مجمع الشفاء يطلق النداء الأخير.. قصف إسرائيلي مكثف يستهدف مستشفيات غزة
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
يتواصل القصف الإسرائيلي على المستشفيات في قطاع غزة وسط تركيز على مجمع الشفاء الطبي الذي أكد المتحدث باسم وزارة الصحة للجزيرة خروجه تماما عن الخدمة، في حين حذرت منظمات دولية من انهيار شبه كامل للخدمات الطبية.
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور محمد أبو سلمية إن المجمع لم تعد تتوفر فيه مياه ولا كهرباء، وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة- أن العالم الحر يشاهد الأطفال والنساء والجرحى بغزة يموتون دون تقديم شيء.
وأكد أبو سلمية أن الموت بدأ في صفوف المرضى في قسم العناية المكثفة، وفي حضانات الأطفال بسبب انقطاع الكهرباء والعمليات العسكرية في محيط المستشفى.
وأشار مدير مستشفى الشفاء إلى أن الاحتلال يستهدف كل من يتحرك في ساحاته، أو يحاول الخروج منه، لافتا إلى أن إدارة المستشفى وجهت نداء استغاثة للجنة الدولية للصليب الأحمر، لكنها لم تتلق أي استجابة حتى الآن.
من جانبه، قال الدكتور أحمد أبو ندى -رئيس قسم جراحة الأوعية في مستشفى الشفاء بغزة- إن المستشفى لم يعد يرقى لأن يكون مستشفى، وإن الوضع كارثي.
وأضاف للجزيرة أنه لا كهرباء ولا ماء، وأنهم يضطرون أحيانا لترك بعض المرضى لمصيرهم، مؤكدا أن 600 مريض وعشرات الأطفال معرضون للوفاة في ظل استمرار انقطاع الكهرباء والماء عن المستشفى.
"هولوكوست" جديد
أما مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش، فأكد أن الأجهزة في مستشفى الشفاء توقفت بالكامل، مشيرا إلى أن طفلا من أصل 37 طفلا حديثي الولادة استشهد.
وأضاف البرش -في اتصال مع الجزيرة- أن "الاحتلال الإسرائيلي يرتكب هولوكوست جديدا باستهدافه مستشفى الشفاء".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، أشرف القدرة، للجزيرة إن "هناك جرحى وشهداء ملقين على الأرض عند بوابة مستشفى الشفاء الذي بات ساحة مفتوحة للقصف الإسرائيلي من كل جانب".
وفي حين أكد القدرة أن المستشفى خرج عن الخدمة تماما، فإنه أشار إلى محاولتهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه بأساليب بدائية.
وقد أطلق وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة يوسف أبو الريش ما قد يكون "آخر نداء" يمكن سماعه من مستشفى الشفاء بغزة، بسبب اشتداد الهجمات الإسرائيلية على المجمع.
وقال أبو الريش إن "الموت بدأ يحصد أرواح الجرحى والأطفال بسبب انقطاع كل سبل الحياة عن المستشفى".
وفي وقت سابق اليوم السبت، قالت الفصائل الفلسطينية إنها أبلغت الأمم المتحدة بضرورة إرسال بعثات أممية للتأكد من خلو مستشفى الشفاء من أي مظاهر عسكرية.
وطالبت لجنة المتابعة للفصائل الفلسطينية -في بيان- الهيئات الدولية بالحضور لمجمع الشفاء لمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي من اقتحامه ومنعها من تزوير الحقائق.
بدورها، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تداعيات تصعيد جيش الاحتلال لقصفه الهمجي في محيط مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، للمرّة الخامسة خلال 24 ساعة.
استهداف مستشفيات القطاع
وقد أظهرت صور مشاهد لاستهداف قوات الجيش الإسرائيلي محيط المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن "الدبابات الإسرائيلية تبعد حاليا 20 مترا من مستشفى القدس"، وأفاد بإطلاق نار مباشر على المستشفى وسط حالة هلع وخوف شديدين بين النازحين الذين لجؤوا إلى المستشفى.
أما رئيس قسم الجراحة في مستشفى الرنتيسي للأطفال، محمد الماضي، فقال للجزيرة إنه "لا مكان بغزة يعالج الأطفال حاليا، مشيرا إلى أن الأطفال أكثر فئة تضررت من هذه الحرب".
وأضاف الماضي "نتحدى الاحتلال إثبات أي وجود لعناصر المقاومة في المستشفى، وقد حوصرنا 3 أيام متتالية والعدو طلب منا المغادرة ورفضنا".
وقال مدير عام مستشفيات قطاع غزة محمد زقوت إنه "يتم التواصل باستمرار مع الأونروا ومنظمة الصحة العالمية، لكنهم اعتذروا عن تقديم أي شيء في غزة، وفي منطقة الشمال".
وأوضح زقوت أنه تم إجراء محادثات مع الصليب الأحمر لإدخال بعض الوقود للمستشفيات مشيراً إلى أن الصليب الأحمر أبلغهم برفض قوات الاحتلال ذلك. وطالب زقوت بتدخل إنساني عاجل لوقف كامل لإطلاق النار في قطاع غزة.
تحذيرات دولية
من جهتها، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" أنه لا يمكنها حاليا الاتصال بأي من موظفيها داخل مستشفى الشفاء بغزة. وأعربت المنظمة عن قلقها على سلامة المرضى والطاقم الطبي.
وكررت المنظمة دعواتها بشكل عاجل لوقف الهجمات على المستشفيات وحماية المرافق الطبية والطواقم الطبية والمرضى.
وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" تكثيف الهجمات على مستشفى الشفاء بشكل كبير خلال الساعات الماضية مشيرة إلى أنه لا يزال المرضى بداخله، وبعضهم غير قادرين على الحركة.
وقالت المنظمة -عبر منصة إكس- إن "مستشفيات غزة تعرضت لقصف متواصل خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينما لا تزال الفرق الطبية والمرضى بداخلها".
وطالبت المنظمة بإيقاف عاجل لإطلاق النار على مستشفيات القطاع، حتى يتمكن الأطباء من إنقاذ حياة المصابين.
وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن حياة مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة على "شفير الهاوية" في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية.
وأشارت المنظمة إلى شبه توقف للرعاية الطبية في مستشفى الرنتيسي والنصر للأطفال بالتزامن مع هجمات وأعمال عدائية مكثفة بالقرب من مستشفى الرنتيسي، حيث يخضع أطفال لغسيل الكُلى وفي العناية المركزة.
كما نبهت المنظمة من أن آلاف الأطفال في شمال غزة لا يزالون في خطر كبير في ظل اشتداد الأعمال العدائية وعدم توفر مكان يذهبون إليه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مستشفى الشفاء مجمع الشفاء وزارة الصحة فی قطاع غزة فی مستشفى فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تستهدف العائلات وتقتل الأطفال في غزة
في خضمّ الدمار والموت الذي لا ينتهى في غزة منذ أكتوبر 2023 م، تمسك الأمهات بأطفالهن، يتصفحن صورهم القديمة على هواتفهنّ. تلك الصور التي التُقطت قبل الحرب على غزة، حين كان الأمن والأمان، والضحكات غير مختلطة بالرعب.
الآن، أصبح موت الأطفال تذكيرًا يوميًا بأنَّ الحرب لا تقتل الأجساد فقط؛ بل تقتل الطفولة نفسها.
أطفال غزة أصبحوا أهدافا عسكرية تُقصف منازلهم فوق رؤوسهم وتباد عائلاتهم بصواريخ وقذائف محرّمة دوليا في واحدة من أبشع فصول الإبادة الجماعية في العصر الحديث.
يُمسك الطفل محمد ذو الخمسة أعوام، بثوب أمه بشدّة، يبكى بينما عيناه تتابعان المشهد المروّع أمامه: المصابون يصرخون، الدماء تتناثر على الأرض، والوجوه واجمة بالرعب. نار تشتعل ولا تتوقف، جثث محترقه يخرجها رجال الدفاع المدني تباعًا، تصرخ والدة محمد بحثًا عن زوجها، الذي يظهر فجأةً بين الزحام، رأسه ينزف وجسده يشتعل، يصمت الطفل فجأة، وكأنّ الصمت أصبح لغته الوحيدة بعد المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة فهمى الجرجاوي التى تضم مئات النازحين من شمال قطاع غزة، أدى القصف الإسرائيلي بالقنابل الحارقة الى استشهاد اكثر من 30 شهيدًا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وجرح عدد كبير من النازحين.
منذ تلك المجزرة اصبح محمد يعاني من صعوبات كبيرة في التحدث دائم الصراخ ولا يستطيع النوم، ويحتاج إلى تدخل عاجل، قلق، تبول لاارادي، صراخ لا يتوقف.
لم تكن تلك سوى البداية، نقل والد محمد لتلقى العلاج داخل مجمع الشفاء الطبي غرب غزة، واضطرت الأسرة للنزوح مجددًا الي ساحة المستشفى، بعد ساعات قليلة بدأت الأحزمة النارية العنيفة تهز محيط المستشفى حيث كانت أسرة محمد تنزح، وقف الصغير عند نافذة المستشفى، وهو يصرخ: "صاروخ! راسي دم!"، مشيرًا بيديه المرتعشتين إلى السماء، نصحهم الأطباء بالابتعاد عن المستشفى؛ لكن أين يذهبون؟ الحرب في كل مكان، اصيب محمد وأصبح يتلقى العلاج علىّ السرير المقابل لوالده.
الطفل محمد ليس استثناءً. فوفقًا لمنظمة اليونيسيف، يعاني 85% من أطفال غزة من اضطرابات نفسية حادّة بسبب الحرب، أمّا منظمة "أنقذوا الطفولة" فأشارت أنّ الحروب المستمرة تتسبب في جملة من العواقب على الصحة العقلية والجسدية للأطفال كاضطرابات الاكتئاب وارتفاع مستويات التوتر التي تظهر على شاكلة آلام جسدية، وصعوبة في التنفس.
اسبوع دمودي مر على قطاع غزة بعد الاعلان عن بدء عملية عربات جدعون من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي، آلاف السكان هُجروا تحت نيران القصف الإسرائيلي المتواصل من شمال وشرق وجنوب قطاع غزة، في الوقت الذي خرجت فيه معظم المستشفيات عن الخدمة بسبب حصارها من قبل جيش الاحتلال.
من داخل قسم الطواريء في مجمع ناصر الطبي أشعلت قصة الطبية آلاء النجار، 38 عاما، طبيبة أطفال، مواقع التواصل الاجتماعي عندما وصل أطفالها التسعة شهداء "يحيى، راكان، رسلان، جبران، حواء، ريفال، سادن، لقمان، وسدرة"، بينما ما زال زوجها في العناية المركزة.
أثناء عملها داخل المستشفى بعد قصف منزلهم من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي في مدينة خانيونس.
منصات التواصل حملت آلاف التغريدات تعبير عن وجع الأم الطبيبة، بعض النشطاء والصحفيين استُحضرا تصريحات عضو الكنيست السابق، المجرم "موشيه فيغلين" الذي قال صراحة: "كل طفل رضيع في غزة هو عدو"، واعتُبرو هذا التصريح العلني دليلاً على النية المبيتة للإبادة.
لم تقف الدكتورة آلاء النجار امام اي وسيلة اعلام، لم تتحدث عما جرى، اكتفت بصمت غريب واصرت على الذهاب لعملها بعد فقد ابنائها لتقدم الخدمة للمحتاجين لتؤكد أن المرأة الفلسطينية صامدة، طبيبة، نبيلة تعالج جراح الآخرين، وتتحمل آلامها في صمت.
شهادات من قلب المجزرة
معظم التصريحات وردت عن الأهل، الأقارب، الجيران، الزملاء و رجال الدفاع المدني.
سحر النجار، شقيقة الدكتورة آلاء، تعمل صيدلانية في قطاع غزة، قالت وهى تبكى أن شقيقتها " تلقت نبأ مقتل أطفالها التسعة وهي تحاول إنقاذ حياة أطفال آخرين في مجمع ناصر الطبي حيث تعمل طبيبة أطفال، عندما سمعت نبأ قصف منزلها، أخذت تركض في الشارع باتجاه المنزل كي تتمكن من إلقاء نظرة وداع عليهم، لكننا لم نستطع تمييز الجثث. كلهم كانوا عبارة عن أشلاء كلهم متفحمون".
روت سحر اللحظات الأولى التي مرت بها الدكتورة آلاء بعد تلقى النبأ المفجع: "قلت لها من هول الصدمة: "الأولاد راحوا يا آلاء، فأجابتني بإيمان وتسليم: (هم أحياء عند ربهم يرزقون) ساد صمت غريب بعدها حديثها".
اما شقيق زوجها يوسف النجار الذي كان من اوائل من وصلوا الى مكان الحادثه فقال واصفًا المشهد عبر فيديو انتشر عبر وسائل الإعلام المختلفة: "وقفتْ ورايا تتحامي فيّ لما طَلّعوا ابنتها ريفان، طلبت من رجال الدفاع المدني أن يُروها إياها على أساس أنها حية، هي في الأصل طبيبة أطفال إحنا كنا مطلّعين أطفال متفحمين، هي شافت 4 متفحمين أمامها، زوجها وشقيقي وصّلها في الصباح ثم عاد للأطفال، وكان يوصّلها وياخدها من المستشفى لمكان النزوح".
وتابع حديثه قائلا: "لقيت شقيقي مصاب هو وابنه، ولم أجد باقي الأولاد، ثم وصلوا متفحمين".
وتابع الشقيق: "مش عارف أخويا ليش انقصف واندبح ولاده بالطريقة هذه؟! إلى الآن لا أعرف كيف تحملت الصدمة. العَشرة أكبر واحد فيهم 12 سنه، كانوا محروقين ومشوهين، لا يوجد وجه ولا يد".
ومضى قائلاً بحسرة:" لم نتمكن سوى من انتشال سبع جثث دفناهم جميعاً في قبرين، ولا يزال اثنان من الأطفال مفقودين، أتعهد بالبحث عنهما حتى أجدهما وأكرم مثواهما".
وفي سياق متصل، روت تيزيانا روجيو، الطبيبة الإيطالية المتطوعة بمستشفى "ناصر" الطبي بقطاع غزة، أن حالة الدكتورة آلاء "ليست الأولى التي يُكسر فيها قلب أحد العاملين بالمجال الطبي بمقتل أو جرح أحد الأقارب، الدكتورة آلاء كانت تعمل حين وصل أطفالها قتلى للمستشفى. هذا شيء لم نكن نتمنى أن يحدث".
وصرح غرايم غروم، الجراح البريطاني الذي يعمل في المستشفى بأنه أجرى عملية جراحية لابنها الناجي البالغ من العمر 12 عاماً. وأضاف غروم أنه أُبلغ بأن الأب، وهو طبيب أيضاً، "ليست له أي ارتباطات سياسية أو عسكرية، ولا يبدو أنه بارز على مواقع التواصل الاجتماعي".
في سياق متصل قال محمد صقر، رئيس قسم التمريض بمستشفى ناصر في خان يونس: "شاهدتِ الدكتورةُ آلاء النجار بأمّ عينيها جثث أطفالها السبعة المتفحمة تُنتشل من تحت الأنقاض، بينما لا يزال اثنان في عداد المفقودين، كل ذلك خلال قيامها بمناوبتها في مجمع ناصر الطبي ".
وتابع قائلا: "التفاصيل المروعة التي شاهدتها الدكتورة آلاء تُجسّد واحدة من أشد المآسي التي حلّت بطبيبة أطفال كرّست حياتها لإنقاذ الأطفال، لتُسلب أمومتها في لحظة صمتٍ مُطبقٍ ونارٍ عارمة".
وفي بيان صدر عن مكتب الإعلام الحكومي السبت الماضي يوضح تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة بعد مرور 600 على الإبادة الجماعية، صرح أن عدد الشهداء والمفقودين بلغ اكثر من 63,000 فيما بلغ عدد الشهداء الأطفال اكثر من 18,000، وصل منهم للمستشفيات 16,854، أما عدد الشهيدات من النساء فقد بلغ اكثر من 12,400 وصل منهم للمستشفيات 8,968 شهيدة، في حين بلغ عدد الأطفال الذين استشهدوا وكانت أعمارهم أقل من عام واحد 932 طفل بالاضافه إلى 356 طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية.
لقد أدى العدوان الإسرائيلي على غزة الي فقد أكثر من 39 ألفا و400 طفل أحد والديهم أو كليهما، من بينهم 17 ألف طفل حرموا كلا الوالدين، نتيجة قصف الاحتلال للمنازل فوق رؤوس ساكنيها.
ان ما يحدث في قطاع غزة من مجازر وجرائم اصبحت واضحه للعالم ادت الى ارتفاع المطالبات بمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب، في حين وُصف المتظاهرون في العديد من الدول الصمت الدولي بأنه شراكة غير مباشرة في المجزرة.