اندلعت في عام 1936، وقد قاموا بعمل الكمائن، ومهاجمة المستعمرات التي كانت مقامة على أراضي برير وبيت جرجا وبيت دراس .
وأخليت من سكانها أثناء حرب 1948 في إطار العملية العسكرية الصهيونية "يوآف" وكان يدافع عن القرية الجيش المصري.
بقايا بيت هجره سكانه في نعليا.
وكانت نعليا التي احتلت وقت سقوط المجدل من أواخر القرى التي استولى الصهاينة عليها في جنوب فلسطين. وأقيمت في عام 1948 مدينة أشكلون، التي تقع إلى الشمال الغربي من موقع القرية، وقد امتدت هذه المدينة لتصل إلى أراضي القرية.
واندثرت القرية كليا، وموقعها مغطى بالأعشاب البرية وبعض أشجار الجميز. ولا يزال أحد المنازل وكان مبنيا وسط بساتين الفاكهة قائما تقطنه عائلة فلسطينية حاليا ولهذا البيت سقف مسطح ونوافذ وأبواب مستطيلة. أما الأراضي المجاورة فيستغلها المستوطنون.
وبعد عشرات الأعوام من النكبة الفلسطينية، استأنفت عصابات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام قرية نعليا المهجرة بعسقلان في الداخل الفلسطيني المحتل، ولكن هذه المرة لتهجير الأموات. فقد اقتحمت جرافات الاحتلال المقبرة الإسلامية في القرية، وتعدت عليها بعمليات نبش واسعة، أخرجت خلالها عظاما قديمة لموتى، كانوا قد دفنوا فيها قبل عام النكبة.
ومن مشاهير القرية د. نزار عبد القادر ريان القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس. وأبو عبيدة المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
المصادر
ـ وليد الخالدي، كي لا ننسى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
ـ نعليا قضاء غزة (قرية مزالة)، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ إبراهيم عطية حماد، الدكتور عبد القادر إبراهيم حماد، كتاب " نعليا...الأرض... الإنسان...التاريخ".
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين (غزة).
ـ حفريات واستخراج عظام.. تهجير جديد لـ"موتى" نعليا المهجرة بعسقلان، وكالة صفا،2/8/2022.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير الفلسطينية الاحتلال التاريخ احتلال فلسطين تاريخ تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام
إقرأ أيضاً:
غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
عامان من النار والحصار والدمار.. عامان لم تشهد لهما البشرية مثيلا في القسوة، ولا في الصبر. في تلك الرقعة الصغيرة المحاصَرة بين البحر والحدود، وقف أهل غزة عُزّل إلا من إيمانهم، فحملوا على أكتافهم ملحمة أعادت تعريف معنى الكرامة، وأثبتت أن الشعوب الحرة قادرة على قلب الموازين، ولو كانت وحدها في مواجهة آلة القتل.
عامان من الصمود الأسطوري
منذ اللحظة الأولى للعدوان، ظنّ قادة الاحتلال أن غزة ستنحني سريعا، وأن القصف العنيف سيكسر إرادة المقاومة، لكنّ ما حدث كان عكس كل حساباتهم. فكلما اشتد القصف، اشتعلت روح التحدي أكثر، وكلما سقط بيت، وُلدت في الأنقاض ألف إرادة جديدة.
لم يكن في غزة جيوش نظامية أو أسلحة متطورة، بل كان فيها رجال يعرفون أن الأرض لا تُسترد إلا حين يُقدَّم من أجلها الدم والعرق والعمر.
عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية.
المقاومة.. من ردّ الفعل إلى فرض المعادلة
عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية
لم تعد المقاومة الفلسطينية ذلك الطرف الذي يردّ بعد الضربات؛ بل أصبحت اللاعب الأساسي الذي يرسم ملامح المعركة ويحدد إيقاعها.
أجبرت فصائل المقاومة الاحتلال على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد عامين من العدوان المتواصل، بعدما أدركت القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال أن خيار "الحسم العسكري" مجرد وهم، وكل محاولة للتوغّل بَرّا تحولت إلى فخٍّ قاتل، وكل اجتياحٍ بري انتهى بانسحابٍ مذلّ.
المقاومة لم تدافع فقط عن غزة، بل أعادت تعريف مفهوم الردع. وبدل أن تكون غزة "نقطة ضعف"، أصبحت "نقطة ارتكاز" لمعادلة جديدة في المنطقة: أن أمن المحتل لن يكون ممكنا ما دام أمن الفلسطينيين منتهكا.
هزيمة السمعة وسقوط صورة "الجيش الذي لا يُقهر"
ربما لم يخسر الاحتلال في تاريخه الحديث خسارة أخلاقية وسياسية كتلك التي خسرها خلال حرب غزة الأخيرة، وجيشه الذي كان يتفاخر بـ"الدقة التكنولوجية" ظهر كآلة قتلٍ عشوائية تستهدف الأطفال والمستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة.
انهارت صورة "الجيش الأخلاقي" أمام عدسات العالم، وتحوّل قادته إلى متهمين بجرائم حرب في المحاكم الدولية. وما لم تستطع المقاومة فعله بالصواريخ، فعله الوعي العالمي بالصور والفيديوهات التي نقلت بشاعة العدوان إلى كل بيت على وجه الأرض.
سقطت هيبة الاحتلال، لا فقط في الميدان، بل في الرأي العام الدولي، حتى صار قادة الغرب يجدون حرجا في تبرير دعمه أمام شعوبهم.
التعاطف العالمي.. النصر غير العسكري
لم يكن الانتصار في غزة بالسلاح وحده، فخلال عامين من المجازر، تحوّلت فلسطين إلى قضية إنسانية عالمية. شهد العالم مظاهرات غير مسبوقة في العواصم الغربية، من لندن إلى نيويورك، ومن باريس إلى مدريد. الملايين خرجوا يحملون علم فلسطين، يهتفون باسم غزة، ويدينون الاحتلال بصوتٍ واحد. الجامعات، والنقابات، والمؤسسات الأكاديمية، والمبدعون، وحتى الرياضيون؛ كلهم قالوا كلمتهم: كفى قتلا في غزة.
لقد أعادت المقاومة تعريف الصراع أمام الضمير الإنساني: فالقضية لم تعد "نزاعا سياسيا"، بل معركة بين الحرية والاحتلال، بين العدالة والإبادة. وهذا الوعي العالمي المتزايد ربما يكون أعظم مكاسب غزة، لأنه نصر طويل المدى، يغيّر الرأي العام الغربي الذي لطالما كان منحازا للاحتلال.
غزة تُسقط الصمت العربي
وحدها غزة قاتلت، ووحدها دفعت الثمن، بينما كانت أنظمة عربية كثيرة تكتفي بالصمت أو البيانات الباردة. لكن هذا الصمت لم يمنع الرسالة من الوصول: أن المقاومة، رغم كل الحصار والخذلان، فعلت ما عجزت عنه جيوشٌ نظامية تمتلك أحدث الأسلحة والعتاد.
لقد سقطت أوهام القوة الزائفة، وكُشف حجم جيش الاحتلال الحقيقي أمام العالم. فذلك الجيش الذي قيل عنه إنه "لا يُقهر" عجز عن إخضاع مدينة محاصرة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترا مربعا. إنها الحقيقة التي على كل عاصمة عربية أن تتأملها: القوة ليست في السلاح، بل في الإيمان بعدالة القضية.
اتفاق وقف النار.. إعلان نصر لا هدنة
الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع
حين يُوقَّع اتفاق وقف إطلاق النار، فذلك ليس مجرد نهايةٍ مؤقتةٍ للقتال، بل اعترافٌ بانتصار غزة. فالاحتلال لم يجلس إلى طاولة التفاوض إلا بعدما استنفد كل وسائله، ولم يرضَ بالتفاوض إلا بعدما أدرك أن الحرب أصبحت عبئا لا مكسبا.
وقفُ إطلاق النار، بالنسبة للمقاومة، ليس تنازلا، بل تتويجا لمسيرة صمودٍ دامت عامين، دفعت فيها غزة ثمن الحرية دما، لكنها انتزعت اعترافا سياسيا ومعنويا بأنها الطرف الذي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة قادمة.
غزة.. مدرسة الأحرار
لقد قدّمت غزة للعالم درسا خالدا: أن الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع. هي مدرسة للأحرار، ومصدر إلهام لكل شعبٍ يسعى للخلاص من القهر.
وغزة اليوم لا تنتظر التصفيق، بل تطلب أن يُكتب تاريخها كما يليق بها: كأعظم قصة صمود في وجه أعتى آلة بطش عرفها العصر الحديث.
غزة انتصرت.. لأن الحق لا يُهزم
في زمنٍ يُباع فيه المبدأ وتُشترى المواقف، ظلّت غزة وفية لقضيتها، وحين ظنّ العالم أن صوتها سيخفت تحت الركام، خرجت لتقول: "ما زلنا هنا، وما زال لنا وطن".
لقد انتصرت غزة، لا فقط في الميدان، بل في الوعي والكرامة والتاريخ. وانتصارها هو انتصارٌ لكل من يؤمن بأن الحرية تستحق النضال، وأن الحق لا يضيع ما دام وراءه شعبٌ يقاتل من أجله حتى الرمق الأخير.