مدير مكتبة الإسكندرية يفتتح ندوة تحديات العلوم الاجتماعية في الوطن العربي
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
أفتتح الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، اليوم، ندوة تحديات العلوم الاجتماعية في الوطن العربي: آفاق التحول ورؤى مستقبلية، والتي نظمتها المكتبة لمناقشة مستقبل العلوم الاجتماعية، وشارك فيها مجموعة من الأساتذة والخبراء في مجال علم الاجتماع من الوطن العربي ومن جامعات القاهرة والإسكندرية.
وطرح الدكتور أحمد زايد عددًا من القضايا والتحديات التي تواجه مستقبل علم الاجتماع في الوطن العربي، ومنها إشكالية تمركز علم الاجتماع حول النظرية الأوروبية، وضرورة مواكبة علم الاجتماع للتغيرات العالمية والعولمة والتقدم التكنولوجي وتدفقات الأفكار والأجندات.
وأكد زايد على أهمية إعادة النظر في العلاقة بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية لتكون علاقة تعاون، كما أشار إلى أهمية دور علم الاجتماع في ظل الأزمات الطارئة كجائحة كوفيد - 19، إلى جانب دوره في دراسة المشكلات الاجتماعية التي أصبحت عابرة للقارات. كما لفت إلى وجود مشكلات ثقافية وأخلاقية تنشأ عن تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
وطرح زايد تساؤلا حول أسباب غياب الريف في بحوث الاجتماع، فالمجتمعات الريفية تشهد تغيرات كبيرة لم يتطرق لها الباحثون. كما أشار إلى أن علم الاجتماع يجب أن يلتفت إلى التغيرات الحالية التي تطرأ على شكل الطبقات الاجتماعية والحدود بينها. وتحدث زايد عن كيفية اختيار المشكلات البحثية وهل هي تدرس المجتمع بالفعل؟ كما أكد أن مناهج البحث تحتاج إلى تطوير.
وأضاف مدير مكتبة الإسكندرية، أهمية أن يكون الباحث في علم الاجتماع على وعي ومثقف بالعلوم الأخرى خاصة الفلسفة مُؤكدًا أهمية أن نوسع رؤيتنا نحو الأشياء، فنحن نعاني من علاقتنا بالعلوم الأخرى، لافتا إلى أن هناك نظرة دونية للعلوم الاجتماعية من قادة الفكر في العالم العربي.
وجاءت الجلسة الأولى للندوة بعنوان "آفاق التحول في العلوم الاجتماعية"، تحدث فيها الأستاذ الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور هاني خميس عبده، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأدار الجلسة الدكتور جيلالي المستاري.
وتحدث الدكتور سعيد المصري عن "مستقبل العلوم الاجتماعية بين التحديات والفرص"، لافتا إلى وجود غايات تسعى إليها العلوم الاجتماعية في العالم العربي، وهي المعرفة الدقيقة حول السلوك الاجتماعي والكيفية التي يتشكل بها المجتمع وكيف يتغير، واكتساب القدرة على التحرر من القيود الاجتماعية وصور الاستغلال والظلم الاجتماعي، ودعم السياسات العامة وعمليات اتخاذ القرار بشأن إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية، وتشكيل الوعي المجتمعي لتمكين الناس من القدرة على تحسين أساليب حياتهم بإرادتهم.
ولفت إلى وجود ممارسات وأنماط معرفية في ضوء هذه الغايات وهي الممارسة الأكاديمية التي تختص بمعرفة منظمة ومنهجية ولغة علمية رصينة وهي موجهة أساسا لجمهور العلماء وتنتج في الجامعات ومراكز البحوث الفكر، والممارسة النقدية التي تهتم بفهم الظواهر الاجتماعية وتوجه لجمهور الناشطين في المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، والممارسة التطبيقية التي تركز على تقديم المشورة العلمية العاجلة حول اقتراح سياسات وصور وتدخلات تفيد في حل المشكلات المجتمعية وتوجه المشورة للمسئولين في الحكومة والسلطة ومنظومة عملية اتخاذ القرار، والممارسة التنويرية التي تهتم بقضايا الوعي الاجتماعي وتنمية البشر وتوجه للجمهور العام من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والمجتمع المدني.
وتحدث المصري عن بعض أوجه الخلل في العلوم الاجتماعية ومنها التباس البنية المؤسسية لتعليم العلوم الاجتماعية بين نمطي إنتاج المعرفة الأكاديمية وإنتاج المعرفة لحل المشكلات المجتمعية، والقصور في تعليم العلوم الاجتماعية وضعف مستوى التأهيل في الدراسات العليا ونقص الاعتمادات في الموازنة المخصصة للبعثات الدراسة، واتساع الفجوة بين العرض والطلب حيث يتم تخريج أعداد هائلة سنويا بشهادات جامعية لا تؤهلهم لمتطلبات سوق العمل المتغيرة، وذلك إلى جانب تفاوت الحضور الأكاديمي فيما بين التخصصات المختلفة، وضعف الحضور المحلي في الشأن السياسي والاجتماعي، وضعف الحضور المعرفي العربي دوليا، والحواجز اللغوية للتراكم المعرفي.
ولفت الدكتور سعيد المصري إلى عدد من الفرص أمام علم الاجتماع منها وجود بنية تكنولوجية رقمية وقواعد بيانات دولية تتيح فرص الوصول إلى المعرفة المتخصصة في العلوم الاجتماعية بلغات مختلفة، واتساع فرص التعاون الدولي لوجود مؤسسات دولية وإقليمية مانحة تساعد في تمويل التدريب والبحوث، ووجود طلب سياسي على العلوم الاجتماعية نظرا لأن المشكلات المجتمعية الراهنة تستوجب توظيف العلوم الاجتماعية بصورة أكثر فعالية لمواجهتها.
وأكد المصري على ضرورة وضع عدد من الأولويات في مجال العلوم الاجتماعية، ومنها أولويات أكاديمية ككسر العزلة الاجتماعية والتجاوب مع الهموم والتحديات والطموحات المجتمعية وتأصيل الوظيفة النقدية للعلوم الاجتماعية، وأولويات فكرية كالنظر في إشكالية العلاقة بين الدولة العربية والمجتمع والنظر في التراث الثقافي وإعادة النظر في علاقة السكان بالموارد.
وألقى الدكتور هاني خميس عبده كلمة بعنوان "البحوث البينية في علم الاجتماع وتقدم المجتمعات الإنسانية خلال الألفية الجديدة: تجارب عملية وخيارات مستقبلية"، تحدث فيها عن نزعة الانقسام والتخصص داخل العلوم الاجتماعية، والملامح المنهجية للبحوث البينية، وأهميتها، إلى جانب تقديم نماذج عملية من البحوث البينية.
وأشار إلى أن الانقسام القائم بين العلوم الاجتماعية مبالغا فيه، فتلك التقسيمات والحدود صناعية، لأن تلك العلوم تدرس الشيء نفسه وبالتحديد المجتمع، لافتا إلى أن علم الاجتماع بوصفه علم المجتمع لا يمكن أن ينعزل عن بقية العلوم الأخرى، مثل علم النفس والفلسفة والتاريخ والاقتصاد، لأجل التوصل إلى استنتاجات حول واقع المجتمع وكلية العلاقات الاجتماعية وفهم البناء الاجتماع في شموليته.
ولفت إلى أن البحوث البينية تعمل على دمج الرؤى والأفكار عن المشكلة محل الاهتمام المشترك من أجل الوصول إلى فهم أكثر شمولية وحلا علميا، مُؤكدًا على أن البحوث البينية تساهم في مواجهة وحل المشكلات المجتمعية والتحديات المحلية والإقليمية والعالمية، وتوفير المعلومات لصانعي القرار الذين يحتاجون بصورة متزايدة إلى المعلومات.
وتحدث عن بعض المبادرات الدولية في مجال البحوث البينية ومنها التكنولوجيا الحيوية حيث يشكل هذا التخصص مجالًا بحثيًا جديدًا يعتمد على تكامل عدد من العلوم الطبيعية، وتكنولوجيا المعلومات ويعتمد على العلوم التكنولوجية والطبيعية وكذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية، وعلم الاجتماع الرقمي.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "تحديات البحث في العلوم الاجتماعية في العالم العربي"، تحدث فيها الدكتور الجيلالي المستاري، الأستاذ في مركز البحث الانثروبولوجي والاجتماعي في الجزائر والدكتور عبد الوهاب بلغراس، أستاذ علم الاجتماع بوهران في المغرب، والدكتور أحمد موسى بدوي، المركز العربي للعلوم الاجتماعية، وترأس الجلسة الدكتور خالد عبد الفتاح.
وقال الدكتور خالد عبد الفتاح إن التكنولوجيا الحديثة لها انعكاسات سلبية كبيرة على المجتمعات العربية خاصة فيما يتعلق برأس المال المجتمعي مُوضحًا أن علماء الاجتماع في مصر قصروا في إعادة قراءة التاريخ في المجتمع المصري خاصة في فترة ما بعد عام 1952مُؤكد أهمية دراسة الظواهر الاجتماعية في مصر بشكل موضوعي ومعمق، لكي نقف على التغيرات التي حدثت للمجتمع.
وتحدث الدكتور الجيلالي المستاري عن تحديات إنتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية في الجزائر خاصة بعد الاستقلال، لافتًا إلى أن ثنائية اللغة تمثل التحدي الأول، فيما تتعلق التحديات الأخرى بكثرة المعاهد المتخصصة في الدراسات الاجتماعية في مقابل اختلاف الدراسات من جيل لآخر.
بدوره، قدم الدكتور عبد الوهاب بلغراس، ورقة بحثية بعنوان بحث ظواهر التدين في المجتمعات العربية وتساءل عن كيفية الخروج من الدراسات فيما هو ديني إلى ما هو اجتماعي، لافتًا إلى أن دراسة ظاهرة التصوف أمر ضروري وليس شرطا أن يدرس هذه الظاهره من يعتنقون الفكر المتصوف.
من جانبه تحدث الدكتور أحمد موسى بدوي عن دراسة الظواهر الحديثة وتأثير تطورات التكنولوجيا على المجتمعات مؤكدا ضرورة أن تكون هناك دراسات مخصصة لبحث تأثير التكنولوجيا الحديثة على المجتمعات العربية، لافتًا إلى أن هناك قصورا في هذا المبحث.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الوطن العربي مكتبة الإسكندرية جائحة كوفيد 19 تحديات العلوم الاجتماعية العلوم الاجتماعیة فی فی العلوم الاجتماعیة المشکلات المجتمعیة البحوث البینیة الدکتور أحمد علم الاجتماع الوطن العربی الاجتماع فی ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
«تنمية المجتمع» تطلق «أثر» لتمكين المبادرات الاجتماعية في أبوظبي
أبوظبي (الاتحاد)
في خطوة نوعية لتعزيز التغيير الذي يقوده المجتمع، أعلنت هيئة المساهمات المجتمعية - معاً، التابعة لدائرة تنمية المجتمع، التي تعد القناة الرسمية لحكومة أبوظبي المعنية بتلقي المساهمات المجتمعية، عن إطلاق “أثر+” (أثر بلس)، أول مركز متخصص بتسريع الأثر الاجتماعي في أبوظبي.
يأتي هذا الإطلاق تحت مبادرة «من المجتمع للمجتمع»، التي أطلقتها الهيئة لتعزيز المشاركة المجتمعية بالتزامن مع عام المجتمع، ليشكل مركزاً متخصصاً يجمع الشركات الاجتماعية ومؤسسات النفع العام وصناع الأثر، ضمن منظومة متكاملة للتعاون وريادة الأعمال الاجتماعية.
يندرج «أثر+» كأحد المبادرات المجتمعية التابعة لهيئة معاً، ويتم تمويله بمساهمات مجتمعية، وصمم لتمكين الجهات ذات الأثر الاجتماعي من النمو والازدهار.
ويوفر المركز مساحات عمل مخصصة، وإرشاداً من الخبراء، وخدمات مهنية احترافية، وبرامج نمو مصممة خصيصاً - تهدف جميعها إلى دعم الشركات الاجتماعية ومؤسسات النفع العام، في توسيع نطاق مهامها وتعزيز أثرها الإيجابي في جميع أنحاء أبوظبي. يعد «أثر+» بمثابة حافز للتعاون وتمكين ريادة الأعمال الاجتماعية، حيث يقع المركز في «مدار_39» ويوفر لصناع الأثر الاجتماعي مساحة حيوية لتطوير الحلول، وتبادل المعرفة، والحصول على الموارد التي يحتاجون إليها لبناء مستقبل أكثر شمولية ومرونة.
الأثر الإيجابي
وبهذه المناسبة، أكد معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، أن هيئة المساهمات المجتمعية - معاً، تواصل خلال «عام المجتمع» إطلاق المبادرات النوعية التي تستهدف الشركاء، وتخلق بيئة ممكنة لهم، مما يسهم في دعم تحقيق الأثر الإيجابي المستدام لمجتمع إمارة أبوظبي، كما إن إطلاق هيئة معاً - «أثر بلس» - يؤكد مساعي القطاع الاجتماعي إلى تطوير منظومة محفزة لمؤسسات القطاع الثالث، بما فيها مؤسسات النفع العام والشركات الاجتماعية؛ وهي مؤسسات جاءت من المجتمع لخدمة المجتمع، حيث سيستفيد من هذه المنصة أكثر من 150 مؤسسة قطاع ثالث، تقدم خدمات وبرامج ومبادرات نوعية إلى أفراد مجتمعنا.
وأضاف الخييلي: لن ندخر جهداً لتعزيز مكانة أبوظبي مدينة ممكنة لكافة المؤسسات، التي تعمل بكل إخلاص لخدمة أفراد المجتمع وإيجاد الحلول المبتكرة والفاعلة لكافة التحديات الاجتماعية.
وفي هذا السياق، قال عبدالله حميد العامري، المدير العام لهيئة المساهمات المجتمعية - معاً: «يأتي مركز (أثر+) كخطوة استراتيجية ضمن جهود هيئة المساهمات المجتمعية - معاً لتمكين القطاع الثالث الحيوي، وتعزيز ريادة الأعمال الاجتماعية، وترسيخ منظومة متكاملة لدعم هذا القطاع. ويهدف المركز إلى تسريع نمو مؤسسات النفع العام والشركات والمبادرات ذات الهدف الاجتماعي من خلال بناء القدرات، والإرشاد المتخصص، وتعزيز فرص التعاون والربط مع الجهات الداعمة، بما يسهم في معالجة الأولويات الاجتماعية في أبوظبي وبناء مجتمع أكثر تماسكاً وشمولاً».
المجتمع
من خلال ما يقدمه «أثر+» من ورش عمل لبناء القدرات، وفعاليات التواصل، وجلسات استشارية فردية، وخيارات العضوية المرنة، يرسخ المركز التزام هيئة معاً الراسخ بربط المجتمع، وتمكين القطاع الاجتماعي. ويعزز إطلاق «أثر+» مكانة إمارة أبوظبي وجهة إقليمية رائدة في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية، ويعكس رؤية «الهيئة» الأوسع في ترسيخ ثقافة العطاء والمشاركة، وتحقيق التقدم الاجتماعي الملموس.