دخل قانونان مثيران للجدل، وقعهما رئيس صرب البوسنة، حيز التنفيذ اليوم الأحد، رغم أن واشنطن اعتبرتهما يقوضان اتفاق السلام الذي أنهى الحرب البوسنية خلال تسعينيات القرن العشرين.

وكان رئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك (المقرب من روسيا) وقع أول أمس الجمعة قانونا يلغي سلطة الممثل السامي الدولي في البوسنة داخل الكيان الصربي، وهو ما ينذر بمزيد من التوترات في الدولة الواقعة في البلقان والمنقسمة عرقيا.

ويمثل هذا القرار تحديا كبيرا للممثل السامي الدولي في البلاد، الذي يشرف على تطبيق اتفاقات دايتون للسلام التي أنهت الحرب البوسنية (1992-1995)، ويشغل هذا المنصب حاليا الألماني كريستيان شميت.

ويتمتع الممثل السامي الدولي بسلطات تنفيذية مهمة، لا سيما إقالة مسؤولين منتخبين وفرض قوانين.

وهناك شق آخر من القانون -الذي وقعه دوديك الجمعة- يعلق اعتراف الكيان الصربي بقوانين أصدرتها المحكمة الدستورية البوسنية.

ودخل القانونان، اللذان وافق عليهما نواب الكيان الصربي البوسني يونيو/حزيران الماضي، حيز التنفيذ رسميا اليوم الأحد مع نشرهما في الجريدة الرسمية لجمهورية صرب البوسنة.

اتفاقات دايتون

وأنهت اتفاقات دايتون للسلام لعام 1995 -التي رعتها الولايات المتحدة- نحو 4 سنوات من الحرب في البوسنة قُتل فيها نحو 100 ألف شخص، عن طريق تقسيم البلاد إلى منطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي، جمهورية صرب البوسنة (صربسكا) التي يسيطر عليها الصرب والاتحاد الذي يتقاسمه البوسنيون والكروات وتربطهما حكومة مركزية ضعيفة.

وأثارت مبادرات الكيان الصربي ردود فعل منددة من جانب قادة مسلمين بوسنيين، كما انتقدتها واشنطن وباريس وبرلين.

وكتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن -في تغريدة أمس السبت- أن توقيع دوديك هذين القانونين اللذين يرفض فيهما سلطة المبعوث الدولي "ينتهك دستور البوسنة والهرسك ويقوّض اتفاقات دايتون".

وقد قع دوديك القانونين بعد أيام فقط على محاولة شميت إسقاط هذه الخطوات المثيرة للجدل بإصداره أمرا تنفيذيا يعتبرهما لاغيين ويمنع تطبيقهما.

وأصدر شميت القرار نهاية الأسبوع الماضي إلى جانب إجراء آخر يسمح للقضاء البوسني بملاحقة سياسيين يعارضون أوامره أو قرارات المحكمة العليا مع عقوبات قد تصل إلى السجن 5 سنوات.

وضع معقد

ومنذ تعيينه في هذا المنصب عام 2021، يرفض قادة صرب البوسنة -لا سيما ميلوراد دوديك- سلطة السياسي الألماني الجنسية، لأن مجلس الأمن الدولي لم يصادق على تعيينه كما حدث مع المبعوثين السابقين.

ويُعد دوديك مقرّبا من روسيا، وهو مستهدف بعقوبات أميركية وبريطانية بعد أن ضاعف التهديدات الانفصالية في السنوات الأخيرة.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، تعهد دوديك بمواصلة معارضة سلطة المبعوث الدولي.

وكانت روسيا، الحليف الدولي الرئيسي لصرب البوسنة، اقترحت في يوليو/تموز 2021 على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار -شاركت في رعايته الصين- ينص على إغلاق مكتب المبعوث الدولي في يوليو/تموز 2022.

لكن المشروع لقي رفضا بعد أن اتهم دبلوماسيون غربيون موسكو بالرغبة في تقويض دوره.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وتمت تبرئة الكيان الصهيوني... ولا عزاء للأبرياء

في مشهد سينمائي أُخرج بعناية فائقة، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأول الإثنين أمام الكنيست الإسرائيلي خطابًا هنأ فيه رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو على هذا الانتصار العظيم، والذي وصفه بأنه -انتصار لا يصدق لإسرائيل والعالم - مؤكداً أن - إسرائيل حققت كل ما يمكن من نصرٍ بقوة السلاح -، مشيداً بشخصية نتنياهو الذي سيخلف إرثًا عظيمًا للأجيال القادمة، ذاكراً أن - نتنياهو كان يتصل بي مراراً ويطالب بشتى أنواع الأسلحة وأنتم أحسنتم إستخدامها - ـ طبعاً في قتل الفلسطينيين ـ.

وبهذا الثناء الكبير على مجرم الحرب والكيان الصهيوني استطاع الرئيس الأمريكي أن يوجه رسالة للداخل الإسرائيلي وللعالم أن نتنياهو ودولته المارقة خارج حسابات المساءلة عن جرائمها المرعبة في قطاع غزة وبالتالي على العالم أن يطوي هذه الصفحة ويبدأ بعهد جديد بشر به ترامب في الشرق الأوسط يسمى -الفجر التاريخي للشرق الأوسط الجديد-.

وهذا ما أكده الرئيس ترامب أيضاً في كلمته في مدينة شرم الشيخ المصرية في نفس اليوم بعد كلمته أمام الكنيست، في القمة التي عُقدت بمشاركة أكثر من ٣١ من قادة الدول وممثليها، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، للتوقيع على وثيقة وقف الحرب في غزة، والتي وقعها الوسطاء (الرئيس الأمريكي والرئيس المصري والرئيس التركي وأمير دولة قطر).

ولم تخلُ هذه القمة أيضاً من أجواء احتفائية بشخص الرئيس دونالد ترامب، ودوره المحوري في إيقاف هذه الحرب، مع الكثير من عبارات الإطراء في حقه بصفته رجلاً يحمل رؤية للسلام والاستقرار في المنطقة، متناسين أن الولايات المتحدة منذ بداية هذه الحرب وآخرها قبل أسبوعين وفي عهد الرئيس ترامب ـ صانع السلام ـ رفعت حق النقض - الفيتو - في مجلس الأمن للمرة السادسة في عامين، لمنع المجلس من إصدار قرار بوقف الحرب والإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الصهيوني في غزة.

وبطرح لا يستند على واقع أو منطق أو قانون ـ حتى الآن على الأقل ـ

بشر الرئيس الأمريكي بسلام دائم في الشرق الأوسط، دون الإشارة إلى أي رؤية تستند على قرارات الشرعية الدولية أو مجلس الأمن وتحديداً قراره رقم (٢٤٢) الصادر بتاريخ ٢٢ نوفمر ١٩٦٧م، أو المبادرة العربية للسلام الصادرة في العام ٢٠٠٢م، أو حل الدولتين وهو المآل الطبيعي لحل القضية الفلسطينية؛ بمعنى لا سلام بالمفهوم العادل للقضية الفلسطينية ولا حل للصراع وفق قرارت الشرعية الدولية، إنما سلام يُفرض بقوة السلاح وهذا ما أكده ترامب أمام الكنيست - سنطبق السلام من خلال القوة ولدينا أسلحة لم يحلم بها أحد وآمل أن لا نضطر لاستخدامها -، وهذه قمة السطحية واللاواقعية في فهم الصراع العربي الإسرائيلي.

وكذلك انفصام تام عن حقيقة الشعب الفلسطيني وكفاحه منذ العام ١٩٤٨م، وقبل هذا التاريخ، لاستعادة حقه التاريخي والمشروع في أرضه.

وبالعودة إلى ما يؤكده القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية، ممثلة بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في العام ٢٠٠٤م، الذي أكد أن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة هي - أراضٍ محتلة -، وأن الاحتلال الإسرائيلي مسؤول قانونياً عن سكان هذه الأراضي، وأن أي حرب تشنها إسرائيل على الفلسطينيين هي حرب عدوانية، ولا ترتبط بحق الدفاع عن النفس وفق المادة (٥١) من ميثاق الأمم المتحدة.

ووفق هذا الرأي ومبادئ القانون الدولي فإن حرب الإبادة التي تشنها حكومة الكيان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م هي حرب عدوانية بمفهومها القانوني، وتتحمل حكومة الكيان المسؤولية الجزائية والمدنية عن الأضرار، بما فيها قتل المدنيين وتهجيرهم وتجويعهم وتدمير البنى التحتية من مستشفيات وجامعات ومدارس ومساجد وكنائس ومؤسسات حكومية ومراكز إغاثة إنسانية، وغيرها من المنشآت الحيوية.

فبعد ارتقاء ما يقارب ٦٨ ألف شهيد، وما يقارب ١٠ آلاف مفقود، وأكثر من ١٧٠ ألف جريح ـ أغلبهم من النساء والأطفال ـ وتدمير تام لـ ٣٠٠ ألف مبنى، وتدمير جزئي لما يقارب ٢٠٠ ألف مبنى، يأتي الرئيس ترامب ليشكر الدول العربية والإسلامية على التزامها بإعادة إعمار غزة، والتي تقدر حسب المبادرة المصرية والبنك الدولي بأكثر من ٥٠ مليار دولار، وقد تصل حسب بعض التقديرات لخبراء اقتصاديين إلى ما يقارب ٨٠ مليار دولار، دون حتى المساهمة أو المشاركة الرمزية للكيان الصهيوني في التعويض عن هذه الجرائم، في سابقة لم تحدث في التاريخ الحديث.

لقد أضاع النظام الرسمي العربي الفرصة التاريخية، المتمثلة في الزخم الشعبي العالمي غير المسبوق لنصرة الحق والقضية الفلسطينية، بعد أن أتضحت الصورة الحقيقية لشعوب العالم، بكشفها لزيف السردية الصهيونية، التي استطاعت وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الصهيونية بثها في هذه المجتمعات لعقود طوال، وذلك برهن قراره تجاه القضية الفلسطينية بيد دوائر صنع القرار، في الولايات المتحدة والغرب، وصمته عن ما جرى للشعب الفلسطيني في غزة من مجازر وإبادة جماعية على مدى عامين، حتى أتى الرئيس ترامب وأنقذ هذا النظام العربي أمام شعوبه ـ على الأقل ـ بإعلانه وقف الحرب في غزة، حتى وإن كان ذلك من خلال تدويل القضية الفلسطينية، وإفلات المجرمين من العقاب، ولا عزاء للأبرياء.

مقالات مشابهة

  • السوداني صعد قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني من أجل ولايته الثانية
  • عودة ميزة Slide Over إلى نظام iPadOS 26.1 بعد غيابها المثير للجدل
  • منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يدعو إلى تسريع تنفيذ اتفاقات شرم الشيخ
  • اشتية: إسرائيل تاريخياً تخرق اتفاقات وقف إطلاق النار وهذا ما نعول عليه
  • واشنطن تطالب دول "الناتو" بمزيد من الأموال لشراء السلاح اللازم لأوكرانيا
  • كيف نجا الإسلام في البوسنة والهرسك؟
  • المنتخب الوطني يتأخر في الشوط الأول أمام أوغندا بهدف مثير للجدل
  • وتمت تبرئة الكيان الصهيوني... ولا عزاء للأبرياء
  • إيران تعتقل منتجي دمى “مرضية” و”مرتضى” المثيرة للجدل
  • زيارة أمريكية وتصريحات مثيرة للجدل.. إندونيسيا وماليزيا على خطى التطبيع مع إسرائيل؟