مستقبل القطاع بين الفراغ والضياع
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
تساءلت صحيفة «الجارديان» البريطانية: «هل يمكن للصراع الحالى أن يدفع نحو عمليّة سلام جديدة؟»، فيما طرحت قريبتها «التايمز» سؤالاً أكثر صعوبة: «هل تستطيع إسرائيل هزيمة حماس وضمان السلام فى غزة؟».
يبدو أن حاضر غزة وآلامها، وعذاب أهلها ومحنتهم الكبيرة لا تشغل بال الغرب، بقدر ما انشغل ساستهم ومراكز أبحاثهم وإعلامهم بمستقبلها، بعد أن تنتهى إسرائيل من مهمتها المعلنة، وهى القضاء على حماس، وسط تشكّك غربى من نجاح إسرائيل، بل إن البعض وصل به التشاؤم إلى حد التذكير بما جرى لأمريكا فى أفغانستان، وكلما طال أمد الحرب فى غزة مالت كفة التشاؤم الغربى للوصول إلى هذا السيناريو، الذى فرّت فيه القوة العظمى من جحيم كابول وشقيقتها من المدن الأفغانية، تاركين الأمر لتنظيم «طالبان» المعروف كجماعة راديكالية متطرّفة دينياً.إسرائيل لا تمتلك الرغبة أو القدرة على وقف عجلة الحرب حالياً، كما أنها تفتقد التصور الواضح لشكل غزة فى «اليوم التالى» لوقف مذابحها وجرائمها ضد الشعب الفلسطينى الغزاوى، رغم تصريحات نتنياهو قبل أيام، والتى تحدث فيها للمرة الأولى عن مستقبل غزة، حيث أوضح لقناة «ABC News» أن بلاده ستتولى المسئولية الأمنية الشاملة عن القطاع لفترة غير محدّدة، فيما أبدت الإدارة الأمريكية عدم تحمّسها لهذه التصريحات، وعبّرت عن قلقها من عدم امتلاك إسرائيل تصوراً واضحاً تنهى فيه القتال بنصر استراتيجى حاسم، وهو ما يزيد الغموض بشأن المستقبل.
خصّصت معظم وسائل الإعلام حول العالم مساحات تحليلية خلال الأيام الأخيرة لطرح تصورات مختلفة عما تنتويه إسرائيل لمستقبل غزة، بشكل أوحى أن المعارك قد اقتربت من نهايتها، وهو أمر يبدو مستبعداً، فى ظل تعنّت إسرائيلى ورفض متكرّر للتهدئة، رغم ضغوط أمريكية ودولية بلغت ذروتها الأسبوع الماضى بزيارة وزير الخارجية الأمريكى للمنطقة وعقد جلسات مباحثات مع عدد من وزراء خارجية الدول الفاعلة فى الأزمة.
وكان الصحفى الفلسطينى كفاح زبون موفّقاً إلى حد كبير فى تحليله السياسى المتميز الذى كتبه من رام الله ونشرته صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية تحت عنوان جذاب: «سؤال المليون فى إسرائيل»، والذى استهله قائلاً: «سؤال المليون فى إسرائيل الذى ظل بلا إجابة منذ حرب 2014 الطويلة على قطاع غزة كان يتعلق بـ«اليوم التالى» للسيطرة على القطاع: ماذا سنفعل فى اليوم الثانى؟ نبقى هناك؟ نحتل القطاع من جديد؟ نعيد السلطة الفلسطينية؟ أم نغادر ونغامر مرة ثانية باستعادة «حماس» قوتها؟ كانت هذه مجموعة الأسئلة التى طُرحت فى المجلس الأمنى والسياسى المصغر «الكابينت» وتناولها مفكرون وصحفيون وكتاب ورجال أمن ومتقاعدون ورجال جيش من الاستخبارات والموساد والشاباك، لكنها بقيت أسئلة بلا إجابات».
كما تجدر الإشارة إلى الورقة البحثية المهمة التى أعدها المركز المصرى للدراسات والفكر تحت عنوان «سيناريوهات مستقبل قطاع غزة والدور المصرى»، التى أكدت ضرورة الحضور المصرى فى أى نظام سوف يتم تطبيقه فى غزة كى يمكن تجنّب أى تسوية تتعارض مع المصالح والأمن القومى المصرى والمصالح الفلسطينية أيضاً.
آراء كثيرة ومتعدّدة ومتناقضة نُشرت وأذيعت حول المستقبل الغامض للقطاع، بعضها ارتقى إلى مرتبة الخيال والمثالية، وأفكار أخرى بلغت حداً غير مسبوق من التدنى والبرجماتية، وظنى أن «السيناريو الفلسطينى» كما سمّته دراسة المركز المصرى، هو الأقرب للواقع وللحقوق الفلسطينية فى حل قضيتهم بشكل شامل وعادل، «هذا الحل المقترح له جسر أو مدخل وحيد هو عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة غزة، فى محاولة لاستعادة «الوضع الطبيعى» لما قبل عام 2007، وهو المسار الآمن الوحيد المتاح لعلاج المسببات الحقيقية للانفجار الراهن فى غزة».
ويترقب العالم اليوم قمة عربية طارئة تستضيفها الرياض، يعول عليها فى تقديم جميع أوجه الدعم للأشقاء فى غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة، وممارسة المستطاع لوقف عجلة القتال، والاتفاق على «سيناريو عربى» يوضع على الطاولة، فهل يتفق العرب هذه المرة على خطوة حقيقية ومؤثرة؟، هذا ما نتمناه ونتوقعه من قادة من تبقى من دولنا العربية، الضائعة بين أوهام الجغرافيا والتاريخ.. ومتاهات الصراعات السياسية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فى غزة
إقرأ أيضاً:
اتفاق غزة على المحك.. إسرائيل تعرقل والوسطاء يضغطون للمرحلة الحاسمة
يشهد ملف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حراكًا دبلوماسيًا غير مسبوق، حيث تكثّف الأطراف الوسيطة اتصالاتها في محاولة لتجاوز التعقيدات التي تعترض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
الترقب الإقليمي والدوليويأتي هذا الحراك وسط حالة من الترقب الإقليمي والدولي، خاصة مع بروز خلافات جوهرية تتعلق بالتنفيذ على الأرض، أبرزها الموقف الإسرائيلي الذي يواصل طرح اشتراطات جديدة تُرجئ المضي قدمًا في بنود الاتفاق.
تثبيت وقف دائم لإطلاق الناروفي الوقت ذاته، يتزايد الضغط الدولي من أجل تثبيت وقف دائم لإطلاق النار وتحديد مستقبل إدارة القطاع بعد سنوات من الصراع المتواصل، ويبرز دور القوى الإقليمية، وفي مقدمتها مصر، التي تواصل جهودها للحيلولة دون أي مخططات تستهدف تغيير الواقع الديمغرافي في غزة، إلى جانب سعيها لتأمين التزامات الأطراف كافة ببنود الاتفاق.
الخطة الأمريكيةومع دخول الخطة الأمريكية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب حيّز النقاش العملي، بات الانتقال إلى المرحلة الثانية محوريًا لإنجاح المسار السياسي وتثبيت الاستقرار وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
عراقيل إسرائيليةمن جانب آخر؛ بثّ برنامج "عن قرب مع أمل الحناوي" على قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا بعنوان: "اتفاق غزة.. عراقيل إسرائيلية تعقّد الانتقال إلى المرحلة الثانية"، تناول فيه التطورات المرتبطة بالجهود الهادفة إلى تفعيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
تأجيل الانتقال إلى المرحلة التاليةوتشير المعطيات إلى أن الوسطاء يواصلون اتصالات مكثفة مع كل من الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، في محاولة لإزالة العقبات التي تحول دون تنفيذ البنود المتفق عليها، خصوصًا بعد أن انتفت المبررات التي كانت إسرائيل تتذرع بها لتأجيل الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة السلام التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
بدء عملية إعادة الإعماروأوضح التقرير أن المرحلة الثانية تتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، واستكمال الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال من القطاع، إضافة إلى بحث مستقبل إدارة غزة عبر لجنة مستقلة تتولى إدارة الشؤون المدنية، ومعالجة ملف سلاح الفصائل الفلسطينية، إلى جانب بدء عملية إعادة الإعمار.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مطلع العام المقبل سيشهد الإعلان عن أسماء قادة العالم المشاركين في "مجلس السلام" الخاص بغزة، معتبرًا أن هذه الخطوة يمكن أن تساهم في تثبيت الهدنة طويلة الأمد.
وفي سياق متصل، ضغط الوسطاء باتجاه تسريع تشكيل قوة دولية للاستقرار في غزة، إلى جانب المضي في تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية المفترض توليها إدارة القطاع.
كما نقل التقرير تصريحًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار فيه إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق تقترب من نهايتها، موضحًا أن إسرائيل تنتظر استلام جثمان المحتجز الأخير قبل الانتقال الرسمي إلى المرحلة الثانية.
تهجير الفلسطينيينوفي تطور مهم، أحبطت مصر مرة أخرى مخططًا إسرائيليًا يستهدف تهجير الفلسطينيين من القطاع، بعد إعلان الاحتلال نيته فتح معبر رفح لخروج السكان. وشدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن معبر رفح لن يكون بوابة للتهجير، مؤكدًا أن فتحه يجب أن يتم في الاتجاهين وبما يتوافق مع اتفاق وقف إطلاق النار.