دراسة حديثة تكشف عن علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة وانكماش حجم الدماغ
تاريخ النشر: 9th, July 2023 GMT
كشفت دراسة حديثة نشرت في دورية "برين، بيهيفيور آند إيفولوشن" (Brain, Behavior and Evolution) عن وجود ترابط بين تغير المناخ وانكماش حجم الدماغ البشري، والذي بدأ منذ حوالي 15 ألف سنة مضت.
وتساعد الدراسة -التي قادها جيف مورغان ستايبل أمين متحف التاريخ الطبيعي في كاليفورنيا بالولايات المتحدة- على فهم الكيفية التي تأقلم بها البشر مع الضغوط البيئية.
ويشير ستايبل في الدراسة المنشورة إلى "أهمية فهم تأثير التغيرات المناخية على حجم الدماغ البشري وتأثيرها على سلوك الإنسان في نهاية المطاف، وذلك في ضوء التحولات الجوهرية التي يفرضها التغير المناخي اليوم".
ونظرت الدراسة في كيفية تغير حجم الدماغ في 298 عينة من أدمغة البشر على مدى الـ50 ألف سنة الماضية، وكيفية ارتباطها بسجلات المناخ، مثل درجات الحرارة العالمية والرطوبة والأمطار.
وأظهرت الدراسة أنه مع ارتفاع درجات الحرارة ينخفض حجم الدماغ بشكل كبير مقارنة بفترات المناخ الأبرد.
تم حصر الأحافير المدروسة في هذه الدراسة لتشمل فترة تمتد على مدى 50 ألف سنة فقط، وذلك لتمكين تحليل فترتين حراريتين مهمتين (قبل وبعد فترة ما بين العصور الجليدية).
ووفقا للتقرير المنشور على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) في الثالث من يوليو/تموز الجاري، فقد شهدت الفترة الممتدة على مدى 50 ألف سنة انخفاضا مستمرا في متوسط درجات الحرارة نتيجة الذروة الجليدية الأخيرة التي حدثت خلال آخر حقب العصر الجليدي، واستمر الانخفاض حتى نهاية العصر البليستوسيني المتأخر الذي امتد حتى قبل 11 ألفا و700 سنة، وبعد ذلك ثم ارتفع متوسط درجات الحرارة خلال فترة الهولوسين أو العصر الحديث التي تمتد منذ 11 ألفا و700 سنة وحتى الوقت الحاضر.
تم تصنيف الأحافير في مجموعات تتراوح مدة كل مجموعة بين 100 سنة و5 آلاف و10 آلاف و15 ألف سنة، وشملت الاختبارات التي أجراها ستايبل 373 قياسا مستقلا لسعة الجمجمة، والتي استطاع من خلالها تقدير حجم الدماغ، كما قام ستايبل بتضمين تقديرات حجم الجسم، والتي عدلت بناء على المنطقة الجغرافية والجنس، وقد قورنت بيانات حجم الدماغ مع 4 سجلات مناخية.
ويذكر ستايبل في تصريحاته لموقع "سايبوست" (PsyPost) أن "فهم الكيفية التي تغير بها الدماغ بمرور الوقت يعد أمرا جوهريا، لكنه لم يحظ بالدراسة الكافية"، كما يشير إلى أن "الدماغ نما عبر آلاف السنين الماضية، لكننا لا نمتلك الكثير من المعرفة بشأن العوامل الأخرى التي أثرت في تطوره".
وتوصلت النتائج إلى وجود نمط عام لتغير حجم الدماغ البشري يرتبط بتغيرات المناخ، ففي خلال فترة الهولوسين (حيث ارتفع متوسط درجة الحرارة) شهدت أدمغة البشر انخفاضا ملحوظا في متوسط حجمها بنسبة تتجاوز قليلا 10.7%.
وفي ورقته البحثية يرجح ستايبل أن حدوث تقلص في حجم الدماغ يعود إلى فترة الذروة الجليدية الأخيرة قبل نحو 17 ألف سنة، ويلاحظ أن هذا التغير في حجم الدماغ حدث على مدى فترة زمنية قصيرة نسبيا تتراوح بين 5 آلاف و17 ألف سنة، وتشير النتائج إلى أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على قدرات الإدراك لدى البشر.
ويشير ستايبل إلى أنه "حتى لو كان الانخفاض طفيفا في حجم الدماغ للبشر المعاصرين فإنه بلا شك سيؤثر بشكل جوهري على فسيولوجية الجسم".
وبالإضافة إلى ذلك فقد أظهرت النتائج أن مستويات الرطوبة والأمطار تؤثر أيضا على نمو الدماغ، وعلى الرغم من أن درجة الحرارة تعتبر العامل الأكثر أهمية فإنه تم اكتشاف ارتباط ضعيف بين فترات الجفاف وأحجام الدماغ الأكبر قليلا.
ورغم وجود تساؤلات لا تزال قائمة بشأن جميع العوامل التي تؤدي إلى التباين في حجم الدماغ لدى البشر فإن ستايبل يشير إلى أن عوامل بيئية أخرى مثل التأثيرات غير المباشرة للمناخ كالغطاء النباتي وعوامل غير مناخية مثل الثقافة والتكنولوجيا قد تسهم جميعها في إحداث تغيرات على حجم الدماغ.
ويخلص ستايبل قائلا إن "تغير المناخ قد يكون عاملا يؤثر في حجم الدماغ لدى الإنسان، وبالطبع فإن هذه التغيرات تأتي كاستجابة تكيفية للضغوط البيئية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: درجات الحرارة على مدى إلى أن
إقرأ أيضاً:
دراسة: مشاهدة التلفاز قبل النوم تضعف الذاكرة قصيرة المدى
كشفت دراسة حديثة أعدتها جامعة هارفارد أن التعرض لشاشات الهواتف الذكية أو الحواسيب أو التلفاز قبل النوم مباشرة يمكن أن يؤثر سلبًا على الذاكرة قصيرة المدى، ما ينعكس على القدرة على التركيز والاستيعاب في اليوم التالي، والدراسة ركزت على تأثير الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات على نمط النوم ووظائف الدماغ المرتبطة بتخزين المعلومات.
وشملت الدراسة أكثر من 300 مشارك تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين: الأولى استخدمت الشاشات لمدة ساعة قبل النوم، والثانية لم تستخدم أي أجهزة إلكترونية خلال نفس الفترة. وأظهرت النتائج أن المجموعة الأولى سجلت انخفاضًا ملحوظًا في قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة، مقارنة بالمجموعة الثانية التي حافظت على نوم طبيعي وعميق.
وأوضحت الدراسة أن الضوء الأزرق الصادر من الشاشات يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين، وهو المسؤول عن تنظيم النوم، ما يؤدي إلى تقليل جودة النوم العميق الذي يلعب دورًا رئيسيًا في معالجة المعلومات وتثبيتها في الذاكرة. بالإضافة إلى ذلك، أشارت النتائج إلى أن الاستعمال المكثف للأجهزة قبل النوم يزيد من معدل الاستيقاظ الليلي ويؤثر على دورة النوم الطبيعي، ما يضعف وظائف الإدراك في اليوم التالي.
ونوه الباحثون إلى أن هذه المشكلة ليست مقتصرة على البالغين فقط، بل تمتد لتشمل الأطفال والمراهقين، الذين يقضون ساعات طويلة أمام الهواتف أو الحواسيب، خاصة قبل أداء الواجبات المدرسية أو النوم. وأكدوا أن هذه العادة قد تؤدي على المدى الطويل إلى صعوبات في التعلم والتركيز، ما يستدعي تدخل الأهل والمعلمين لوضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة قبل النوم.
وأوصى الخبراء باتباع بعض الاستراتيجيات البسيطة لتقليل الأثر السلبي للشاشات، مثل إيقاف الأجهزة قبل ساعة على الأقل من النوم، استخدام خاصية الوضع الليلي لتقليل انبعاث الضوء الأزرق، وممارسة أنشطة هادئة مثل القراءة الورقية أو التأمل قبل النوم. كما شددوا على أهمية الحفاظ على روتين ثابت للنوم لضمان استرخاء الدماغ وتعزيز وظائف الذاكرة.
ويؤكد العلماء أن ضبط استخدام الشاشات قبل النوم لا يحمي الذاكرة فحسب، بل يحسن أيضًا المزاج، ويقلل من الشعور بالتعب، ويساهم في تعزيز الأداء الذهني بشكل عام. ويعتبر هذا البحث خطوة مهمة لفهم العلاقة بين التكنولوجيا الحديثة وجودة النوم وصحة الدماغ، مع تقديم حلول عملية سهلة التطبيق.