هل انتهى الهجوم الأوكراني المضاد؟
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
ترى مجلة "إيكونومست" البريطانية في تقرير تحليلي أعدته حديثاً بأن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا رداً على العملية العسكرية الروسية في كييف التي بدأت في فبراير (شباط) 2022 اقترب من نهايته.
وتقول المجلة في تقريرها إن حرب أوكرانيا تقف الآن أمام طريق مسدود، فقد اعترف الجنرال فاليري زالوجني، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، بذلك بنفسه في مقابلة أجريت معه مؤخرا مع المجلة، حيث تلاشى الهجوم المضاد الذي طال انتظاره، والذي بدأ بجدية في 4 يونيو (حزيران)، مع القليل من المكاسب أو الخسائر الإقليمية على كلا الجانبين.
“Sooner or later we are going to find that we simply don’t have enough people to fight.”
Ukraine’s commander-in-chief admits the war with Russia is at a stalemate. Read his sobering assessment in our exclusive interview https://t.co/LceFlWtKT8 ????
تقول المجلة، إن الرسم البياني الأول الذي عرضه التقرير بشأن تعقب الحرب يستخدم بيانات الأقمار الصناعية لمراقبة النشاط المرتبط بها، كما يتتبع الحرائق التي اكتشفتها الشركات، وهو نظام أنشأته "ناسا" في الأصل للكشف عن حرائق الغابات. ثم يقدر نموذج التعلم الآلي أي منها ناتج عن الصراع (من المتفجرات، على سبيل المثال)، وهي طريقة يمكنها تتبع أنماط القتال بشكل منهجي.
وتشير المجلة إلى أن النموذج اختار بشكل صحيح العمليات في أواخر مايو (أيار) التي وضعت الأساس للهجوم اللاحق في يونيو (حزيران). وبحلول منتصف أغسطس (آب)، تم اكتشاف ما يقرب من ألف حريق مرتبط بالحرب يومياً، حيث شقت القوات الأوكرانية طريقها جنوباً نحو الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا في زابوريجيا أوبلاست، وفي النهاية حررت مدينتين في 28 أغسطس (آب). ومع ذلك، فقد اكتشف التقرير أنه منذ 13 أكتوبر (تشرين الأول) تم إرسال أقل من 300 ضربة في أيام كانت بها السماء صافية نسبياً، مما يشير إلى تباطؤ.
التغيّرات في الأراضيأما الرسم البياني الثاني، فيوضح بحسب التقرير، مقدار الأراضي التي تم تغييرها. فباستخدام خرائط محدثة بانتظام من معهد دراسات الحرب، وهو مركز أبحاث شهير، يمكن حساب مقدار الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا أو فقدتها منذ بداية الحرب في عام 2022.
وتستخدم خرائط المنظمة مصادر مفتوحة، مثل اللقطات وصور الأقمار الصناعية لتقييم مناطق السيطرة. وتظهر البيانات المكاسب الهائلة التي حققتها روسيا في الأيام الأولى من القتال، تليها خسائر كبيرة في الوقت الذي شنت فيه أوكرانيا دفاعها المثير للإعجاب. وخلال الهجوم المضاد لأوكرانيا في الخريف الماضي، خسرت روسيا 13% من الأراضي التي احتلتها. وبالمقارنة، لم يؤد الهجوم المضاد هذا العام إلى أي مكاسب دائمة تقريباً لأوكرانيا منذ 4 يونيو (حزيران).
Naval drones keep demilitarization of Russian fleet in Ukrainian Crimea. Tonight, they hit two invaders‘ landing ships. This beauty is possible thanks to the bravery of our soldiers & your donation via @U24_gov_ua. The Black Sea will be free of Russian ships. pic.twitter.com/FwJ6i2Nwml
— Mykhailo Fedorov (@FedorovMykhailo) November 10, 2023 أماكن القتالوأيضاً يعرض التقرير من خلال الخريطة أدناه الأماكن التي تتركز فيه العمليات القتالية في الوقت الراهن، إذ يشمل القتال المحور في الجنوب ونحو مدينة توكماك، والتي وصفها جنرال أوكراني بأنها "الهدف الأدنى" للهجوم.
ويقول مسؤولون أوكرانيون إنه نظراً لشن هجمات على وحدات صغيرة سيراً على الأقدام، بدلاً من توجيه ضربات مدرعة كبيرة، يمكنهم الاستمرار في الهجوم. لكن الذخيرة لا تزال تشكل عائقاً، ويشير انخفاض الحرائق إلى أن القذائف قد تصبح نادرة تماماً مع بدء تدفق القذائف الكورية الشمالية إلى روسيا على نطاق واسع.
معركة طويلةوهناك منطقة أخرى من القتال العنيف في أفدييفكا، بالقرب من مدينة دونيتسك، حيث تحاول القوات الروسية وتفشل في الاستيلاء على بلدة شديدة التحصين تحيط بها من ثلاث جهات. وهناك منطقة ثالثة للقتال تقع شرق مدينة خيرسون، حيث تمكنت القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة من إقامة رأس شاطئ على الجانب الجنوبي من دنيبرو، وهو انتصار تكتيكي مكنها من توجيه معدات ثقيلة عبر النهر.
“#Ukraine faces a long war. A change of course is needed.”
Análisis de la contraofensiva ucraniana y prospectiva de la guerra en #Ucrania, según The Economist. pic.twitter.com/sLc5CD8szG
ويحسب للأوكرانيين أنهم، في تحركهم ببطء، ربما تجنبوا الخسائر الهائلة التي تكبدتها القوات الروسية. إذ أظهر الأوكرانيون أنه، بدعم من الغرب، يمكنهم خوض معركة صعبة.
ويشير التقرير إلى أن هذه المعركة الصحبة مستمرة، لكن البيانات التي حصلت عليها المجلة تدل على أن أن الدفعة الكبيرة للهجوم المضاد قد انتهت، لكن الحرب لم تنته بعد.. يجب على شركاء أوكرانيا التخطيط لمعركة طويلة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية الهجوم المضاد
إقرأ أيضاً:
انتهى زمن الحرب الخاطفة.. أخبروا من لم يقرأ التاريخ
في كل مرة تُشعل فيها إسرائيل فتيل حرب في المنطقة تغرق في وهم استراتيجي قديم يعتقد أن الحروب الخاطفة لا تزال قادرة على إعادة تشكيل المعادلات الجيوسياسية. لكنّ الأيام الثلاثة الماضية أثبتت لإسرائيل، وللعالم، أن هذا التصور لم يعد له مكان في زمن التوازنات الدقيقة والردع المتبادل. اعتقد المخططون في تل أبيب أن الضربة العدوانية التي وجهت إلى إيران صباح الجمعة الماضية كانت ضربة حاسمة لن تستطيع إيران استيعابها سريعا، لكنّ الأمر تحول إلى ما يمكن أن يكون شرارة في طريقها لإشعال المنطقة برمتها وإدخال أطراف جديدة في الحرب في منطقة كانت على الدوام تعيش فوق برميل بارود يحاول الجميع إشعال فتيله في أي وقت.
وليست مغامرة إسرائيل معزولة عن السياق.. لقد سقطت من قبل رهانات عسكرية مماثلة في بيروت وغزة وبغداد وكابول. كان على إسرائيل أن تتعلم من تجاربها وتجارب التاريخ أن العدوان على دول ذات عمق حضاري واستراتيجي لا يولّد الخضوع، بل يستنفر كل أدوات الرد. في المقابل فإن الرد الإيراني الذي ما زال مستمرا يؤكد أن كلفة الحرب باتت خارج نطاق السيطرة ليس على إيران وحدها، بل حتى على من بدأ هذه الحرب أو يراهن عليها، ويبدو هذا الأمر واضحا للجميع، بما في ذلك حلفاء إسرائيل من دول الاتحاد الأوروبي.
وفي ظل هذا الانسداد العسكري والسياسي، لا تعود القوة إلى مَن يملك القذائف، بل إلى من يمتلك أدوات احتواء النار قبل أن تتحول إلى حريق إقليمي شامل.. وفي خضم هذا المشهد المتسع، ومع تفاقم أثمانه الجسيمة، تتمسك سلطنة عُمان بدورها كوسيط عقلاني، يرفض منطق الفراغ بين الانفجار والانكسار، تعمل على إعادة ترميم المساحات الرمادية بالدبلوماسية الأخلاقية، وتفتح النوافذ حين تُغلق الأبواب. ورغم أن بداية الحروب تميل عادة إلى استبعاد المنطق، تظل عُمان مؤمنة بأن الإنصات لا يزال ممكنا، وأن اللغة الهادئة لا تفقد تأثيرها إذا صيغت من موقع الأخلاق والمسؤولية.
تقود مسقط جهودا دبلوماسية نشطة لا تنقطع، مدفوعة بإيمان بأن كل نافذة تُفتح أمام الحوار، هي نافذة محتملة للسلام. وتتجه أنظار الجميع في العالم إلى مسقط على اعتبار أن لديها مسارات موثوقة من شأنها أن تقود إلى لحظة سلام ينتظرها الجميع.
لم يعد يُنظر إلى الدور العماني باعتباره تدخلا ثانويا، ولكنه تجسيد حي لفلسفة سياسية راسخة: السلام ليس حالة خمول، بل فعل مستمر بين المتخاصمين، يُراكم الممكن حين يبدو المستحيل هو اللغة الوحيدة السائدة.. ومن يراقب المسار العُماني، سيدرك أنه لا يقوم على مقايضات، بل على قناعة بأن أمن المنطقة لا يُبنى إلا على فهم أعمق لتوازنات المصالح، واحترام الأطراف لا تحجيمها.
وإذا كان هدف إسرائيل والغرب هو منع إيران من تطوير سلاح نووي، فإن الحرب لن تحقق ذلك.. بل إن ما جرى سيجعل إيران تتمسك بحقها في تطوير قدراتها النووية بحجة حماية نفسها من تكالب الجميع عليها. وإذا كانت إسرائيل تعتقد أن إضعاف إيران يمر عبر القصف، فإن ردّ طهران يقول عكس ذلك. أما الثمن، فيدفعه الجميع: من المدنيين في العمق الإيراني إلى المنشآت الحيوية في إسرائيل، ومن استقرار الخليج إلى خطوط الطاقة التي لا تتحمل مغامرات من هذا النوع.
وفي حين تزداد دعوات بعض الدوائر الأوروبية للتهدئة، لا بد من الاعتراف بأن سياسة الانحياز الأعمى ـ التي تمارسها بعض القوى الكبرى ـ لا تعزز الردع، بل تطيل أمد النزاع. فالمنطقة لا تحتاج إلى رعاة حرب، بل إلى رعاة عقل.
بهذا المعنى، فإن الخيار الوحيد الذي يمتلك منطقا وشرعية في هذه اللحظة، هو وقف فوري لإطلاق النار، وعودة متأنية إلى طاولة الحوار. والعقلانية التي يُنظر إليها أحيانا كضعف، هي في هذه اللحظة بالذات الشكل الأذكى من أشكال القوة.