يمن مونيتور:
2025-07-30@06:23:01 GMT

أهلاً بكم إلى “مقبرة الأطفال”… هنا غزة

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

أهلاً بكم إلى “مقبرة الأطفال”… هنا غزة

ولدنا، ونحن لا نعرف التفريق بين سوريا وفلسطين، وتبنينا تسمية “سوريا الكبرى”، لتظلّ فلسطين في موقع القلب من جغرافيتنا، وليظلّ عزّ الدين القسام الاسم الألمع في تاريخنا الحديث. لكن قبل التاريخ والجغرافيا كان الفلسطينيون بيننا، في كل قرية وبلدة ومخيم، وكان نصيبي منهم قبيلة من نبلاء الروح، أولهم ابن قريتي زميل المدرسة الابتدائية رشاد الكرمي ابن العائلة التي اشتُهرت عربياً في القرن الماضي، من خلال برنامج ثقافي في الراديو العربي، لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.

وفي مرحلة الدراسات العليا وضعتني الصدف، مع أرقّ، وأنبه فلسطيني عرفته، وهو فوزي الحاج صاحب النكتة اللمّاحة، والذكاء المتقد. كنت أظنّه مثلي لن ينفع في السلك الأكاديمي الذي يحتاج، إلى الكثير من الرصانة، وتصنّع الجدية، لكنه خيّب ظنّي، وصار أكاديمياً لامعاً بأبحاثه المبتكرة، وتمّ اختياره عميداً لكلية الآداب، في جامعة الأزهر في غزة.

أمّا الأديب الذي عرّفني على الروح الفلسطينية الحقيقية، فهو الكاتب الراحل أميل حبيبي صاحب رواية “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل”، وكنت قد انتقدته انتقاداً مرّاً، هو وسميح القاسم في مقالات لي بكتاب “عكس التيار… مشاغبات ثقافية معاصرة”، لكن ما إن عرّفني عليه الصديق المشترك، والمثقف المغربي الكبير محمد بن عيسى في منزله ذات صيف، في إحدى مهرجانات أصيلة، حتى تعانقنا كأصدقاء قدامى، وما لبث أن شدّني من يدي بعنف، وانتحينا عن زحام المثقفين جانباً، وسألني ضاحكاً: “بس بدي أعرف كيف عرفت أنو عندي مركب في حيفا”.

وكان هذا المركب في قلب الانتقادات التي كنا نوجهها لأميل حبيبي، وتقوم على فرضية أن الشيوعي بروليتاري معتر لا يملك شيئاً، وليس من المعقول أن يمتلك حماراً، فما بالك بقارب ضخم في  البحر الأبيض المتوسط!

وما زلت أضحك لليوم، وأنا أتذكر الطريقة التي وصف بها أميل حبيبي ذلك اليوم قاربه المُخلّع الصغير الذي بالكاد يشتغل، وبما فوق الكاد كان يجد له المازوت، ونحن اعتبرناه، دون التأكد من تفاصيله “يختاً”، وتهمة تقتضي القصاص من مرتكبها.

أيامها كان فريق منا، نحن “المثقفين السوريين المعترين” يعتبر البقاء في فلسطين المحتلة تحت سلطة الإسرائيليين، جريمة أكبر، من جريمة امتلاك شيوعي لقارب، وحكاية انتقاد سميح القاسم، ومحمود درويش بعنف وفظاظة، حين خرجا تحت العلم الإسرائيلي، في مهرجانات دولية من القصص المشهورة في أدبيات السبعينات، ولطالما اُضطرا، للدفاع عن ذلك الموقف، أمّا أميل حبيبي الذي تحدّى “ديماغوجيا” تلك المرحلة، وطلب أن يُكتب على قبره “باقٍ في حيفا”، فكان يرى أن ذلك هو الموقف الطبيعي الوطني والإنساني، وها نحن اليوم، مع نكبات التهجير القسري المتتالية في سوريا وفلسطين، نُدرك جذرية ذلك الموقف المُشرّف الذي جعلتنا أزمنة التضليل الإعلامي، للأنظمة التي تتاجر بقضية فلسطين، نعتبره الموقف الخاطئ، مع أنه الموقف الأصحّ، في مسار النضال الوطني لأيّ شعب.

وكنت أظنّ لعمر مديد أني لا أعرف شعباً معجوناً بفلسطين، كالشعب السوري، ثم أتت حقبة خلط الأوراق، خلال الثورة السورية، فصرنا نشكّ بكلّ شيء خصوصاً بعد ما شهدناه من ارتكابات أوغاد جماعة أحمد جبريل، وجيش التحرير الفلسطيني بحقّ ثوّار سوريا.

صحيح أننا رأينا تدمير مخيم اليرموك بأم أعيننا عقوبة، لمَن شاركنا من الفلسطينيين في حلم الحرية والكرامة، وصحيح أننا رأينا حفرة التضامن تضمّ السوريين والفلسطينيين معاً، لكن المواقف السياسية لعرّاب أوسلو أبي مازن، وبعض الفصائل الفلسطينية ظلت تنكأ جرحاً عميقاً يأبى أن يندمل، وذاكرة مجروحة لا تريد أن تنسى.

وتأتي حرب غزة الأخيرة، فنجد أنفسنا، دون طويل تفكير في قلبها، وأجدني قبل كل شيء في الثامن من أكتوبر – تشرين الأول ٢٠٢٣، ومع أول قصف يطال المدينة أبحث عن حساب الدكتور فوزي الحاج، في مواقع التواصل، لأطمئن عليه، وعلى أسرته، وأكتب له بعجالة: “كيف أنت أيها الفتى، عسى أن تكون بخير، أو شبه خير أنت والأسرة الكريمة؟”.

وليس من عادة فوزي أن يتأخّر في الرد بنكتة، أو ببيت من الشعر الذي يحفظ منه الكثير، لكنه هذه المرة لم يرد، رغم مضي ثلاثة أسابيع على تلك الرسالة القصيرة، ولا أدري حتى الساعة، هل هو حيّ، فأهنيه وأواسيه، أم هو شهيد، فأحسده وأرثيه؟.

في سوريا وفلسطين فقط تسوّي الطائرات بيوت المدنيين العزّل بالأرض، كي يضيع من تحت الردم، ويتعذر الإحصاء، فلا يدري العالم عدد الضحايا، ولا كم من الأطفال بينهم، وها هو المتحدث الرسمي لليونيسيف يقول صباح اليوم – آخر يوم في أكتوبر – وأنا أضع اللمسات الأخيرة على هذا المقال: إن غزة صارت مقبرة للأطفال، فهل أنت، وبعض أحفادك يا فوزي بينهم؟…

 

تلحلحْ يا صديقي… رد على الإيميل يا رجل.

 

نقلاً عن صحيفة “العربي القديم” تشرين الثاني/ نوفمبر 2023

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: غزة فلسطين كتابات

إقرأ أيضاً:

“سم لا ترياق له”.. معلومات جديدة قد تحل لغز مأساة حصدت حياة أسرة مصرية

#سواليف

في لغز مرعب تساقط #أطفال #أسرة #مصرية بشكل متتال الواحد تلو الآخر على مدار أسبوع، بعد تعرضهم لوعكة صحية جماعية مفاجئة، حتى طال #المرض_الغامض والدهم ورحل هو الآخر .

#المأساة التي طالت الأسرة المصرية في قرية دلجا بمحافظة المنيا جنوبي البلاد، ظلت لغزا محيرا حاول البعض في البداية اتهام الالتهاب السحائي بالتسبب في وفاة الأطفال المفاجئة، لكن تحليلات وزارة الصحة أثبتت سلامة الأسرة والمنطقة من أية أمراض، لتزداد الواقعة غموضا، مع استمرار تحقيقات النيابة العامة فيها.

وبقي الوضع غامضا وسط مزاعم بوجود مرض معد والتهاب سحائي قبل أن تنفي وزارة الصحة هذه الدعاوى وتجعل الواقعة لغزا، لكن تحقيقات النيابة وأقوال الأطباء مؤخرا تشير إلى تعرض الأطفال لنوع “مبيد حشري” سام لا يوجد له ترياق، يسبب شللا في الخلايا بشكل عام، وفشلا في جميع أعضاء الجسم، وأعراضه الأولية سخونة وقيء وهذيان، وفق وسائل إعلام محلية.

مقالات ذات صلة مأساة مسنة تركية كادت تخسر ساقها بسبب النعناع 2025/07/27

بدأت الواقعة بوفاة أول طفل يوم الجمعة 11 يوليو، ثم تبعه طفلان آخران في ذات الليلة، وفي اليوم التالي توفي الطفل الرابع داخل العناية المركزة بالمستشفى، ثم يوم الأربعاء توفيت الطفلة الخامسة، وبعد مرور 10 أيام توفيت الطفلة السادسة، قبل أن يلحق بهم والدهم اليوم، الذي ظهرت عليه الأعراض لاحقا.

في محاولة لحل اللغز، أجرت وزارة الصحة تحليلات على الأطفال أثبتت خلوهم من أية أمراض معدية، كما أجرت تحقيقات ميدانية ومعملية تضمنت زيارة منزل الأطفال والمنازل المجاورة ومراجعة سجلات المرضى وتحليل بيانات الأمراض المعدية، والتي أكدت أن الوضع الصحي العام في المنطقة مستقر ولا يوجد أي تهديد بأمراض وبائية أو معدية.

وكشف مصدر طبي بوزارة الصحة المصرية مفاجأة مدوية في واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بشكل متتال خلال الأسبوع الماضي، في لغز مرعب هز قرية دلجا بمحافظة المنيا جنوبي البلاد، وأثار اهتماما واسعا في البلاد.

وبعد أيام من وفاة الطفلة الخامسة، قال مصدر طبي، إن التحاليل التي أجريت بأمر النيابة العامة أشارت إلى وجود #تسمم_كيميائي للأطفال؛ يرجح أنه مبيد حشري، موضحا أن تتابع وفيات الأطفال تتناسب مع البنية الجسدية لكل فرد منهم ومدى مقاومته للتسمم.

وأشار المصدر، إلى وفاة الأطفال ذوي البنية الجسدية الضعيفة أولا وهم الأصغر سنا، بينما الأطفال الأكبر سنا توفيت إحداهما بعد عدة أيام والطفلة الكبرى بعد مرور نحو 10 أيام، ويتماشى ذلك أيضا مع تأخر ظهور الأعراض على الأب لعدة أيام عن أطفاله بسبب قدرة جسده علي تحمل التسمم الكيميائي لفترة أطول ومقاومته.

فيما كشف الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم بطب المنيا والذي تابع حالة الطفلتين الأكبر في أثناء تلقيهما العلاج بالمستشفى، أن الترجيحات تشير إلى تسمم كيميائي سببه مبيد حشري جديد، موضحا أنه تم التوصل إلى هذا الاستنتاج بعد التشاور مع مستشفيات جامعتي عين شمس والإسكندرية لتبادل الخبرات العملية.

وأضاف في تصريحات لجريدة “الشروق” المصرية، أن الوضع كان غامضا في البداية عندما بدأت الأعراض تظهر على الطفلة “فرحة” تشمل صداعا وهزالا عاما، وبعد سحب التحاليل كشفت عن ارتفاع بسيط في إنزيمات الكلى ولا يشير إلى شيء محدد، وتمت التوصية بعمل غسيل كلوي على جهاز خاص.

وتابع الطبيب: “لما كانت الصورة للسم غير واضحة، تم التواصل مع زملاء في مستشفيات جامعتي عين شمس والإسكندرية لتبادل الخبرات في هذا النوع من السم لتحديده، لأن صورته الإكلينيكية غير واضحة، وحينها اكتشفنا أن الأعراض تتشابه مع حالة كانت قادمة من محافظة البحيرة بادعاء الانتحار بتناول مبيد حشري، ووجدنا تطابقا في الأعراض والحالة الإكلينيكية، وهو نوع جديد من المبيد الحشري واسمه العلمي كلورفينبير”.

وأكد أستاذ السموم بكلية الطب جامعة المنيا، أن هذه المادة ليس لها تحليل معين يكشفها وليس لها ترياق متخصص على مستوى العالم، والحالات المسجلة بالإصابة بها لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، مشددا على أن هذه المادة لا تتأثر بالغليان، ولو وضعت في طعام ستحتفظ بسميتها.

مقالات مشابهة

  • جيفارا الشرق.. المناضل اللبناني “جورج عبدالله” .. صلابة الموقف واستمرار النضال
  • نشطاء في غزة يحذرون من “تزييف المعاناة” عبر توزيع فواكه: “الناس بحاجة إلى خبز لا مانجا”
  • انتحار 135 امرأة تعرّضن للاغتصاب من عناصر “الدعم السريع”
  • “الحوثيون” ينشرون مشاهد لطاقم السفينة “إيترنيتي سي” التي تم إغراقها (شاهد)
  • “أخطاء الممارسة الطبية في علاج الأطفال”… محاضرة في نقابة أطباء حلب
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…
  • “يوم خامس من الفرح في جرش: الناس والفن والحضارة في مشهد واحد” هنا الأردن ….ومجده مستمر
  • “الاتحادي الديمقراطي” يصف حكومة “تأسيس” بالآتي….
  • “إيشالايا”… المعرض الفردي الأول للتشكيلية آلاء الكيلاني
  • “سم لا ترياق له”.. معلومات جديدة قد تحل لغز مأساة حصدت حياة أسرة مصرية