نشر موقع "ذي انترسيبت" تقريرا عن الحالات النفسية العصيبة التي بات عليها عدد من الأشخاص، منهم سميرة، التي أصبحت تعيش في ظل قلق مستمر، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إثر مشاهدة أخبار قطاع غزة، وما تلاه من مشاهد ركام، جعلها تشعر بالحزن والشلل والخوف على مصير 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع الساحلي المحاصر.

 

وأضاف التقرير، الذي أنجزته الصحفية، داليا حتوقة، أن: "هذه الأم الفلسطينية الفرنسية والتي تعيش في باريس، رغم أنها توقعت أن يتردد صدى حرب غزة في مختلف أنحاء العالم، كما فعلت الحروب السابقة، فإنها لم تتوقع أن تؤثر هذه الحرب عليها شخصيا".

وقالت سميرة، التي طلبت من موقع "إنترسبت" عدم استخدام اسمها الحقيقي خوفا من الانتقام: "أنا خائفة على أبنائي، لذلك اخذهم دائما إلى المدرسة، وأعيدهم بنفسي منها، على الرغم من أنهما في سن المراهقة، أخشى أن تسير الأمور من سيئ إلى أسوأ".

وقالت سميرة إن "ابنها تعرض للضرب واتُهم بأنه مدافع عن الإرهاب؛ في المدرسة، بسبب حديثه عن عدد الشهداء الفلسطينيين وحصار الاحتلال الإسرائيلي لغزة".

بعد عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ تدفق مئات الآلاف إلى الشوارع في مختلف أنحاء العالم، للاحتجاج على رد الاحتلال الإسرائيلي الانتقامي في غزة.

ازدواجية المعايير
مع تزايد حدة الهجوم المضاد والمظاهرات، حظرت فرنسا المسيرات والوقفات الاحتجاجية لدعم الفلسطينيين. بل إن السلطات الفرنسية ذهبت إلى حد فرض غرامات على الأشخاص الذين يرتدون الكوفية. ومع ذلك، سُمح بتنظيم مسيرات تضامنية مع إسرائيل في باريس، بحسب الصحيفة.

يشعر مزدوجو الجنسية مثل سميرة، التي تحمل الجنسية الفرنسية وأوراق سفر السلطة الفلسطينية، بالإحباط مما يعتبرونه نفاقا عالميا يتمثل في الادعاء بالدفاع عن نظام عالمي ليبرالي مع إسكات الفلسطينيين..

بدورهم، قال عدد من الأشخاص من أصل فلسطيني، حول العالم، إلى موقع "انترسبت" معبرين عن شعورهم بـ"الظلم من إسكاتهم، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، مما يجعلهم خائفين من التحدث عن محنة مواطنيهم الفلسطينيين في غزة، أو عرض الرموز الوطنية الفلسطينية مثل الأعلام، أو حتى للتظاهر سلميا"؛ مشيرين إلى أن الحرب على غزة "تضع مرة أخرى اختبارا لما طالما اعتبرته الدول الغربية مبدأ أساسيا في مجتمعاتها: الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير".


وفرنسا هي واحدة من عدة دول أوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا، حيث تم تكثيف الإجراءات لإسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين. وفي برلين، قامت الشرطة، في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، باعتقالات واسعة النطاق لأشخاص شاركوا في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين. ومثل فرنسا، أصدرت ألمانيا حظرا على الاحتجاج لا ينطبق على أولئك الذين يتظاهرون دعما لإسرائيل.

في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، حضر حوالي 10,000 شخص مسيرة من أجل إسرائيل دعمتها الأحزاب السياسية الرئيسية. أقيم هذا الحدث أمام بوابة براندنبورغ الشهيرة في برلين، وحضره الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير. وفي مكان قريب، واجه تجمع أصغر بكثير، حيث لوح الناس بالأعلام الفلسطينية، حملة قمع من قبل شرطة مكافحة الشغب.

وقالت الناشطة الحقوقية والباحثة الفلسطينية في العاصمة الألمانية، مروة فطافطة: "أخشى أن أعلق العلم الفلسطيني على شرفة منزلي، لأن ذلك سوف يجعلني هدفا؛ أن يكون لديك هذا الشعور في بلد ترى فيه الأعلام الأوكرانية من كل مبنى رسمي وتجاري، ومنازل الناس وشرفاتهم، إنها رسالة مفادها أنك غير مرحب بك هنا، وأن إنسانيتك غير معترف بها".

وأوضحت فطافطة، أن العديد من الأشخاص، بما فيهم هي نفسها، شعروا بالتوتر بشأن التحدث علنا أو إجراء نقاشات عامة مع ارتفاع عدد القتلى في غزة كل يوم، مردفة: "إنها المكارثية في أنقى معانيها".

القمع في أوروبا
وتشعر سميرة أنه لا مكان لها ولآرائها بشأن فلسطين في فرنسا، بالقول: "الأمر واضح: نحن نتحدث لغات مختلفة، ونشعر وكأننا في غير مكاننا هنا؛ تماما كما وصف إدوارد سعيد، ما عاشه أثناء احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، عندما كان يعيش في نيويورك".

وتوضح الصحيفة أن في فرنسا، التي تعتبر موطن أكبر عدد من السكان اليهود في أوروبا، كانت السلطات واضحة في دعمها لإسرائيل. وسرعان ما أدان الرئيس، إيمانويل ماكرون، حركة حماس في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، بل وقام بزيارة إلى إسرائيل، حيث التقى برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مشددا على أن "البلدين يعتبران الإرهاب، بمثابة عدو مشترك"، ومقترحا في الوقت نفسه "توسيع مهمة التحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم الدولة في العراق وسوريا حتى تتمكن القوات من محاربة حماس في غزة".


وقالت سميرة: "إسكات الفلسطينيين لم يبدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بل لقد كان مستمرا، لنأخذ على سبيل المثال صلاح الحموري، وهو فلسطيني فرنسي تم ترحيله من إسرائيل إلى فرنسا".

تجدر الإشارة إلى أن حموري، هو محام وسجين سياسي سابق في إسرائيل، تم نفيه من مسقط رأسه في القدس، من قبل السلطات الإسرائيلية في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بسبب جرائم أمنية مزعومة ضد الدولة وعلاقاته بجماعة مسلحة محظورة. وفي فرنسا، ألغيت عدة مؤتمرات كان من المفترض أن يشارك فيها، بعضها بعد أن اعتبرتها الشرطة تهديدا للنظام العام.

وفي برلين، التي بات موطن ما يقدر بنحو 30 ألف فلسطيني، تعرض الأشخاص الذين يرتدون الكوفية أو يرفعون العلم الفلسطيني للمضايقة والاعتقال. وقد مُنحت المدارس الإذن بحظر الكوفية، أو الملصقات التي تقول "فلسطين حرة"، أو خرائط فلسطين التاريخية. وفي إحدى الحالات، قام ضباط الشرطة بدهس وقفة احتجاجية على ضوء الشموع بأحذيتهم، حسبما أظهر مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت فطافطة: "العنصرية ضد الفلسطينيين مفعلة في الوقت الحالي.. الدولة تقمع كل تعبير واحتجاج وكل خطاب فلسطيني؛ على مدى الأسبوعين الماضيين، كان هناك تواجد مكثف للشرطة في الأحياء والشوارع العربية لترهيب الناس وإسكات أي إشارة عامة للتضامن مع فلسطين".


وقالت منظمة العفو الدولية في بيان صدر في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن "الدول لديها التزام قانوني بضمان قدرة الناس على التعبير سلميا عن حزنهم ومخاوفهم وتضامنهم".

في الولايات المتحدة الأمريكية
وتفجرت التوترات بشأن الحرب على غزة أيضا في الولايات المتحدة، حيث يقول العديد من الفلسطينيين إنهم تعرضوا للتشهير والإسكات، سواء عبر الإنترنت أو خارجه. فيما أعرب البعض عن مشاعر الغضب والحزن والألم، بينما يقول فلسطينيون آخرون في الولايات المتحدة إن هناك شعورا بالتخلي عنهم.

وقال يوسف مناير، الذي يقود برنامج فلسطين-إسرائيل في المركز العربي بواشنطن العاصمة: "إنهم مضطرون للتعامل مع مجتمع وحكومة هنا في الولايات المتحدة، تقوم فقط بجعل الأمور أسوأ، ليس فقط من خلال سياستهم الخارجية ولكن أيضا في تجاهلهم الكامل لسلامة المجتمعات هنا وخاصة من خلال استخدام اللغة التي تنزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين والتي ساهمت في العنف ضدهم".

وفي 14 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تعرض طفل أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات للطعن حتى الموت، وأصيبت والدته بجروح خطيرة في هجوم شنه مالك المنزل في منطقة شيكاغو. بينما أرجعت السلطات حادث القتل إلى كون الأم والطفل مسلمين، وقالت إن الحادث مرتبط بحرب غزة. الطفل وديع الفيومي تعرض للطعن 26 مرة.

إلى ذلك، قال الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الأمريكية الآسيوية بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، نور جودة: "لقد امتد تحريض الحكومة الأمريكية من الشيكات المفتوحة لجرائم الحرب الإسرائيلية الآن إلى الهجمات على الفلسطينيين والمسلمين، من القتل الوحشي لطفل يبلغ من العمر ست سنوات في شيكاغو إلى القصص المستمرة غير المبلغ عنها من التهديدات في كل منعطف من الحياة اليومية، لا يوجد شعور بالأمان في أي مكان".

من جهتها، أكدت المديرة التنفيذية لمركز الجالية الفلسطينية الأمريكية، وهي مجموعة مناصرة في نيوجيرسي، رانيا مصطفى، "إن هناك زيادة في الخطاب المناهض للعرب والمسلمين والفلسطينيين في وسائل الإعلام، وفي الكابيتول هيل، وفي جميع أنحاء البلاد"، ملقية اللوم إلى حد كبير على "خطاب السياسيين ووسائل الإعلام والثقافة الأمريكية الذي يعزز ويشجع نزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين".

وتابعت: "الشعور العام هنا هو أن الحياة الإسرائيلية أهم من حياة الفلسطينيين، في جميع النواحي، سواء كان ذلك في المساعدات التي ترسلها الولايات المتحدة، أو عدم وجود سياسيين يدعون إلى وقف إطلاق النار، أو الفشل في إخراج المواطنين الأمريكيين من غزة، ويشعر الكثير من الناس بالأذى والتخلي عنهم".

نشر المعلومات الشخصية والاستهداف والإسكات
ولطالما دعمت الولايات المتحدة إسرائيل دبلوماسيا وعسكريا وماليا، وواصلت واشنطن هذا الدعم حتى مع قول بعض جماعات حقوق الإنسان إن الوضع الراهن في أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة، يشكل جريمة فصل عنصري دولي.


ودعا العديد من السياسيين إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الفلسطينيين في غزة. وقال النائب الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي جراهام، لشبكة "فوكس نيوز": "تسوية المكان، ستبدو غزة مثل طوكيو وبرلين في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما تنتهي هذه الحرب، وإذا لم يبدو الأمر على هذا النحو، فقد ارتكبت إسرائيل خطأ".

وقالت رانيا مصطفى إنها، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تتلقى مكالمات هاتفية من أمريكيين فلسطينيين تحدثوا عن غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن رؤسائهم اتصلوا بهم وطلبوا منهم التوقف.

وقالت: "إن الفلسطينيين يتعرضون إلى نشر معلوماتهم الشخصية والاستهداف والإسكات، كل يوم، يتلقى مركز المجتمع مكالمات من أفراد المجتمع الذين يشعرون أنهم مستهدفون، سواء كان ذلك على المستوى المهني أو العام أو في المدرسة أو بشكل خاص في دوائرهم الاجتماعية الخاصة، أو التحدث في الجامعة ومن ثم التهديد بسحب منحهم وفصلهم من الجامعة".

وفي حرم الجامعات الأمريكية، تم خنق حرية التعبير للطلاب، وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر، ألغت شركة محاماة نخبوية عروض عمل لثلاثة طلاب من جامعتي هارفارد وكولومبيا الذين ارتبطوا برسائل تحمل إسرائيل مسؤولية هجمات حماس؛ ووجهت لجنة التضامن مع فلسطين في كلية هارفارد وأكثر من 30 مجموعة طلابية أخرى رسالة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر تحمل فيها إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن جميع أعمال العنف التي تتكشف".


أثارت الرسالة رد فعل عنيفا شمل تهديدات من قبل الجهات المانحة لوقف تمويل المدارس، بينما واجه بعض الطلاب هجمات نشر المعلومات؛ وردت مجموعة محافظة بعرض وجوه بعض الموقعين رقميا على شاحنات إعلانية في جميع أنحاء منطقة بوسطن.

يقول العديد من الأمريكيين الفلسطينيين إنهم يشعرون بأن بلادهم تخلت عنهم تماما ويخشون تصاعد المشاعر المعادية للفلسطينيين وكراهية الإسلام؛ فيما يشير البعض إلى افتقار الجمهور إلى التعاطف، ويقول آخرون إن سياق الصراع غائب عن الخطاب السائد في وسائل الإعلام الرئيسية.

وقالت الأستاذة بجامعة كاليفورنيا، نور جودة: "من الصعب وصف مستوى التنافر المعرفي واللغة غير الإنسانية من وسائل الإعلام الرئيسية والحكومة الأمريكية التي تحيط بنا جميعا الآن، إنه أمر خانق ومحبط".

وأكدت: "نحس أنه من غير المناسب، على الرغم من حزننا، أن نتحدث عن تجربتنا في الشتات حيث نستمع إلى القنابل تسقط خلف الأصوات بينما يشعرون بأن الأرض تهتز تحتهم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة فلسطيني فرنسا فلسطين فرنسا غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة الفلسطینیین فی أکتوبر الماضی وسائل الإعلام تشرین الأول العدید من فی غزة

إقرأ أيضاً:

أوروبا تشن جام غضبها علي إسرائيل

بسبب حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان المحتل على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة والضفة، وبسبب سياسة التجويع والتدمير والإذلال وغيرها من الممارسات الوحشية التي لم يتعرض لها شعب على هذا النحو من قبل، شهدت الأشهر والأيام الأخيرة تحولا لافتا في مواقف الدول الأوروبية التي كانت داعمة تاريخياً لإسرائيل، وقد أتى هذا التحول والغضب والاستنكار من جانب دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول بسبب ضغط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني، الطلبة، الكتاب، الأدباء، وقادة الأحزاب على قادة وحكومات دول أوروبا، وكل شعوب العالم الحر التي اشمأزت من قتل حكومة نتنياهو ومتطرفيه ومستوطنيه لأكثر من ستين ألفا من الفلسطينيين، وغالبيتهم من الأطفال، النساء، الشيوخ، والمرضى، وإصابة أكثر من مائة وستين ألف فلسطيني، واتباع إسرائيل سياسة التجويع والمطاردة، مع إيقاف واستهداف الكيان المحتل للمنظمات الأممية كالأونروا التي كانت تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية لأبناء غزة، إضافة إلى ذلك الزيارة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى مصر والتي شاهد خلالها مع الرئيس السيسي المرضى والمصابين من أبناء غزة في مستشفى العريش، ما جعل أكثر من ٢٢ دولة أوروبية من إجمالي ٢٧ دولة تشكل الاتحاد الأوروبي على رأسها فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، هولاندا، ومالطا بالإضافة إلى بريطانيا، تدرس إمكانية تغيير اتفاقات الشراكة التجارية مع الكيان المحتل، لمخالفة الأخير البند الثاني من تلك الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، والمتعلق بانتهاك الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي المعايير التي تنطبق على إسرائيل وتعمل على إلغاء تلك الشراكة، وقد خرجت مؤخراً أصوات الكتاب والأدباء في أوروبا تطالب إسرائيل بوقف الحرب، ففي بريطانيا وأيرلندا وقع أكثر من مائة وثمانين أديباً على عريضة يصفون فيها ما يحدث من إسرائيل باعتباره إبادة جماعية، ويدعون قادة أوروبا إلى أن يفعلوا شيئاً ضد إسرائيل بدلاً من الاستنكار والاستهجان، وحتى لا تتهم أوروبا فيما بعد بالتزام الحياد والصمت، أي بمشاركتها مع إسرائيل في مجازر غزة.

وفي فرنسا أيضاً قدم العديد من الأدباء والفنانين مقالا جماعيا إلى جريدة "ليبراسيون" الفرنسية يطالبون فيه الكيان الصهيوني بوقف حرب الإبادة الجماعية، ويطالبون قادتهم بفرض عقوبات صارمة علي إسرائيل، وبوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، وإجبار إسرائيل على ترك المنظمات لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وبعدم التعرض للمنظمات الأممية التي تقوم بمهامها الإنسانية هناك، ومن المتوقع خلال شهر يونيو الحالي باعتراف أكثر من دولة أوروبية بالدولة الفلسطينية، وبهذا يكون قد حدث تراجع في الرأي العام الأوروبي الذي كان متعاطفا مع إسرائيل، ووصل هذا التراجع إلى حد الانتقاد والمطالبة بتوقيع العقوبات على إسرائيل لرفضها غير المبرر لوقف إطلاق النار، ولرفض حكومة نتنياهو ومتطرفيه الانخراط في عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، وفي هذا الصدد يصف الخبراء والمحللون بأن هذا التغير لا يعد تحولا استراتيجيا قوياً، إلا أنه يعد تحولا تدريجياً سلبيا في المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل، فألمانيا الداعمة تاريخياً لإسرائيل تلوح بقطع إمدادها بالسلاح، وقد صرح المستشار الألماني "فريدرش ميرتس" بأنه لم يعد قادراً على تحقيق مطالب إسرائيل بسبب أفعالها المشينة، وبالنسبة للموقف الهولندي الذي كان منحازا تاريخيا مع إسرائيل، طالبت الخارجية الهولندية دول الاتحاد الأوروبي بإعادة بحث الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل، هذا إضافة إلى تغيير الكثير من مواقف الدول الكبرى مثل كندا واستراليا، واختلاف المواقف مؤخراً بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونتنياهو لغضب أمريكا من مواقف وسلوكيات إسرائيل في غزة والمنطقة، ما جعل إسرائيل تعيش في عزلة دولية، ومع كل تلك الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها ولن ينساها التاريخ، هل سيستجيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغط الأوروبي الذي يمكن أن يؤثر على اقتصاد بلاده المتراجع منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وينخرط نحو وقف إطلاق النار والخروج من غزة، أم أنه سيواصل تعنته متجاهلا كل تلك المواقف الدولية ومضحيا بمصالح إسرائيل من أجل مصالحه الشخصية؟ وهل أوروبا ستكون جادة هذه المرة في تحمل مسئولياتها التاريخية متخذة القرارات الجريئة التي تعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المشروعة؟

مقالات مشابهة

  • إطلاق منصة تعليمية إلكترونية متكاملة في تشرين الثاني
  • أوروبا تشن جام غضبها علي إسرائيل
  • في ذكرى ميلادها.. مارلين مونرو أسطورة الجمال التي هزّت هوليوود ورحلت في غموض
  • “الشؤون الإسلامية” تستقبل الفوج الأول من الحجاج ذوي الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين
  • مسؤولة أوروبية: الحب القاسي لترامب أفضل من عدمه
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • نهائي «أبطال أوروبا» يجذب اهتمام لاعبي «رولان جاروس»
  • إسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزة
  • ديوكوفيتش لن يشاهد نهائي «أبطال أوروبا»
  • إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله