ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "سمعت بعض الناس يقول: إن الابتلاء كما يكون بسبب غضب المولى سبحانه وتعالى على العبد يكون كذلك بسبب رضا المولى سبحانه؛ فنرجو منكم بيان ذلك. وهل هناك فرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب؟ وما هي علامة كلٍّ منهما؟

متى يكون الابتلاء غضب من الله؟.. علامتان احذر أن تتوافر لديك يغفلها كثيرون عند الابتلاء.

. خطيب المسجد الحرام: بـ 3 أمور تنال بشارة الله

وأجابت دار الإفتاء على الفرق بين ابتلاء الرضا والغضب، منوهة أن الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يجعل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته العطف، والمحن تحمل المنح، فكلُّ ما يصيب الإنسان من ابتلاءات هي في حقيقتها رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

واستشهدت دار الإفتاء، بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب، ورفع العقاب] اهـ.

وذكرت أن الابتلاء أمارة من أمارات محبة الله للعبد، ويدل على ذلك ما رواه ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذا أحَبَّ الله عبدًا ابتلاهُ لِيَسْمَعَ تضرُّعَهُ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان"، وابن حبان في "المجروحين"، والديلمي في "المسند"، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب" و"المرض والكفارات".

وفي رواية أخرى أخرجها الإمام الترمذي في "سننه" عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي فله الرضا، ومَن سخط فله السَّخَطُ».

وأوضحت، أن هناك فرقٌ بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وهو: أن ابتلاء الرضا هو الذي يُقَابَلُ من العبد بالصبر على البلاء؛ لِيَحْصُل العبد على رضا الله ورحمته؛ فهو علامة لحبِّ الله تعالى له، وليس دليلًا على غضب الله سبحانه وتعالى عليه، أما ابتلاء الغضب فهو الجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى.

قال الإمام ابن الملك في "شرح المصابيح" (2/ 324، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [«وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي»؛ أي: بالبلاء وصبر عليه فله الرضا؛ أي: يحصل له رضاء الله ورحمته، «وَمَنْ سَخِطَ»؛ أي: كره البلاء وجزع ولم يرضَ بحكم الله، فعليه السخط من الله والغضب عليه، والرضاء والسخط يتعلقان بالقلب لا باللسان، فكثير ممَّن له أنينٌ من وجعٍ وشدةِ مرضٍ مع أن في قلبه الرضاءَ والتسليم بأمر الله تعالى] اهـ.

وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3/ 1142، ط. دار الفكر): [نزول البلاء علامة المحبة، فمن رضي بالبلاء صار محبوبًا حقيقيًّا له تعالى، ومن سخط صار مسخوطًا عليه] اهـ.

وتابعت: ويفترق ابتلاء الرضا عن ابتلاء الغضب بوجه آخر، وهو أنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والجزع والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات؛ وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات؛ وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله.

قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في "فتوح الغيب" (ص: 113، ط. دار الكتب العلمية): [علامة الابتلاء على وجه العقوبة والمقابلة: عدم الصبر عند وجوده، والجزع والشكوى إلى الخليقة والبريات.

وأوضحت، أن علامة الابتلاء تكفيرًا وتمحيصًا للخطيات: وجود الصبر الجميل من غير شكوى وإظهار الجزع إلى الأصدقاء والجيران والتضجر بأداء الأوامر والطاعات.

كما أن علامة الابتلاء لارتفاع الدرجات: وجود الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس، والسكون بفعل إله الأرض والسماوات، والفناء فيها إلى حين الانكشاف بمرور الأيام والساعات] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الابتلاء العبد الرضا الغضب دار الإفتاء الله تعالى له تعالى

إقرأ أيضاً:

هل تقبل صلاة الجمعة في البيت بسبب المطر الشديد؟.. الإفتاء ترد

تلقى الدكتور عبد القادر الطويل، عضو مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الإلكتروني سؤالًا يقول: ما حكم صلاة الجمعة في البيت بسبب المطر؟.

قال الطويل في فتوى له: يختلف حكم هذه المسألة من مكان لآخر.. ومن شخص لآخر.. لكن باختصار شديد.. فإنه يجوز للرجل صلاة الجمعة في بيته "أربع ركعات ظهرا" إذا شق عليه الذهاب إلى المسجد بسبب المطر، أو الوحل.

وأضاف عضو لجنة الفتاوى الإلكترونية، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن صلاة في البيت تكون أفضل إذا أدى الذهاب إلى المسجد إلى حرج أشد، ويحدث ذلك في حال اعتياد الناس على تعويض زحام المسجد بالصلاة على الحصير خارج المسجد، ففي حال وجود الوحل يؤدي ذلك إلى تكدس الناس داخل المسجد وبالطبع لن يسعهم المكان.. فيؤدي إلى مشقة وحرج، فالصلاة لمن يبعد بيته عن المسجد في بيته أولى في هذه الحال.

دعاء الفجر لطلب الرزق.. كلمات نبوية تجلب البركة وتيسر لك يومكهل الدعاء بـ"ربنا يكفينا شرك" يعتبر ذنبًا؟.. أمين الفتوى يجيب

واستشهد أمين الفتوى بالمركز، بقول الله تعالي {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}..[الحج:78].. وبحديث عن ابن عباس -رضي الله عنه- قولُه - لمن استنكروا قولَه: "صلوا في رحالكم" حيث قال" فعَلَه مَن هو خير مني، إن الجمعة عَزْمَةٌ، وإني كرهتُ أن أُحرجكم فتمشون في الطين والدَّحض" والمقصود من قوله رحالكم: أي أماكن إقامتكم ومنازلكم.

وأشار الطويل إلى أن الإمام البخاري قد بوّب لهذا في صحيحة تحت عنوان" الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر"، وبوَّب الإمام مسلم أيضًا في صحيحه، تحت عنوان"باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر".

وقال صلى الله عليه وسلم "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه".

كما قالت دار الإفتاء المصرية: إن الشرع الشريف قد أجاز الصلاة في البيوت في حالة الكوارث الطبيعية كالسيول والعواصف وكذلك في حالة انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، بل قد يكون واجبًا إذا قررت الجهات المختصة ذلك.

وأوضحت الدار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسى مبادئ الحجر الصحي وقرر وجوب الأخذ بالإجراءات الوقائية في حالة تفشي الأوبئة وانتشار الأمراض العامة بقوله في الطاعون: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه" (سنن الترمذي/ 1065).

وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا الحديث يشمل الإجراءات الوقائية من ضرورة تجنب الأسباب المؤذية، والابتعاد عنها ما أمكن، والتحصين بالأدوية والأمصال الوقائية، وعدم مجاورة المرضى الذين قد أصيبوا بهذا المرض العام حتى لا تنتقل إليهم العدوى بمجاورتهم من جنس هذه الأمراض المنتشرة، بل أكدت أن ذلك كله ينبغي أن يكونَ مع التسليم لله تعالى والرضا بقضائه.

وأكدت دار الإفتاء المصرية أن هذه الأمور من كوارث طبيعية وأوبئة تعتبر من الأعذار الشرعيَّة التي تبيح تجنب المواطنين حضور صلاة الجماعة والجمعة في المساجد والصلاة في بيوتهم أو أماكنهم التي يوجدون بها كرخصة شرعية وكإجراء احترازي للحد من تعرض الناس للمخاطر وانتشار الأمراض، خاصة كبار السن والأطفال.

وشددت دار الإفتاء على حرمة وجود من أصيب بمرض معد أو يشتبه بإصابته في الأماكن والمواصلات العامة، بل والذهاب في هذه الحالة إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة؛ لما تقرر في القواعد أن الضرر يزال، مع ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات الصحية والوقائية التي تقررها وزارة الصحة والمؤسسات المعنية؛ لأنها من الواجبات الدينية، حيث أعطى الشرع الشريف لولي الأمر والجهات المختصة الحق في التصرف في شئون الرعية بما فيه مصلحتهم. ونسأل الله تعالى السلامة والعافية لبلدنا وللإنسانية جميعًا.

طباعة شارك هل تقبل صلاة الجمعة فى البيت بسبب المطر الشديد صلاة الجمعة صلاة الجمعة في البيت

مقالات مشابهة

  • حكم الوضوء بماء المطر.. يجوز بشرط واحد
  • ما حكم الوضوء بماء المطر وفضله؟.. الإفتاء توضح
  • حكم مشاركة المرأة الحائض في الغسل ودفن والدتها.. الإفتاء تجيب
  • أدعية جامعة للشفاء ورفع الابتلاء.. كلمات لرحمة وسكينة للمريض
  • هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
  • هل تقبل صلاة الجمعة في البيت بسبب المطر الشديد؟.. الإفتاء ترد
  • الإفتاء توضح ساعة استجابة الدعاء يوم الجمعة
  • فتاوى | حكم إسناد سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء .. الإفتاء تجيب .. لو عاوز تحلم بحد مات تعمل إيه؟ داعية إسلامى يوضح الطريقة .. كيف نطفئ نيران ذنوبنا؟ اتبع هذا العلاج النبوي
  • حكم إسناد سبب نزول المطر إلى كثرة البحار والأنواء.. الإفتاء تجيب
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه