تقرير: ما النصيحة الأمريكية التي تلقتها إسرائيل بعدم الرد على أية هجمات من اليمن؟
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
لماذا لا ترد إسرائيل على هجمات الحوثي؟
ما الأهداف الحقيقية التي تقف وراء الهجمات الحوثية على إسرائيل؟
أي أسلحة يستخدم الحوثيون في هجماتهم؟
(عدن الغد) سكاي نيوز/ وكالات:
لم ترد إسرائيل عسكريا على الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة التي شنتها مليشيات الحوثي في اليمن، لأسباب عسكرية وسياسية وجغرافية يوضحها خبراء، منها تلقي تل أبيب نصيحة أمريكية، سبق وتلقت مثلها عام 1991.
واكتفت إسرائيل، حتى الآن بالتصدي فقط للهجمات الحوثية، عكس ما تفعل مع سوريا ولبنان؛ حيث قصفت مواقع بداخلهما، ردا على هجمات شنتها فصائل مسلحة من أراضيهما عليها.
وأرسلت تل أبيب ردودا إعلامية على لسان بعض مسؤوليها، حيث علق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري في 31 أكتوبر على الهجمات بقوله إن الحوثيين يريدون تشتيت انتباه تل أبيب عن المعركة في غزة.
وأكد في نفس الوقت أن الجيش يعرف كيف يدافع عن إسرائيل "حال كان ذلك ضروريا"، مشيرا للتعاون مع الولايات المتحدة في ذلك.
وخلال زيارته لسرب "أدير" لمقاتلات الشبح "إف 35" في القاعدة الجوية الإسرائيلية، بعث رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، برسالة لمن يهدد بفتح جبهات قتال أخرى: "نحن في كل الوقت في جاهزية لمناطق أخرى".
وأعلنت ميليشيات الحوثي خلال الأسابيع الأخيرة شن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على جنوب إسرائيل قائلة إنها دعما للفلسطينيين في معاركهم التي بدأت 7 أكتوبر مع تل أبيب ومتعهدة بالمزيد.
ومن أبرز هذه الهجمات كانت يوم الخميس 9 نوفمبر، إذ أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "إكس" أن دفاعات الجيش الجوية اعترضت بنظام السهم "حيتس" صاروخا أطلق من اليمن قبل دخوله المجال الجوي.
في أول نوفمبر قال المتحدث باسم قوات مليشيات الحوثيين، يحيي سريع، على "إكس"، إنهم أطلقوا طائرات بدون طيار نحو إسرائيل، بعضها وصل إلى أهداف بداخلها.
في 31 أكتوبر أعلن ذات المتحدث الحوثي في بيان تلفزيوني إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية وعدد كبير من الطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، قائلا إنها العملية الثالثة "نصرة لإخواننا في فلسطين.
اتهمت إسرائيل الحوثيين بشن هجمات بطائرات مسيرة في 27 أكتوبر باتجاه جنوب إسرائيل، إلا أن طائراتها اعترضتها.
> نصيحة أمريكية
يصف الباحث في العلاقات الدولية جاسر مطر، الهجمات الحوثية بأنها "ضجيج بلا طحين"، مستشهدا بأنها "لم تسبب أي أضرار" لإسرائيل.
وعن الهدف من استمرار الهجمات رغم ذلك، وعدم رد إسرائيل بهجمات مضادة، يقول مطر: الحوثي يسعى لمكاسب سياسية في الساحة الداخلية، أما مشاركته في الحرب فهي غير منطقية والهجمات التي يقوم بها تؤكد ذلك.
إن عدم رد إسرائيل على اليمن هو نصيحة أميركية على غرار نصيحتها لها بعدم ضرب العراق وقت حرب الخليج (عام 1991)، عندما أطلقت بغداد صواريخ على إسرائيل بهدف تحقيق مكاسب سياسية أيضا.
إذا فكرت إسرائيل في الرد وأطلقت طائرتها لضرب الحوثي، فهذا يعني عبور تلك الطائرات أجواء دول في المنطقة، وفي هذا الوقت الاستقرار مع هذه الدول مطلوب للغاية.
إسرائيل أيضا تعتمد على الولايات المتحدة في تأمين البحر الأحمر والرد على الهجمات اليمنية، وفي بداية الصراع اعترضت واشنطن صواريخ أطلقت من اليمن تجاه إسرائيل.
المسافة من إسرائيل حتى اليمن تتخطى 2000 كم ولذا سيكون مرهقا للغاية إذا فكرت إسرائيل في ضرب اليمن، وفي نفس الوقت الحوثي ليس لديه الإمكانيات الكبيرة لتوجيه ضربة على إسرائيل تستدعى الرد، أما شنه الهجمات الأخيرة، فاعتقد أنها رسالة لإسرائيل بأن سوريا ولبنان واليمن سيكونون محاور قتال حال التصعيد.
إلا أن مشاركة هذه الدول في هذا القتال غير واقعية، وستكون مكلفة للغاية، إلا إذا اتخذتها إيران قاعدة لتوجيه ضربات لإسرائيل حال اتساع الصراع، لكن إيران تضع لبنان في مقدمة الدول التي ستعتمد عليها لقرب حدودها مع إسرائيل.
> سعي الحوثيين لكسب الشرعية
يسعى الحوثيون إلى كسب نفوذ وشرعية في اليمن والمنطقة من خلال إطلاقهم صواريخ ومسيّرات على إسرائيل، رغم أن هجماتهم لا تشكّل تهديدًا جديًا للدولة العبرية، بحسب محللين.
وأطلق المتمرّدون الحوثيون صواريخ ومسيّرات باتجاه إسرائيل، ردًا على استهداف حركة حماس في قطاع غزة، إلا أن تل أبيب تؤكد في أغلب الأحيان أنها فشلت في بلوغ أهدافها.
ورغم ذلك، اعتبر أن ما يطلقه الحوثيون يفرض "ضغطا إضافيا" على الدفاعات الإسرائيلية في ظل الحاجة إليها في الشمال، حيث يسجّل تبادل يومي للقصف مع حزب الله اللبناني.
واندلع النزاع في اليمن عام 2014 وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق شاسعة في البلاد بينها العاصمة صنعاء، وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
> الأسلحة بعيدة المدى
من أجل بلوغ أقصى جنوب إسرائيل، يتعيّن على المتمردين الذين يسيطرون على مناطق شاسعة على الساحل الشمالي الغربي لليمن، إطلاق مقذوفات لا يقلّ مداها عن 1600 كلم.
وتضم ترسانة الحوثيين صواريخ بالستية من طراز "طوفان"، وهي في الأساس صواريخ "قدر" الإيرانية لكن أعيد تسميتها، ويتراوح مداها بين 1600 و1900 كلم، بحسب الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز.
وقال هينز لوكالة فرانس برس إن هذه الصواريخ "غير دقيقة إلى حدّ كبير، على الأقلّ في النسخ التي استعرضوها، لكن يُفترض أن تكون قادرة على بلوغ إسرائيل".
وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا لفرانس برس إن الحوثيين كشفوا عن ترسانتهم من صواريخ "طوفان" قبل أسابيع من شنّ حركة حماس هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ويقول مسؤولون عسكريون في صفوفهم إنهم استطاعوا تصنيع صواريخ ومدرعات ومسيّرات، ويملك المتمرّدون أيضًا صواريخ "كروز" إيرانية من طراز "قدس"، بحسب هينز.
وتتوافر نسخ عدة من هذه الصواريخ، بعضها يبلغ مداه حوالي 1650 كلم، "ما يكفي للوصول إلى إسرائيل"، وفق الخبير هينز.
وعام 2022 أعلن الحوثيون استخدام صواريخ "قدس 2" لاستهداف العاصمة الإماراتية أبوظبي، وعبرت الصواريخ آنذاك مسافة 1126 كلم من شمال اليمن، كما أطلق الحوثيون صواريخ "قدس 2" عام 2020 لاستهداف منشآت في السعودية.
ويقول الحوثيون إنهم يصنّعون طائراتهم المسيّرة محليا، وكشفوا عنها في عرض عسكري أقيم في صنعاء في آذار/ مارس 2021.
وتتضمن ترسانتهم من الطائرات بدون طيار مسّيرات "شاهد- 136" الإيرانية التي تستخدمها روسيا في حربها على ويبلغ مداها حوالي ألفَي كلم، بحسب هينز، ولدى الحوثيين أيضًا مسيّرات من طراز "صماد 3".
ويقول هينز "لا نعرف مداها بشكل دقيق لكن يُفترض أن يبلغ نحو 1600 كلم"، وسبق أن استخدموها في هجماتهم على الإمارات والسعودية، ويمكن لـ "صماد 3" حمل 18 كلغ من المتفجرات، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء.
وجاء في تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في 2020 أنّ الطائرات بدون طيار هذه "تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتطير بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا" نحو أهدافها.
وحذّرت واشنطن إيران وحلفاءها من توسيع رقعة النزاع، ونشرت في المنطقة غواصة وحاملتَي طائرات لـ "ردع" دخول أطراف أخرى على خط الحرب.
يذكر أن حركة حماس هي حركة مقاومة فلسطينية إسلامية، وتصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: هجمات الحوثی على إسرائیل تل أبیب
إقرأ أيضاً:
رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
أثارت رواية مدين صالح نجل الرئيس اليمني الأسبق، عن مقتل والده بنيران جماعة الحوثي، الجدل في اليمن، ليؤكد رواية الحوثيين لحادثة مقتل "صالح" في ديسمبر 2017م، والتي كانت محل شكل كبير في الأوساط اليمنية.
وقال مدين علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق "صالح" خلال فيلم وثائقي بثته قناة العربية، إن والده لم يقتل في منزله بصنعاء في الرابع من ديسمبر 2017م، على يد جماعة الحوثي، مشيرا إلى ان "صالح" قتل في قرية الجحشي بعد خروجه من منزله، ومحاولته الذهاب إلى قرية حصن عفاش، التي تعد مسقط رأسه.
وتطابق رواية نجل صالح مع رواية جماعة الحوثي التي أكدت وقتها أن صالح لقي مصرعه خلال محاولته الفرار، في إشارة منها إلى أنه فر من المواجهة، فيما ذهبت روايات أخرى إلى القول أنه قتل في منزله بصنعاء، بعد محاصرته.
ويعد هذا أول تأكيد من عائلة صالح عن مكان مقتله، على يد حلفائه في جماعة الحوثي، بعد تصادم بين الطرفين، انتهى بمصرعه.
وأحدث الفيلم ردود فعل من نشطاء يمنيين، سارعوا للتعليق على ما قدمه الفيلم، وقال الصحفي ماجد الداعري إن الفيلم قدم خلاصة تؤكد أن صالح قتل بقرية الجحشي قرب حصن عفاش بسنحان.
نهايته عبرة للتاريخ
الصحفي شاكر خالد، أكد أن معركة صالح الأخيرة أو نهايته ستظل عبرة للتاريخ. فجيل كامل كان يتسائل، كيف سينتهي هذا الحكم والهيلمان، حتى ظنوا بأنه سيخلد.
وقال: "حتى لو كان صالح، قتل في منزله وليس في الطريق أثناء محاولته الفرار إلى قريته، وهي الرواية التي أكدها وثبتها نجله في الفيلم الوثائقي".
وتساءل الصحفي شاكر خالد: ما البطولة التي تستدعيها مناسبة حاكم لأكثر من ثلاثين سنة، وهو ينسفها بخيانة عظمى للجمهورية ولتاريخه وتاريخ أسرته، بشهوة انتقام جبان لحثالة التاريخ؟.
وأضاف: "مخازن سلاح ومعسكرات وقيادات عسكرية وقبلية، وأكثر من ذلك، كل شيء، وضعه في خدمة التمرد والانتقام. هذه خيانات موثقة بالصوت والصورة ولا زالت طرية، بدون وثائقيات من جار أذي للبلد".
وحمل صالح المسؤولية الكاملة عن الأوضاع التي تشهدها البلاد، مع الرئيس السابق عبده ربه منصور هادي بالقول: "روائح الدم والخراب المبذور في جغرافيا البلد، يتحملها كاملة مكتملة مع هادي عن سبق إصرار وترصد".
تأكيد لرواية الحوثيين
أما المنهمي عبدالله فقد أشار هو الأخر إلى أن نجل صالح أكد رواية جماعة الحوثي، حول مقتل والده، بأنه مات في الطريق منسحبا من المعركة.
وعلق بالقول: "لا يهم إن كانت وجهته حصن عفاش كما قال مدين، أو مارب كما قال الحوثيون يومها. كلا الأمرين سواء".
بعد سقوط عمران لم يكن هنالك من مفاجأة
الصحفي عامر الدميني، كتب في صفحته على منصة فيسبوك: "بالنسبة لي لم أعد أتفاجئ من أي إخفاق عسكري أو مقتل شخصية كبيرة، منذ استشهاد العميد حميد القشيبي في عمران 2014م. كان خبر استشهاده صادما ونحن في ذروة مخاوفنا من القادم، وذروة طموحنا أن الدولة ستتدخل لإيقاف هرولة الحوثيين ولجم تمددهم".
وأضاف: "كان الأمل مرتفعا في أن يتدارك الحكام قبل المعارضين الأمر، ولا يسمحوا لهؤلاء بالتقدم، خاصة أن ملامح حكم الحوثي كانت واضحة في صعدة التي أسقطها مبكرا وسلخها من جسد الدولة. لكن كانت الأوضاع تزداد قتامة، وكأنها تمضي في مخطط واضح ومعلوم سلفا، سقطت عمران واستشهد القشيبي، وكان ذلك بداية الهبوط والانتكاسة".
ووصف الدميني يوم مقتل القشيبي بالقول: "كان يوما مظلما، ولا زلت أرى صنعاء من يومها مظلمة وموحشة بعد ذلك السقوط، الذي امتد لها، ولازال. كنا نتألم بقهر بينما كان حلفاء تلك اللحظة من صالح والحوثيين يتشفون ويتغنون ويرحبون، ووصف صالح القشيبي بالكلب، وفق تسجيلات صوتية منشورة".
وأردف: من بعدها لم أعد أشعر بالصدمة من أي حدث آخر، كانت صدمة مستنجد مؤمل لكنه شعر بالخذلان النهائي. وللمفارقة نفس الجهة التي قتلت القشيبي قتلت صالح، وتسببت بطرد هادي وكادت أن تقتله".
وختم بالقول: "لقد سقطنا هناك في عمران، ومن بعدها لم يعد سوى ارتدادات، ومن توطأ دفع الثمن، ومن بارك شرب من نفس الكأس، بينما لايزال القاتل حرا طليقا يعبث بالجميع".
الصحفي سمير النمري، كتب قائلا: "لم يكن علي عبد الله صالح رئيسًا لدولة بقدر ما كان شيخًا لقبيلة مترامية الأطراف اسمها اليمن. لم يحكم بقوة القانون، بل بسلطة العُرف؛ ذلك الميثاق غير المكتوب الذي يقدّس الهيبة الشخصية ويُعلي الولاء فوق كل اعتبار".
وتحدث عن طريقة إدارة صالح للبلاد، فقال إنها كانت تتم بـ "عقلية الشيخ المُحنّك. الشيخ في اليمن كريم، شهم، شجاع، لكنه عصبيّ يُستفز بسرعة، ويدير حياته باستراتيجية اللحظة لا بالضوابط والسلوكيات المنمقة. وهكذا، كان الشيخ صالح يمدّ يده بالكرم لشراء الولاءات، ويضرب بقبضته الحديدية لسحق الخصوم".
وأضاف: "كان يتقن عبارته الشهيرة التي يقولها في كل مناسبة "الرقص على رؤوس الثعابين"، وهي ليست مجرد استعارة سياسية، بل استراتيجيته الجوهرية للبقاء.
وأوضح أن صالح "حوّل المشهد السياسي إلى شبكة معقدة من التحالفات الهشة والمصالح المتقاطعة، حيث كان هو الخيط الوحيد الذي يربطها جميعًا. هذه الحكمة القبلية كانت هي نفسها التي قادت الدولة إلى حتفها".
وأشار إلى أنه وفي "ظل حكم “الشيخ الأكبر”، تآكل مفهوم الدولة الحديثة بشكل ممنهج. تم إفراغ المؤسسات من جوهرها وتحويلها إلى مجرد واجهات شكلية، بينما كانت القرارات المصيرية تُطبخ في مجالسه الخاصة وتُحسم وفقًا لموازين القوى القبلية ومزاجه الشخصي. لم يعد الولاء للوطن قيمة، صار الولاء للشيخ علي صالح هو معيار المواطنة الصالحة، ومفتاح الثروة والسلطة".
وأردف: "الصبر والدهاء اللذين مكّناه من الحكم لثلاثة وثلاثين عامًا، كانا هما نفسهما معاول الهدم التي حفرت قبر الدولة اليمنية. بنى نظامًا شديد المركزية حول شخصه، لدرجة أنه عندما سقط، انهار الهيكل بأكمله".
وعن نهايته المحتومة، قال النمري، إن صالح ظل "وفيًا لهويته كشيخ قبيلة. لم يتنازل أو يستسلم كما يفعل الساسة، بل اختار المواجهة حتى الموت. في قاموس العُرف القبلي، الشرف يقتضي أن يموت الشيخ مدافعًا عن مكانته، مهما كانت الكلفة".
ووصف نهاية صالح بأنها كانت لحظة "خلع فيها عن نفسه آخر أثواب “الرئيس”، ليموت كما عاش: شيخًا عنيدًا، في معركته الأخيرة مع قبيلته التي لم يفهمها ولم تفهمه إلا بلغة القوة".
وختم بالقول: "الخسارة الكبيرة أننا خسرنا اليمن كدولة.. وإعادة بناءها سيحتاج محو جيل كامل وربما أكثر".
تراشق أنصار صالح والإصلاح
الجدل الذي أثير عقب بث قناة العربية للفيلم، زاد حدته بين أنصار صالح ومنتسبي حزب الإصلاح، حيث هاجم أنصار صالح حزب الإصلاح بشراسة وحدة كبيرة خصوصا وأن بعض ناشطي الإصلاح حملوا صالح المسؤولية عن خراب البلاد وتسليم الجمهورية للحوثيين، نكاية بأعداء صالح خصوصا حزب الإصلاح الذي ناله النصيب الوافر من عملية الإنتقام التي كانت أحد أهداف صالح الرئيسية.
القيادي الإصلاحي عبده سالم كتب في سياق الدفاع عن الإصلاحيين من شتائم أنصار صالح، حيث خاطب الأخيرين بود كبير قائلا: "يا أحبابنا في المؤتمر الشعبي العام: الإصلاحيون لا أنتجوا فيلم "المعركة الأخيرة"، ولا كتبوا له السيناريو، ولا حددوا موعد عرضه! ... ليش مصرّين تلبّسوها لهم؟".
وأضاف: الفيلم من إنتاج قناة "العربية"، والمتحدّثين فيه هم نجل الزعيم، وأقاربه، وقادة حزبه، وحراسته الخاصة… يعني من بيتهم وفيهم! أما الإصلاح؟ والله ما لهم فيه لا صوت ولا صورة، ولا ريحا ولا نفسا! لكن الظاهر أنكم مش قادرين تتخلّصوا من عقدة الإصلاح، حتى وهم خارج المشهد. تخافوهم وهم ساكتين، وتتهموهم في بلاوي أنتم صنعتوها بأيديكم!".
وتابع: "لا أحد يرغب في الإساءة للزعيم، ويكفيه شرفاً أنه قُتل على يد أعداء الوطن، بصرف النظر عن الكيفية، هارباً كان أو مقاوماً… فقد أفضى إلى ربه، فدعوه في ذمّة الله، ولا تُحمّلوه حصائد ألسنتكم وأقلامكم".
وأردف: "ورغم أننا لا نعرف بالضبط ما هو الثقب الذي فتحه هذا الفيلم، ولا ما ستكون عليه تداعياته في قابل الأيام، إلا أن "الإصلاح" — كما يبدو — قد تحوّلوا عند البعض من خصم سياسي إلى فزّاعة نفسية، وهكذا المرعوب يشوف خصمه في كل ظل، والمذعور يحسب الهواء مؤامرة، - الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. سُنّة الله في خلقه. الرحمة للزعيم ... والعافية "للإصلاح"!".
أما الناشط عبداللطيف ياسين فكتب قائلا: "الإصلاح ليس لقمة صائغة يا أيتام صالح الإصلاح في أوج قوته ولو كل كفيل يتخلى عن مكفوله وقالوا سدوا لحسمها الإصلاحيين لصالحهم هزة من سالم إلى المخا وهزة من لعكب إلى عدن وانتهى الأمر".
غاغة
الصحفي حمود هزاع، علق قائلا: "استعادة صنعاء لا تستوجب تمجيد صالح أو مهاجمته.. ووحدة الصف تتحقق بوحدة القضية، وليس بوحدة الرأي والموقف حول شخص سواء كان صالح او عبدربه او علي محسن او حميد الاحمر او طارق صالح او غيرهم..".
وأوضح أن "الإصطفاف الوطني لا يلغِ حق نقد حزب سياسي أو مكون او شخصيات.. الاصطفافات الوطنية ومعارك الخلاص تحتاج قادة كبار يهتمون بالهدف وهو مواجهة الحوثيين والقضاء عليهم ويعملون من اجل ذلك لا يلتفتون لما دون ذلك".
الناشط نبيل الفقيه أقسم أن ما يجري عبارة عن "غاغة"، حيث قال: "أكملت مشاهدة الفلم الوثائقي لقناة العربية حول اللحظات الأخيرة لصالح. ولا يوجد مبرر واحد أو نقطة تبرر ان تتحول الحلقة لمهاترات بينتا".
وأضاف: "الأصل كانت تعزز تقوية سهامنا ضد الحوثي. ودليل على أنه غدار وعدو للجميع. لكن معي عبارة دائما اختم بها مداخلتي لأي قناة. "استوا واعتدلوا رصوا الصفوف لا تجعلوا فرجة للحوثي".
صالح توقع مصيره على يد الحوثيين
وفي ذات السياق، قال وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لذي قتل على يد جماعة الحوثي قبل ثماني سنوات، كان يتوقع مصيره على أيدي الجماعة.
وأضاف القربي في مقابلة مطولة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن "المواقف التي بدأت بعد أن أعلن الشراكة مع الحوثيين وشعوره بأن الحوثيين رغم شراكة حزب "المؤتمر الشعبي العام" في الحكومة. إلا أن وزراء المؤتمر في الحكومة لم تكن لديهم جميع الصلاحيات، وكان المشرفون من الحوثيين هم الذين يديرون الوزارات، فبدا التوتر واضحاً بإقصاء الحزب من دوره السياسي في اليمن، وبدأت الخلافات أيضاً عندما بدأ المؤتمر يكثف من نشاطه السياسي والاحتفاء بذكرى تأسيسه في 2017.
وتأتي تصريحات القربي غداة يوم من بث قناة العربية فيلم وثائقي المعركة الأخير لصالح في العاصمة صنعاء، بشهادات نجله مدين وأقرب المقربين منه حراسته الشخصية الذي كانوا معه لحظة مقتله على يد الحوثيين في الراربع من ديمسبر 2017م.
ونفى القربي نية صالح ومساعيه لتوريث الحكم لنجله أحمد، وقال إن "هذا الحلم أعتقد لم يكن مطروحاً جدياً، وأعتقد أن المعارضة ضخّمت الموضوع، وللأسف أيضاً أن بعض قيادات الحزب كانت تدلي بتصريحات توحي بهذا الأمر".
وأضاف "لكن صالح قال مباشرة إن ولده من حقه أن يرشح نفسه إذا هو أراد لأن هناك انتخابات والشعب يقرر مَن سيختار لكن في الوقت نفسه قال: أنا لن أترشح للانتخابات المقبلة ولن يترشح ولدي".
وتحدث القربي عن مشكلة الحوثيين منذ 2004 وعن ثورات الربيع العربي وثورة 11 فبراير عام 2011، وكيف تبدّل تحالف صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي، ولماذا تحوّل الحوثيون إلى إيران.
كما نفى تحالف صالح مع الحوثيين وقال "لا نستطيع القول إنه تحالف مع الجماعة، ربما في بداية الأمر عندما بدأ الحوثيون بالتقدم نحو صنعاء، ربما كان يعتقد أنه ستأتي مرحلة تقوم فيها الحكومة بقيادة هادي في ذلك الوقت، بوقف تقدمهم. لأن الرئيس هادي كان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت وهو المسيطر على الجيش والقوات المسلحة".
وأردف "كان صالح ربما يرى أن ما يجري في المناطق القبلية من قبل الحوثيين هو تصفية حسابات بينهم، وربما يرى فيها من جانبه أنها أضرت بخصومهم من مشايخ القبائل في المنطقة".
وزاد "لكن عندما تقدموا إلى عمران كان واضحاً أن الخطر قادم، لذلك طلب من الرئيس هادي، وذهبت مجموعات من حزب «المؤتمر الشعبي» وطلبت من الرئيس هادي التدخل لوقف تقدمهم لأنهم إذا وصلوا إلى عمران فسيصلون إلى صنعاء.
وحسب القربي فإن صالح كان لديه شعور أن هادي غدر به، وتعزز هذا الشعور خاصة عندما بدأ التعامل مع "المؤتمر الشعبي" في أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في تمثيل المؤتمر والشخصيات التي تشارك في المؤتمر،
وأضاف "شعر بأن الرئيس هادي يحاول أن يزيحه من الدور الذي له الحق فيه كرئيس للمؤتمر. اتخذ هادي القرارات، وشعر صالح كأنه يريد أن يستبعده من رئاسة المؤتمر، فبدأت الحساسيات.