شراع: طوفان الأقصى يفضح دواعش السياسة والتكفير والتفجير
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
في ظلِّ الأوضاع المأساويَّة الخارجة عن قدرة استيعاب العقل البَشَريِّ لِمَا يحدُثُ من جرائم حرب ومجازر بالعشرات يوميًّا بحقِّ أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ في قِطاع غزَّة المُحاصَر، لا يبدو المُجتمع الدوليُّ وحْدَه عاجزًا عن اجتراح حلٍّ ما لإيقاف أنهار الدَّم، وإيقاف آلة النَّازيَّة الجديدة والتطهير العِرقيِّ، وإنَّما في أبسط المقاربات يبدو النِّظام العربيُّ الرَّسميُّ أعْجَزَ رغم ما يملكه من أوراق ضغطٍ؛ بمجرَّد توظيفها يُمكِنه وضْعُ حدٍّ لجرائم حرب النَّازيَّة الجديدة وجرائم التطهير العِرقيِّ الفاشيَّة.
وما يؤسَفُ له حقًّا هو أنَّ النِّظام العربيَّ الرَّسميَّ بدَلَ أنْ يأخذَ زمام المبادرة وتوظيف ما لدَيْه من أوراق ضغطٍ وقوَّة، أخذ يتسوَّلُ من المُلطَّخةِ أياديهم بدماء الأطفال والنِّساء والمُسنِّين الفلسطينيِّين «هدنةً إنسانيَّة»، وليس إيقافًا كاملًا وتامًّا لجرائم النَّازيَّة وانتهاكات الفاشيَّة الجديدة على أرض فلسطين المحتلَّة، الأمْرُ الَّذي أصبحَ يُثيرُ علاماتِ استفهامٍ كثيرةً تهطل مع كُلِّ مجزرة، ومع كُلِّ تهديد يُرسَلُ لِدوَل الجوار تحذيرًا من التدخُّل، ومع كُلِّ الإطباق والإجهاز الكامل على كتلة اللَّحم البَشَريِّ داخل قِطاع غزَّة الَّتي تَمضي فيها سكاكينُ النَّازيَّة والفاشيَّة الجديدة ولا تُحرِّك ساكنًا، دُونَ الانتباهِ إلى أنَّ ما يحدُثُ في غزَّة والضفَّة الغربيَّة ليس منعزلًا، وإنَّما هو دحرجة للحرب الأوسع في الإقليم، حيث ستنتقلُ آلَةُ الإبادة والتطهير العِرقي النَّازيَّة الصهيونيَّة إلى ما بعد غزَّة والضفَّة بعد الإجهاز عَلَيْهما، مدفوعةً بالأساطيل الحربيَّة الأميركيَّة ـ الغربيَّة، وبالأسلحة الأميركيَّة الفتَّاكة والمتطوِّرة جدًّا. ولا يُمكِن للمرء وهو يشاهد وضْعَ النِّظام العربيِّ الرَّسميِّ من كُلِّ ما يجري إلَّا أنْ يصلَ إلى قناعةٍ بأنَّ النِّظامَ منقسِمٌ على نَفْسِه بَيْنَ مؤيِّدٍ ورافضٍ، وهو ما يُعطِّل اتِّخاذ موقفٍ حازمٍ وصارم، رغم أنَّ المُتغيِّرات الدوليَّة المتمثلة في صعود قوى كبرى كجمهوريَّة الصِّين الشَّعبيَّة وروسيا الاتِّحاديَّة وجمهوريَّة الهند وغيرها، وتراجعِ دَوْر الولايات المُتَّحدة كقطب أوحد، من شأنها (أي المتغيِّرات) أنْ تشجِّعَ النِّظام العربيَّ الرَّسميَّ على اتِّخاذ مواقف غير مسبوقة؛ وذلك باستطاعتها تغيير تحالفاتها مع هذه القوى الكبرى الصَّاعدة أو حتَّى مجرَّد التلويح بذلك.
لذلك وبعيدًا عن أيِّ مبالغة، فإنَّ عمليَّة «طوفان الأقصى» مِثلما أسقطت أقنعةً وكشفَتْ شخوصًا ورموزًا متواطئة، ستواصلُ إسقاطَ الأقنعة وفضْحَ مَنْ يُمكِن تسميتُهم بـ»دواعش السِّياسة والتكفير والتفجير» الَّذين ركبوا موجة مُخطَّط التآمر الصهيو ـ أميركيِّ ـ غربيِّ لتدمير الدوَل العربيَّة الكبرى والوازنة، وإخراجها من المعادلات الإقليميَّة والدوليَّة باسم «الربيع العربي»، حيث الاجتماعات والمؤتمرات العاجلة لاتِّخاذ مواقف غير مسبوقة ضدَّ هذه الدوَل للإطاحة بها، والعمل على التدخُّل العسكريِّ، وتكوين تنظيمات إرهابيَّة وتسليحها وتدريبها بأسماء ما أنزل الله بها من سُلطان «معارضة معتدلة» و»ثوَّار»، وما فعلَه هؤلاء «المعتدلون» و»الثوَّار» ويفعلونه اليوم هو الترجمة أو النِّهاية العمليَّة الَّتي يتولَّاها اليوم الصهيو ـ أميركيِّ ـ غربيِّ للإجهاز على القضيَّة الفلسطينيَّة، ثمَّ التفرُّغ لِمَا ما بعد فلسطين والإجهاز عَلَيْه.. ويكفي دلالةً على ذلك، أنْ يحرِّكَ الصهيو ـ أميركيِّ ـ غربيِّ هؤلاء «المعتدلين» و»الثوَّار» ليواصلوا عمليَّة التدمير والقتل والتكفير والتفجير وفق دَوْرهم الوظيفيِّ مع كُلِّ رصاصةٍ تنطلق أو موقفٍ داعمٍ للشَّعب الفلسطينيِّ وقضيَّته العادلة.
ومع كُلِّ ما جرى ويجري، فإنَّ الرَّجاء أنْ توقظَ قضيَّة فلسطين العادلة ـ المُهدَّدة الآن بالتصفية ـ الضميرَ وتثيرَ صحوةً شاملة، وأنَّ ما سُمِّيَ زُورًا وبهتانًا «الربيع العربيَّ» لَمْ يكُنْ سوى مُخطَّط تآمريٍّ صهيوـ أميركيٍّ ـ غربيٍّ لِتَغييبِ الوعيِ العربيِّ وتزييفِ الحقائق، وتمهيدِ الطريق للوصولِ إلى تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة الجاريةِ فصولُها الآن.
خميس بن حبيب التوبي
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الجدیدة ـ أمیرکی ـ غربی
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: السياسة تجاه غزة انهارت والحرب عالقة
أكد كاتب إسرائيلي أنّ سياسة تل أبيب تجاه غزة انهارت والحرب عالقة، موضحاً أنه "في الأيام الأخيرة نشهد انهياراً وطريقاً مسدوداً في ثلاثة جوانب: مسألة المخطوفين والجبهة العسكرية وتوريد الغذاء إلى غزة".
وقال الكاتب أرئيل كهانا في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، إنّ "الجبهة العسكرية تجاه غزة عالقة، رغم أن قواتنا تواصل ضرب البنى التحتية لحركة حماس من فوق ومن تحت الأرض"، مبيناً أنّ "الجيش لم يدخل بعد الـ25 بالمئة من أراضي غزة التي لا تزال حماس تحكمها، وعمليات نقتل البعوض لكننا لا نجفف المستنقع"، وفق وصفه.
وتابع كهانا قائلا: "انهيار آخر في السياسية وقع بالنسبة للغذاء، والذي يسمى خطأ مساعدات إنسانية"، موضحا أن "الخطة الأصلية كانت هي التحويل إلى الصندوق الأمريكي- الإسرائيلي لتوزيع الغذاء في غزة، ومن خلاله أيضا يتم فرز الفلسطينيين لكن الجيش الإسرائيلي لم يرغب في القيام بهذا الفرز".
وانتقد بشكل كبير الحديث عن المجاعة في غزة والسماح بإلقاء المساعدات وإدخال كمية من الشاحنات، منوها إلى أن هناك تضارب في سياسة الإغلاق التي قررها الكابينيت قبل بضعة أشهر، وهذا ما يسمى "انهيار السياسة".
ولفت إلى أن جلسة الكابينيت الأخيرة شهدت جدالا بين وزير المالية سموتريتش ورئيس الأركان إيال زامير الذي طلب تعليمات صريحة من المستوى السياسي بالدخول للمناطق الـ25 بالمئة "الحساسة" في غزة، فرد عليه سموتريتش: "الحكومة لم تأمر الجيش أبدا بالامتناع عن العمل في هذه المناطق، وهذه سياسة قررها الجيش لنفسه".
وأثار هذا الرد غضب زامير الذي اتهم سموتريتش بأنه "يعرض المخطوفين للخطر"، ووفق الكاتب فإنّ "نتنياهو لا يريد أن يصدر أمرا صريحا بالدخول إلى هذه المناطق، بسبب النقد المتوقع من بعض عائلات الأسرى".
وذكر كهانا أنه "لا يهم من المحق في هذا الجدال، لكن النقطة الأساسية هي أن رئيس الأركان لا يعرف خطة من جانبه لكيفية الانتصار في الوضع الحالي أو جلب المخطوفين".
وتابع: "الفجوات تتسع لاعتبارات سياسية وللخوف من الرأي العام، والتوترات تشجع ولا تحل أي مشكلة، رغم أن هيئة أركان زامير أكثر قتالية واندفاعا من سلفها"، مضيفا أن "جيش اليوم يؤمن بأن مزيدا من الضغط في النهاية سيكسر حماس".
وشدد على أن "ذنب الجمود لا يقع بأي حال على الجيش فقط، فنتنياهو هو الذي افترض بأن صفقة الأسرى قريبة، وكتحصيل حاصل لم يطلب أيضا من الجيش حسما فوريا لحماس، ويعود السبب في ذلك على أن نتنياهو يعطي الأسرى أولوية على النصر"، وفق تقديره.
وأشار إلى أن "الخسارة الإعلامية في تل أبيب أدت إلى الذهاب لخطوة توريد الغذاء إلى غزة"، متسائلا: "هل لنتنياهو خطة خروج من هذه الورطة؟".
واستدرك بقوله: "السياسة التي يتخذها نتنياهو صعبة على الهضم لدرجة أنه ملزم أن يكون لها تفسير، لأنه إذا لم يكن تفسير ففي يوم أو يومين ستتفكك حكومته، وإسرائيل بوضعها الحالي ليست بحاجة لانتخابات مبكرة".